الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د محمد عبدالرازق يكتب: جائزة نوبل والنباتات الطبية والعطرية !

أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية المساعد بهيئة الطاقة الذرية – مصر 

لقد عرف أجدادنا القدماء قائمة واسعة من النباتات الطبية والعطرية واستخدموها بنجاح في معالجة الأمراض والاستخدامات الغذائية.

تم استخدام النباتات الطبية والعطرية منذ عصور ما قبل التاريخ كأدوية. كذلك تم استخدام التوابل جزئيًا لمواجهة تلف  «الأغذية» الناجم عن البكتيريا.

استخدام نبات الهندباء والقراص فى معالجة العديد من الأمراض و استخدام نبات الحرمل لعلاج الديدان الشريطية و تم عزل العديد من المركبات النباتية مثل القلويدات ،الجلوكوزيدات ،الفينولات ،التربينات التى تعد الحجر الأساسي للصناعات الدوائية حاليا.

الأرتيميسين ونوبل 2015:

عام 2015 حصل العالم الايرلندي “ويليام كامبيل” والعالم الياباني “ساتوشي اومورا” و العالمة الصينية ” تو يو يو” على جائزة نوبل في الطب لاكتشافهم علاج الملاريا باستخدام مادة الأرتيمسينين المستخرجة من نبات الشيح “Artemisia annua” أو الشيح الحلو “Sweet wormwood”  وهى أحد الأعشاب الهامة المستخدمة في الطب التقليدي الصيني.

عزل الأرتيمسينين للمرة الأولى في عام 1965 من قبل الباحثين العسكريين الصينين. و كيميائياً الأرتيمسينين هو لاكتون أحادي ونصف التربين (سيسكوتربين Sesquiterpenes) يحتوي على جسر بيروكسيدي غير عادي. ويعتقد أن هذا البيروكسيد مسئول عن آلية عمل الدواء.

وينصح بتجنب استخدام الدواء كعلاج أحادي بوضوح من قبل منظمة الصحة العالمية، لوجود دلائل تشير إلى أن طفيليات الملاريا تطور مقاومة ضد هذا الدواء.

ومنذ عام 1971 وعملت الدكتورة “تو يو يو” هي وفريقها على استخلاص مادة الأرتيمسينين بطريقة أمنه وفعالة وتعديل من ألية عمل الدواء لمقاومة طفيليات الملاريا لهذا العقار. وبالفعل نجحت “تو يو يو” من تطوير العقار لمقاومة طفيل الملاريا ونجاحها للقضاء عليه بنسبة 100% عام  2019.

الكابسيسين ونوبل 2021:

قال الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا” النساء – 56

تمثل قدرتنا على الشعور بالألم و الحرارة والبرودة وحتى اللمس، ضرورة للبقاء، وتدعم تفاعلنا مع محيطنا، فلا نحرك ايدينا بعيدا إلى بعد شعورنا واحساسنا بالألم أو الحرارة أو البرودة.

لذا جاءت جائزة نوبل للطب هذا العام 2021 تحقيقا لذلك التفاعل الحيوي بين الإنسان والبيئة حيث أكتشف العالمين الأميركيين “ديفيد جوليوس، أرديرم باتابوتيان” مستقبلات الحرارة واللمس. وبرغم أننا نتعامل في حياتنا اليومية مع هذه الأحاسيس باعتبارها أمر مسلم به، ولكن كيف تبدأ النبضات العصبية بحيث يمكن إدراك درجة الحرارة والضغط؟

أعلنت لجنة نوبل 4 اكتوبر 2021 تقاسم عالمين جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب. واشترك العالمان ديفيد جوليوس وأرديم باتابوتيان جائزة نوبل لعام 2021 وذلك “لاكتشافاتهما لمستقبلات درجة الحرارة واللمس”.

حيث استخدم ديفيد جوليوس مركب الكابسيسين، وهو مركب حار/حريف من الفلفل الحار والذي يحفز الإحساس الحرفية والإحساس بالحرقان، لتحديد جهاز استشعار في النهايات العصبية للجلد يستجيب للحرارة.

بينما استخدم أرديم باتابوتيان الخلايا الحساسة للضغط لاكتشاف فئة جديدة من أجهزة الاستشعار التي تستجيب إلى المحفزات الميكانيكية في الجلد والأعضاء الداخلية.

فما هي مادة “الكابسيسين” ؟!!!!!

الكابسيسين مادة طبيعية مستخلصة من الفلفل الحار وهو المركب المسؤول عن الحرفية والطعم الحريف في الفلفل الحار Chili Pepper.

ويعتبر الكابسيسين او الكابسيسينويد Capsaicinoid من القلويدات Alkaloids . تم عزل مركب الكابسيسين عام 1846 على يد العالم    Christian Bucholzو تم تعريفه كيميائيا عام 1919 ثم تم معرفة خطوات تخليقه في ستينيات القرن الماضي.

تتواجد مادة الكابسيسين بكمية كبيرة في الأنسجة المشيمية التي تحمل البذور داخل ثمرة الفلفل (لذلك الكثير من السيدات عندما تريد أن تقلل من حرفية الفلفل كانت تقطع وتزيل هذا الجزء من الثمرة Capsaicin Glands).

ومنذ اكتشاف الكابسيسين في نهايات القرن التاسع عشر وهو يستخدم كعلاج مضاد للداء !!!!!! بمعنى استخدام مادة الكابسيسين فى علاج الام الحروق بمبدأ “معاملة المثل بالمثل” “Treating Like with Like” حيث يتم تقليل الألآم عن طريق التأثير على الخلايا العصبية في الجلد المسؤولة عن الألم، مما يؤدي إلى انخفاض نشاط هذه الخلايا العصبية وتقليل الشعور بالألم.

الكابسيسين يعد أحد أفراد عائلة الفانيلويد Vanilloid والتى تضم مركبات عديدة منها الفانيلين Vanillin ( المادة الفعالة فى الفانيليا Vanillia) ، الإيوجينول Eugenol  (المادة الفعالة فى القرنفل Clove) ، الزينجيرون Zingerone (المادة الفعالة فى الزنجبيل Ginger).

الكابسيسين عديم الرائحة، مائل للاصفرار، يذوب في الدهون ومذيبات الدهون ولا يذوب في الماء.

فوائد الكابسيسين :

  • يدعم الجهاز المناعي ويقويه مما يقلل الإصابة بالأمراض الفيروسية والفطرية.
  • يقلل نسبة الكوليسترول في الدم.
  • يقلل من ترسيبات الدهون بالدم بالتالي يقلل الجلطات ويزيد من تدفق الدم.
  • تخفيف و تسكين ألام المفاصل، الظهر، العضلات، الأعصاب و الكدمات.
  • يحسن التمثيل الغذائي عن طريق زيادة معدل الأيض.
  • له خواص مضادة للأكسدة قوية مما يساعد في تقليل الإصابة بالسرطان.
  • قد يساعد في علاج الصدفية.
  • أثبتت بعض الدراسات والتي نشرت عام 2016 أن الكابسيسين يقلل من الإصابة بالقرحة المعدية

أضرار الكابسيسين:

  • قد يسبب النزيف للأشخاص اللذين يعانون من اضطرابات في النزيف.
  • قد يسبب الإفراط منها ارتفاع ضغط الدم.
  • ألام المعدة والإسهال للمرضى اللذين يعانون من القولون العصبي.

حرفية وحرقان الكابسيسين:

تقاس قوة وشراسة الطعم الحار للفلفل بوحدة سكوفيل (Scoville scale) ، وقد وضعها الأميركي ولبر سكوفيل عام 1912. وحجم الوحدة يدل على نسبة مادة الكابسايسين (Capsaicin) في الفلفل. أو هى عدد المرات التي يحتاجها صافي الفلفل من التحلل في الماء والسكر حتى يخسر حدته وقوته ويعتدل. فمثلا وحدة الفلفل الحلو هي صفر. وتتراوح قوة مواد الـ “كابسايسين” الصافية التي تمنح الفلفل الحار طعمه الناري الحارق بين 15 مليون و16 مليون وحدة سكوفيل. ومن حسنات هذه المواد، أنها لا تؤثر على الجهاز العصبي لكل الحيوانات أو المخلوقات، مما يساعد على انتشار الفلفل الحار في ظل الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة. وهذا يحصل بالطبع عبر الطيور التي لا تتأثر بالمواد كما هو حال الثدييات، فتأكل القشور اللذيذة وتترك البذور دون أي ضرر فيها.

من أخطر واشد انواع الفلفل احتواء على مادة الكابسيسين “ناغا جولوكي” “Naga Jolokia أو “فلفل الشبح” هو نوع من الفلفل الحار جداً وقد تم تسجيله ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر أنواع الفلفل حرارة، إذ يقدر أنه أكثر 400 مرة حرارة من الفلفل العادي، ينبت هذا النوع من الفلفل في مناطق الشمالية للهند وفي بنغلاديش، وفي بعض الحالات يمكن لأقل من 4 غرامات منه قتل إنسان بالغ.

سمية الكابسيسين:

تم عمل إختبارات بيولوجية على حيوانات التجارب لبيان الجرعة المميتة لمادة الكابسيسين وبناء على الدراسات السابقة وجد أن التجارب التى أجريت على الفئران أن الجرعة المميتة لخمسون بالمائة من الفئران هى 9 ملجرام/كجم من وزن الجسم (الحقن) أو 190 ملجرام/كجم من وزن الجسم (التناول عن طريق الفم) وكان التأثير الأكبر لسمية الكابسيسين على الفئران بإحداث شلل فى الجهاز التنفسى. ولم تثبت الدراسات وجود جرعة عالية او محددة للسمية بالنسبة للإنسان.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى