د محمد عبدالرازق يكتب: النباتات الطبية والعطرية والوقاية من فيروس كورونا
أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية المساعد – هيئة الطاقة الذرية –
فيروس كورونا المستجد : تاريخه، أعراضة، كيفية الإصابة، أسباب الوفاة ودور النباتات الطبية والعطرية بين أمل الوقاية و حلم العلاج !!!!
نبذة تاريخية عن فيروس كورونا :
تم إكتشاف فيروس الكورونا Human corona virus (HCoV) فى ستينيات القرن الماضى على يد العالمان تيريل و بيونى عام 1960، حيث تم تحديد وعزل سلالات جديدة شبية بالإنفلونزا العادية وأطلق عليها فيروس شبية الأنفلونزا البشرى الجديد B814. وفى عام 1966 تمكن العامان هامر و بروكنو بجامعة شيكاغو من عزل فيروس الحمض النووى الريبوزىRNA “الجديد” من مرضى الجهاز التنفسى وأطلق علية فيروس كورونا البشرى 229E.
كلا الفيروسان البشريان B814 و 229E تم وصفهم بإستخدام الميكروسكوب الإلكترونى على يد العامان الميدا وتيريل عام 1968حيث تم بعد ذلك تعريف تلك الفيروسات مورفولوجيا (عن طريق الشكل الخارج) واطلق عليها الفيروسات التاجية Coronavirus نسبة إلى الشكل التاجى Crown الذى تتخذة تلك الفيروسات تحت الميكروسكوب الإلكترونى. وفى عام 1975 تم تصنيف تلك الفيروسات تحت عائلة جديدة أطلق عليها الكورونافيردياى Coronaviridae والتى ضمت العديد من أنواع فيروسات الكورونا حتى وقتنا هذا. وخلال تلك السنوات لم تسجل حالات وفيات ناتجة عن الإصابة بتلك السلالات من فيروس كورونا.
وفى عام 2002 بدء ظهور العديد من حالات الوفاة ناتجة عن الإصابة بمتلازمة الإلتهاب الرئوى الوخيم (السارس 1) Sever Acute Respiratory Syndrome – SARS أو SARS-CoV-1 فى حوالى ما يقرب من 29 دولة على مستوى العالم وتضاربت الدراسات والأراء عن كيفية إنتقال هذا الفيروس إلى الإنسان وما هو العائل الوسطى ؟!!!!!!؟؟؟ والذى أثبتت الدراسات أن العائل الوسطى هو “قط الزباد” Civet Cat !!!!!.
إستمر هذا الوضع حتى عام 2013 بظهور حالات وفاة نتيجة الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية أو ما يطلق عليها (الميرس) Middle East Respiratory Syndrome – MERS ولقد حصدت تلك المتلازمة العديد من الأرواح وبخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وكان العائل الوسطى لها “الجمل”، فى حين أن العائل الأساسى لفيروسات كورونا من نوع سارس و ميرس هو الخفاش.
وأهل علينا 2019 بظهور نوع جديد من الكورونا فيما ما يعرف “كورونا المستجد” وهى أحد فيروسات عائلة الكورونا واسعة الإنتشار التى تصيب الجهاز التنفسى التى تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الاعتلالات الأشد وطأة. وأطلق على فيروس كورونا الجديد أو المستجد COVID-19 أو (سارس 2).
وتتضارب الأراء فى أن العائل الوسطى لهذا النوع من فيروسات الكورونا هو حيوان المدرع “Pangolin” !!!!!
كيفية إنتقال فيروس كورونا إلى الإنسان ؟؟؟؟؟؟
يُعتقد أن إنتقال فيروسات كورونا من إنسانٍ إلى آخر يحدثُ أساسًا بين الأشخاص المُقربين أثناء الاتصال المُباشر عبر الرذاذ التنفسى الناتج عن العطس والسعال. ويظهر فيروس كورونا تحت المجهر الإلكترونى على شكل كروى يحتوى على العديد من البروزات والنتوءات البروتينية التى تعطى الشكل المميز لفيروسات الكورونا فيما يعرف “بتاج الملك” أو “الهالة الشمسية”.
تشترك هذة البروتينات فى جميع أنواع فيروس كورونا حيث يطلق على هذة البروتينات إسم الحسكة “Spike” وتتكون من نوعان من الوحدات الأساسية الوحدة الأولى S1-subunit “تحت الوحدة-1” هى المسؤولة عن إرتباط الفيروس بالمستقبلات الخلوية “Receptors” فى خلايا العائل، أما الوحدة الثانية S2-subunit “تحت الوحدة-2” وهى المسؤولة عن دمج محتويات الفيروس وتحرير الحمض النووى الريبوزى RNA الخاص بالفيروس حيث يملك جينوم RNA ذو قيمة يبدأ 5` ثم ذيل به العديد من وحدات الأدينين ثم نهاية 3` والذى يسمح لجزيئات الـــــ RNA الفيروسى بالإرتباط بريبوسوم خلايا العائل لترجمتها، يحتوى فيروس كورونا على بروتين إنزيمى يطلق عليه “RNA-polymerase” أو Mpro هذا الإنزيم يكون مشفر فى جينوم الفيروس حيث يتحرر ليقوم بنسخ الجينوم الفيروسى وإنتاج نسخ جديدة من الـــــ RNA الفيروسى بإستخدام خلايا العائل أو المضيف.
أيضا يتكون الفيروس من الغلاف “Envelope” و الغشاء “Membrane” و بروتين قفيصة النوية “Nucleocapsid”
عند دخول الفيروس خلايا العائل يبحث عن المستقبلات الخلوية “Receptors” والتى ترتبط ببروتين الفيروس “Spike protein” كإرتباط المفتاح بالقفل، هذة المستقبلات عبارة عن نوع من البروتينات الإنزيمية يطلق عليها “الإنزيم المحول للأنجيوتنسين” Angiotensin Converting Enzyme أو ACE-2. وتتواجد هذه المستقبلات منتشرة بالخلايا الطلائية لجميع خلايا وأعضاء الجسم. وقبل أن يرتبط بروتين الفيروس “Spike protein” بخلايا المستقبلات الخلوية بالعائل “ACE-2″ يجب أن يتم عمل تنشيط لبروتين الفيروس عن طريق إنزيم الــــــــ TMPRSS2 أو Transmembrane serine protease -2 هذا الإنزيم يعمل على تنشيط البروتين الفيروسى”Spike protein” حتى يتمكن من الإرتباط بالمستقبلات الخلوية ACE-2 فى خلايا العائل أو المضيف.
وكما أشرت سابقا تنتشر بوفرة المستقبلات الخلوية للفيروس فى الخلايا الطلائية بأعضاء الجسم غير الرئتين مثل القلب، البنكرياس، الكلى، الأمعاء و الأنف ولم تثبت الدراسات حتى الأن على قدرة فيروس كورونا المستجد SARS-CoV-2 على الإرتباط مع الأعضاء التى تنتج هذا النوع من المستقبلات الخلوية ACE-2 و لكن المؤكد أحتواء كلا من الخلايا المبطنة للتجويف الأنفى والرئتين على المستقبلات الخلوية ACE-2 متلازمة مع إنزيم التنشيط TMPRSS2.
ولذلك قد يعزى فقدان حاستى الشم والتذوق للمصابين بفيروس كورونا المستجد وخصوصا فى المراحل الأولى من الأصابة عند غذو الفيروس ودخولة عن طريق الأنف والفم حيث أن مستقبلات الشم والتذوق المتواجدة بتلك المنطقة هى نفسها المستقبلات الخلوية ACE-2 التى يرتبط بها الفيروس ويؤدى هذا الإرتباط للتثبيط “الوقتى” لتلك الخلايا من أداء دورها الأساسى فى الشم والتذوق ولكن الدراسات لم تثبت ذلك قطعيا!!!!!
ما هى أسباب الوفاة بفيروس كورونا المستجد ؟؟؟!!!!!!!
تختلف أعراض المرض بفيروس كورونا SARS-CoV-2 حيث تظهر كألم بسيط فى الحنجرة وتتطور إلى أعراض الأنفلونزا الشديدة ترافقها الحمى وهؤلاء المرضى يتعافون ذاتيا فى ظروف المنزل دون مساعدة طبية. ولكن نسبة ليست بقليلة من المرضى المصابين يعلق الفيروس فى الرئتين وهنا يحتاجون إلى رعاية طبية وأحيانا تكون رعاية طبية مركزة ومكثفة بإستخدام أجهزة التنفس الإصطناعى.
يوجد بجسم الإنسان ما يعرف بالسيتوكين وهى عبارة عن بروتين سكرى أو Glycoprotein تنتجها أنواع مختلفة من الخلايا بالجسم تساعد فى العديد من وظائف الجسم والتى تشمل المناعة والإستجابة الإلتهابية. أغلب المصابين بفيروس كورونا يكون السبب الرئيسى للوفاة (ما يقرب من حوالى 90% من حالات الوفاة) أو ما يعرف “بالقاتل الغامض” أو ما يعرف “عاصفة السيتوكين” Cytokine Storm أو ” العاصفة المناعية” حيث تتدفق الخلايا المناعية إلى الرئتين وتقوم بالهجوم عليها بدلا من أن توفر الحماية لها ويصاحب ذلك حدوث إلتهابات حادة فى فى خلايا الرئتين (حدوث إلتهاب رئوى حاد) ويبدأ حدوث إلتهاب حاد داخل الأكياس الهوائية Air Sacs أو الألفيولاى Alveoli وتزداد نسبة السوائل المخاطية نتيجة الإلتهابات، وهذه الأكياس الهوائية هى التى يتم خلالها تبادل الغازات عن طريق تدفق الأكسجين إلى الدم عن طريق الشهيق وخروج ثانى أكسيد الكربون عن طريق تلك الأكياس الهوائية بالرئتين ثم الخروج أثناء الزفير.
أيضا تزيد نسبة السوائل المخاطية ويحدث تليف رئوى نتيجة الإلتهابات فى تلك الأكياس الهوائية ممل يقلل أيضا من تبادل الغازات وإنخفاض نسبة الأكسجين بالدم أيضا يصاحب ذلك حدوث تجلطات بالدم وإنخفاض ضغط الدم لمستويات دنيا تبدأ بعدها أجهزة الجسم فى الفشل فى أداء وظيفتها. والإعتقاد السائد عن عاصفة السيتوكين ناجم عن رد فعل مناعى خارج عن السيطرة أو النشاط المفرط للإستجابة المناعية التى تلحق الضرر بالجسم بدلامن مساعدته. والحمد لله أن العاصفة المناعية نادرا ماتحدث فى غالبية مرضى الكورونا
النباتات الطبية والعطرية وجائحة كورونا:
زاد استخدام النباتات الطبية خلال جائحة كورونا كسلوك شخصى لدى بعض المجتمعات فيما يعرف باسم الطب التقليدي. وقبل أن نبدأ فى نقل بعض الدراسات العلمية التى درست إحتمالية تأثير النباتات الطبية والعطرية كوقاية من الفيروس أو كتعزيز لمناعة الجسم ضد الفيروس يجب أن نوضح أن إستخدام الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية فى جميع صورها، مستخلص، مسحوق، مشروب أو زيوت عطرية لا تعنى حتى الأن أنها علاج قطعى ولم تثبت الدراسات قطعيا أنها علاج من الإصابة من فيروس كورونا المستجد. وحتى الأن لا يوجد علاجا نوعيا لفيروس كورونا المستجد.
وهنا يجدر بنا إن نوضح أن الدور الذى تلعبة النباتات الطبية والعطرية وهذا فعلا مثبت بالدراسات أن هناك إحتماليات وتوقعات مختلفة لتأثير النباتات الطبية والعطرية أو مركباتها فى صورها المختلفة على الفيروس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لذا أردت التنوية إلى أن الإستخدام الطبيعى للأعشاب والنباتات الطبية العطرية فى جميع صورها لا يغنى عن الإستخدام المثبت علميا لبروتكولات العلاج لفيروس كورونا المستجد COVID-19 والذى أقرته منظمة الصحة العالمية بالإتفاق مع حكومات الدول. وكما يلى سنوضح تلك الإحتمالات من خلال بعض الدراسات التى أجريت قبل و أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد.
الدور الإحتمالى التكميلى لبعض النباتات الطبية والعطرية:
- جزور العرقسوس (Licoric root): يحتوى جزور العرقسوس على حمض الجليسيريزيك Glycyrrhizic acid الذى يرتبط ببروتين الفيروس Spike protein وبالتالى يمنع إرتباطه بالمستقبلات الخلوية للعائل (الإنسان) وبالتالى يثبط من ألية الفيروس فى الدخول لجسم العائل و يمنع الإصابة.
- الشاى الأخضر (Green tea): يحتوى المستخلص المائى لشاى الأخضر (المشروب) على العديد من المركبات الفينولية والتى تلعب دورا هام فى تثبيط الإنزيمات (Mpro و (3CLPro المسؤوله عن إنتاج نسخ RNA فيروسية جديدة و إنتاج فيروسات جديدة من فيروس الكورونا.
- الجنسنج (Ginseng): بعض الدراسات أوصت بإستخدام نبات الجنسنج كمضاد للفيروسات وكمضاد للإلتهابات وكمضاد للأكسدة قوى والذى بدورة قد يلعب دورا هاما فى التقليل من حدة العاصفة المناعية Cytokine Storm.
- الزنجبيل Ginger)): يعتبر الزنجبيل وزيته العطري من مضادات الأكسدة القوية التى تعزز من مناعة الجسم كما انه يعتبر من مضادات الإلتهابات والتى قد يعزى إليها أيضا تقليل حدة العاصفة المناعية.
- نبات الهندباء (Dandelion): يثبط من عملية إرتباط البروتين الفيروسى والمستقبلات الخلوية فى خلايا العائل مما يمنع أو يقلل الإصابة.
- الكركم (Turmeric): يحتوى نبات الكركم على مادة الكركيومين Curcumin وهى من أهم المواد التى تعزز من مناعة الجسم ضد الإصابة بالعديد من الأمراض الميكروبية ومنها الأمراض الفيروسية.
- شجرة الكينا (Cinchona tree): هى شجرة شبية بشجرة الكافور ولكنها اكبر منها (أوراق) شجرة الكينا تحتوى على زيت عطرى هام جدا له خواص مضاد للميكرويات قوى جدا يستخدم لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا والزكام وتخفيف إلتهابات الجيوب الأنفية وهى المادة الأساسية والفعالة فى زيت او دهان “الفيكس” أو “أبو فاس”. كما تحتوى على مركب هام جدا هو Quinine (من قلف الشجرة) والذى يعزى إليه الدور الهام كعلاج للملاريا و كمضاد لفيروس كورونا المستجد وذلك من خلال مشتقات مركب Quinine وهما مركب الكلوروكين Choloroquine و الهيدروكسى كلوروكين Hydroxycholoroquine وهذه الشجرة موطنها استراليا وقد تم جلبها إلى افريقيا لمكافحة مرض الملاريا.
- الثوم (Garlic): يستخدم نبات الثوم أو زيته العطري كمضاد أكسدة قوى ويلعب دورا هاما فى منع دخول الفيروس لخلايا العائل سواء بالإرتباط بالمستقبلات البروتينية الخلوية فى خلايا العائل أو البروتين الفيروسى نفسه أو حتى بالتأثير على الإنزيم Mpro المسؤول عن إنتاج نسخ فيروسية جديدة.
- الإخناتسيا/إيكنيسيا (Echinnacea): يعتبر نبات الأخناتسيا من المحفزات والمعززات المناعية القوية حيث يقوم بتفعيل الخلايا التائية T-Cell والتى تلعب دورا حيويا واساسيا فى المناعة الخلوية، المستخلص المائى لجزور نبات الإيخناتسيا تقلل وتحد من الإلتهابات الناتجة عن الإصابة الفيروسية.
- المركبات الفعالة/السائدة فى بعض النباتات الطبية والعطرية:
- Eugenol فى الزيت العطرى للقرنفل Clove
- Thymol و Carvacrol فى الزيت العطرى للزعتر Thyme
- Anethol فى الزيت العطرى للينسون Anise
- Geraniol فى الزيت العطرى للعتر Geranium
- Cinnamyl acetate و Cinnamaldehyde فى الزيت العطرى للقرفة Cinnamon
- Eucalyptol أو 1,8-cineol فى الزيت العطرى الاوكاليبتس Eucalyptus وحصى البان/اكليل الجبل Rosemary
- Limonene فى الزيت العطري للموالح Citrus (البرتقال – اليوسفى – الليمون)
جميع المركبات السابقة تعتبر المركبات السائدة والفعالة فى العديد من الزيوت العطرية والتى يعزى إليها التأثيرات الطبية العلاجية لتلك النباتات ومنها التأثير الطبى ضد الإصابة بفيروس كورونا المستجد COVID-19 وذلك على النحو التالى:
- الإرتيابط بالبروتين الفيروسى ومنعه من الإرتباط بخلايا العائل.
- الإرتباط بالمستقبلات الخلوية لخلايا العائل وقفلها لمنع البروتين الفيروسى من الأرتباط بها.
- تثبيط الإنزيم المسؤل عن إنتاج نسخ فيرويسة جديدة إنتاج RNA فيروسى جديد بواسطة خلايا العائل.
- تقليل الإستسقاء الرئوي الناتج عن زيادة نسبة السوائل المخاطية بالأكياس الهوائية داخل الرئة.
- الحد والتقليل من أعراض ومسببات الإلتهابات الناتجة عن العاصفة المناعية والتى تؤدى لنسبة كبيرة جدا من حالات الوفاة بفيروس كورونا المستجد.
- التأثير على الغلاف أو الغشاء الفيروسى مما يسبب تمزقه.