نفذت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية خطة إعادة ترميم قطاع تربية النحل مجدداً بعد 10 سنوات من الحرب التي دمرت نحو 630 ألف خلية نحل كانت تملكها البلاد، وأوقفت عمل أكثر من 30 ألف نحال، وتسببت في إنخفاض الإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل في سوريا.
وإنعكست عودة الاستقرار إلى القري السورية، انتعشت تربية النحل من جديد وزاد إنتاج سوريا من العسل الطبيعي بعد عودة النحالين إلى مناطقهم واستئناف العمل في هذا القطاع، فيما بدأت حركة التصدير تبصر النور مجددا، مما أدي إلي زيادة صادرات سوريا من خلايا النحل.
ووفقا لتقارير رسمية سورية شهد قطاع النحل تحسناً ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية بعد تراجع كبير في أعداد خلايا النحل وصل إلى أقل من 200 ألف خلية في العام 2017 حيث وصل العدد هذا العام 2021 إلى 350 ألف خلية ووصل إنتاج العسل إلى نحو ألفي طن لأول مرة منذ 10 أعوام.
وقال المهندس إياد دعبول رئيس فرع سوريا لاتحاد النحالين العرب في تصريحات خاصة لـوكالة“سبوتنيك” الروسية إن: «الله حبا سوريا بطبيعة خاصة استوطن فيها نحل العسل وتأقلمت هذه الحشرة مع الظروف البيئية والمناخية الموجودة في البلاد، وسميت «سلالة النحل السوري» وهي سلالة صافية مسجلة عالمياً كبقية السلالات كسلالة النحل الإيطالي والكرينوري وغيرهما.
وأوضح رئيس فرع النحالين العرب في سوريا إنه خلال السنتين الماضيتين، أخذنا قرار بإقامة مهرجان لتسويق العسل المحلي على مستوى السوق المحلية ثم الانتقال مع وجود فائض إلى الأسواق العربية والعالمية، ونتطلع إلى بدء عملية التسويق الخارجي ولكن بطريقة مختلفة عن الطرق القديمة، من خلال تصنيع وتصدير منتجات أخرى للنحل غير العسل مثل الكريم والشامبو ومعجون الأسنان ومنتجات أخرى.
وأشار «دعبول»ـ إلي إن «إعادة تحديث منظومة صناعة النحل السوري ترتبط أيضا بتحديث أنظمة تعبئة العسل بعبوات مختلفة الأشكال والأحجام لتتناسب مع طرق عديدة للاستهلاك، فيمكن لتلاميذ المدارس أن يصطحبوا معهم عبوة عسل صغيرة إلى المدرسة كوجبة مغذية خاصة في فصل الشتاء حيث يحتاج الجسم إلى السكريات الطبيعية».
ولفت رئيس اتحاد النحالين العرب في سوريا إلى أهمية تنوع المناخ والتضاريس في سوريا في مجال تربية النحل حيث تبلغ مساحتها 185 ألف كيلو متر مربع، وتتنوع فيها التضاريس بين السهول الساحلية حيث أزهار الموالح إلى الجبال حيث نباتات ’’العجرم’’ و’’الطيون’’ اللتان تزهران في الخريف، ثم السهول الداخلية حيث أزهار ’’اليانسون’’ و’’حبة البركة’’ وأشجار ’’الكينا’’ ثم مناطق البادية وصولاً إلى المناطق الملاصقة للأنهار في منطقة الجزيرة السورية حيث أزهار القطن و’’العباد’’.
وأوضح «دعبول»، أن سوريا تتميز بأن لديها طبيعة متنوعة من المراعي وأوقات الإزهار،وهذا يزيد من عدد قطفات (جني) العسل، ومع تحسن الوضع الأمني صار بإمكان النحال أن يتنقل بين هذه الأماكن دون أي عائق، وشهد العامان الماضيان تدخلاً من قبل المنظمات الدولية بالتعاون مع اتحاد النحالين العرب لزراعة ’’زعتر الخليلي’’ في منطقة الغاب ومحافظات عدة وهو من النباتات الطبية، ونتيجة إزهار هذه النبتة تمكن النحالون السوريون ولأول مرة هذا العام من قطف عسل الزعتر وهو من الأعسال الطبية المتميزة وغالية الثمن عالمياً”.
وأضاف «دعبول»، ان قطاع تربية النحل تعرض لعدد من التغيرات التي طرأت على بسبب الحرب والجهود السورية والدولية التي ساهمت بإنقاذ النحل السوري وإنه يمكننا تقسيم مراحل تربية النحل في سوريا إلى ثلاث مراحل منها المرحلة الأولى ما قبل عام 2010 والمرحلة الثانية في عام 2017 والمرحلة الثالثة تمتد من عام 2017 إلى عام 2021، موضحا إنه في عام 2010 كانت تمتلك سوريا بين 630- 632 ألف خلية نحل ولديها 30 ألف نحال وعامل في مهنة تربية النحل وصناعة ملحقاتها ومستلزماتها من خلايا خشبية وألبسة خاصة بالنحالين وغيرها.
وأوضح رئيس فرع إتحاد النحالين العرب في سوريا، إن البلاد كانت تنتج 3200 طن من العسل سنوياً، وتراوحت حاجة السوق في ذلك الوقت بين 1500- 1800 طن من العسل، كان يصدر أيضاً بين 500-700 طن والباقي كان يدوّر إلى العام الذي يليه، وحين بدأت الحرب تأثرت مناطق الأرياف بسوء الأوضاع الأمنية وهي الأماكن التي تتركز فيها تربية النحل.
ولفت «دعبول»، إلي أن مسلسل التدمير المتتابع لخلايا النحل وسرقتها بدأ بعد الحرب السورية، وتراجعت أعداد خلايا النحل من 630 ألف إلى أعداد غير محصورة بشكل نهائي، لصعوبة إجراء إحصائية في عام 2017 مع وجود مناطق غير آمنة لا يمكن الوصول إليها لمعرفة وضع النحل فيها.
وأوضح رئيس فرع إتحاد النحالين العرب في سوريا إنه نتيجة لذلك تراجع إنتاج العسل وتناقص عدد العاملين في تربية النحل لعدم قدرتهم على تنقيل الخلايا بين المراعي ولا حتى مجرد الوصول إلى نحلهم، فأصبح هناك حاجة ماسة للعسل وبدأت تغزو السوق المحلية أنواع من العسل المهرب والمغشوش، وقد تواصلنا مع وزارة الزراعة ومع المنظمات الدولية وخصوصاً برنامج الغذاء العالمي (الفاو) ، ومنظمة “UNDP”، ومنظمة “UNHCR” لتأمين مستلزمات الإنتاج بناء على دراسة احتياجات النحالين،
ولفت «دعبول»ـ إلي إنه في «مرحلة ما بعد عام 2017 وبعد التدخل الإيجابي في قطاع النحل وبالتعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات الدولية بدأ دعم قطاع النحل بخلايا خشبية ومعدات للنحالين والعاملين في هذا القطاع، وبدأت الأمور بالتحسن تدريجياً».
وأوضح رئيس فرع إتحاد النحالين العرب في سوريا حول طبيعة التحسن الذي طرأ على هذا القطاع في السنوات الأخيرة أوضح رئيس اتحاد النحالين العرب أنه «بعد وصول عدد خلايا النحل إلى أقل من 200 ألف خلية بدأ الوضع يتحسن بدءاً من العام 2017 وبدأنا في العام الحالي 2021 نقطف ثمار الجهود المبذولة في السنوات الماضية من خلال كمية الإنتاج الوفيرة التي تحققت والتي تراوحت بين 1700- 2000 طن من العسل، وهو ما يغطي احتياجات السوق السورية ويفيض قليلاً للتصدير، وأتصور أن عدد خلايا النحل في سوريا ارتفع إلى حوالي 350 ألف خلية نحل».
كم عدد السعرات الحرارية في ملعقة عسل النحل؟.. تفاصيل
ولفت «دعبول»، إلي إنه قبل الحرب كان العسل السوري موجود في أسواق الدول العربية المجاورة ودول الخليج، ومع بدء الحرب وعدم القدرة على التصدير حل محل العسل السوري أنواع أخرى، لكننا في هذا العام ومع وجود فائض قليل من الإنتاج بدأنا نبحث عن أسواق خارجية للتصدير، وهذا بحاجة إلى وقت لإعادة بناء الثقة مع الزبائن الخارجيين، ففي عام 2010 وحين كان العسل السوري موجود فذلك كان نتيجة لجهود امتدت لنحو 30 عاماً، فالأمر يحتاج إلى مرحلة زمنية حتى يعود العسل السوري إلى تألقه في تلك الأسواق من جديد.