الأخبارالصحة و البيئةالمحميات الطبيعيةبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عبدالعزيز بندق يكتب: التنوع البيولوجى والتنمية المستدامة في مصر

أستاذ في مركز البحوث الزراعية – مصر 

طبيعة التنوع البيولوجى فى الاراضى القاحلة

يشتمل مصطلح التنوع البيولوجى على تنوع وتباين كل الكائنات الحية ومواطنها الطبيعية وتستخدم الزراعة نسبة صغيرة فقط من هذا التنوع فهى مبنية حاليا على المصادر الوراثية لحفنة من الانواع وأقاربها البرية وتحدث التغيرات الرئيسية فى التنوع البيولوجى بفعل المناخ واستخدام الارض .

يعتبر المختصون بالحفاظ على الطبيعة ان وفرة الانواع هو افضل مؤشر للتنوع البيولوجى وعلى ذلك فإن الغابات الإستوائية المطرية التى تحتوى على اكبر عدد من الانواع النباتية والحيوانية قد جذبت انتباه المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ووسائل الغعلام والعامة أكثر من اى مناطق أخرى.

وبالرغم من ان عدد الانواع فى الاراضى الجافة قد يكون قليل الا ان معظم هذه الانواع ذات اهمية دولية وخاصة القسم الذى يزود العالم بالطعام ويعتبر حوالى 3000 نوع فقط من الانواع النباتية المزهرة التى تقدر بحوالى 250 ألف نوع م المصادر الغذائية وقد وفرت انواع أخرى مصادر علفية او اماكن لرعى الحيونات ،وبالرغم من ان حوالى 200 نوع نباتى قد تم استئناثه فإن حوالى 20 نوع فقط يعتبر ذا اهمية اقتصادية في مجال التنوع البيولوجى.

ومما يثير الاهتمام  في مجال التنوع البيولوجى إن أغلب هذه المحاصيل الغذائية الرئيسية قد نشات فى الاراضى الجافة ذات المناخ الموسمى الواضح وتقع مراكز التنوع الاولى لتلك المحاصيل فى المناطق الجافة معتدلة الحرارة وشبة الاستوائية والتى مازالت تحتوى على الاسلاف والاقارب البرية لتلك المحاصيل.

ومن الافضل تعريف الاراضى الجافة ،بالنظر الى التوع الوراثى والتنوع البيولوجى داخل الانواع بدلا من التباين بين الانواع أو وفرة الأنواع ومع ذلك فإن الاراضى الجافة تحتوى على هبة طبيعية لا بأس بها من الانواع النباتية والحيوانية بما فيها الكائنات الدقيقة .

وتتميز انواع الاراضى الجافة بتوزيعات جغرافية واضحة التوطن ومدى كبير من التأقلم المورفولوجى والكيميائى لبيئاتها القاسية وتتميز انواع الاراضى الجافة بتاقلمها الشديد مع الاجهادات البيئية وهذا يجعل تلك الأنواع مصدراً حيوياً للمادة الوراثية اللازمة لتحسين الاصناف المحصولية من خلال زيادة مقاومتها للجفاف  والامراض .

فمثلاً يعتبر جين مقاومة فيرس التقزم الأصفر الذى تم اكتشافه فى الشعير اساساً لمحصول شعير كاليفورنيا السنوى الذى تصل قيمته الى 160 مليون دولار امريكى  وهو ما يؤكد أهمية التنوع البيولوجى.

وقد نشأ جين محتوى الليسين المرتفع فى الذرة الرفيعة وذلك فى الأراضى الجافة ، كما تعتبر انواع الأراضى الجافة من المصادر الهامة للمنتجات التجارية والصناعية مثل الصمغ والراتنجات والشمع ذو المصدر النباتى.

وتنتج شجرة النيم الهندية التى ادخالها بصورة مكثفة فى الاراضى الجافة مركبات نشطة فى مجابهة العديد من الآفات وتعتبر بعض انواع نباتات الاراضى الجافة مثل نبات ( الاس) مصدراً لمستحضرات طبية ثمينة ويعتبر Aloe Vera من امثلة النباتات  الطبية التقليدية التى تستخدم بتوسع فى علاج بعض الاضطرابات الجلدية.

ونريد ان نوضح ان التنوع البيولوجى فى الاراضى الجافة لا يقل اهمية عنه فى الغابات الاستوائية المطرية وأنه بواسطة الإجراءات الدولية المناسبة يمكن الحفاظ على تلك الاراضى الجافة واداراتها وحمايتها ضد التدهور البيئة وشيك الحدوث.

التنوع البيولوجى والتنمية المستدامة

من العوامل الرئيسة فى التنمية المستدامة فى الاراضى الجافة هى القدرة على الحفاظ على التنوع البيولوجى وإدارته واستغلاله فى اطار الادارة المتكاملة للمصادر الطبيعة بطريقة يمكن تنفيذها وتوفر الربح فى نفس الوقت وعندما تتم تنمية الحياة البرية بطريقة صحيحة يمكن أن توفر الحياة البرية مصدر عيش للمجتمعات الريفية بالإضافة الى المساعدة فى الحفاظ على التنوع البيولوجى ، وعلى خلاف ذلك فإن ضغوط الإنسان الشديدة على التربة والاستخدام الخاطىء للمصادر يستنزف الحياة البرية والتنوع البيولوجى ويؤدى الخسارة الاقتصادية .

وتمثل الحياة البرية المعرضة لتلك الاجهادات فى الاراضى الجافة فى شرقى وجنوبى افريقيا جزءاً كبيراً من السياحة والتجارة فى المنطقة الجافة حيث تعتمد التنمية المستدامة على ضرورة الحفاظ على المصادر ( الأرضية – المائية – الوراثية ) والتى يعتمد عليها الانتاج الزراعى .

وفى نفس الوقت فلكى يتم تبنى اى استراتيجية للحفاظ على المصادر الطبيعية بما فيها التنوع البيولوجى ، فلابد من توجيهها نحو الانتاج الزراعى المستدام والمربح معاً .

 

زر الذهاب إلى الأعلى