د محمد الأسيوطي يكتب: السموم الفطرية و مخاطرها علي صحة المستهلك
باحث أول صحة الأغذية – بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع دمنهور – مركز البحوث الزراعية – مصر
تعد لحوم الدواجن عنصرا أساسيا في غذاء الإنسان؛ حيث تعتبر مصدراً للكثير من العناصر الغذائية الهامة لجسم الإنسان، وفي مقدمتها البروتين. كما تتميز بكونها غذاء مناسباً للاستهلاك من قِبل جميع الفئات العمرية., في الوقت ذاتة تعتبر بيئة مناسبة لنمو للأحياء الدقيقة , الأمر الذي جعلها في مقدمة الاغذية المرتبطة بحالات التسمم والعدوى الغذائية في البلدان التي تستهلك كميات وفيرة منها ولذلك وجب التأكد من جودتها وسلامتها. و بمراقبة تأثير الاغذية الضارة على الإنسان ومنها لحوم الدواجن من جراء تناولها الأعلاف المحتوية على السموم الفطرية. وجد أن تأثير هذه الأعلاف يظهر على المدى البعيد.,
وتُعتبر السموم الفطرية من أخطر السموم على صحة الإنسان والحيوان و الدواجن، وأشهرها أربعة هي: الأفلاتوكسين، الفيومونسين، الزيرالينون ، والفيوميتوكسين، إلا أن الأفلاتوكسين هو أشهرها أشدها خطورة على الإطلاق، فهو يوجد في عدد كبير من الاغذية ، ويكفي أن يتعرض الانسان لكمية صغيرة منه، لا تتجاوز أجزاء من المليون، كي تشكل خطورة علي صحته.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن التسمم بالأفلاتوكسين يمكن أن يسبب الوفاة، وإذا ما تعرّض له الأطفال لمدة طويلة فإن مضاعفات كبيرة قد تلحق بهم، أبرزها التقزم، نقص الوزن، وتضرر الجهاز المناعي.
وتدخل سموم الأفلاتوكسين إلى جسم الإنسان من خلال تناول منتجات غذائية مصدرها حيوانات أو دواجن سبق لها أن تغذت على أعلاف ملوثة بالسموم الفطرية، وهي الأخطر خصوصاً على الأطفال. ، و يمكن للسموم الفطرية أن تسبب الكثيرمن الآثار الصحية الضارة وتسبب مخاطر صحية وخيمة على صحة المستهلك. الامر الذي دعي العديد من المنظمات الدولية و في مقدمتها منظمة الصحة العالمية و منظمة الاغذية و الزراعة (الفاو) الى اطلاق العديد من التحذيرات لضرورة إبقاء التعرض للسموم الفطرية في الحدود الآمنة و في أدنى مستوى ممكن من أجل حماية المستهلك.
ما هي السموم الفطرية؟
تعرف السموم الفطرية علي أنها نواتج التمثيل الغذائى الثانوى للفطريات السامة وهي مركبات كيميائية نشطة بيولوجياً وأغلبها سام للانسان والحيوان و الطيور والنبات تفرزها بعض أنواع من الفطريات بصورة طبيعية أثناء المراحل المختلفة لنموها.
والفطر الذي يمكنه إنتاج السموم الفطرية ينمو على العديد من الأغذية مثل الحبوب والفاكهة المجففة والثمار الجوزية والتوابل. ويمكن للفطر أن يتكون إما قبل الحصاد أو بعده، وأثناء التخزين، ويحدث ذلك عادة في ظروف الحرارة والبلل والرطوبة.
ومعظم السموم الفطرية مستقرة كيميائياً وتتحمل عملية معالجة الأغذية. وتمتد آثارها الصحية الضارة من التسمم الحاد إلى الآثار الطويلة المدى مثل التثبيط المناعي والسرطان.
وتتميز هذه السموم الفطرية بانها تملك تركيبا كيمياويا مختلفا مما يجعلها تظهر تاثيرات حيوية مختلفة يجعلها تتسبب بظهور امراض عديدة للانسان . فضلا عن انها تقاوم درجات الحرارة العالية مثل الغليان والبسترة .كما انها تقاوم عمليات التحلل داخل الجهاز الهضمي لجسم الانسان والحيوان و الطيور ,اضافة لذلك فان اختلافها في درجة سميتها انما يكون نتيجة لاختلاف تركيبها الكيميائي وبنائها الجزيئي .
كما انها عديمة الطعم والرائحة . تنتقل هذه السموم الفطرية عن طريق الفم الى الجهاز الهضمي او من خلال الاستنشاق ومن خلال التماس المباشر مع الفطريات .
الامر الخطير الاخر في هذه السموم الفطرية انها لا تحدث تحفيزا للجهاز المناعي في الجسم لمواجهتها لكي يتسنى الكشف عنها ,اضافة الى انه من الصعب ايجاد ادوية وعلاجات مناسبة عند الاصابة بها فهي تتغلغل بشكل خفي في داخل الجسم لتصيب اعضائه الحيوية بالعطب ,حيث ان لها تاثيرا ساما تراكميا لايظهر الا بعد مرور أعواما” عديدة يتسبب في ظهور بعض الأعراض مثل : سرطان الكبد، سرطان الكلى، إضافة الى تأثيرها السلبي علي الجهاز المناعي , والحساسية من تناول بعض الأطعمة , فضلا عن كونها سبباً في حدوث طفرات وراثية وتشوهات خلقية ., لذا حظيت السموم الفطرية بقدر كبير من الاهتمام نسبة لتأثيرها الفعال في الانسان.
الاعراض المرضية المصاحبة للاصابة بالسموم الفطرية في الانسان:
- إضطراب مستمر في المعدة. – إنتفاخ في البطن. – فقدان الشهية. – التقيؤات المتكررة. – تقلصات في البطن. – حمى وصفار الجلد والعينين. – تورم البطن، وتضخم الطحال والكبد. – نزف من الجهاز الهضمي. – إصابة بالغيبوبة.
- يتأثر الأطفال بشكل خاص بالتعرض للسموم الفطرية، مما يؤدي إلى تأخر النمو و التقزم في بعض الحالات ، وتأخر التطور، أضرار بالكبد، والإصابة بسرطان الكبد.
- ويشيع تناول الأفلاتوكسينات مع الطعام. إلا أن أكثر أنواع الأفلاتوكسين سمية، B1، يمكنها التخلل عبر البشرة وعندما تدخل هذه السموم وبتراكيز عالية الى داخل الجسم فانها تسبب التهابات حادة وربما نزيفا في الامعاء مما يؤدي الى الوفاة في بعض الاحيان بينما يؤدي استهلاك الاغذية الحاوية على نسبة قليلة من السموم الفطرية الى حدوث امراض مزمنة من دون ظهور الاعراض في اوقات مبكرة .
- عادة ما تظهر الاعراض على المدى البعيد وبالأخص على الكلى حيث تسبب الفشل الكلوي و الكبدي ، سرطان الكبد، سرطان الكلى، تشوه الأجنة، ضعف الجهاز المناعي، حساسية من تناول بعض الاغذية و يمكن للسموم الفطرية أن تسبب طيفاً واسعا” من الآثار الصحية الضارة وأن تطرح مخاطر صحية وخيمة على البشر.
العلاج:
لا يوجد علاج فعال للتسمّم بالسموم الفطرية، لكن ينصح الاطباء بأخذ جرعات وقائية من الفيتامين إي والسلينيوم، حيث أنها تفيد في التقليل من حدة التسمم. ويتم الاعتماد علي الوقاية في المقام الاول، فالحل الامثل هو منع تكون تلك الفطريات التي تفرز السموم الفطرية وحماية الأغذية من التلوّث بها.
فلا يمكن تلافي تلوّث الغذاء بسموم الأفلاتوكسين حتى مع استخدام التقنيات العالية في التصنيع الغذائي، ولا تتوافر، من الناحية العملية، أي طريقة يمكن الاعتماد عليها لمنع وصول هذه السموم الى الأغذية التي نتناولها، لهذا سمحـت إدارة الدواء والغذاء الأميركية بوجودها بنسبة معينة لا يجب تجاوزها. هي 20 ppb الي 300 ppb.
العوامل التي تساعد على الاصابة بالسموم الفطرية:
هناك العديد من العوامل التي تساعد على الاصابة بالسموم الفطرية والتي منها: كمية السم . مدة التعرض لهذه السموم , نوع السم ,الحالة الصحية وعمر المصاب ,المادة الغذائية الملوثة بالفطريات السامة .
أنواع السموم الفطرية:
تنقسم السموم الفطرية من حيث درجة تاثيرها وخطورتها الى شديدة السمية ومنخقضة السمية وكذلك الى مسرطنة ومطفرة ومسببة لتشوه الجينات .
ويوجد الكثير من السموم الفطرية ولكن الاكثر خطورة على صحة الإنسان هي الأفلاتوكسينات والأوكراتوكسين A والباتولين والفيومونسنات والزيارالينون والنيفانول والدييوكسي نيفالينول :
- الافلاتوكسينات :
هي أحد اخطر السموم الفطرية المسرطنة التي تسبب الاصابة بسرطان الكبد و من ثم الوفاة , تنتجها بعض الفطريات من فطر اسمه أسبيرجلس فلافوس، تنمو في التربة، الخضروات المتحللة، القش، والحبوب توجد طبيعياً في الأغذية الرئيسية المخزنة بطريقة غير صحيحة وتعتبر الافلاتوكسينات و خاصة B1 أحد أخطر السموم الفطرية. و قد حددت ادارة الطعام والدواء الأمريكية مستويات العمل للأفلاتوكسين المتواجد في الطعام أو الأعلاف هو 20 ppb الي 300 ppb.
- الأوكراتوكسين A :
تعتبر من السموم الفطرية الخطيرةعلى صحة الانسان حيث أن له تأثيرات مختلفة فهوبالدرجة الاولى سم كلوي يسبب الفشل الكلوي، وسرطان الكلى .ويؤثر على الكبد ويتسبب في حالات تشوه الأجنة كما يقوم بثبيط الجهاز المناعي. و يسبب حساسية شديدة .
- الباتولين :
الباتولين هو سم فطري يفرزه أحد أنواع الفطريات السامة،. يوجد في التفاح وعصير التفاح المصنوع من الثمار الملوثة. وتشمل الأعراض الحادة في الحيوانات إصابة الكبد والطحال والكلى بالضرر و تثبيط الجهاز المناعي. اما في الإنسان فيسبب الغثيان والاضطرابات المَعِدية المعوية والقيء. ويُعد الباتولين ساماً للجينات ولكن احتمال تسببه في السرطان لم يثبت بعد.
- الفيوزاريوم :
فطريات الفيوزاريوم موجودة في التربة وتفرز كثير من السموم الفطرية ، بما في ذلك التريكوثيسينات مثل الدييوكسي نيفالينول والنيفالينول وسموم T2 وHT2، والزيارالينون والفيومونسنات. و تعتبر سموم التريكوثيسينات شديدة الخطورة و السمية علي البشر، حيث تسبب تهيج سريع في الجلد أو الغشاء المخاطي للمعدة وتؤدي إلى الإصابة بالإسهال. تؤدي آثارة المزمنة الي تثبيط الجهاز المناعي. أما الزيارالينون فله تأثير على الهرمونات والإستروجين و يسبب العقم . وأما الفيومونسنات تسبب سرطان المريء في الإنسان.
- الزيرالينون :
ينتج هذا السم بواسطة جنس الفيوزاريوم. وأكثر المحاصيل التي تتلوث بهذا السم هي الذرة وهو ذو تأثير استروجيني. وتكمن خطورته فى تأثيراته على التوازن الهرمونى داخل جسم الحيوان أو الإنسان، كما تعتبر من المركبات المسرطنة عند تناولها سواء من قبل الحيوان أو الإنسان، بالإضافة إلى تأثيرها السلبى على استهلاك العلف، معدلات هضم العناصر الغذائية، نشاط وتمثيل الكائنات الدقيقة بالكرش والأداء الإنتاجى والتناسلى للحيوان.
الطرق المستخدمة للكشف عن السموم الفطرية:
توجد كثير من الطرق المعملية للكشف عن السموم الفطرية والتي منها الطرق البيولوجية والطرق الكيميائية والطرق المناعية والطرق الجزيئية وتعتبر الطريقة الجزيئية اكثر دقة وسرعة في الكشف السموم الفطرية.
طرق الوقاية من السموم الفطرية:
في الواقع لا توجد طريقة فاعلة لتجنب الاصابة بسمية السموم الفطرية , باستثناء بعض الاجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية اثناء وبعد عملية التصنيع الغذائي كإستخدامات التقنيات الحديثة و منها:
- الاهتمام بمخازن الاعلاف من حيث درجة الحرارة و التهوية.
- معالجة الحبوب ببعض مضادات السموم الفطرية كالاحماض العضوية مثل حامض الخليك وحامض الفورميك.
- إضافة بعض المواد الغروية الى الاعلاف والتي تعمل على ادمصاص السموم الفطرية من على سطحها وبالتالي تقليل سميتها والتي منها سيكات الالمنيوم والبنتونايت والفحم النشط.
- استخدام بعض المواد الكيمياوية التي تعمل على تحلل السموم الفطرية مثل الاوزون والامونيا .
- إضافة مضادات سموم فطرية فى مياه الشرب للدواجن الحية بصفة دورية أثناء دورة التربية قبل الذبح و عرضها للمستهلك.
الخلاصة :
يشكل تلوث لحوم الدواجن والاعلاف بالسموم الفطرية خطرا” علي صحة الانسان و يؤثر ذلك سلبيا” علي جودة و سلامة تلك اللحوم , لذا يجب ان تكون حدود ملوثات اللحوم و الاعلاف من السموم الفطرية منخفضة بقدر ما يمكن تحقيقة بصورة مقبولة بما لا يتجاوز الحدود الآمنة المسموح بها طبقا” للمواصفات القياسية العالمية و ذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات مثل الممارسات الزراعية السليمة (GAP ) و ممارسات التصنيع السليمة ( GMP) بعد إجراء تقييم مناسب للمخاطر . و يجب علي أصحاب المزارع تجنب إصابة الدواجن بالسموم الفطرية و ذلك عن طريقاتباع اكثر من استراتيجية لمكافحة السموم الفطرية و الوقاية من تاثيراتها الضارة والسامة عن طريق اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لمكافحة التسمم الفطري و ذلك عن طريق استخدام مستودعات مستوفية شروط التخزين دون تعرضها لأشعة الشمس مباشرة، عدم تخزين العلف فى المستودع لفترات طويلة، عند تركيب العليقة للدواجن لابد من إضافة مضادات سموم فطرية على الأقل كل عشر أيام، فى مياه الشرب مع استخدام مضاد سموم مناسب وقوى لكل أنواع السموم, حفاظا” علي جودة و سلامة اللحوم و صحة المستهلك.
المراجع:
Iqbal, Shahzad Zafar; et al. (2014). “Natural incidence of aflatoxins, ochratoxin A and zearalenone in chicken meat and eggs”. Food Control. 43: 98–103. doi:10.1016/j.foodcont.2014.02.046.
Abbas, Hamed K. (2005). Aflatoxin and Food Safety. CRC Press. ISBN 0-8247-2303-1.
Boonen, Jente; Malysheva, Svetlana V.; Taevernier, Lien; Diana Di Mavungu, José; De Saeger, Sarah; De Spiegeleer, Bart (2012). “Human skin penetration of selected model mycotoxins”. Toxicology. 301 (1–3): 21–32. doi:10.1016/j.tox.2012.06.012. PMID 22749975.
Guidance for Industry: Action Levels for Poisonous or Deleterious Substances in Human Food and Animal Feed”. Food and Drug Administration. August 2000. Retrieved March 10, 2013.
Geiser, David M; Dorner, Joe W; Horn, Bruce W; Taylor, John W (2000-12-01). “The Phylogenetics of Mycotoxin and Sclerotium Production in Aspergillus flavus and Aspergillus oryzae”. Fungal Genetics and Biology. 31 (3): 169–179. doi:10.1006/fgbi.2000.1215.