د رضا محمد علي يكتب: دور السياسة الصنفية لمحصول القمح في التغلب علي أمراض الصدأ
مدير معهد المحاصيل الحقلية –مركز البحوث الزراعية – مصر
محصول القمح هو أهم محاصيل الحبوب في مصر وذلك نظراً لأن رغيف الخبز هو المكون الأساسي في جميع الوجبات الغذائية للشعب المصري وعليه فإن الدولة تُولي أهمية خاصة لمحصول القمح للعمل على زيادة الإنتاج.
ويمكن الوصول إلى زيادة الإنتاجية الغذائية لمحصول القمح بعدة طرق أهمها التوسع في زراعة الأصناف الجديدة عالية المحصول والمقاومة للأمراض، والجدير بالذكر أن محصول القمح يتعرض للإصابة بالعديد من الأمراض هي: الأصدأ (الأصفر – البرتقالي – الأسود)، التفحمات وأهمها (التفحم السائب) والبياض الدقيقي.
(1) بالنسبة للتفحم:
فإنه من سياسة وتوصيات قسم بحوث القمح أن يتم معاملة التقاوي بالمطهرات الفطرية قبل الزراعة وأثناء إعداد التقاوي.
(2) البياض الدقيقي:
يقوم القسم من خلال برامج التربية بانتخاب السلالات المقاومة لهذا المرض.
(3) بالنسبة للأصداء:
يقوم قسم بحوث القمح من خلال برامج التربية باستنباط أصناف عالية الإنتاج مبكرة النضج مقاومة للأمراض (خاصة أمراض صدأ القمح الثلاثة) والآفات (خاصة حشرة المن) وتتحمل الاجهادات الحيوية والبيئية من قمح الخبز وقمح المكرونة، تتوافق في مواصفاتها مع رغبات المزارع وصناعة الطحن والخبيز ورغبات المستهلك المصري، ونظراً لظهور سلالات مرضية جديدة كل فترة فإن قسم بحوث القمح يقوم باستبدال الأصناف القديمة بأخرى جديدة لها نفس صفة المقاومة للأمراض وذات إنتاجية عالية.
وقد قام قسم بحوث القمح هذا العام بتسجيل صنفان جديدان سيتم طرحهما للمزارعين خلال المواسم الزراعية المقبلة هما الصنف (مصر 4) وهو من أصناف قمح الخبز والصنف (بني سويف 8) وهو من أصناف قمح المكرونة، يتميزان بارتفاع المحصول بالمقارنة بالأصناف الأخرى وبمقاومة الأمراض خاصة أمراض صدأ القمح.
وكان القسم قد قام بتسجيل 3 أصناف من القمح عام 2019 على الرغم من ظروف جائحة كورونا وهي الآن من الأصناف التي يُقبل عليها المزارعين وذلك لارتفاع إنتاجيتها ومقاومتها للأمراض بالإضافة إلى تميزها بصفات تكنولوجية وخبيز عالية وهذه الأصناف هي ( مصر 3 وسخا 95) من أصناف قمح الخبز والصنف (بني سويف 7) من أصناف قمح المكرونة.
وبذلك يكون هناك 20 صنف من القمح يتم زراعتها على المستوى التجاري في جميع مناطق الجمهورية منها 6 أصناف من قمح الديورم (المكرونة) و 14 صنف من أصناف قمح الخبز تتميز جميعها بالإنتاجية العالية في المحصول والمقاومة للأمراض وخاصة الأصداء.
فلماذا كل هذا العدد من الأصناف من القمح ؟
الإجابة هي سياسة قسم بحوث القمح، حيث لا يتم الاعتماد على صنف واحد أو اثنين قد تحدث لهم إصابة خلال الموسم وذلك لأن أمراض الصدأ بصفة خاصة تتجدد كل عام وتختلف شدتها من عام لآخر وقد تظهر سلالة مرضية جديدة تكسر صفة المقاومة في الصنف المنزرع وهنا تكون الكارثة كما حدث في موسم 1995 / 1996 عندما كان أكثر من 70% من مساحة القمح في مصر مزروعة بالصنف سخا 69 وحدثت إصابة بالصدأ الأصفر دمرت زراعة القمح في هذا الموسم.
ومنذ هذا التاريخ بدأ قسم بحوث القمح في تطبيق سياسة صنفية صارمة يضعها القسم بشكل منتظم وبصفة مستمرة كل عام هي في المقام الأول لصالح إنتاج القمح في مصر وهي لا تتم بشكل عشوائي وإنما تتم على أساس أن تكون الأصناف المزروعة مقاومة للأمراض (وبخاصة الأصداء)، وذات إنتاجية عالية,
لذا يتم استبعاد أي صنف تنكسر مقاومته لهذه الأمراض، ولكن عملية الاستبعاد لا تتم بشكل مفاجئ وإنما تتم من خلال عملية الإحلال والتبديل والتي تستلزم فترة زمنية لا تقل عن موسمين زراعيين لترسيخ السياسة الصنفية الجديدة لذا أوصى القسم بمنع زراعة الأصناف التي انكسرت مقاومتها مثل (سدس12، جميزة 11 و شندويل1) والتي تتعرض للإصابة الشديدة في الوجه البحري، والتوجيه بزراعتها فقط في محافظات مصر العليا حيث تمنع درجات الحرارة المرتفعة هناك من حدوث الإصابات المرضية.
ونظراً إلى أن تغيير سلوك المزراعين وقناعاتهم الشخصية يتطلب فترة أكبر لذا فإنه لابد من تضافر جهود البحوث والإرشاد والتعاونيات في متابعة حقول القمح للتعرف على الإصابة والاكتشاف المبكر لها، مع ضرورة العمل على توفير المبيدات الفطرية الخاصة بمكافحة هذه الأمراض وهي (التلت، وسومي 8 و الفنجشو) بحيث تكفي لرش حوالي 25 % من إجمالي المساحة المنزرعة مع الاستعداد لتوفير كميات أكبر بشكل سريع في حالة الاحتياج إلى ذلك.
ولا تتوقف سياسة قسم بحوث القمح في مكافحة الأصداء وخاصة الصدأ الأصفر لا تتوقف عند استنباط الأصناف المقاومة وتوزيعها على المزارعين، بل تمتد أيضاً إلى التوعية عن طريق الحملة القومية وزراعة الحقول الإرشادية، حيث يوجد تعاون تام بين قسم بحوث القمح والإرشاد الزراعي والجهات المعنية بوزارة الزراعة لمتابعة الإصابة والإبلاغ عنها، حيث يتم التعامل الفوري معها بمعرفة الباحث والمرشد والمزارع، وتقوم الوزارة بتوفير المبيدات الفطرية اللازمة لمكافحة الأصداء وهذا يحدث بصفة دورية كل موسم، ولم يرد أي بلاغ حتى الآن بحدوث إصابة بالصدأ الأصفر، لكن كل الجهات المعنية على مستوى الوزارة متأهبة ومستعدة للتعامل مع أي بلاغ.