الأستاذ في كلية الزراعة – جامعة القاهرة – مصر
الحديث عن الأمن الغذائي يرتبط بألامن المائي وإدارة الموارد المائية وآليات الإستخدام والإستثمارات فضلا عن تأثير التغيرات المناخية عليها وعدد من الأرقام الاقتصادية نظرا للقيمة الاقتصادية لقطرة المياه فضلا عن وجود تحديات داخلية وخارجية في هذه الموارد .
وسوف نتناول ذلك في عدد من المحاور:
خلفية عامة عن القطاع الزراعي والوضع المائي الراهن في مصر
- مساهمة القطاع في الاقتصاد المصري (2020)
- 6% في الناتج المحلي الإجمالي (34.8 مليار دولار أمريكي).
- 10% في الصادرات الكلية (الصادرات الزراعية 2.3 مليار دولار أمريكي).
- 25% في القوة العاملة الكلية (6.5 مليون عامل زراعي).
- 40% في الاستهلاك الكلي من الغذاء.
- 40% من السكان المصريين (40 مليون نسمة) تمثل الزراعة المصدر الرئيسي لدخولهم ومعيشتهم.
2- المحدودية الشديدة في الموارد الزراعية (الأرض والمياه)
- محدودية الأراضي الزراعية وظاهرة التفتت الحيازي
- 4 مليون فدان إجمالي مساحة الأراضي الزراعية (6.1 مليون أراضي قديمة + 3.3 جديدة).
- 09 فدان (2.2 قيراط)، نصيب الفرد في مصر من الأراضي الزراعية (الأقل علي مستوي العالم).
- 85% من المزارعين يحوزون أقل من 3 أفدنة وظاهرة صغر الحجم المزرعي والتفتت الحيازي
- محدودية الموارد المائية (2020)
- 81 مليار م3 إجمالي الموارد المائية.
- 597 م3 نصيب الفرد من إجمالي الموارد المائية العذبة (نحو 40% تحت خط الفقر المائي).
- 115 مليار م3 الاحتياجات المائية لمصر :81 الموارد المائية + 34 واردات مائية افتراضية صافية (42 مليار م3 واردات – 8 مليار م3 صادرات).
- 55 مليار م3 عجز مائي كلي (92% من الموارد التقليدية).
المعوقات الرئيسية في السياسات الزراعية والمائية الراهنة
الاستثمار العام
في الزراعة : 3 مليار جنيه بنسبة 3.7%
في المياه : 45 مليون جنيه
- الإنفاق علي البحث والتطوير
- في الزراعة : 130 مليون جنيه
- في المياه : 70 مليون جنيه
- في مجال البيئة ؟
- الإطار المؤسسي للقطاع الزراعي
- التعاونيات الزراعية (ضعيفة الفاعلية علي أرض الواقع وقانون غير مفعل)
- الإرشاد الزراعي والبيطري والبيئي (الخدمات تكاد تكون منعدمة)
- الزراعة التعاقدية (التطبيق مازال علي نطاق ضيق رغم وجود قانون)
- سلاسل القيمة الزراعية ( تكاد تكون غير مطبقة بسبب ضعف التعاونيات (التنسيق الأفقي) والزراعة التعاقدية (التنسيق الرأسي) وضعف البيئة الداعمة)
- التأمين الزراعي ( خدمات منعدمة وقانون غير مفعل)
- تنظيم الإنتاج الزراعي : عدم الالتزام بالدورة الزراعية والتجميع الزراعي (التشريع)
المعوقات الرئيسية في السياسات الزراعية والمائية الراهنة (تابع)
- الإطار المؤسسي لقطاع المياه
- قانون الموارد المائية (واللائحة التنفيذية)
- روابط مستخدمي المياه (ضعف الفاعلية علي أرض الواقع) ، وغموض علاقتها بالتعاونيات الزراعية
- تطوير نظم الري (تشابك المسئوليات بين وزارتي الموارد المائية والزراعة)
الوضع الغذائي الراهن
الوضع الغذائي هو محصلة لتفاعل للعوامل السابق عرضها: محدودية الأرض والمياه والسكان والسياسات الزراعية
الوضع الغذائي هو محصلة لتفاعل للعوامل السابق عرضها: محدودية الأرض والمياه والسكان والسياسات الزراعية
- تستورد مصر جميع السلع الغذائية الأساسية ولكن بنسب متفاوتة
– القمح 58% – الذرة الشامية 50% – الأرز 10%
– الزيوت النباتية 87% – السكر 30%
– الفول البلدي 90% – عدس 100%
– لحوم دواجن 3% – لحوم حمراء 50%
– ألبان 13% -الأسماك 20%
- تتركز الصادرات الزراعية في الخضر والفاكهة ، وكان الأرز محصولا تصديريا أصبح استيراديا بسبب محدودية المياه
- تستورد مصر في المجمل نحو 60% من غذائها (الفجوة الغذائية الإجمالية) وتنتج فقط ما يكفى 40% (الاكتفاء الذاتي)
- تنتج مصر من الحبوب نحو 20 مليون طن (قمح 9 ، ذرة 7 ، أرز شعير 4 ) بنسبة اكتفاء ذاتي نحو 50%
- قيمة واردات الغذاء نحو 14 مليار دولار (تعتمد علي الكميات المستوردة والأسعار العالمية للغذاء)
التغيرات المناخية والزيادة السكانية
- العلاقات السببية والتأثيرات المتعلقة بكل التغيرات المناخية والزيادة السكانية،
- التأثرات الموارد المائية والتصحر والجفاف واستخدامات الأراضي واستخدامات المياه والتنوع البيولوجي. والمقصود بالتصحر “انخفاض في القدرة الإنتاجية للأراضي القاحلة وشبة القاحلة نتيجة للتغيرات المناخية أو ممارسات بشرية
- سد النهضة (تخزين 74 مليار متر مكعب ) يعد عاملا إضافيا بجانب التغيرات المناخية والزيادة السكانية. ويجب تقدير الموقف المائي لمصر مستقبلا أخذا في الاعتبار العوامل الثلاثة.
آثار التغيرات المناخية علي مصر بشكل عام
- زيادة معدلات التصحر (نقص في رقعة الأراضي الزراعية)
- ارتفاع مستوي سطح البحر وغرق أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية بالدلتا
- زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وارتفاع معدلات البخر (زيادة الطلب علي المياه للزراعة)
- انخفاض تدفقات النيل من الهضبة الحبشية (انخفاض في حصة مصر المائية أو حالات الجفاف الممتد)
- انخفاض إنتاجية أغلب المحاصيل بدرجات متفاوتة نتيجة للاحتباس الحراري
- التأثير علي الثروة السمكية والإنتاج الحيواني – تدهور التنوع البيولوجي – انتشار الآفات والأمراض – عدد ساعات البرودة لأشجار الفاكهة المتساقطة الأوراق
- آثار التغيرات البيئية علي الصعيد العالمي (آثار خارجية) في حال تأثيرها علي الإنتاج العالمي من الغذاء ومن ثم ارتفاع الأسعار العالمية للسلع التي تستوردها مصر
- آثار اقتصادية واجتماعية سلبية واسعة النطاق نتيجة للتأثيرات المشار إليها إما بصورة جزئية أو كلية
الانخفاضات المتوقعة في إنتاجية المحاصيل نتيجة لارتفاع درجة الحرارة
- القمح والشعير 18%
- الذرة الشامية والذرة الرفيعة 19%
- الأرز 11%
- فول الصويا 28%
- دوار الشمس 27%
- الطماطم بنحو 14% (عند ارتفاع الحرارة 1.5 درجة مئوية ويرتفع الانخفاض إلي 51% عند ارتفاع درجة الحرارة 3.5 درجة مئوية).
- استثناءات :
- زيادة إنتاجية القطن 17%
- الموز
التغيرات المناخية وتكريس عوامل الهشاشة الاجتماعية
مخاطر عدم وضوح السياسات
اللامساواة
اللا أمن الغذائي والتغذوي
الفقر
التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية
ندرة المياه
الأسرة المزرعية
الميزان المائي في 2050 (في ظل تعميم الري الحديث) مقارنا ب 2020
- متوسط الاستهلاك المائي للفدان:
في 2020 : 6550 م3
في 2050 : 4585 م3
وذلك بفرض ان كل الرقعة الزراعية تحت نظام الري الحديث (المقنن 70% من الغمر) - إذن المطلوب لمخصصات الري: 43.1 مليار م3 (علي أساس المساحة 9.4مليون فدان)
المتاح طبقا للميزان 21.6 مليار م3 - المطلوب توفيره 21.5 مليار م3 مشروعات التحلية : 5 مليار م3
معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي 16.5 مليار م3
تقدير أثر الزيادة السكانية على نصيب الفرد من المياه ومخصصات مياه الري (1990-2050) تابع
- بحلول منتصف القرن يحتمل أن تعمل التغيرات المناخية والزيادة السكانية على اقتطاع نحو ثلث المخصصات المائية للقطاع الزراعي،
- من شأن ذلك تبوير نحو ثلث الرقعة الزراعية، ومن ثم انخفاض الإنتاج المحلي من الغذاء بنفس النسبة.
- انخفاض إنتاج الغذاء بنسبة 33% يؤدي إلي انخفاض الاكتفاء الذاتي من 40% (حاليا) إلي 27% في 2050 ومن ثم زيادة الفجوة الغذائية من 60% إلي 73% (هذا بفرض ثبات الاستهلاك)
- الزيادة السكانية بنحو 80% في عام 2050 ، وزيادة الطلب على الغذاء بنفس النسبة + نقص الموارد والإنتاج الزراعي بنسبة الثلث ، يؤدي إلي انخفاض الاكتفاء الذاتي من 40% (حاليا إلي 15% ، ومن ثم زيادة الفجوة الغذائية من 60% (حاليا) إلي 85%
- الجزء الباقي من الموارد الأرضية والمائية في عام 2050 لن يتمكن إلا من سد نحو 15% من الاستهلاك المتوقع من الغذاء (180 مليون نسمة)
سياسات تحديث قطاعي المياه والزراعة
- سياسات القطاعين مرتبطة ببعضها البعض
- تحديث الإنتاج الزراعي المصري ينطوي بوجه عام علي رفع كفاءة استخدام الموارد الزراعية بما فيها مورد المياه .
- كلما تمت إدارة القطاع الزراعي بكفاءة ، كلما ادي ذلك إلي تدنية إهدار الموارد بما فيها مياه الري، والعكس صحيح.
- المطلوب في هذا المجال تبني سياسات زراعية ومائية مختلفة بصورة جذرية عن تلك السياسات التي تم تبنيها خلال العقود الماضية
سياسات تحديث قطاعي المياه والزراعة (تابع)
- السياسات المائية : تعتمد علي الخطة القومية للموارد المائية العشرينية (2017- 2037) بتكلفة تقديرية 900 مليار جنيه
- تتبني أربعة محاور: 4 ت : تنمية – تحسين – ترشيد – تهيئة
- تنمية الموارد المائية ( مشروعات تحلية مياه البحر بتكلفة تقديرية نحو 134 مليار جنيه)
- معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي
- تبطين وتأهيل الترع (80 مليار جنيه)
- تحويل الري بالغمر إلي أنظمة الري الحديث ( الرش والتنقيط) في مساحة مستهدفة 4 مليون فدان ، والاحتفاظ بنظام الري المطور في مساحة الأرز بشمال الدلتا
السياسات الصحيحة فى الزراعة والمياه والأمن الغذائي
- الاستثمار والتمويل
– رفع نصيب الزراعة في الاستثمار العام إلي 10% (مقابل 3% حاليا)
– رفع نصيب الزراعة في إجمالي التمويل إلي 10%(مقابل 1.6% حاليا)
- البحث والتطوير (R&D)
– رفع نسبة الإنفاق علي البحث والتطوير في مجال الزراعة والري إلي 1% (مقابل 0.03%) من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي (نحو 6 مليارات جنيه) تزاد إلي 3% بحلول 2030 للإنفاق علي :
- استنباط أصناف قليلة استخدام المياه ومقاومة للجفاف
- استنباط أصناف عالية الإنتاجية
- ابتكار ممارسات زراعية موفرة للمياه (الزراعة علي مصاطب ، التسوية بالليزر..إلخ)
- تحديد المعاملات الزراعية الصحيحة في ظل أنظمة الري الحديثة في المناطق المختلفة
- سلالات حيوانية مرتفعة الإنتاجية
السياسات الصحيحة فى الزراعة والمياه والأمن الغذائي (تابع)
- الخدمات الإرشادية
- إعادة هيكلة جهاز الإرشاد الزراعي والمائي
- التوسع في استخدام الرقمنة والزراعة الذكية
- التوسع في استخدام الري الذكي
- تقوية وإعادة هيكلة المؤسسات الزراعية والمائية
- تقوية التعاونيات الزراعية والتفكير في إصدار قانون جديد
- تطبيق الدورة الزراعية والتجميع الزراعي (ضروري جدا في حالة تحديث نظام الري)
- تفعيل قانون التأمين الزراعي (خاصة في مواجهة آثار التغيرات المناخية)
- صندوق موازنة الأسعار الزراعية
- إقامة مجالس سلعية
- سلاسل القيمة الزراعية
- نقطة الانطلاق هي الإصلاحات المؤسسية السابق الإشارة إليها(التعاونيات القوية والزراعة التعاقدية) التي يتحقق من خلالها التنسيق الأفقي والتنسيق الرأسي فضلا عن البيئة الداعمة كشرط أساسي لقيام سلاسل قيمة زراعية تتسم بالكفاءة
- تعمل السلاسل القوية علي حل مشاكل الإنتاج والتسويق ورفع الدخول وتقليل الفاقد الزراعي الفيزيقي وتحسين مؤشرات الأداء في القطاع الزراعي وربطه بسلاسل القيمة العالمية.
- الدعم الزراعي لصغار الحائزين
- التزام الدولة بتقديم الدعم لصغار المزارعين خاصة بالنسبة للأسمدة النيتروجينية والطاقة والتقاوي المعتمدة
- منظمة التجارة العالمية تسمح للدول النامية بتقديم دعم زراعي بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي أي ما يعادل 60 مليار جنيه. بينما قيمة الدعم حاليا حوالي 18 مليار جنيه بنسبة 3% (دعم أسمدة + فائدة القروض + دعم الصادرات)
- تبني سياسات تستهدف رفع نسبة التصنيع الزراعي
- رفع نسبة تصنيع الإنتاج الزراعي من 8% حاليا إلي 20%
- صدرت مصر 5 مليون طن خضر وفاكهة بقيمة نحو 3 مليارات دولار استهلكت نحو 3 مليارات متر مكعب مياه
- التوسع في المخزون الاستراتيجي للقمح والسلع الغذائية
- رفع طاقة المخزون الاستراتيجي من 4 أشهر إلي 12 شهر علي الأقل
الخلاصة:
بحلول 2050 ، يحتمل أن تعمل التغيرات المناخية والزيادة السكانية معا على اقتطاع نحو ثلث المخصصات المائية للقطاع الزراعي، ومن ثم فقد نحو ثلث الإنتاج الزراعي أي ثلث الإنتاج المحلي من الغذاء مما يؤدي إلي زيادة الفجوة الغذائية إلي 73%
بإضافة تأثيرالزيادة السكانية علي جانب الطلب علي الغذاء ، تتسع الفجوة الغذائية إلي 85% ، وينخفض الاكتفاء الذاتي إلي 15%
يتطلب الأمر إحداث تغييرات جذرية في السياسات الزراعية والمائية تتناسب مع حجم التحديات والمخاطر التي تواجهها مصر فيما يتعلق بالأمن المائي والأمن الغذائي ، واستمرار تبني السياسات الحالية (BAU) يعرض الأمن الغذائي المصري للتدهور الشديد.
ترتكز السياسات الزراعية والمائية المقترحة إلي وضع القطاع الزراعي في أولوية متقدمة خاصة فيما يتعلق بالاستثمار وإصلاح المؤسسات الزراعية والمائية والبحث والتطوير في المجالين الزراعي والمائي ، ومراعاة التكامل بين قطاعي الزراعة والمياه
متابعة دقيقة للآثار الجانبية التي قد تنشأ عن تحويل الأراضي القديمة من نظام الري بالغمر إلي نظم الري الحديثة ،سواء فيما يتعلق بالآثار البيئية أو بالنسبة للميزان المائي في ظل اختفاء إعادة استخدام الصرف الزراعي، واللجوء إلي معالجة مياه إلصرف الصحي والصناعي
اتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع قدرة البلاد علي التكيف Adaptive capacity مع التغيرات المناخية ، وتخفيض هشاشة صغار المزارعين تجاه هذه التغيرات Vulnerability to climate change .