د محمد بدوى يكتب: الإدارة المستدامة للموارد المائية والإحتفال بـ«اليوم العالمى للمياه»
أستاذ علوم الأراضي – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مصر – مدير عام مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية – أبوظبى
تأتى أهمية الإحتفال بـ«اليوم العالمى للمياه» فى 22 مارس من كل عام بشكل مثالي مع جهود الدولة الرامية إلى الحفاظ على هذا المورد الهام، حيث يستهدف تعزيز الوعي المجتمعي بالحفاظ على المياه ويحفز الحوار بين صناع القرار والمختصين لتعزيز تبني نظم الإدارة المستدامة للمياه.”
تواجه النظم البيئية الحالية ضغوطًا هائلة لتلبية الطلب المتزايد على هذا المورد المهم للحياة وضمان إستدامته في الوقت ذاته، وتماشياً مع إستراتيجية الأمن المائي فإنه يجب العمل عبر نهج متكامل من التشريعات والبرامج والمبادرات التي تستهدف معالجة تحدي ندرة المياه وضمان استدامتها والمحافظة عليها”.
وتعتبر المياه من أهم الموارد الطبيعية التى تلزم لحياة الإنسان والحيوان والنبات وجميع الكائنات الحية لأن الماء يمثل أكثر من 70% من جسم الكائنات الحية.
ونظرا لمحدودية الموارد المائية العذبة والتى تصل إلينا من نهر النيل والتى تبلغ حصة مصر منها 55.5 مليار متر مكعب ومع خطة الدولة الطموحة لزيادة المساحة المحصولية لتغطية إحتياجات السكان من الغذاء.
الحاجة للمحافظة على مواردنا المائية أصبح ضرورة ملحة نظرا للتزايد الرهيب فى عدد السكان والذى يضعف ويتضاءل معه نصيب الفرد من المياه لدرجة أصبحنا فى نطاق الدول الفقيرة مائيا لأن حصتنا من الموارد المائية تكاد تكون ثابتة بينما يتزايد عدد السكان بمعدل أكبر من 2 % سنويا وهذه الزيادة يلزمها أمن غذائى وأمن مائى.
وقد تضاءل نصيب الفرد إلى أقل من 600 متر مكعب فى العام وإن لم يتم إتخاذ إجراءات تصحيحية فإن مشكلة العجز المائى سيكون من الصعب حلها بالإجراءات التقليدية وعليه يجب العمل بجدية لحل مشكلة ندرة المياه.
أهمية المياه فى القرأن والسنة:
إن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومنها (الماء) فينبغي الحفاظ على تلك النعمة لأن الحياة لا قيمة لها بدون الماء حيث يقول الله سبحانه وتعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) وقد نهانا الإسلام عن الإسراف أو الإفراط والتفريط في الأكل والشرب والغسل والوضوء – قال تعالى (وكلوا وإشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ونبه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على ترشيد إستعمال المياه حيث قال رسول الله ما هذا السرف يا سعد قال يا رسول الله أفي الوضوء سرف؟ قال نعم وإن كنت على نهر جار.
الزراعة والرى:
تواجه المنطقة العربية مثلها مثل العديد من دول العالم مشاكل الجفاف وتدهور وفقدان الأرض الزراعية بالتصحر بالإضافة إلى مشاكل ندرة المياه والتى تؤدى لصعوبات حقيقية على صعيد الأمن الغذائي أيضاً، لا سيما في البلدان التي تسعى إلى تحسين أمنها الغذائي بزيادة الإنتاج الزراعي.
وتصطدم هذه الجهود بنضوب الموارد الطبيعية، وتغيّر الأنظمة الغذائية والعادات الثقافية، وبمناسبة الإحتفال باليوم العالمى للمياه 22 مارس من كل عام يجتمع الخبراء والعلماء لمناقشة البحوث والنتائج وصياغة التوصيات ، بهدف إستكشاف طرقٍ لتعزيز حماية واحد من الموارد الطبيعية المحدودة والثمينة أمام التهديد الذي يحدق بهذا المورد، بما يضمن إستدامة الحياة على كوكب الأرض .
تواجه المنطقة العربية صعوبات على صعيد الأمن الغذائي أيضاً، لا سيما في البلدان التي تسعى إلى تحسين أمنها الغذائي بزيادة الإنتاج الزراعي. وتأتى أهمية الإحتفال بأسبوع المياه واليوم العالمى للمياه بمشاركة صناع التغيير من القطاعين العام والخاص، لإستكشاف طرق تعزيز حماية واحد من الموارد الطبيعية المحدودة والثمينة والتى يتناقص نصيب الفرد منها من عام لأخر نظرا لمحدوديتها والزيادات المطردة فى أعداد السكان من عام لأخر.
ويضيف الإنفاق على الطاقة المستهلكة في تحلية المياه وضخ المياه من مصادر بعيدة ومن الخزانات الجوفية العميقة أعباء مالية على مستلزمات الإنتاج.
إن تغيّر المناخ وهدر الموارد المائية، وعدم الكفاءة في إستخدام المياه، وإرتفاع معدّلات النمو السكاني. وإذ يعيش 56 في المائة من سكان المنطقة العربية في المدن، تبقى المياه المستخدمة في الزراعة من الأولويات لضمان إمدادات الغذاء وتأمين سبل العيش لسكان الأرياف في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
المياه المستخدمة في الزراعة مهمة جداً إذ تستهلك الزراعة أربعة أخماس المياه العذبة في المنطقة تقريباً. – إن متوسط كفاءة استخدام المياه في نظم الري الإقليمية يبلغ حوالى 50-60 بالمائة، مقارنة بأكثر من 80 في المائة في أستراليا أو الجنوب الغربي القاحل في الولايات المتحدة.
وإن تقنين مياه الري بالطريقة التي تراعي أثر جميع العوامل يؤدي لدقة عالية، تؤدي لتوفير المياه، وزيادة الإنتاج، ووقاية التربة من التملح، والحفاظ على خصوبتها، ووقايتها من الأمراض المحبة للرطوبة المرتفعة، كما يوفر الطاقة والعمالة. لذلك نهدف في هذه المقالة إلى فهم دور هذه العوامل في تقنين مياه الري.
إن قضية الحفاظ على الموارد المائية وإستدامتها بالتزامن مع الزيادة السكانية ومواكبةً للتطور الذي يشهده العالم، يمثل تحديًا كبيراً، يتطلب إعلاء مبادئ التعاون الدولي وتضافر كافة الجهود لمواجهة تحديات شح الموارد المائية التي تواجه منطقتنا العربية والتى بات معظمها يعانى من مشكلة شح المياه والفقر المائى..
ويُعتبر القطاع الزراعي من أكثر القطاعات إستهلاكاً للمياه،حيث تزيد الكمية المستهلكة فى القطاع الزراعى عن 70- 80% من الموارد المائية فى معظم الدول العربية. ويجب العمل على ترشيد إستعمال الموارد المائية ومنع الرى بالغمر فى كلا من الأراضى القديمة والأراضى حديثة الإستصلاح لأن الرى بالغمر يؤدى لفقد أكثر من 40% من مياه الرى وذلك بسبب الفقد بالتبخير والجريان السطحى والرشح فى قطاع التربة للمياه.
يجعل تعزيز الجهود المبذولة في هذا القطاع للحفاظ عليها أمراً ضرورياً لا بدّ منه ويجب إتباع العديد من السبل للمحافظة على الموارد المائية وعمل الإجراءات اللازمة لمواجهة العجز المائى. وبإستعراض تحديات التنمية الزراعية فى مصر والعالم العربى نجد أن مشكلة المياه تطفو على السطح نظرا لأن مياه الأنهار فى الوطن العربى تأتى منابعها من خارج الحدود مثل مياه النيل ومياه دجلة والفرات وغيرها .
ولقد أولت الأمم المتحدة الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعني بالمياه أولوية قصوى». حيث أن: «الماء هو الأساس في وجود وإستمرارية كل أشكال الحياة على كوكب الأرض، وفي وقت نشهد فيه تزايد متسارع في التعداد السكاني للعالم يتوقع معه أن يصل عدد السكان إلى 10 مليارات نسمة بحلول 2050.
الحلول المقترحة لترشيد إستهلاك مياه الري في الزراعة:
ينبغي إستخدام كميات المياه المناسبة في الزراعة للحفاظ على أثمن الموارد الطبيعية، وللحصول على محاصيل أكثر صحة، وفيما يأتي بعض الممارسات الزراعية المتّبعة لترشيد إستهلاك المياه في الزراعة والحفاظ عليها:
- إختيار المحاصيل التي تتحمّل الظروف الجوية (نباتات البيئة المحلية)
- إتباع ممارسات تحافظ على جودة التربة وتحسين بنائها.
- التوجّه نحو الزراعة العضوية لتحسين خصائص التربة.
- إضافة السماد العضوى وكذلك تغطية سطح التربة.
- استخدام المياه المالحة مباشرة أو بالخلط مع مياه عذبة لرى المحاصيل المقاومة للملوحة.
- جدولة الري وتبطين القنوات والترع لخفض الفاقد من المياه أثناء النقل.
- إستعمال نظم الري الحديثة ومنها الري بالتنقيط والرى تحت السطحى.
- ترشيد استهلاك الماء بتطبيق الحصاد لمياه الأمطار.
- تطبيق نظم الزراعة المائية التى توفر 90% من مياه الرى.
- إدخال المحاصيل ذات البصمة المائية المنخفضة فى الدورات الزراعية وتقليل المحاصيل المستهلكة للمياه.
ولتحقيق الأمن المائي فإن الأمر يلزمه:
- تطوير المصادر التقليدية و غير التقليدية و المحافظة عليها.
- إجراء البحوث اللازمة لتخفيض تكاليف تحلية المياه وإستعمال الطاقة الشمسية فى تحلية المياه
- ترشيد إستخدام المياه فى مختلف الأغراض و تحسين كفاءة توزيعها
- تشجيع إدخال تقنيات الري المتطورة والحديثة ذات الكفاءة المرتفعة.
- تقديم العون الفني للدول العربية لدعم مشاريع تطوير و إدارة المياه.
- تفعيل الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
- إستخدام الأسمدة العضوية وتدوير مخلفات المزارع لتحسين قوة مسك التربة للماء وتحسين بناء التربة.
- التوعية عن طريق الإعلام والمساجد والمدارس بأهمية المياة والوضع المستقبلى لتناقص حصة الفرد من المياة.
الترابط في أمن المياه والطاقة والغذاء :
أصبح هناك ضرورة عالمية في إتخاذ إجراءات لضمان توفير المياه والمحافظة عليها وإعادة إستخدامها، وحماية مواردنا المائية، حيث أنه بحسب الأمم المتحدة يفتقر نحو 2.2 مليار شخص إلى مياه الشرب المدارة بأمان. وهذا ما يستدعي حماية مواردنا المائية والمحافظة عليها، وإمكانية وصول الجميع إلى مياه الشرب بشكل متكافئ، وتوفير مستوى نظافة المياه، لأن المياه هي الحياة، وإستدامتها ونظافتها يلعبان دوراً أساسياً في حياة البشر.
الخلاصة والتوصيات:
- نظراً لما للمياه من أهمية حيوية لحياه الإنسان و التنمية فإن ذلك يقتضي التصرف بها في إطار السياسات التي تشجع على ترشيد إستهلاكها في المجالات المختلفة .
- تخفيض حصة المياه المستخدمة في القطاع الزراعي و توجيه إستعمالها للقطاع الصناعي والمنزلى.
- رفع مستوي المعرفة بأهمية المياه و طرق ترشيد إستهلاكها.
- المحافظه على المصادر المائية من التلوث
- إدخال نظم الري الحديثة لتقليل الفاقد من مياه الري
- تشجيع البحوث العلمية لتحديد الإستهلاك المائي للمحاصيل المختلفة تحت نظم الزراعة و علاقة ذلك بالمناخ و خواص التربة
- إستعمال المواد الطبيعية الحافظة للرطوبة فى التربة والتي ثبت أنها توفر 40% من مياه الري.