د. طارق قابيل يكتب: خرافات عن إستعمال الأغذية لعلاج كورونا
>>لا توجد أطعمة أو مكملات غذائية «معجزة» للحماية من كورونا
أكاديمي، كاتب، ومترجم، ومحرر علمي، عضو هيئة التدريس – كلية العلوم – جامعة القاهرة
منذ الانتشار العالمي لفيروس كورونا المستجد المعروف باسم “سارس-كوف-2″(SARS-CoV-2) ، كانت هناك ادعاءات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي بأن بعض الأطعمة والمكملات الغذائية يمكن أن تمنع أو تعالج مرض “كوفيد-19″، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية حاولت تبديد مثل هذه الخرافات المحيطة بالأطعمة “المعجزة” وفيروس كورونا المستجد، إلا أن المعلومات الخاطئة ما زالت مستمرة للأسف الشديد.
وعلى الرغم من أننا جميعًا نريد حماية أنفسنا من مرض كورونا او ما يطلق عليه “كوفيد-19″، وعادة ما تسعي – عزيزي القارئ – للحفاظ على صحتك وتتبع الدعوات التي يطلقها العديد من المتخصصين في علوم التغذية لتعزيز المناعة، إلا أنه لا يوجد حاليًا دليل علمي مؤكد على أن تناول أطعمة معينة أو اتباع أنظمة غذائية محددة يمكن أن يحميك من الفيروسات التاجية بصفة عامة، وفيروس كورونا المستجد بصفة خاصة.
وإليك بعض الأساطير والخرافات الأكثر شيوعًا التي تم الكشف عن حقيقتها:
خرافة رقم (1): الثوم
هناك بعض الأدلة التي تبين أن الثوم له تأثيرات مضادة للبكتيريا، حيث تشير الدراسات الحالية إلى أن المركبات النشطة للثوم (بما في ذلك الأليسين وكحول الأليل) تحمي ضد بعض أنواع البكتيريا مثل السالمونيلا والمكورات العنقودية الذهبية. ومع ذلك، فإن الدراسات التي تبحث في خصائص الثوم المضادة للفيروسات لازالت محدودة.
وعلى الرغم من أن الثوم يعتبر غذاءً صحيًا، إلا أنه لا يوجد دليل يوضح أن تناوله يمكن أن يمنع أو يعالج مرض “كوفيد-19”.
خرافة رقم (2): الليمون
الليمون هو مصدر جيد لفيتامين ج، وهو أمر مهم لمساعدة الخلايا المناعية على العمل بشكل صحيح. ومع ذلك، تحتوي العديد من الفواكه والخضروات الحمضية الأخرى على فيتامين سي، وبكميات قد تتجاوز الموجودة في الليمون.
انتشرت العديد من مقاطع الفيديو، والنصائح التي تدعي أن شرب الماء الدافئ بشرائح الليمون يمكن أن يحارب الفيروسات التاجية الجديدة. ومع ذلك، لا يوجد دليل علمي على أن الليمون يمكن أن يعالج المرض.
خرافة رقم (3): فيتامين سي (ج)
فيتامين سي أو (ج) هو فيتامين يوجد في عدد من الأطعمة، ويتم بيعه كمكمل غدائي. يسمى فيتامين سي أيضا بحمض الاسكروبيك ويستخدم لمنع وعلاج مرض الاسقربوط. تم اكتشاف فيتامين ج في عام 1912 وعٌزل عام 1928. كان أول فيتامين يتم إنتاجه كيميائيا في عام 1933، ويعتبر أيضا أحد أنواع الفيتامينات الهامة لصحة الإنسان لأنه يساعد على إعادة نمو أنسجة وإنتاج إنزيمات النواقل العصبية.
يلبي معظم البالغين متطلبات فيتامين ج من نظام غذائي يتضمن مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات، وفيتامين ج أيضا مطلوب في أداء العديد من الإنزيمات اللازمة لوظائف الجهاز المناعي، ويعمل أيضا كمضاد أكسدة، ومع ذلك لا يوجد اي دليل حاليا على أن فيتامين سي يمنع من الزكام. ومن المعروف أن فيتامين سي يلعب دورًا في دعم الأداء الطبيعي للجهاز المناعي، لكن بالمقابل فإنه توجد بعض الدراسات التي تثبت أن الجرعات المنتظمة من فيتامين سي ممكن أن تقلل فترة الزكام.
تأتي معظم المعلومات الخاطئة عن فيتامين سي من الدراسات التي حققت في الروابط بين فيتامين سي ونزلات البرد، ولكن الأدلة التي تدعم ذلك ليست محدودة فحسب، بل متعارضة أيضًا، ولا يوجد حاليًا دليل قوي على أن المكملات الغذائية المحتوية على فيتامين سي تمنع أو تعالج مرض “كوفيد-19”.
خرافة رقم (4): الأطعمة القلوية
تشير المعلومات الخاطئة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الفيروس يمكن علاجه عن طريق تناول الأطعمة التي تحتوي على درجة حموضة (الرقم أو الأس الهيدروجيني، pH) أعلى من درجة الحموضة في الفيروس. يعتبر الرقم الهيدروجيني أقل من 7.0 حمضيًا، 7.0 محايد، وفوق الرقم الهيدروجيني 7.0 قلوي.
بعض الأطعمة “القلوية” التي قيل إنها “تعالج” الفيروسات التاجية هي الليمون والبرتقال والكركم والأفوكادو.
ومع ذلك، فإن العديد من هذه المصادر على الإنترنت تعطي قيم درجة حموضة غير صحيحة لهذه الأطعمة. على سبيل المثال، قيل إن الرقم الهيدروجيني لليمون هو 9.9، بينما يكون في الواقع حمضيًا للغاية، برقم هيدروجيني 2.
هناك ادعاءات بأن الأطعمة الحمضية يمكن أن تصبح قلوية بعد استقلابها من قبل الجسم. ولكن بشكل عام، لا يوجد دليل يشير إلى أن الأطعمة يمكن أن تؤثر حتى على درجة الحموضة في الدم أو الخلايا أو الأنسجة – ناهيك عن علاج الالتهابات الفيروسية. ينظم الجسم مستويات الحموضة، بغض النظر عن أنواع الطعام المستهلكة.
خرافة رقم (5): حمية الكيتو
يقال إن النظام الغذائي الكيتوني (الكيتو)، وهو نظام غذائي عالي الدهون ومنخفض الكربوهيدرات، يحمي من مرض “كوفيد-19”.
يأتي هذا من فكرة أنه يمكن أن “يعزز” جهاز المناعة، على الرغم من أن إحدى الدراسات أظهرت أن الكيتو قد يمنع أو يعالج الأنفلونزا، فقد استخدمت هذه الدراسة نماذج الفئران. هذا يجعل من الصعب معرفة ما إذا كان الكيتو سيكون له تأثير مماثل على البشر في منع أو علاج الأنفلونزا.
لا يوجد حاليًا أي دليل علمي حالي يوضح أن النظام الغذائي الكيتوني يمكن أن يمنع الفيروسات التاجية.
وذكرت جمعية الحمية البريطانية (BDA) أنه لا يوجد طعام محدد أو مكملات غذائية يمكن أن تمنع أي شخص من التقاط عدوي مرض “كوفيد-19” بالإضافة إلى نصيحة منظمة الصحة العالمية، تشجع جمعية الحمية البريطانية الناس على تناول نظام غذائي صحي ومتوازن لدعم الجهاز المناعي.
يمكن لنظام غذائي صحي ومتنوع يحتوي على خمس مجموعات غذائية رئيسية أن يساعد في تزويد معظم الناس بالعناصر الغذائية التي يحتاجونها.
معظم العناصر الغذائية التي نحصل عليها بالفعل من نظامنا الغذائي المنتظم بما في ذلك النحاس والفولات والحديد والزنك والسيلينيوم والفيتامينات A و B6 و B12 و C و D تشارك جميعها في الحفاظ على وظيفة المناعة الطبيعية.
يتم تشجيع الناس أيضًا على اتخاذ تدابير وقائية ضد مرض “كوفيد-19، بما في ذلك غسل اليدين بشكل متكرر، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، واتباع أوامر الإغلاق.
ومع ذلك، تنصح جمعية الحمية البريطانية البالغين الذين يعيشون في المملكة المتحدة بتناول مكمل يومي من 10 ميكرو جرامات من فيتامين دي (D) وتناول الأطعمة الغنية بالفيتامين، مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض وحبوب الإفطار المدعمة لضمان مستويات كافية من فيتامين دي.
هذا لأن مصدرنا الرئيسي لفيتامين دي هو ضوء الشمس – وبسبب إجراءات الإغلاق، لا يحصل الكثير منا على ما يكفي من التعرض لأشعة الشمس.
كيف تتعرف على زيف المعلومات؟
عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الخاطئة عبر الإنترنت في هذا الصدد، قد يكون من الصعب أحيانًا تحديد ما هو غير صحيح.
لكن بشكل عام، من المحتمل أن تكون المعلومات “زائفة” إذا:
– يوصي بتناول طعام أو شراب أو مكمل معين (خاصة بجرعات عالية) لعلاج ومنع الإصابة بالفيروسات التاجية.
– يشجع على تقييد المجموعات الغذائية الرئيسية من نظامك الغذائي.
– يفضل طعام معين للحماية أو العلاج من الفيروس.
– يتضمن كلمات مثل “تطهير”، أو “علاج”، أو “تعزيز”، أو “إزالة السموم”، أو “أطعمة خارقة” عند التوصية بسلعة أو مكمل غذائي واحد.
– لا يتم توفيرها من قبل هيئة أو منظمة صحية موثوقة وموثوق بها، مثل منظمة الصحة العالمية.
خلاصة القول هي أنه لا توجد أطعمة أو مكملات معجزة مضمونة لحماية الناس من الفيروسات التاجية الجديدة. ووسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية ورائعة.
ومع ذلك، يمكن أن تكون أيضًا محفزًا لنشر المعلومات الخاطئة. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد ادعاءات غذائية وصحية معتمدة من الاتحاد الأوروبي تفيد بأن غذاء واحدًا أو مكملًا واحدًا يمكن أن يحارب العدوى الفيروسية، مثل مرض كورنا “كوفيد-19”.