خبير لبناني: 8 الآف نحال يتنافسون لإنتاج العسل من 300 ألف خلية في الجبال والأودية
>> جواد: عسل «الأشواك» والسنديان والحمضيات «الأشهر» و لبنان تنتج 1500 طنا سنويا
>> النحال اللبناني يعاني من منافسة الأعسال المهربة والمستوردة، و«النحل السوري» في خطر الإنقراض
قال سامر جواد الخبير في تربية النحل اللبناني أن قطاع تربية النحل وإنتاج عسب النحل في لبنان شهد تطورا كبيرا منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي حيث أدخلت وزارة الزراعة اللبنانية خلايا «لانجستروث» ذات الإطارات المتحركة والمزايا المتعددة، لتصبح الخلية الأكثر استعمالاً في لبنان في يومنا هذا، وأتاح استعمالها تقدماً ملحوظاً في القطاع خلال السنوات الماضية، وهو ما ساهم في تحسين الإنتاج كماً ونوعاً.
ونبه الخبير اللبناني في تصريحات لـ«اجري توداي»، إلي أن تربية النحل في لبنان هي مهنة للبعض وهواية للبعض الآخر حيث يعمل في قطاع تربية النحل في لبنان ما يزيد عن 8 الآف نحال ، يتوزعون على امتداد الأراضي اللبنانية، ويملك هؤلاء أكثر من 300 ألف خلية نحل. والكثير منهم هواة، يملكون بضعة خلايا من النحل لتدرّ عليهم مدخولاَ إضافياً للأسرة، أو لتأمين مؤونة البيت من العسل، والباقون محترفون، ويمتلكون الأعداد الأكبر من الخلايا.
ولفت «جواد» إلي إنه من حيث التوزيع الجغرافي فإن هذه الأعداد تتوزع بشكل متساوٍ بين المحافظات اللبنانية تقريباً، ولكن في بعض المواسم يتجمع عدد كبير من الخلايا في نطاقات جغرافية ضيقة، فتصبح الكثافة النحلية عالية للغاية كما يحدث في مواسم تزهير أشجار الحمضيات «الموالح» في السهول الساحلية الجنوبية، أو موسم الندوة العسلية الناتجة من أشجار السنديان في غابات جبيل وكسروان في جبل لبنان.
وأوضح الخبير اللبناني في تربية النحل وإنتاج العسل إن النحالون اللبنانيون يُنتجون ما يقدر ب 1500 طن من العسل سنويا، تتغير هذه الكمية تبعاً لمعدل الهطولات المطرية ومقدار توافر المراعي البرية، وكذلك معدلات إزهار أشجار البساتين المتنوعة، مشيرا إلي أن ذلك المعدل من الإنتاج يرتبط من الميزة النسبية من ناحية تنوع المراعي اللازمة لتغذية النحل وخاصة في المناطق الجبلية والأودية.
وأشار «جواد»، إلي إنه توجد في لبنان ثلاثة أنواع رئيسية تضم عسل أزهار الحمضيات أو الموالح يجمعه النحالون بعد مرحلة إزهار الحمضيات في نهاية شهر أبريل من المناطق الساحلية وحتى إرتفاع ٣٠٠م عن سطح البحر، ويختلط بهذا العسل رحيق بعض النباتات البرية وأشجار الآفوكادو، وعسل الندوة (عسل السنديان) ومصدره بشكل أساسي الندوة العسلية من أشجار غابة السنديان والأرز والصنوبر ، وهذا العسل يمتاز بلونه الأسود وعدم تبلوره أثناء إنخفاض درجات الحرارة، ويتم جنيه من المناطق التي تعلو ٤٠٠م وحتى علو ٢٠٠٠م عن سطح البحر.
ولفت الخبير اللبناني في تربية النحل إن عسل الأشواك والأزهار البرية والجبلية يجنيه النحل من مئات الأزهار الربيعية وعشرات الأصناف من الأشواك الصيفية بدءاً من المناطق الوسطى من ارتفاع 400 متر وحتى علو ١٥٠٠متر عن سطح البحر، ويتميز هذا العسل بطعمه العطري وفوائده الطبية المذهلة وهو يتبلور خلال الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة، مشيرا إلي إن هناك أيضاً بعض أنواع العسل التي يجنيها النحل من أشجار(الكينا) والزعتر.
ولفت الخبير اللبناني إلي إن فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي شهدت طفرة نمو ملحوظة في الانتاج النحلي كماً ونوعاً، لكن النحال اللبناني يعاني من منافسة شرسة من الأعسال المهربة والمستوردة، وقد زادت حدة هذه المنافسة نتيجة عوامل عدة مرتبطة بالأوضاع التي يمر بها لبنان وعدم تمكن أجهزته من ضبط التهرب الجمركي وعمليات التهريب عبر الحدود البرية رغم محاولات الأجهزة الرقابية العمل على ضبط التهريب وتنظيم الإستيراد بما يتناسب مع كميات العسل المنتج محلياً، وهنا يبرز دور وزارة الزراعة والجهات الرسمية الشريكة التي تحاول العمل على وضع استراتيجية للنهوض بالقطاع خلال السنوات القادمة.
وأوضح «جواد»، إن النحل السوري هو النوع الرئيسي من النحل الذي كان مستوطناً لهذا النطاق الجغرافي اللبناني وصولاً الى أجزاء كبيرة من سوريا وفلسطين والأردن والعراق وهذا النوع من نحل العسل يتبع للمجموعة الصفراء. وقد تأقلم هذا النحل بشكل كبير مع تغير الفصول والمراعي ومع التقلبات الحرارية السريعة، والمناخات الحارة والجافة، وكذلك مع الأعداء الطبيعيين خصوصاً الدبابير الحمراء .
وأشار الخبير في تربية النحل، إن هذا النحل عموماً يتصف بصغر حجمه وبعدوانيته الملحوظة، بطنه بارز مع خطوط صفراء على حلقاته البطنية الثلاث من ناحية الظهر وهو متوسط الإنتاج من العسل، ولديه ميل نحو التطريد، وإنتاجه مرتفع من منتجات النحل مثل الغذاء الملكي والعكبر، ويتميز بقدرته على وضع كميات من البيض تلائم حجم تدفق حبوب اللقاح من الطبيعة، وكذلك المحافظة على تدفق متوازن من العسل.
وأوضح «جواد»، إن هذه السلالة تعتبر من السلالات المهددة بالإنقراض بنسبة عالية، نظراً لعمليات التهجين العشوائي التي انطلقت منذ أواسط القرن العشرين طمعاً بالسلالات الهادئة والمنتجة، مشيرا إلي أهمية الحفظ عليها من الإنقراض في ظل إستراتيجية عالمية تكثف جهودها للحفاظ علي مختلف سلالات النحل في العالم لإرتباطها بإنتاجية المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي.