د خالد سالم يكتب: هل يمكن زراعة الشاي فى مصر؟

خبير دولي في زراعة المحاصيل – أستاذ بجامعة مدينة السادات – مصر

هل أى محصول يعجبك تزرعه أم لابد أن يكون للدولة سلطة فى تقنين الزراعات غير الاستراتيجية ومنها زراعة الشاي ؟

وحقيقة إستهلاك مصر من الشاي وهل زراعة الشاي فى مصر بدلا من استيراده بهدف توفير عملة صعبة؟

والأهم أين يقع حزام زراعة الشاي؟

وماهي التربة المناسبة لزراعة الشاي في العالم؟

رغم أن مصر تعتبر أكبر مستهلك لشاي في العالم العربي ومن أعلى المعدلات عالميا بالنسبة لنصيب الفرد حيث يبلغ سنويا حوالي 5 .1 واحد ونصف كيلوجرام، إلا أن هذه التساؤلات تحتاج إلي توضيح علمي حيث أن جميع التقارير العلمية توضح أن  الموطن الطبيعي لنبات الشاي على طول الحدود بين بورما غربا والصين  شرقا الى منطقة سيبانج شرقا . وجنوبا خلال تلال بورما وتايلاند وفيتنام . ومحور من الشرق الى الغرب من 95 درجة الى 12 درجة على خطوط الطول ،  ومحور من الشمال من بورما على خط عرض 29 درجة مارا بمنطقة يونان وتونكين وتايلاند ولاوس وأمان حتى خط عرض 11 درجة .

كما تتم زراعة الشاي حاليا في مناطق ما بين تركيا وجورجيا عند خط عرض 42 شمالا والأرجنتين على خط عرض 33 جنوبا وتقع مصر بين خطي عرض 22 و 32 درجة شمالا وهو ما يعني إن مصر تقع في منطقة حزام الشاي .

وننتقل إلي أنواع التربة المناسبة لزراعة الشاي  حيث ينمو نبات الشاي في أنواع مختلفة من التربة تتراوح ما بين الرملية الطميية والطينية الثقيلة بحيث تكون جيدة الصرف وفي ظروف تربة حامضية تتراوح ما بين 4 pH 5.5 ويمكن إجراء المعاملات الزراعية المناسبة واللازمة لتهيئة ظروف التربة المصرية لنمو نبات الشاي وذلك بتعديل حموضة التربة لتصل الى المعدل الملائم لكثافة النمو للشاي خاصة وأن جذور النبات سطحية وتتركز في منطقة عمقها 9 تسع بوصات ويمكن أن تستجيب بسرعة للمعاملات الزراعية لتعديل حموضة التربة الى الدرجة الملائمة .

ورغم ذلك إعترض البعض علي زراعة الشاي  في مصر بحجة أن الشاي يحتاج إلى تربة حامضية ما بين 5ر4 إلى 5ر5 ph وأن تربة الأراضي المصرية قلوية ph 7 ولكن أن آخر البحوث التي أجريت في هذا الشأن أظهرت أن نمو الشاي ينجح في الأراضي التي درجة ال ph لها ما بين 4ر5 إلى 7 درجة وقد سقطت الحجة القائلة بعدم صلاحية التربة المصرية لزراعة الشاي.

وعلى هذا الأساس يمكن زراعة الشاي في مصر بنجاح , خاصة وأن مصر غنية بالكفاءات الفنية والعلمية الزراعية ويقتضي الأمر في هذا الشأن تضافر الجهود في جميع الجهات البحثية والتنفيذية في الكليات والمعاهد الزراعية ومراكز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة ومركز بحوث الصحراء والمركز القومي للبحوث وجميع الجهات المعنية في هذا الشأن .

مع ملاحظة إنه تم إجراء تجارب لزراعة الشاي في مصر منذ حوالي عشر سنوات في وزارة الزراعة بمركز البحوث الزراعية ( النباتات الطبية والعطرية) وذلك بمحطات التجارب في بهتيم وقها بالقليوبية بذلت فيها مجهودات قيمة وصادقة وكذلك بالقطاع الخاص بمحافظة الشرقية وأعطت المؤشرات الأولية نتائج مبشرة بالنسبة للنمو الخضري .

ورغم إمكانية ذلك إلا أن هناك عددا من الملاحظات نوردها في هذه التفاصيل وهي:

• زراعة الشاي فى مصر بدلا من استيراده لتوفير عملة صعبة يعد من الامور الهامة لإنه سيكون على حساب محاصيل استراتيجية آخري لضيق المساحة.
• كأستاذ جامعي ومتخصص فى مجال وراثة وتربية المحاصيل وتحديدا المحاصيل الاستراتيجية التى تدخل على مائدة المواطن المصرى يوميا يمكن زراعة أى نبات فى المناخ الزراعي المصري ولكن فى المناطق المستصلحة حديثا وذلك لان لدينا عجز فى المحاصيل الاستراتيجية الهامة مثل محاصيل الحبوب ومنها القمح والذرة الشامية ومحاصيل الزيت ومنها القطن وفول الصويا ومحاصيل السكر ومنها قصب السكر وبنجر السكر ومحاصيل الاعلاف مثل البرسيم ومحاصيل العلف الصيفية وايضا الالياف النباتية مثل القطن ومحاصيل البقول مثل الفول والعدس والحمص.
• السؤال أيهما أفضل للمواطن السلع الغذائية ام الكمالية مثل الشاي او بمعنى اخر ان تشبع بطون جائعة وتستورد بالعملة الصعبة لسلع تستهلك يومى على المائدة ام كوب شاي.
• رغم أنني من عشاق الشاي ورغم مزاياه ومنها ان الشاي محصول معمر ويقطف أوراقه إلا أنني اعتقد أن فكر الأولويات والحاجة أهم  لان ذلك سينافس هذه المحاصيل.
• ومشكلة مصر في زراعة الشاي عدم وجود مساحة لزيادة المساحة المزرعة من المحاصيل الاستراتيجية.

ومن هنا نوجة نداء الى من يهمه الأمر والمسؤول بتحديد المساحات المنزرعة ان يتم تقنين المحاصيل غير الاستراتيجية بالدلتا ووادى النيل والتوسع فى الاراضى المستصلحة حديثا للحد من الاستيراد وتقليل الفجوة بين الانتاج والاستهلاك