الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عبدالسلام منشاوي يكتب: نظرة إلى بعض محاور الاكتفاء الذاتي من القمح

رئيس بحوث متفرغ – قسم بحوث القمح – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر

✅ الجميع يتسأل لماذا لا نصل إلى الإكتفاء الذاتي من القمح في مصر؟ ؟. والواقع الأمر معقد وله أبعاد كثيرة قد نوضح بعض هذه المحاور في هذا المنشور، والذي يمثل مشكلة مصر في الإنتاج الكلي من القمح، كما نوضح الموقف العالمي ولماذا هناك دول تصدر كميات كبيرة ونحن لا نستطيع الإكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي؟. وهناك بعض المحاور قد نناقشها في منشور أخر بإذن الله تعالى.

✅ بالنظر إلى الصورة المرفقة، وبياناتها مقتبسة من آخر إحصائية صادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية وهو التقرير الصادر في شهر يونيو 2022.

✅ الصورة توضح على المستوى العالمي المساحة الإجمالية المزروعة من القمح والإنتاج الكلي من القمح وإنتاجية وحدة المساحة. وأيضا توضح المساحة وإجمالي الإنتاج وإنتاجية وحدة المساحة لأهم الدول المنتجة للقمح في العالم وكذلك موقف مصر.

✅ فمساحة القمح بالعالم تتجاوز 220 مليون هكتار ( الهكتار = 2.4 فدان تقريبا). هذه المساحة تنتج ما يقرب من 780 مليون طن من القمح وهي تكفي الاستهلاك العالمي مع بقاء بعض الفائض.

✅ وبالنظر للمساحة المزروعة في أهم الدول، نجد أن المساحة هي من العوامل المهمة جدا في الإنتاج الإجمالي لكل دولة. ونلاحظ أن معظم تلك الدول تمتلك مساحات شاسعة من الأرض المزروعة بالقمح وقد تراوحت من أكثر من 31 مليون هكتار ( الهند) ثم أكثر من 27 مليون هكتار (الاتحاد السوفيتي السابق) ثم الصين والاتحاد الأوروبي ….. إلخ.

✅ وعندما نقارن المساحة المزروعة قمح في هذه الدول مع مصر، نجد أنها تصل إلى أكثر من 22 ضعف في حالة الهند وفي أقل الحالات مع الأرجنتين تصل إلى حوالي 5 أضعاف المساحة المزروعة قمح بمصر.

✅ ومن هنا يتضح أن المشكلة الأساسية عندنا بمصر هي مشكلة نقص الرقعة الزراعية المزروعة قمح. وذلك يرجع الى محدودية الأراضي المزروعة على مياه نهر النيل وخروج مصر من نطاق دول الزراعة المطرية وتصنيف مصر حسب المنظمات العالمية مناطق جافة، بسبب عدم وجود امطار تكفي للزراعة وسوء التوزيع على مدار موسم النمو.

✅ وإذا نظرنا إلى محور إنتاجية وحدة المساحة ( إنتاجية الهكتار أو الفدان من القمح ) نجد أن مصر تعد في المرتبة الثانية بعد المملكة المتحدة، مع العلم أن المملكة المتحدة تزرع القمح الشتوي الذي يمكث في الحقل حوالي 9 أشهر في حين مصر تزرع القمح الربيعي الذي يمكث في الأرض حوالي 5 أشهر . من هنا نستطيع أن نقول أن موقف مصر بالنسبة لإنتاجية وحدة المساحة يعتبر ممتاز ولكن ما زال عندنا أمل بفضل لله في وضع أفضل من ذلك ونصل إلى إنتاجية أعلى.

✅ أما الإنتاج الكلي فهو محصلة ضرب المساحة الإجمالية المزروعة × إنتاجية وحدة المساحة وبالتالي نجد في الغالب أن الدول التي لديها مساحة كبيرة مزروعة لديها إنتاج كلي عالي. فنجد أن الإتحاد الأوروبي هو أكبر منتج للقمح في العالم (138.4 مليون طن) ثم الصين 137 مليون طن تقريبا) ثم الهند (110 مليون طن تقريبا).

✅ ومما سبق نستنتج أن الإنتاج الكلي من القمح هو أهم مكون من مكونات الإكتفاء الذاتي للقمح ويعتمد على عاملين (محورين) هامين هما إجمالي المساحة المزروعة وإنتاجية وحدة المساحة. ومن هنا لابد من العمل على هذين المحورين وهما ما يعرف بمحور التوسع الافقي ومحور التوسع الرأسي.

✅ بالنسبة لمحور التوسع الافقي وزيادة المساحة المزروعة من القمح من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية فنجد أن هناك مشاريع عملاقة متعددة في مجال الاستصلاح بمساحات كبيرة وفي مناطق عديدة والدولة تبذل جهود جبارة في هذا المجال.

✅ وفي حالة ما إذا كان للقمح نصيب من تلك المساحات فمن الممكن أن تساهم بشكل كبير في حل مشكلة الإكتفاء الذاتي وخصوصا أن هذه المساحات تتمتع بنظام الزراعة الواسعة من ناحية المساحة وإدخال التقنيات الحديثة من ميكنة ونظم زراعية حديثة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية.

✅ وأما بالنسبة لزيادة إنتاجية وحدة المساحة، ما زال بفضل الله هناك مساحة للعمل في هذا المحور من خلال استنباط الأصناف ذات القدرة الإنتاجية العالية والمقاومة للأمراض والمتحملة للإجهادات البيئية المختلفة سواء ملوحة وجفاف وحرارة.

✅ وايضا يجب أن تكون الأصناف المستنبطة حديثة لديها مرونة عالية وتكيف واسع مع ظروف التغيرات المناخية الحادثة بأشكالها المختلفة.

✅ ومما يساعد في رفع إنتاجية وحدة المساحة أيضا العمل على تعريف المزارعين بالتوصيات الفنية التي تؤدي إلى الحصول على أعلى إنتاجية ممكنة للأصناف المزروعة. فلكل صنف قدرة إنتاجية وسقف إنتاج ولازال هناك مدى واسع بين قدرة الأصناف الإنتاجية والمتوسط العام عى مستوى الدولة ويجب العمل على تقليل الفجوة بين القدرة الإنتاجية للصنف والإنتاجية الفعلية له حتى نحصل على أعلى مردود …

✅ نعتذر عن الإطالة وإن شاء الله نستكمل المحاور الأخرى في مقال لاحق.

 

زر الذهاب إلى الأعلى