د خالد وصيف يكتب: 72 ساعة فى الطريق الى شرم الشيخ «قمة المناخ»
>>رؤية وزير الري تعمد علي إستعادة الوظيفة الأساسية لشبكة الرى عبر نقل وتوزيع المياه بأقل تكلفة وأعلى كفاءة
خبير موارد مائية – مصر
الدورة السابعة والعشرون من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ.. هذا هو الاسم الرسمى للقمة الاممية التى ستحتضنها مصر فى شرم الشيخ خلال اسابيع قليلة، قمة المناخ كما نطلق عليها للتسهيل. أحد أهم المؤتمرات العالمية التى ستنعقد فى هذا العام الحافل بالأحداث. إن لم يكن أهمها على الإطلاق. ستشهد شرم الشيخ اطلاق مصر مبادرة دولية للتكيف في قطاع المياه، بالاشتراك مع الشركاء الدوليين، وسوف تشمل محاور حول ندرة المياه ورفع كفاءة استخدام المياه وتنمية تكنولوجيا انتاج الموارد المائية غير التقليدية.
هذا الحدث الكبير تجرى الاستعدادات له من جهات متعددة، ومنها المجلس العربى للمياه الذى يعد احدى المنظمات الاقليمية التى تخدم قضايا المياه والبيئة وتضم كوكبة من العلماء يترأسهم الدكتور محمود ابو زيد بما له من خبرة عميقة وتقدير كبير على المستوى المحلى والاقليمى والدولى.
احتضن المجلس العربى للمياه منتدى للبيئة والتنمية، استغرق ثلاثة ايام بالقاهرة، شارك فيه 750 خبيرا مائيا وبيئيا من 29 دولة ممثلين لاكثر من 38 منظمة معنية بالمياه والبيئة عبر 18 جلسة فنية ومن خلال 154 كلمة ومشاركة.
عبر جلسات المنتدى تبدى للحضور حجم مشكلة الاحتباس الحرارى وتأثيراتها المدمرة على دول العالم، وفى المقدمة الدول النامية بافريقيا. الكرة الارضية مأزومة والطبيعة تبدو غاضبة وتكشر عن انيابها من الاعتداء عليها. احراق الغابات وتدهور التنوع البيولوجى والتوسع الحضرى على حساب التنمية الريفية، والتوسع فى اقامة السدود بدون دراسات للاثر البيئى. تلك بعض من كل لاسباب قادت الى ازدياد حدة الاحتباس الحرارى للكرة الارضية.
اصبح هناك شهداء لموجات الجفاف والسيول المتعاقبة يزيد عددهم عن شهداء الحروب والعمليات الارهابية، فى ظل غياب قانون دولى لتعويض ضحايا البيئة والتغيرات المناخية ممن يقومون بتلويثها.
الدكتور محمود محيى الدين نائب رئيس البنك الدولى دق ناقوس الخطر من خلال تأكيده ان الوضع البيئى العالمى فى 2022 هو فى درجة اسوءا مما كان عليه فى 2015، واننا اصبحنا اكثر بعدا عن تحقيق الاهداف الاممية للتنمية. 165 مليون نسمة انضمت لقائمة الاكثر فقرا على مستوى العالم خلال السبع سنوات الماضية. السيد احمد ابو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية اشار الى اهمية الادارة المتكاملة والنظرة الشاملة بدلا من الحلول القطاعية المنعزلة.
وركز الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى فى كلمته على نصيب الفرد من المياه فى مصر والذى وصل الى 560 مترا فى السنة، مقتربا من نصف النصيب العالمى المتعارف عليه والبالغ الف متر سنويا. كما اكد عزم الوزارة على استعادة شبكة الرى لوظيفتها الاساسية عبر نقل وتوزيع المياه باقل تكلفة وأعلى كفاءة. وهو ما سيكون احدى ثمار الدليل الارشادى الجارى اعداده لتطوير شبكة الرى.
عرض الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الدخلية «أفكارا جريئة» للتعامل مع مشكلة ندرة الموارد التى تعانى منها الدول العربية، من خلال الزراعة خارج الحدود من خلال اتفاقيات شراكة بين الدول.
دارت مناقشات المؤتمر التى استغرقت 72 ساعة حول ستة محاور ترتبط كلها بتغير المناخ : الموارد المائية وتغير المناخ، التنوع البيولوجي والمحيطات وتغير المناخ، الزراعة والأمن الغذائي، قضايا المناخ التقاطعية والحلول والأدوات، الطاقة وتغير المناخ، النمو المستدام والمدن المستدامة والنقل المستدام والتنقل الإلكتروني
خلصت المناقشات الى مجموعة من التوصيات تمثل رؤوس موضوعات لما سيتم طرحه فى شرم الشيخ مثل: دعم إنشاء “صندوق الأضرار والخسائر” وتمويل مشاريع البنية التحتية للتغلب على مخاطر الجفاف والفيضانات والأمطار في المناطق الأكثر هشاشة، وخاصة في أفريقيا. وتعزيز الحوار حول كيفية استعادة التوازن الهيدرولوجي للأرض من خلال تدابير التخفيف والتكيف مع تغير المناخ. ودراسة الترابط العابر للحدود بين المياه والطاقة والغذاء في المشروعات المقامة على المياه المشتركة بحيث لا يؤثر انتاج الطاقة والغذاء في دولة على الانتاج القائم للغذاء والطاقة في دولة متشاطئة أخرى، لاسيما مع تفاقم آثار التغيرات المناخية على المياه والغذاء.
صاحب المنتدى تقديم جائزة المجلس المجلس العربى لعام 2022، التي تحمل اسم “جوائز المجلس العربي للمياه لأفضل الممارسات في مجال البيئة والتنمية”، مع التركيز بشكل خاص على أفضل ممارسات مكافحة تغير المناخ وآثاره.
تم تقديم خمس جوائز: “المبنى الأخضر” وفاز بها المتحف المصري الكبير.”التكيف مع تغير المناخ / التخفيف من آثار تغير المناخ” وفازت بها محطة بحر البقر لمعالجة وإعادة استخدام المياه. الحد من النفايات وفاز بها د. جمعة علي من مصر. نحو صافي الصفر وفاز بها د. سيد الحسن من الإمارات. “توفير المياه وإعادة استخدامها” وفاز بها د. محمد الحجري من مصر. وقد تم منح شهادتي تقدير تشجيعيتين إضافيتين إلى الدكتورة وسام العيساوي من مصر والمهندس علي عقلان من اليمن ومقيم بهولندا..
كما تضمنت التوصيات عدة دعوات للمجتمع الدولى، تتضمن وضع الإجراءات والقوانين اللازمة لضمان عدم بناء أي سدود على الأنهار العابرة للحدود دون التشاور مع الدول المتشاطئة وإجراء الدراسات المشتركة لتقييم الأثر البيئي لهذه السدود قبل الشروع في البدء أخذاً في الاعتبار سيناريوهات التغيرات المناخية.
كما تمت دعوة المجتمع الدولى الى اتخاذ قرارات بشأن التوصل إلى اتفاقيات بشأن إدارة موارد المياه المشتركة والتي يجب أن تأخذ في الاعتبار توقعات تأثيرات تغير المناخ. مع ضرورة اعتبار التأثير التراكمي لفواقد البخر من خزانات السدود المنشأة على الأنهار المشتركة في ظل درجات الحرارة المتزايدة ونوبات الجفاف المصاحبة للتغيرات المناخية..
وبالرغم من الخبرة السلبية التى نختزنها من سوابق مخاطبة المجتمع الدولى للانتصار للقضايا العادلة، فاننا نأمل ان تجد تلك التوصيات المهمة آذانا صاغية..