د رحاب مسعد تكتب: مضادات الأكسدة الطبيعية كإضافات غذائية في اللحوم ومنتجاتها
باحث- معهد بحوث الصحة الحيوانية-معمل فرعي الإسماعيلية -مركز البحوث الزراعية -مصر
توفير منتجات اللحوم بالأسواق تتميز بخصائص حسية وجودة عالية تلبي حاجة المستهلكين ورغباتهم على اختلاف أذواقهم أصبحت من أولويات مهام المؤسسات الإنتاجية والعلمية القائمين على انتاج الغذاء وتصنيعه وحفظه، والعاملين والباحثين في هذا المضمار.
وقد ساهم حفظ اللحوم ومنتجاتها في جعل الحياة الحديثة أكثر يسرا” ورفاهية. ولكن مقومات الحفظ الجيد للأغذية يستلزم إتباع الاشتراطات الصحية الجيدة لتلك المنتجات ذات الاصل الحيواني لتظل محتفظة بجودتها وسلامتها للاستهلاك طوال فترة صلاحيتها دون التعرض للفساد والتلف.
ولذلك فقد لجأ مصنعي اللحوم ومنتجاتها الي استخدام المواد المضافة للأغذية (Food additives) والتي تعرف على أنّها أي مادة تضاف إلى الغذاء تحفظه من الفساد والتلف كما تجعله محتفظا بخصائصه الحسية المميزة للصنف مما ينعكس علي جودته وسلامته، وأيضا تعرف على انها المواد التي ليست من المكونات الطبيعية للغذاء. وهي موادّ طبيعيّةٌ تُستَخرج من الحيوانات أو النباتات أو قد تكون صناعيّة المنشأ.
ومن الجدير بالذكر أنّ هناك بعض أنواع الاضافات الغذائية التي استُخدمت منذ عدة قرونٍ بهدف حفظ الأغذية مثل: الملح الذي استُخدم في حفظ اللحوم أو الأسماك المجففة. ولكن لا ينبغي إضافة تلك المواد عشوائياً دون مبررٍ أو هدف. وهناك آلاف الأنواع من المضافات لكلٍّ منها دورٌ معيّنٌ في جعل الغذاء أكثر أماناً أو استحساناً. كما انها تضاف في أي مرحلة من الإنتاج.
وتضاف تلك المواد للغذاء لثلاثة أسباب رئيسيةٍ وهي:
- الحفاظ على جودة اللحوم أو تحسين سلامتها: إذ إنّها تُبطئ تلف المنتج بسبب تعرّضه للهواء أو الفطريات أو البكتيريا والسيطرة على التلوث الذي يمكن أن يسبب التسمم الغذائيّ والذي يُعدّ مُهدداً للحياة.
- تحافظ على القيمة الغذائية للحوم أو تحسينها: حيث تُضاف الفيتامينات، والمعادن، والألياف إلى العديد من المنتجات، وذلك لتعزيز جودتها، وتعويض ما فُقِد منها خلال عمليات المعالجة.
- تعمل علي تحسين المذاق والملمس والمظهر: فلكلِّ نوعٍ من الاضافات وظيفةٌ محدّدةٌ كتعزيز نكهة المنتج، أو تحسين لونه وقوامه، وملمسه، والتحكم في حموضته وقلويته.
ويجب التنويه إلى أنّ الاضافات الغذائية المُدعمة لمنتجات اللحوم تكون موضحة بحسب بطاقة المنتجات. ويعتمد حالياً نظام الترقيم الدولي INS حسب ما اقرته هيئة الدستور الغذائي(codex) ، فنلاحظ أن الاضافات الغذائية يشار إليها بالأرقام المرمزة التي توجد على غلاف منتجات اللحوم، وتدل على مواد مضافة (ملونات، مطعمات، مثبتات،…) .
فنجد أن المواد المضافة للأغذية يرمز لها أحياناً بـ (E) وبجانبه رقم (مثلاً. (E100 وذلك لان هذه المواد المضافة إلى المنتج الغذائي تحمل اسماً علمياً طويلاً ومعقداً وقد يختلف اسمها التجاري من بلد لآخر أو قد يكون الاسم العلمي أو التجاري لا يهم الغالبية العظمى من المستهلكين، فمثلاً في أوروبا عملت الدول الأوروبية على توحيد الأنظمة والقوانين بينها.
ولذلك فقد اتفق المختصون في دول الاتحاد الأوروبي على توحيد أسماء المواد التي يصرح بإضافتها للمنتجات الغذائية، ولسهولة التعرف عليها سواء أكانت هذه المواد المضافة مواد طبيعية أم مواد مصنعة، وذلك بوضع حرف (E) ثم يتبعها أرقام معينة تدل علي نوعية المادة المضافة.
ومن الجدير بالذكر ان أنواع الاضافات الغذائية متعددة ومن أهمها مضادات الأكسدة Antioxidants. وتُعرف الأكسدة على أنّها عمليةٌ كيميائيّةٌ تحدث غالباً بسبب تعرّض اللحوم للأكسجين أو الضوء أو الحرارة مما يؤدي إلى التأثير بشكلٍ كبيرٍ في جودة تلك اللحوم وملمسها ومظهرها ورائحتها وقيمتها الغذائية أيضاً، كما قد تُسبب تلك العملية قِصَر مدة صلاحيّتها.
ولذلك حظيت مضادات الاكسدة باهتمام واسع عند المھتمین بصحة الأغذية وسلامتها لانھا تؤخر بدایة التزنخ التأكسدي oxidative rancidity المسؤول عن الطعم والنكھة المتزنخة غیر المرغوب فیھا والتغیر في اللون الذي ینجم عنه فقدان القیمة الغذائیة للحوم وتأثيره على الصحة العامة بتكوين مركبات سمیة.
وتعتبر عملية التزرنخ التي تحدث للزيوت والدهون أهم المشاكل الرئيسية التي تؤثر على جودة وصلاحية اللحوم. فان مضادات الاكسدة تلعب دورا” مهما” في تأخير عمليات الأكسدة التي تحدث للحوم وتمنع حدوث تغيرات حسية بها. وتُستخدم تلك المضادات بشكلٍ خاص لتجنب أكسدة الدهون والمنتجات المحتوية عليها عبر تأخير ظهور المراحل النهائية من عملية الأكسدة أو ما يعرف بالتزنخ الذي تظهر فيه رائحةٌ غريبةٌ ومزعجةٌ، كما تفقد مذاقها.
فان استخدام مضادات الأكسدة يساعد على الحدّ من أكسدة اللحوم ويمنع تعرضها للتزنُّخ لعدة أشهر، دون إحداث خسائر كبيرةٍ في جودتها.
كما أنّ مضادات الأكسدة تساهم في الحفاظ على مذاق ولون اللحوم، كما تحافظ على بعض الفيتامينات، والأحماض الأمينية التي يُمكن أن تُفقد من خلال تعرّضها للهواء كما أنّها تساعد على إطالة مدّة صلاحية الأغذية لذا یتطلب اضافة المواد المضادة للاكسدة لعرقلة او منع اكسدة الجزیئات الحیویة كالدھون والبروتینات والكاربوھیدرات ومنعھا ھدم الفیتامینات ولمنع تكویــن الجـذور الحـرة الناتجة مـن اكســدة الدھون.
هناك نوعان من مضادات الأكسدة وهما: الطبيعية والمُصنّعة.
ومن الأمثلة على مضادات الأكسدة الطبيعية: فيتامين ج ويُرمَز له كمضافٍ غذائيٍّ بالرموز بين (E304-E300) ، التوكوفيرول (Tocopherol) الذي يُشار إليه كمادةٍ مضافةٍ بالرموز بين (E309-E306) بالإضافة أيضاً الي الكاروتينات والمركبات الفينوليّة التي توجد في الفواكه الخضروات الأعشاب والتوابل.
بينما من بین مضادات الاكسدة الصناعية التي تستعمل في نطاق واسع في حفظ الاغذیة: بوتيل هيدروكسي تولوين (Butylated hydroxy Toluene)أو اختصاراً BHT ، ورمزه , E321 وبوتيل هيدروكسي الأنيسول(Butylated hydroxyl Anisol) أو اختصاراً BHA ، ورمزه E320 وتيرشري بيوتايل هيدروكسي كوينون(Tertary Butyl Hydroxy Quinone) واختصارا TBHQ , ولكن قد قید استعمالھا في الانظمة الغذائیة لانتاجھا مواد سمیة. وأيضا تمّ إنتاج أشكال صناعيّة لكلٍ من فيتامين ج والتوكوفيرول تُماثل المضادّات الطبيعيّة في تأثيرها وتركيبها. وهناك أيضاً ما يُعرف بمجموعة الغالاَّت (Gallates) ويُرمز لها بالرموز بين (E312-E310) ، وهي مضادات أكسدةٍ صناعيّةٍ
ولكن حديثا” وبناءا على رغبة المستهلك هناك مطلب عام لاستخدام مضادات الأكسدة الطبيعية باعتبار انها مكونات طبيعية أكثر أماناً وسلامة” مقارنة بنظيرتها الصناعية.
يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ مضادات الأكسدة الطبيعيّة عادةً ما تكون أعلى سعراً مقارنةً مع الصناعيّة وذلك بسبب الحاجة لاستخراجها وتنقيتها من مصادر نباتيّة وبكميّاتٍ كبيرة غالباً، بالإضافة إلى ذلك، يُوصى التنبه عند استخدامها نظراً لتأثيرها في استساغة ورائحة ولون المنتج النهائي.
وعلى الرغم من أنّ فيتامين ج وفيتامين هـ لهما تأثيراتٌ مفيدةٌ في الجسم إلا أنّه تم فرض قيودٍ رسميةٍ على استخدامهما كمضاداتٍ للأكسدة في الموادّ الغذائيّة لان الإفراط في تناول مضادات الأكسدة قد يعزز الضرر التأكسدي بدلاً من منعه وهي ظاهرة تسمى مفارقة مضادات الأكسدة.
أفضل الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة:
- التوت: جميع أنواع التوت وخاصة التوت الأزرق واالفراولة هي مصادر ممتازة لمضادات الأكسدة مثل الأنثوسيانين وحمض الإيلاجيك والكيرسيتين والريسفيراترول.
- الثوم: يحتوي الثوم على مستويات عالية من مركب يسمى الأليسين، المعروف بأنه أحد أقوى مضادات الأكسدة في العالم، بالإضافة إلى الأليل السيستين وثاني كبريتيد الأليل الذي يساعد على تقليل أكسدة البروتين الدهني منخفض الكثافة.
- الخوخ المجفف أو البرقوق المجفف: المركبات الفينولية، وخاصة حمض الكلوروجينيك وحمض الكلوروجينيك.
- الخرشوف (الأرضي شوكي): الأنثوسيانين والفلافونويد والبوليفينول وهي واحدة من أغنى مصادر مضادات الأكسدة بين جميع الخضروات، ويعتبر الخرشوف مصدرا جيدا لفيتامين K والفولات والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم.
- المكسرات: يحتوي الجوز على أعلى نسبة من مضادات الأكسدة، و فيتامينE وهي مضادات الأكسدة القابلة للذوبان في الدهون.
- الخضراوات ذات اللون الأخضر الداكن: مثل البروكلي واللفت والسبانخ والملفوف هي مصادر لحمض ألفا ليبويك وبيتا كاروتين ولوتين وكايمبفيرول وكيرسيتين وسلفورافان.
- الشمندر: يحتوي جذر الشمندر على مستويات عالية من مضادات الأكسدة التي تسمى betalain والتي تعطي الخضار لونها الأحمر الداكن، تقدم هذه المغذيات النباتية فوائد مضادة للأكسدة.
- الفلفل الحلو: الكابسانثين وفيتامينC والفيولاكسانثين واللوتين والكيرسيتين.
- الشاي: يحتوي على واحد من أهم المواد الكيميائية النباتية مثل الأنثوسيانين وهو من مضادات الأكسدة فالشاي الأخضر على وجه الخصوص غني بالمواد الكيميائية النباتية مثل الإبيغالوكاتشين غالات وهو من مضادات الأكسدة القوية جداً.
- البذور: تمتلئ هذه الأطعمة متعددة الاستخدامات بمجموعة متنوعة من مضادات الأكسدة القوية وتعد بذور اليقطين واحدة من أفضل مصادر مضادات الأكسدة مثل الكاروتينات وفيتامين هـ وبالمثل، تحتوي بذور عباد الشمس على كميات كبيرة من السيلينيوم وفيتامين E والزنك
- العنب: الأنواع الداكنة من العنب تحتوي على مواد كيميائية نباتية ومضادات أكسدة. كما ان بذور العنب تحتوي على مضادات الأكسدة القوية مثل الفلافونويد، والميلاتونين، وتحتوي على نسبة عالية من فيتامين هـ وحمض اللينوليك والفلافونويدات والبروسيانيدينات الفينولية. كما يُشتق من بذور العنب التي يتم استخلاصها وتجفيفها وتنقيتها إنتاج مستخلص غني بمركبات البوليفينول الذي يحتوي أيضًا على خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للميكروبات.
مما سبق نستطيع القول ان الغالبية العظمي من الشركات والمؤسسات المنتجة للأغذية المصنعة تتجه نحو استخدام إضافات غذائية طبيعية بديلا عن الإضافات الكيميائية التي كانت تستخدم في السابق، والتي تعتبر اهم احتياج للمستهلك وذلك بكونها امنة في الاستخدام ولا تشكل خطورة على صحة المستهلك.