د عاطف كامل يكتب: إختفاء ذكور السلاحف لهذه الأسباب
>> بسبب تغير المناخ ذكور السلاحف ستندثر بحلول 2100 ولن يبقى منها سوى الأناث
خبير دولي في الحياة البرية – مصر
لا تقتصر التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على ذوبان الجليد فقط، بل تتعداه إلى التسبب في حدوث تغييرات في النظام البيئي أيضا؛ حيث توصلت دراسة حديثة إلى أن تغييرات كبيرة ستحدث في جنس أنواع السلاحف، وأنه بحلول عام 2100 قد تصل نسبة المواليد بين السلاحف إلى 93% من الإناث مقابل 7% من الذكور.
وترجع الدراسة، التي أجراها باحثون بجامعة “إكستر” البريطانية ومركز العلوم البحرية والبيئية في البرتغال؛ هذا التغير في نوعية المواليد إلى التغيرات المناخية والارتفاع المتزايد في درجات الحرارة.
ووفق الدراسة، التي نشرت في مجلة “غلوبال تشينج بيولوجي” في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن المعدل الحالي للمواليد في السلاحف الخضراء يصل إلى 52% من الإناث، مقابل 48% من الذكور. وتعد السلاحف الخضراء نوعا ضمن سبعة أنواع أخرى من السلاحف البحرية تشمل السلاحف جلدية الظهر، وسلحفاة لوغرهيد، وسلحفاة منقار الصقر، وسلحفاة كيمب ريدلي، وسلحفاة ريدلي الزيتونية، وسلحفاة فلاتباك.
ووفق نتائج الدراسة الحالية ونتيجة درجات حرارة “المميتة”، فإن نسبة التغير في النوع ستؤدي في البداية إلى زيادة في نسبة تعشيش الإناث، وهو ما سيؤدي إلى زيادة عدد السلاحف الإناث، قبل حدوث انخفاض في الأعداد بشكل عام مع اقتراب درجات الحرارة من المستويات المميتة أثناء عملية فقس الأفراخ، وعندما تقترب درجات حرارة أعشاش بيض السلاحف من المستويات المميتة، فإنها ستتوقف عن النمو وتبدأ أعدادها في الانخفاض وهذا يؤكد سيناريو الانبعاثات المنخفضة وآثاها الضارة على تلك الزواحف.
وحذرت دراسة أخرى جديدة من أن السلاحف ذات الرأس الكبير المولودة في منطقة تكاثر في جزر “الرأس الأخضر” ستكون جميعها من الإناث بسبب تغير المناخ.
وقال باحثون من جامعة إكسيتر البريطانية إنه حتى في ظل سيناريو انخفاض الانبعاثات، فإن نسبة تبلغ 99.86% من المواليد ستكون إناثاً بحلول عام 2100.وإذا استمرّ معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع بلاهوادة، فإن أكثر من 90% من بيض السلاحف سيمرّ بفترة التحضين في الأعشاش في “درجات حرارة عالية إلى حد يجعلها مميتة”، ما يؤدي إلى موت الصغار قبل عملية التفقيس.
ويُذكر أن دولة الرأس الأخضر تحتضن إحدى أكبر مجموعات تعشيش السلاحف الضخمة الرأس حول العالم، إذ يوجد فيها نحو 15% من إجمالي التعشيش العالمي. إذ تحدد درجة حرارة الأعشاش جنس السلحفاة، وتصبّ درجات الحرارة العالية في صالح الإناث.
وتأمل العلماء في توقعات ارتفاع درجة الحرارة الصادرة عن “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” IPCCلعام 2100 وهي تشمل ثلاثة سيناريوهات، المنخفض 1.8 درجة مئوية، والمتوسط 2.8 درجة مئوية، والعالي 3.4 درجات مئوية. إذ تشكل الإناث 84 % من صغار السلاحف في الرأس الأخضر حالياً،
ووفقاً لدراسة نشرت في مجلة “مارين إيكولوجي بروغرس سيريس” المعنية بالأحياء البحرية، تاكيدأً أن درجات الحرارة المرتفعة تتسبب في زيادة أعداد الإناث بشكل كبير.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة لوسي هوكس من جامعة إكستر إنه “في ظل سيناريوهات تغير المناخ الثلاثة المُشار إليها في الدراسة، ستكون أكثر من 99% من السلاحف اليافعة من الإناث بحلول عام 2100، وفي حالة اثنين من السيناريوهات، انبعاثات الكربون المتوسطة والعالية، لن يكون ثمة ذكور على الإطلاق”.
وأضافت أيضا الباحثة الرئيسة كلير تانر، “دُهشنا لأن لسيناريو الانبعاثات المنخفضة آثاراً ضارة على تلك الزواحف. ما يدل على أن الوقت قد حان للعمل على مواجهة التغير المناخي، قبل أن يفوت الأوان للتصدي للتوقعات الواردة في الدراسة”. إذ تعتمد التوقعات بشأن أعداد الذكور والإناث على طريقة التعشيش الراهنة لدى السلاحف،
ويقول الباحثون إن بإمكان السلحفاة الضخمة الرأس بإمكانها أن تتكيف مع ارتفاع الحرارة عِبر التعشيش في وقت مبكر من العام حينما يكون الطقس أكثر برودة. نظرياً، تصبّ عملية الانتقاء الطبيعي في صالح تلك السلاحف، ولكن من المرجح أن سرعة تغير المناخ ستحول دون تمكّنها من التطوّر بالسرعة المطلوبة كي تصبح قادرة على عملية التكيف. وقال العلماء إن السلاحف قد تستفيد من نواحي محددة، من بينها ظل الأشجار، قد توفر لها ظروفاً أكثر برودة قليلاً.
ولما كان العمر الذي يبقى ذكور السلاحف خلاله قادرين على الانجاب غير معروف، لذا قد يستمرّ الذكور الأكبر سناً في التكاثر بعد سنوات من توقف الذكور الجدد عن التفقيس، على الرغم من أنه في مرحلة ما من المرجح أن تختفي الذكور تماماً.
أظهرت أيضا بحوث تم أجراها في العام الماضي “الصندوق العالمي للطبيعة” (WWF) في أستراليا أن أكثر من 99% من السلاحف الخضراء التي ولدت في أجزاء من “الحاجز المرجاني العظيم” كانت من الإناث. وحذرت تلك الدراسات من أن أعداد السلاحف ستواجه “تأنيثاً تاماً” في المستقبل القريب. هكذا وجد العلماء على بعض الشواطئ الشمالية، بالقرب من “الحاجز المرجاني العظيم” في أستراليا، أن السلاحف اليافعة كلها من الإناث فعلياً، وأن الأخيرة تشكِّل أكثر من 85 % من السلاحف البالغة.