د هالة خليل تكتب: كيفية تكوين الأغشية الحيوية أو البيوفيلم في الجسم الحي

باحث أول – تخصص بكتريولوجي -معهد بحوث صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية – مصر

البكتريا التي لها القدرة علي تكوين الأغشية الحيوية (البيوفيلم) منتشرة بشكل كبير في البيئة وتشكل الأمراض التي تسببها البيوفيلم بكتريا تحديات صحية خطيرة للمملكة الحيوانية ، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية عالية في صناعة الثروة الحيوانية. على مر السنين ، تم إيلاء القليل من الاهتمام للبيوفيلم في الحيوانات وتم توجيه معظم اهتمام الأبحاث نحو الأمراض التي تسببها البيوفيلم بكتريا في الأنسان.

يتمثل التحدي الأكبر الذي يمثله الأغشية الحيوية او البيوفيلم في قدرته المذهلة على مقاومة معظم المضادات الحيوية الموجودة حاليًا. يمكن إزالة الغموض عن هذا اللغز بشكل أفضل من خلال فهم آلية استشعار النصاب quorum sensing)) الذي ينظم الفيزيولوجيا المرضية للغشاء الحيوي.

تعد القدرة على تكوين الأغشية الحيوية في مجموعة متنوعة من الأسطح غير الحية مثل الأسطح الملامسة للأغذية الحيوانية مسؤولة عن مجموعة من أمراض الأغشية الحيوية التي تصيب الحيوانات والبشر. لابد من تسليط الضوء على بعض تحديات بكتريا البيوفيلم في الثروة الحيوانية والصناعات الغذائية.

هناك أمثلة قليلة على عدوى الأغشية الحيوية الحيوانية الشائعة ؛مثل جرح مزمن ناتج عن إصابة عضة كلب. يرتبط استمرار الجرح المزمن بعد إصابة عضة كلب بالتأثير الممرض للعديد من البيوفيلم بكتريا في تجويف الفم للكلب. مثال آخر هو التهاب الضرع في الأبقار التي تسببه الاستفيلوكوكس. وكذلك التهاب الجهازالتنفسي في الطيور والمجترات التي تسببه الباستريلا ملتوسيدا  و التهاب العقد اللمفية في الأغنام والجاموس  التي تسببها ال  Coryenobacterium pseudotuberculosis .

مراحل تكوين البيوفيلم:

المرحلة الاولي

هي تكوين فيلم الماتريكس ليسمح للبكتريا بالتعلق وهوسطح معقد يتكون من السكريات والبروتينات السكرية. ويعتبر بمثابة منصة للالتصاق السطحي للميكروبات، وبالتالي ، يُنظر إليه على أنه شرط مسبق لمرحلة التعلق.

يلعب فيلم الماتريكس دورًا رئيسيًا في تعديل الخصائص الفيزيائية والكيميائية للطبقة التحتية ، بالإضافة إلى توفير مصدر مغذٍ مركز وعناصر مهمة.

ومع ذلك ، فإن مكونات الدم والدموع والبول واللعاب والسوائل داخل الأوعية وإفرازات الجهاز التنفسي في الحيوان يمكن أن تساهم أيضًا في تكوين الماتريكس ومساعدة البكتريا علي التعلق وتكوين بيوفيلم. وفي البيئة الطبيعية، لا تلتصق الميكروبات مباشرة بالطبقة التحتية ، بل تلتصق بفيلم من الماتركس معروف بتكوينه على طبقات كثيرة.

المرحلة الثانية

وهي مرحلة حاسمة في تكوين الأغشية الحيوية التي تنطوي على ارتباط أو التصاق البكتريا، وتحدث العملية في خطوتين ، التصاق قابل للانعكاس ولا رجوع فيه. الالتصاق القابل للانعكاس (التعلق) هو ارتباط ضعيف أولي للخلايا الميكروبية على السطح بينما يحدث الالتصاق الذي لا رجعة فيه كالتصاق دائم للكائنات الحية الدقيقة بالسطح.

يحدث الارتباط بشكل عكسي بسبب تأثير القوى الهيدروديناميكية أو قوى التنافر ؛ يمكن أن يكون أيضًا نتيجة الاستجابة لغياب العناصر المغذية. وتلعب الزوائد الخلوية خارج الخلية دورًا حيويًا في التعلق بالسطح الميكروبي. غالبًا ما تستخدم الزوائد الشائعة في التعلق البكتيري بأسطح الأنسجة النباتية والحيوانية pili و fimbriae .

وجد ان التصاق البكتريا يحفز ظهور العديد من الجينات التي تنشط إطلاق الماتريكس خارج الخلية والتطور اللاحق للغشاء الحيوي. وهكذا ، يتطور تكوين الأغشية الحيوية عندما تلتصق البكتيريا بالأسطح في البيئة المائية وتبدأ في إفراز مادة لزجة تشبه الغراء يمكن أن تربطها بمجموعة متنوعة من المواد بما في ذلك المعادن والبلاستيك وجزيئات التربة ومواد الزرع الطبية والأهم من ذلك الحيوان أو الإنسان.

يحدث النمو الميكروبي وتطوير المستعمرات الدقيقة وتجنيد الكائنات الحية الدقيقة الإضافية بعد امتزاز الجزيئات الكبيرة وربط الخلايا الميكروبية بطبقة سفلية. بعد ذلك ، بعد تكون المستعمرة الأولي ، ينمو البيوفيلم من خلال مزيج من انقسام الخلايا والتجنيد. المستعمرات الدقيقة عبارة عن مجتمع عميق من ثلاث إلى خمس طبقات من الخلايا البكتيرية. عندما يحدث ارتباط الكائنات الحية الدقيقة ، تنمو المستعمرة البكتيرية مع إنتاج وتراكم البوليمرات خارج الخلايا.

مرحلة الانفصال أوالتشتت:

يمثل انفصال الخلايا عن مستعمرة الأغشية الحيوية وانتشارها في الوسط المحيط المرحلة النهائية والأساسية في دورة حياة الأغشية الحيوية ؛ هذا يساهم في التشتت البيولوجي ، وبقاء البكتيريا ، وانتقال الأمراض. مثل المراحل الأخرى من تطور الأغشية الحيوية ، يمكن أن يكون التشتت عملية معقدة تتضمن العديد من الإشارات البيئية ونقل الإشارات والمسارات والمؤثرات.

لابد من تسليط الضوء علي البيوفيلم في الطب البيطري والبحث عن آليات افضل في التشخيص والتدابير العلاجية الجديدة الممكنة اللازمة لمكافحة خطر البيوفيلم في الطب البيطري وعمل خطة علاجية ووقائية قوية لمكافحة هذه الآفة.