د عبدالمنعم الياسين يكتب: الإستفادة التصنيعية من حليب الناقة «1-2»
نائب مدير إدارة الثروة الحيوانية – أكساد – جامعة الدول العربية
تساهم الإبل بدور اجتماعي واقتصادي أساسي كونها مرتبطة بعدة أشكال للحياة في المناطق الجافة ونصف الجافة إذ تلبي حاجة الشعوب وتوفر لهم الحليب واللحم ويمكن استخدامها كوسائط للتنقل والأعمال والزراعة ويستفاد أيضاً من وبرها وجلودها في صناعة الألبسة والخيام والأحذية والجلود.
إن حليب الناقة متجانس تتراوح كثافته بين 1.025-1,032 مع ذو طعم حليب النوق حامضي ( تصل حتى6.6)، قليل الحلاوة وأحيانا مالح الطعم. وهذا مرتبط بنموذج المراعي والأعلاف وتوفر ماء الشرب. وان رائحة الحليب مقبولة وتتصف المادة الدسمة بشدة امتصاصها للروائح في الوسط ولذلك يجب تجنب الحلابة في أمكن ملوثة ويجب نقل وحفظ الحليب بعيدا عن الوسط الخارجي. ويتصف بتشكيل الرغوة وعند تبريده فإنها تختفي.
تبين الدراسات حليب النوق تحتوي المكونات نفسها الموجودة في أنواع الحليب الأخرى وأن القيم المتوسطة لحليب النوق فهي كالتالي: المادة الدسمة 3.5%، البروتينات 3.15 %، اللاكتوز 4.4%، الرماد0.8% وهي نسب قريبة من نسب مكونات حليب الأبقار.
من أهم الأحماض الدسمة المشبعة الموجودة في حليب النوق هي حمض بالماتيك وحمض ستياريك أما الأحماض قصيرة السلسلة قليلة الوجود.
ان حليب الناقة أغنى من حليب الأبقار بكل من حمض لينواوليك ولينوبالماتيك. وتشكل الأحماض الدسمة المشبعة في حليب النوق 58% مقابل66% في حليب الأبقار أما الأحماض الدسمة غير المشبعة فتشكل 42% مقابل 34% في حليب الأبقار.
حبيبات المادة الدسمة محاطة بغشاء لونها أبيض بسبب انخفاض المحتوى من بيتا كاروتين ومن طليعة فيتامينA . تتوزع المادة الدسمة في الحليب على شكل حبيبات و عند ترك الحليب تتشكل طبقة من المادة الدسمة على السطح لكن معدل الفرز التلقائي ضعيف بالمقارنة مع حليب الأبقار وذلك بسبب انخفاض محتوى حليب النوق من أجلوتينين التي تدمص على حبيبات المادة الدسمة على درجة حرارة أقل من 8 مْ وتسهل من اقتراب الحبيبات.
في دراسة عن قطر حبيبات المادة الدسمة في حليب النوق بينت أن تعداد الحبيبات ذات القطر الصغير أكثر لدى حليب النوق مقارنة مع حليب الأبقار وهذا ما يفسر انخفاض معدل الفرز التلقائي الناتج مع حليب النوق وأن قطر حبيبات المادة الدسمة يتراوح بين 1,9- µ9بالنسبة لحبيبات المادة الدسمة لحليب النوق والماعز والأغنام مقابل µ6-3 لحبيبات المادة الدسمة في حليب الأبقار.
يمثل محتوى المواد الآزوتية غير البروتينية 5-10% ويعادل ضعف المحتوى في حليب الأبقار ويتميز بقيمته البيولوجية العالية وارتفاع محتواه من الأحماض الآمينية الحرة والنكلوتيدات وطلائع الفيتامينات والببتيدات واليوريا وحمض اليوريك والكرياتين.
تتصف بروتينات حليب النوق بقيمتها الغذائية العالية نظرا لاحتوائها على الأحماض الأمينية الضرورية وبخصائصها التكنولوجية ولذلك فهي تتميز بدور مضاعف كما ونوعاً. إن محتوى حليب النوق من البروتينات قريب من محتوى حليب الأبقار ويشكل حوالي 32غ /الليتر وأن تركيب البروتينات يشابه تركيب بروتينات حليب الأبقار.
تمثل بروتينات المصل18,5-27 % من البروتينات ومن بروتينات المصل :
الفالاكتالبومين و سيروم ألبومين و بروتينات المناعة ولا كتوفيرين و لاكتوبيرواكسيداز و الليزوزيم . وهي مشابهة لبروتينات حليب الأبقار .
أما بالنسبة إلى بيتالاكتوجلوبولين فهو غير موجود أو أنه موجود بكمية قليلة في حليب النوق ويشابه في ذلك حليب المرأة. إن وجود بيتالاكتوجلوبولين في حليب الابقار يحسن من الخصائص الوظيفية للحليب مثل القدرة على تشكيل الرغوة والقدرة المستحلبة أما عدم وجود بيتا لاكتوجلوبولين فإنه يخفض من الخصائص الوظيفية ومع ذلك يمكن الحصول على رغوة ثابتة ومستحلب عند رقم حموضة 7 لبروتينات مصل حليب النوق.
بالنسبة إلى بروتينات المناعة فانها تتصف بفاعلية ضعيفة على البكتريا ولكن فعاليتها مرتفعة على الفيروسات. فيما يتعلق بالبروتيؤز ببتون 5و 8 التي تتصف بخصائص وظيفية هامة لم يتم كشفها في حليب النوق وبالمقابل تم كشف مكون مشابه للبروتيؤز ببتون 3 في حليب الأبقار والذي يتصف بوجود اثنين من الأنماط الوراثية A,B .
وتبين أنه موجود بكمية أعلى من الكمية الموجودة في حليب الأبقار1,1) مقابل0,3 غ / الليتر) على التسلسل ويتصف هذا المكون بفعالية تتميز بتثبيط فعل الليباز التلقائي وتنشيط نمو بكتريا البروبيوتيك.
إن اللاكتوفيرين موجود بكمية 220 مغ/ الليتر وهذه تمثل ضعف الكمية الموجودة في حليب الأبقار. يتصف اللاكتوفيرين بفعالية مثبطة لنمو Salmonella thyphimurium ويزيد أيضا من الثباتية الحرارية
يتصف اللاكتوبيروكسيداز بفعل مبيد للبكتريا السالبة لصبغة غرام وبفعل مثبط للبكتريا الموجبة لصبغة غرام ويعتقد أيضا أنه يثبط الفيروسات والفطور.
فيما يتعلق بالليزوزيم فإنه موجود في حليب النوق بمحتوى مقداره 150 ميكرو غ/ الليتر تعادل ضعف الكمية الموجودة في حليب الأبقار ويتصف بفعل مضاد لـ Salmonella hypericum, Staphylococcus aureus
إن المحتوى من العوامل المثبطة للبكتريا (اللاكتوفيرين واللاكتوبيرواكسيداز والليزوزيم) يسمح في حفظ الحليب لعدة أيام على درجة حرارة مرتفعة نسبياً 25مْ ، أن هذه البروتينات غير حساسة للمعاملة الحرارية التي لا تتجاوز 85 مْ.
ان محتوى حليب الناقة من العناصر المعدنية أقل من محتوى حليب الأبقار ويظهر أيضا أن التوازن الملحي في حليب النوق بين الأشكال الذائبة وغير الذائبة للكالسيوم والفوسفور قريب من حليب الأبقار وأن النسبة المئوية قريبة من 30% من المحتوى الكلي. كما يمتاز حليب النوق بارتفاع معدله من العناصر الصغرى لاسيما النحاس والزنك.
يمتاز حليب الإبل بغنائه النسبي في فيتامين B3(نياسين) وفي فيتامينC ، بالرغم من أن محتواه يتراوح بين 26 و60 مغ/الليتر فإن محتوى حليب النوق يبقى على الأقل حوالي36 مغ/ حيث يشكل معدلا أعلى بثلاث مرات من محتوى حليب الأبقار من فيتامين C والذي لا يتجاوز 22 مغ/ الليتر وتعتبر هذه الخاصية هامة جدا كونها تلبي احتياجات الحوار الصغير وكذلك احتياجات الفرد في المجتمعات المحلية وخاصة أن توفر هذا الفيتامين ضمن شروط الحياة محدود.
النوعية الميكروبيولوجية لحليب الناقة:
تكون نوعية حليب النوق جيدة عندما يكون القطيع سليما ولذلك ينصح البعض باستهلاك حليب النوق مباشرة على الحالة الطازجة بدون بسترة وذلك عند مراعاة الشروط الصحية للحلابة.
إن الفعالية المضادة للبكتريا في حليب النوق ناتجة عن وجود البروتينات المشار إليها سابقاً (اللاكتوفيرين، الليزوزيم، اللاكتوبيرواكسيداز) والتي قد تكون مسؤولة عن هذه الحالة. حيث اثبت فعاليتها ضد البكتريا التالية:
(Salmonella typhimurium, Escherichia coli, Staphylococcus aureus) ، من المعروف أن معدل المواد الآزوتية غير البروتينية في حليب النوق أعلى منها في حليب الأبقار مما يسمح للأحياء الدقيقة باستقلابها بسهولة وخاصة بكتريا البروبيوتيك المتطلبة لعوامل النمو. تبين أن حليب النوق يمكن اعتباره وسطا جيدا لنمو مزارع بكتريا البروبيوتيك بشكل طبيعي. إن الفعالية المضادة للبكتريا في حليب النوق ناتجة عن العوامل المشار إليها سابقا اذ تزيد من إمكانية حفظه.
الثباتية الحرارية لحليب الناقة
ان الحليب المسخن على درجة حرارة أعلى من 100مْ يكون غير ثابت على كل أرقام الحموضةpH المدروسة بين 6.3 و6.9 . أما في درجة الحرارة 95-85مْ تبقى ثباتية الحليب مستقرة بين6.3 و6.7 ثم تزداد الثباتية تدريجيا مع ارتفاع رقم الحموضة.
يحدد رقم الحموضة للحليب الثباتية الحرارية وبالتالي من الصعوبة تعقيم الحليب ويعود ذلك إلى الأسباب التالية:
1-ارتفاع معدل الكالسيوم الذائب بالمقارنة مع حليب الأبقار . فعند ارتفاع درجة الحرارة يتبدل التوازن الملحي باتجاه الطور الغروي مما يساهم في ترسب الكازئين.
2-انخفاض نسبة الكازئين بالنسبة إلى الآزوت الكلي (67,7%) يضاف إلى ذلك انخفاض نسبة الكازئين كابا والذي تصل نسبته إلى5% من الكازئين الكلي.
3- انخفاض بيتا لاكتوجلوبولين حليب الابل
4-انخفاض درجة الإماهة وارتفاع قطر جسيمة الكازئين .
الخصائص التكنولوجية لحليب الناقة
إن الخصائص التصنيعية لحليب النوق وتحويله إلى منتجات لبنية تكون محدودة خاصة تحويل الحليب إلى الأجبان والزبدة . فقد اجريت العديد من الأبحاث والدراسات للتغلب على الصعاب في تحويل حليب النوق إلى منتجات لبنية وذلك بتطبيق بعض التغيرات قي التقنيات التصنيعية مثل:
- تصنيع بودرة الحليب.
- تصنيع الزبدة: يتم فصل القشدة من حليب النوق من خلال رفع درجة الحموضة اذ يحسن من عملية الفرز وحتى الفرز التلقائي ، ويفضل استخدام الفرازة بدلاً من طريقة الفرز التلقائي نظرا لصغر حجم حبيبات المادة الدسمة وانخفاض محتوى الحليب من اجلوتينين وزيادة سماكة الغشاء
- تقليديا لم تصنع الزبدة من حليب النوق نظرا لصعوبة تطبيق تقنية تصنيعها من حليب الابقار لارتفاع نقطة الانصهار حيث تصل إلى 42-43مْ ولذلك من الصعوبة تطبيق الخض في درجة حرارة 10-14مْ لارتفاع نسبة الاحماض الدسمة طويلة السلسلة.
- يمكن تصنيع الزبدة عند تطبيق الخض في درجة حرارة 22-23 مْ ويصل معدل استعادة المادة الدسمة إلى 80% ويمكن استعادة 85% من المادة الدسمة عند تطبيق الخض في درجة حرارة 25مْ وتتصف الزبدة بلزوجة مرتفعة ولون أبيض بالمقارنة مع زبدة حليب الأبقار ويجدر الإشارة إلى استخدام زبدة حليب النوق في بعض المجالات الطبية.
- ويمكن تصنيع السمن من زبدة حليب النوق بالتسخين التدريجي بعد إضافة 3% من الملح مع التحريك وفق درجات الحرارة المناسبة والمتدرجة من 45مْ وحتى115مْ وتتم تصفية السمن وتعبئتها.
تصنيع الأجبان.
لقد صنعت بعض نماذج الأجبان من حليب النوق في كل من تونس وكينيا ، وذلك بتطبيق التخثر الحراري للبروتينات وأن الأجبان الناتجة طازجة وتستهلك مباشرة أو بعد التجفيف الطبيعي أو بعد إضافة الملح ، ثم صنعت الاجبان القاسية في كينيا والمملكة العربية السعودية ، ولكن خصوصية مكونات حليب الناقة لا تسمح بسهولة في تحويله إلى الأجبان بسبب انخفاض نسبة الكازئين كابا К وارتفاع حجم جسيمات الكازئين وصغر حجم حبيبات المادة الدسمة. ووجود نظام مثبط ومضاد للبكتريا.
من الممكن تحقيق تخثر لحليب الناقة بإضافة كلوريد الكالسيوم أو بإضافة أنواع الحليب الأخرى كحليب الأبقار والماعز والجاموس والأغنام مع الاستخدام المتوازن من بادئ بكتريا حمض اللبن و يمكن استخدام أنزيمات مخثرة أخرى بديلة لمنفحة العجول الصغيرة مثل ببسين الأبقار أو منفحة الجمال .
إذ يمكن تصنيع الأجبان الطرية باستخدام حليب النوق لوحده أو بخلطه مع حليب الأغنام أو بخلطه مع حليب الأبقار.
صناعة اللبن الخاثر والألبان المتخثرة:
تتصف خثرة حليب النوق بأنها ضعيفة طرية مفتتة ليس لها ويمكن أن يعزى ذلك إلى ارتفاع نسبة بروتينات المصل إلى الكازئين.
- ان غناء حليب النوق بالبروتينات المناعية تحد من فعالية وقدرة البكتريا ومع ذلك لوحظ قدرة بكتريا حمض اللبن في البادئات المستخدمة في النمو ولكن درجة الحموضة الناتجة هي اخفض بالمقارنة مع درجة حموضة اللبن الخاثر المصنع من حليب الابقار.
- هناك إمكانية تصنيع اللبن الخاثر من حليب النوق من خلال إضافة مواد محسنة للقوام مثل النشاء والجيلاتين والبكتين والألجينات والكاراغينات. كما أن خلط حليب النوق مع أنواع الحليب الأخرى (الأبقار، الأغنام، الماعز، الجاموس) يحسن الخصائص التكنولوجية لحليب النوق وهذه الطريقة هي الأبسط .
- ان اللبن الخاثر المصنع من حليب النوق لم يكن مرغوبا إلا بعد ان يتم تعديل محتوى الحليب من المادة الصلبة اللادهنية بإضافة بودرة الحليب او الحليب الفرز البقري بنسبة3-4% مع إضافة السكر بنسبة 6-8%.
تصنيع المثلجات اللبنية من حليب الناقة
تصنع المثلجات من حليب الإبل مع القشدة والسكر 16-14% والمثبت 1% ، وتتصف المثلجات اللبنية الناتجة بالطعم الطازج والمظهر الدهني يضاف إلى ذلك القوام الناعم والانصهار البطيء والنكهة الحقيقية نظراً لخصوصية مادة دسم حليب النوق إذ أن درجة حرارة الانصهار تصل إلى +42 مْ.
أما النوعية الحسية للمثلجات اللبنية المصنعة من حليب النوق والمثلجات المصنعة من حليب الأبقار جيدة ولا توجد فروق معنوية في الطعم والقوام واللون.
الاستعمال في صناعة مواد التجميل.
الجزء الثاني حليب الناقة- الخصائص الطبية لحليب النوق
ماهي الإستفادة التصنيعية من حليب الناقة؟…يكتبها الدكتور عبدالمنعم الياسين «1-2»