عصر الغليان الحراري العالمي للأرض ومواجهة التغيرات المناخية لحفظ البشرية وكوكب الأرض
بقلم الدكتور عاطف كامل – خبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحري- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم
هل بدأ عصر “الغليان العالمي” في الأرض؟
بعد إعلان الأمم المتحدة دخول البشرية في مرحلة “الغليان العالمي”، بالارتفاع القاسي في درجات الحرارة، لم يبقَ وقت يُستهلك في مجرد التحذيرات والتوقعات بالقادم، ولكن يلزم التحرك لكبح سرعة ودرجة الغليان قبل أن يمحو الحياة على الأرض،
الغليان العالمي، مصطلح جديد انتشر خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد حديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن التغيرات المناخية الخطيرة وتأثيرها على الكوكب، قائلًا: “انتهى عصر الاحتباس الحراري.. وحل عصر الغليان العالمي، فالأمر أصبح مُرعب وهذه مجرد البداية”.و قال الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”، في تعليق منه على تسجيل ارتفاع قياسي في درجات الحرارة العالمية، إن “عصر الاحتباس الحراري” انتهى، وبدأ عهد “الغليان الحراري العالمي”.
وجاءت تصريحات غوتيريش – وفق موقع الأمم المتحدة – خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس 27 يوليو الماضي، في مدينة “نيويورك” الأمريكية، للتعليق على تسجيل ارتفاع قياسي في درجات الحرارة العالمية هذا الشهر، وفقًا لتقرير صدر في نفس اليوم عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وبالاشتراك مع خدمة “كوبرنيكوس”، لمراقبة تغير المناخ. وأوضح “غوتيريش” أن “عواقب هذا الارتفاع القياسي في درجات الحرارة “واضحة ومأساوية”، حيث تجرف الأمطار الموسمية الأطفال، وتهرب العائلات من لهيب النيران وينهار العمال بسبب الحر الشديد”.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة هذا الصيف “قاس” بالنسبة لأجزاء شاسعة من أميركا الشمالية وأفريقيا وفي أوروبا، مؤكدا أنها “كارثة” للكوكب بأسره. وأكد بأن هذا الأمر يتسق مع التوقعات والتحذيرات المتكررة، لكن المفاجأة الوحيدة هي وفقًا للأمين العام للأمم المتحدة “سرعة التغير”، مشيرًا إلى أن “تغير المناخ صار هنا”.
وقال “غوتيريش” إنه “لا مزيد من التردد. لا مزيد من الأعذار. لا مزيد من انتظار الآخرين للتحرك أولاً”. وأضاف “بعض التقدم تحقق، لكن هذا الأمر لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية، أو بالسرعة المطلوبة”، مؤكدًا بأن “هناك العديد من الفرص الحاسمة لتحقيق هذا الأمر بما فيها قمة المناخ في أفريقيا وقمة مجموعة العشرين وقمة الأمم المتحدة للمناخ (COP28)”.. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى اتخاذ إجراءات جذرية فورية تتعلق بالتغير المناخي، مؤكداً أن درجات الحرارة المرتفعة بشكل كبير خلال يوليو (تموز) الجاري تشير إلى بدء “عصر الغليان العالمي”. كذلك دعا غوتيريس في تصريحات لإجراءات جذرية فورية، وحث “القادة على القيادة”، قائلا: “لا مزيد من التردد. لا مزيد من الأعذار. لا مزيد من انتظار أن يتحرك الآخرون أولا”. ويؤشر أيضًا على دخول كوكب الأرض مرحلة حرجة ما كشفته دراس إسبانية من أن مياه البحر الأبيض المتوسط تزداد حرارة وملوحة بالتزامن مع الحر الشديد وحرائق الغابات التي تضرب دولا في ضفافه، منها إيطاليا واليونان وسوريا.
وتوصف التغيرات الحادة الحالية بـ”الخطيرة وغير المسبوقة”، وعما ستتسبب فيه السنوات القادمة، وفرص كبحها فيما يلى:
- فيما يتعلق بالارتفاع غير المسبوق لدرجة حرارة مياه البحر المتوسط، يرتبط بالتغيرات المناخية الحادة التي تضرب العالم ككل ولا ينفصل عن هذه التغيرات.
- حركة المياه في دول عديدة بالعالم تأثرت بشكل غير مسبوق بالاحترار العالمي، وهي؛ أي الاحترار العالمي، مرحلة قد نكون تجاوزناها إلى ماهو أصعب، وفق تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بتأكيده دخولنا مرحلة الغليان العالمي.
- الوصول لهذه المرحلة لم يكن مفاجئًا، بل كان متوقعا منذ بداية التحذير من ظاهرة الاحتباس الحراري، والخطر سيتزايد العقود المقبلة 2030 و2040 و2050 مع توقع استمرار ارتفاع الحرار وانخفاض المتساقطات (الأمطار) وتمدد التصحر؛ وهو ما سينعكس على مياه البحار.
بدأ عصر الغليان! الأمم المتحدة تنذر بكارثة في المناخ
- ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات بمقدار درجتين أو ثلاثة له تداعيات كارثية على الحياة البحرية،؛ فهناك أنواع من الأسماك لا تتحمل ارتفاع الحرارة.
- طبيعة المناخ في الفترة من 1950 إلى 2000 تغيرت بشكل جذري بعد عام 2000 وحتى الآن؛ ما يعني أننا وصلنا إلى مرحلة صعبة تدفع للبحث عن حلول ناجزة تصد الخطر القادم.
- التوقعات كانت تشير إلى أنه في عام 2050 لن تزيد درجة الحرارة عن درجة ونصف، ولكن تقارير الأمم المتحدة تتوقع أن نتخطى درجتين؛ ما ستسبب في ظواهر عنيفة.
نحو شرق أوسط أخضر
وعن الحلول الممكنة التي تم وضعها قبل انصهار الحياة في الغليان العالمي :
- ربما يكون تخصيص الرئيس الأميركي، جو بايدن، 50 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ، هو أول خطوات التحرك الفعلي لمواجهة التداعيات الكارثية.
- ومن الحلول، أنه لابد من الاهتمام بإعادة كثافة الأشجار داخل المدن، وتوفير غطاء أخضر، وهذه خطوة مهمة جدا لتخفيف حدة الظواهر الحالية، مع ضرورة تخفيف استخدام الوقود الأحفوري. و نريد أن نصل إلى “شرق أوسط أخضر”، وهذا من أهم المشروعات التي يجب أن تسعى المنطقة إلى تنفيذها؛ لما له من بالغ الأثر في استمرار الحياة على الأرض.
أستخدام أساليب عمرانية تقاوم الحرارة -عصر مناخي جديد
الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن أن “تغير المناخ بداية لعصر مناخي جديد”، محذرا من تواصل الارتفاع القياسي في درجة الحرارة بعد تأكيد علماء المناخ أن شهر يوليو الجاري هو أكثر الأشهر تسجيلا لارتفاع الحرارة في العالم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غوتيريس قوله: “بالنسبة للكوكب بأكمله، فإنها كارثة”، مشيرا الى أنه” باستثناء العصر الجليدي المصغر خلال الأيام المقبلة ، فإن يوليو 2023 سيحطم الأرقام القياسية في جميع المجالات”. ووصف غوتيريش الحرارة المرتفعة في نصف الكرة الأرضية الشمالي بأنها “صيف قاس”، ورأى أن “التأثيرات الشديدة للتغير المناخي تتماشى مع التوقعات والتحذيرات المتكررة من قبل العلماء”، مضيفاً أن “المفاجأة الوحيدة هي سرعة التغيير”. وتابع، “بالنسبة إلى الكوكب بأكمله فإنها كارثة”، مشيراً إلى أنه “باستثناء العصر الجليدي المصغر فإن يوليو 2023 سيحطم الأرقام القياسية في جميع المجالات”.
تداعيات مواجهة التغيرات المناخية
ولا يرى المسؤول الأممي مفاجئة في حدوث تغير المناخ، ولكن “المفاجأة الوحيدة هي سرعة التغيير”، داعيا لوضع حد لاستخدام الوقود الأحفوري، مضيفا: “الهواء غير قابل للتنفس و الحرارة لا تطاق. ومستوى أرباح الوقود الأحفوري وتدهور المناخ غير مقبول”. كما دعا غوتيريش مرة أخرى إلى الألتزام بانقاط التالية:
- اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة العواقب المأسوية”، مشيراً مرة أخرى إلى قطاع الوقود الأحفوري. وأضاف، “الهواء غير قابل للتنفس والحرارة لا تطاق ومستوى أرباح الوقود الأحفوري وتدهور المناخ غير مقبول”.
- حث “القادة على القيادة”، مردفاً “لا مزيد من التردد ولا مزيد من الأعذار ولا مزيد من انتظار أن يتحرك الآخرون أولاً”.
- كما دعا قبيل قمة الطموح المناخي التي ستستضيفها الدول المتقدمة خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، إلى الالتزام بتحقيق حيادية الكربون في أقرب وقت من عام 2040، وللاقتصادات الناشئة في أقرب وقت من عام 2050.
- الدمار الذي بدأته الإنسانية يجب ألا يبعث على اليأس بل العمل”، محذراً من أنه “ولأجل منع أسوأ النتائج فعلى الإنسانية تحويل عام من الحرارة الملتهبة إلى عام من الطموح الملتهب”.
- دعوة “قادة العالم، لاسيّما دول مجموعة العشرين، لتسريع وتيرة العمل والعدالة المناخيين في مجالات ثلاثة”.
- ضرورة وضع أهداف وطنية جديدة طموحة للحد من الانبعاثات من قبل أعضاء مجموعة العشرين،: “نريد أن تتخذ جميع البلدان إجراءات تتماشى مع ميثاق التضامن المناخي وخطة تسريع العمل المناخي”.
- التشديد أهمية دور الجهات غير الحكومية، حيث دعا “الشركات والمدن، والأقاليم، والمنظمات المالية للمشاركة في قمة الطموح المناخي” و”بخطط انتقال موثوقة تتماشى مع معيار الانبعاثات الصفري للأمم المتحدة”.
- الدعوة للتركيز عليه فهو “التكيف” حيث حث الدول كافة على الاستجابة وحماية شعوبها من “الحرارة الشديدة” وكذا” الفيضانات المميتة والعواصف والجفاف والحرائق المستعرة التي تنجم عن ذلك”. وقال إن “تلك البلدان على الخطوط الأمامية – التي لم تفعل سوى القليل للتسبب في الأزمة ولديها أقل الموارد للتعامل معها – يجب أن تحصل على الدعم الذي تحتاجه للقيام بذلك”.
- حان الوقت لحدوث طفرة عالمية في استثمارات التكيف لإنقاذ ملايين الأرواح من “المذبحة المناخية”.
- التركيز على مسألة “التمويل” وأن “الدول المتقدمة ينبغي لها أن تفي بالتزاماتها بتقديم 100 مليار دولار سنويا للدول النامية من أجل الدعم المناخي وتجديد موارد الصندوق الأخضر للمناخ بالكامل”.
حلول مواجهة مخاطر التغيرات المناخية
وأعرب عن قلقه من أن “دولتين فقط حتى الآن من دول مجموعة السبع وهما كندا وألمانيا، قدمتا تعهدات بتجديد موارد الصندوق” داعيًا “الدول على تفعيل صندوق الخسائر والأضرار أثناء قمة المناخ (COP28) المقررة هذا العام في الإمارات العربية المتحدة” قائلا: “لا مزيد من التأخير أو الأعذار”.
– أهمية تصحيح مسار النظام المالي العالمي كي يدعم العمل المناخي المتسارع”، مؤكدًا على ضرورة “أن نحول سنة حرارة محرقة إلى عام طموح متقد”.
ولفت إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية تجاوز لفترة مؤقتة عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الحقبة الصناعية خلال الأسبوعين الأول والثالث من تموز/يوليو.
-ومنذ مايو الماضي كان المتوسط العالمي لدرجة حرارة سطح البحر بحسب التقرير أعلى بكثير من القيم التي سُجلت سابقًا في نفس الوقت من العام، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الحرارة بصورة استثنائية في يوليو/ تموز. وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالية بنسبة 98 في المائة أن تكون واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة هي الأكثر دفئا على الإطلاق، وأن هناك فرصة بنسبة 66 في المائة لأن تتجاوز الزيادة في درجات الحرارة مقدار 1.5 درجة مئوية مؤقتا فوق متوسط الفترة ما بين عامي 1850-1900 لعام واحد على الأقل من السنوات الخمس القادمة. ولكن المنظمة تؤكد أنه لن يتم تخطي مستوى 1.5 درجة مئوية بشكل دائم، والذي حددته اتفاقية باريس ويؤشر إلى احترار طويل الأمد على مدى سنوات عديدة.