د عبدالسلام منشاوي يكتب: لماذا تعد رية المحاياه «مهمة جدا» لمحصول القمح؟
رئيس بحوث متفرغ – قسم بحوث القمح – معهد المحاصيل الحقلية
رية المحاياة (التشتية) هي الرية الأولى بعد زراعة القمح، ومن أسمها يتضح أهميتها، فهي مهمة جدا للقمح، ويجب العناية بها. فهي من أهم الريات ولها تأثير كبير على الإنتاجية ويرجع ذلك إلى تزامنها مع بداية مرحلة التفريع والتأسيس للمحصول. ويجب العناية الشديدة بها وتكون على الحامي قدر المستطاع وصرف الماء الزائد بعد الري مباشرة، ويضاف معها دفعة السماد الأزوتي المحفزة للتفريع، وتنفذ بعد 20-30 يوم من الزراعة، وتختلف الفترة حسب خصائص الأرض والظروف الجوية.
أهمية رية المحاياة لمحصول القمح
إن تنفيذ العمليات الزراعية بشكل صحيح يعد أهم مقومات نجاح زراعة وإنتاج القمح. وتحديد الوقت الأمثل لعمليات الري والتسميد تكون أكثر فاعلية بربطها بمرحلة النمو وفهم احتياجات المرحلة.
يبدأ إنبات القمح بخروج غمد الريشة من التربة، وظهور الورقة الحقيقية الأولى. ويزداد تكوين الجذور الجنينية، وتبدأ مرحلة البادرة وتستمر حتى ظهور الفرع الأول وهو بداية التفريع.
بداية التفريع هي بداية لمرحلة حرجة جداً ومهمة لمحصول القمح، حيث تساهم الفروع بشكل كبير في إنتاجية الحبوب. ويعتمد نمو القمح وزيادة التفريع على الظروف الجوية وتاريخ الزراعة، وتطول مرحلة التفريع في حالة الظروف المناخية المناسبة. وقد ينتهي القمح المزروع مبكرًا من تكوين الفروع سريعا وفي هذه الحالة يكون القمح قليل التفريع وهذه من مخاطر الزراعة المبكرة.
التفريع في القمح
وفي مرحلة التفريع في القمح يتحتم إضافة دفعات النيتروجين المبكرة لتحسين التفريع والعمل على زيادة الفروع التي ستكون السنابل لاحقاً. وتزداد أهمية السماد في حالة الكثافات الخفيفة وقلة الإنبات، حيث يمكن تشجيع التفريع من خلال زيادة سماد النيتروجين المضاف.
ويعتمد زيادة التفريع وكثرة عدد الأفرع على تاريخ الزراعة ومعدل التقاوي وخصوبة التربة ودرجات الحرارة المنخفضة وتوافر الرطوبة. فنلاحظ أن كل العوامل المذكورة أصبحت مع بداية مرحلة التفريع غير متحكم فيها ما عدا الري والتسميد، ومن هنا تظهر أهمية رية المحاياه التي تنشط وتزيد قدرة النبات على التفريع. وكل فرع يتم إنتاجه يمثل إضافة لنبات القمح ويعطي سنبلة وينعكس على الإنتاجية النهائية.
وتستمر مرحلة التفريع إلى أن تتوقف نقاط نمو البراعم والفروع الرئيسية عن بدء تكوين أوراق جديدة وتبدأ في إنتاج أعضاء تكاثرية (السنبلة). وتصل بادئات السنبلة إلى مرحلة الأخاديد أو القمم المزدوجة (Double Ridge) وبذلك تنتهي فترة النمو الخضري وتكوين الأوراق والفروع وبداية فترة النمو الثمري (تكوين الأزهار).
الري والأسمدة والقمح
تزداد أهمية الري لضرورة إضافة السماد مع ري القمح، كما أن كفاءة السماد تعتمد على الري، فكلما كان الري معتدلا وجيدا مع صرف الماء الزائد كانت كفاءة السماد في أعلى درجاتها، وحينما يكون هناك تغريق وإسراف في الري وسوء الصرف، تكون كفاءة السماد منخفضة جدا.
وبالنظر إلى مراحل نمو نبات القمح نجد أن مرحلة التفريع تبدأ بعد اكتمال الورقة الثالثة، والتي غالباً ما تكون بعد16-20 يوم من الزراعة. وتستمر حتى ينتهي تكوين السنيبلات عند مرحلة السنيبلات الطرفية (Terminal Spikelet) عند 35-45 يوم من الزراعة وقد تزيد أو تنقص قليلا حسب عوامل عدة، ومروراً قبل ذلك بمرحلة الأخاديد أو القمم المزدوجة (Double Ridge).
الفترة الحرجة في زراعة القمح
وبناء على ما سبق نلاحظ أن الفترة من 20-45 يوم من الزراعة هي مرحلة حرجة جدا ومهمة للنبات عند زراعة القمح، حيث أنها مرحلة التأسيس وبناء المجموع الخضري من أوراق وفروع والتي ستمثل عدد السنابل لاحقا، ويتكون فيها عدد السنيبلات والأزهار التي يعتمد عليها عدد حبوب السنبلة لاحقاً. وتمثل عدد السنابل وعدد السنيبلات السعة التخزينية للنبات وهما أهم مكونين من مكونات المحصول في القمح.
ولما كان توافر العناصر الغذائية والمياه هي من أهم العوامل التي تنشط وتزيد التفريع. فتأخير رية المحاياه عن اللازم يعرض النبات لإجهاد العطش وفي نفس الوقت نقص السماد الأزوتي في الفترة التي يكون النبات في أمس الحاجة إليه. وبالتالي فإن تأخير رية المحاياه يؤثر تأثيرا كبير على الإنتاجية.
ولابد من إضافة جرعة سماديه مناسبة مع هذه الرية حسب خصوبة الأرض وما إذا تم إضافة جرعة تنشيطية سابقاً من عدمه.
وهناك اعتقاد خاطئ بأن تأخير رية المحاياة يشجع ويزيد التفريع وهذا خطأ 100%. حيث يكون النبات في مرحلة التفريع وإنتاج الأشطاء (الخلفات) وتكوين السنيبلات كما وضحنا سابقاً، والتي بدورها تحتاج إلى مدخلات أكثر من الماء والسماد.
ويستند هذا الاعتقاد على اللون الأخضر الداكن للنبات مع العلم أن المظهر الأخضر الداكن للنبات ليس مظهراً صحياً للنبات ولكنه يدل على أن النبات يعاني من الإجهاد للعطش.
المواعيد المناسبة لرية المحاياة لمحصول القمح
ويجب العناية برية المحاياه في زراعات القمح أكثر في حالة الزراعة الحراتي وعدم تأخيرها، حيث تتشرب الأرض كميات كبيرة من المياه في هذه الرية بالتحديد.
وفي حالة تأخير الري وزيادة كمية المياه وعدم الصرف الجيد تؤثر تأثير سيء على حالة النباتات وتظهر على النباتات أعراض اصفرار في النبات نتيجة لاختناق الجذور بسبب تراكم المياه والتي تؤدي إلى توقف عملية الامتصاص للعناصر الغذائية.
المواعيد المناسبة لإضافة الأسمدة لزراعة القمح
ويوصى بإضافة السماد الآزوتى لزراعات القمح على ثلاث دفعات الدفعة الأولى وتسمى تنشيطية وتضاف قبل رية الزراعة مباشرة بمعدل 20%. والدفعة الثانية بمعدل 40% وتضاف قبل رية المحاياة مباشرة والدفعة الثالثة 40% وتضاف قبل الرية الثانية مباشرة.
وفي حالة عدم إضافة الجرعة التنشيطية يضاف السماد على دفعتين الأولى مع رية المحاياه وتمثل 60% والثانية مع الرية التالية لرية المحاياه وتمثل 40%. مع العلم أن إضافة السماد في ميعاد غير مناسب يؤدى إلى عدم تحقيق الاستفادة المثلى. وحدوث الغرق نتيجة التغريق في الري مع الصرف الرديء بأرض ثقيلة القوام يعمل على تقليل كفاءة امتصاص السماد بدرجة كبيرة جدا.
يضاف السماد النيتروجينى بمعدل 75 كجم نيتروجين للفدان وذلك يعادل:3-4 شيكارة يوريا (46% أزوت) أوحوالي 5 شيكارة من نترات النشادر(33.5% آزوت) أو حوالي 7 شيكارة من سلفات النشادر(20.6% أزوت).
وليس المهم في التسميد الكمية المضافة فحسب بل الأهم من ذلك متى وكيف يضاف السماد. فيجب الالتزام بالمواعيد المذكورة ولابد من إضافة السماد قبل الري مباشرة ولا ينصح أطلاقا بإضافته بعد الري.
ومن الملاحظات الهامة قد نجد من يلتزم بعدم تأخير رية المحاياه ويضيف السماد مع الري، ولكنه للأسف لا يعتني بعملية الري والصرف. فتتشبع الأرض بالمياه ولا يتم الصرف الجيد ويحدث تدهور كبير للنبات ويعتقد أن الري هو السبب والواقع أن السبب الرئيسي هو الإهمال. فيجب تنفيذ التوصية كاملة من حيث الميعاد والتسميد والعناية بالري والصرف، بمعني الري على الحامي قدر المستطاع وصرف الماء الزائد بعد الري مباشرة.
وأسأل الله أن يكون موسم خير وبركة على الزراع والوطن
وأقرأ أيضا:
د عبدالسلام منشاوي يكتب: كيف تختار صنف القمح المناسب للزراعة بكل منطقة؟