خبير دولي في مكافحة سوسة النخيل – مصر
يُعتبر النخيل من محاصيل الفاكهة المهمة في الوقت الراهن إذ يتمّ إنتاج نحو 7,4 مليون طن ومعظم الدول المنتجة لتمور موجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحوالي 90% من الإنتاج فى الوطن العربى . تعتبر مصر أكبر الدول المنتجة للتمور في العالم، حيث يصل إنتاجها من التمور إلى نحو 1,7 مليون طن ، وهو ما يُشكّل أكثر من 17% من الإنتاج العالمي للتمور، ولكنّه يُمثّل 3% فقط من صادرات التمور حول العالم،
زادت زراعة النخيل بنسبة أكثر من 100%؛ وذلك منذ عام 1993م حتى الأن، وفي الوقت الحالي تملك مصر حوالي 16 مليون من أشجار النخيل.
وفى الفترة الأخيرة انطلقت عدد من المشاريع القومية التى تهدف الى إضافة الى 5 مليون نخلة جديدة الى العدد الموجود حيث سوف يصل عدد النخيل 21 مليون نخلة فى عام 2022 من مميزات هذه المشاريع ان تعتمد على زراعة الأصناف المطلوبة عالميا لتسويق مثل المجدول والصقيعى والخلاص والعائد منها يفوق 16 مليون نخلة منتجة حاليا.
ويتعرض النخيل للعديد من الآفات الحشرية من اخطرها سوسة النخيل الحمراء، حيث أن الأضرار التي تحدثها هذه الأفة أكثر من الأضرار التي تسببها كل أفات النخيل الأخرى مجتمعة حيث تتغذى اليرقات هذه الحشرة على انسجه النخلة الغضة بشراهة تؤدى فى حالة الإصابات الشديدة الى موت النخلة وتساقطها
تصل الخسائر بهذه الحشرة الى ملايين الدولارات سنويا كما ان خسائر المتوقعة للحشرة سوف تصل الى86 مليون دولار خلال 10 سنوات فى دول الاتحاد الأوربي تقريبا 1,8 مليار جنية رغم الإمكانيات المتاحة وعدد النخيل الذى لا يتعدى ٥% من النخيل الموجود فى الدول العربية .
في مصر في محافظتى الشرقيه والإسماعيلية من عام 1993 الى عام 2000 كان كميات المبيدات التى تم استهلاكها فى عمليات الرش الدورى والحقن الموضعى وصلت الى 161.6 طن فى محافظة الشرقية و 110.8 طن فى محافظة الإسماعلية بمجموع 272.4 طن خلال الثمانى سنوات فقط تتكلف على الأقل أكثر من 25 مليون جنيه مصرى بالإضافة الى مصروفات الرش والآلات والوقود والسيارات والحوافز التى تصل بحجم كلى للحوالي 60 مليون جنيه لعملية المكافحة فقط بدون تكاليف النخيل الذى تم أزالته وزراعه نخيل بديل والفقد في الإنتاج .
بالنسبة لدراسات الخسائر فى دول العربية فأنها تعتبر نادرة وتقريبا غير موجودة وان خسائر سوسة النخيل لو تم حسبها سوف تصل عشرات المليارات لان خسائرها تشمل تكاليف المكافحة التى تعتبر اعلى حشرة فى تكاليف مكافحتها حيث تتطلب عدد كبير من العمالة لفحص والمكافحة والمبيدات والمصائد وزراعة نخيل بديل لنخيل المفقود والخسائر فى الإنتاج لمدة من خمس الى 6 سنوات حتى يعطى النخيل البديل نفس إنتاجية النخيل الذى تم أزالته .
وتقدر خسارة نخلة واحدة مجدول 15 الى 20 الف جنية خاصة ان تكاليف المكافحة المتكاملة لنخله واحدة فى العام وتشمل العمليات الوقائية ( الرش الوقائى مرتين في العام –عمليات الوقائية أثناء التقليم وفصل الفسائل والعلاج اذا حدثت أصابه من ٧٠ الى ٩٠ جنيه ( حوالى ما يقرب من ٣دولار سنويا ) خاصة ان تكاليف سوف تختلف من دوله الى أخرى نتيجة تكاليف العمالة وأسعار المبيدات.
وعلى مستوى عدد النخيل في الوطن العربى لو افترضنا ان عدد النخيل 100 مليون نخله فان تكاليف المكافحة المتكاملة فقط بدون الخسائر الأخرى تم ذكرها سابقا لها تصل الى 400 مليون دولار على اقل تقدير تكاليف مكافحة مكلفة جدا حيث رصدت المملكة العربية السعودية واحد ونصف مليار ريال اى ما يقرب من ١٥ مليار جنية مصرى لمدة خمس سنوات لمكافحة الحشرة.
كما رصدت مصر مبالغ كبيرة مع بداية اكتشاف الحشرة عام 1992 وصلت الى ما يقرب من 10 مليون جنية سنويا لمكافحتها فى أول منطقة تم اكتشاف الإصابة وكان عدد النخيل بها 550 الف نخلة للسيطرة عليها لكن مع انتشار الإصابة فى معظم المحافظات اصبح الأمر يحتاج الى ميزانيه كبيرة صعب توفيرها .
رغم المبالغ المرصودة لمكافحتها إلا انه لم يتم السيطرة عليها بسبب قلة الإمكانيات حيث الميزانية المرصودة لا تتعدى % 5 من ميزانية المطلوبة وكذلك قلة الفاحصين فمثلا تتطلب لكل 6000 نخله فاحص فمثلا في مصر نحتاج حوالى ٣٠٠٠ عامل على الاقل فى مجال المكافحة وهو عدد كبير جدا غير متوفر فى وزارة الزراعة وبالنسبة لدول العربية فأننا نحتاج الى ما لا يقل١١ الف عامل في مجال مكافحة الحشرة
السؤال المهم لماذا تهدد سوسة النخيل الأمن القومى والاقتصادي أولا يعتبر التمر غذاء متكامل ممكن استخدامه منفردا فى وقت الأزمات والحروب .
كما انة اقتصاديا خلال السنوات القادمة سوف يصبح محصول الفاكهة الأول فى مصر ,والدول العربية بعض تأثر محاصيل الفاكهة الرئيسة بالتغيرات المناخية الأخيرة كما اننا لو نظرنا الى المناطق التى يتم بها زراعة النخيل بكثافة سوف نجدها مناطق حدودية فى معظم الدول وفى مصر نجدها سيوة والوادى الجديد والواحات البحرية والفرافرة وأسوان وتوشكى .
%80 من سكان هذه المناطق يعملون فى مهنة النخيل ويمتلكون أعداد كبيرة منهم مزارع سواء كبيرة او صغيرة ولو نظرنا الى طبيعية التربة سنجدها تربة لا يصلح فيها إلا أشجار النخيل أما باقى المحاصيل فان إنتاجها سوف يتأثر سواء بالظروف الجوية أو المياه او طبيعية التربة .
من متطلبات الأمن القومى المحافظة على الحدود ويأتي ذلك من خلال التعمير وأنشاء مجتمعات جديدة وعلينا ان نتخيل لو حدث موت او تؤثر لأشجار النخيل بسبب سوسة النخيل فماذا يعمل هؤلاء فى هذه المناطق الحيوية والحدودية أما ان يتركوا هذه الأماكن ويعيشون فى الدلتا وتزداد كثافة او يتجهوا الى التهريب وأعمال مخالفة لقانون لحصول على سبل العيش وليس ان يكون النخيل فقط مهدد لأمن الاقتصادي والقومى ان يكون في المناطق الحدودية فقط بل في مناطق الحضر فانه يوجد مناطق او دول المحصول رئيسي لها النخيل فعندما يتأثر فانه العاملين به سوف ينافسون العاملين في وظائف الأخرى ويحدث كثير من المشاكل وزيادة الباطلة هل هذا لا يدعني لاهتمام بالنخيل.
لابد من عمل برنامج قومى لمجابهة هذه الأقة يشترك فيه الوزرات المعنية والقطاع الخاص ان يكون هذا البرنامج واضحه له خطه وفترة زمنيه معينه لخفض نسبه معينه من الإصابة وان تكون الميزانية متوفرة ليكون مدة مثلا خمس سنوات يستمر ولا يتأثر بتغير مسئول او وزير .
أولى خطوات هذه البرنامج هو ,إصدار مجموعة من التشريعات القوية وتنفذ ويتبنى وزراء الزراعة هذه التشريعات حيث تضمن محافظه على المناطق غير المصابة بأنشاء نقاط حجر زراعى وإصدار تشريعات بتداول الفسائل والغرامات على المزارع المهملة والفحص الدوري المنتظم والعمليات الوقائية وتوقيتاتها والتخلص من النخيل المصاب بشدة والمكافحة العلاجية وعمل لجان تفتيش على النخيل وفرض مخالفات على المزارعين الذين لا يقوموا بالإبلاغ عن إصابات الدرجة الثالثة ( شديدة الإصابة ) والتدريب والإرشاد وعمل الحقول الإرشادية لما لها من آثار فعالة ومؤكدة فى الإرشاد والتعليم للمزارعين.
من الضروري تدريب المزارعين سواء في مناطق المصابة وغير المصابة لتوعيه المزارعين بخطورة الأفة ومعرفه اعرض الإصابة حيث اذا اكتشفت بها يكون في بدايتها سهل استئصالها وعمل نقاط اتصال بين المزارعين والوزارة وتوفير المبيدات الموصي بها بسعر التكلفة وشراء أجهزة مكافحة أو تأجيرها للمزارعين بأسعار منخفضة من خلال الجمعيات الزراعية.
ضرورة إنشاء صندوق لمكافحة سوسة النخيل الحمراء تكون حصيلته من المخالفات الزراعية التى يتم فرضها على المزارع المهملة ورسوم إصدار شهادات خلو الفسائل والنخيل من سوسة النخيل الحمراء و المخالفات الزراعية التى تفرض على انتقال الفسائل بدون تصريح لمكافحة سوسة النخيل الحمراء تكون متاحه لمعالجة النخيل والسماح للشركات الخاصة بممارسة عمليات المكافحة للآفة.
ما زالنا نملك الوقت لمحافظة على المناطق والزراعات الجديدة و المناطق الخالية من السوسة من خلال إصدار التشريعات وتطبيقها يمكن محافظه على هذه الأماكن حيث معظم الدول مازال بها أماكن خاليه من سوسة النخيل الحمراء بالتالى يكون هدفنا الأول المحافظة عليها في النهاية يجب تجميع كل الجهود لمكافحة الحشرة وتكون برامج واضحه محددة الأهداف والاهتمام بالبحث العلمي لتطوير طرق الاكتشاف المبكر والطرق الموجودة حاليا وتطوير مركبات المستخدمة .