د محمد مصباح يكتب: لماذا لم نقضي علي مرض البروسيلا؟
المدير الفني لمعهد بحوث الصحة الحيوانية المنصورة – مركز البحوث الزراعية – مصر
سؤال قد يصفه الكثير من المتخصصين في الإنتاج الحيواني بأنه قذف جبهة لأن هذا هو لب الموضوع فمرض البروسيلا ليس مرض حديث العهد أو مستجد علي الساحة المرضية و لكنه منذ قديم الأزل قد يرجع إلي عصر الفراعنة إلي 750 سنة قبل الميلاد حيث وجد أثار للمشاكل الثانوية التي تسببها البروسيلا في بقايا عظم بعض الممياوات.
التاريخ الوبائي لمرض البروسيلا
وتم اكتشاف الميكروب المسبب للمرض تحديدا في عام 1887 في جزيرة مالطة بواسطة العالم الفيزيائي البريطاني ديفيد بروس من بين الإصابات و الوفيات التي كانت بين جنود وضباط الجيش البريطاني آن ذاك نتيجة شرب ألبان الماعز المصابة بالمرض.
و علي أرض مصر تم تأكيد المرض لأول مرة بين الماشية في مصر و أفريقيا و الوطن العربي بواسطة العالم المصري أ.د. أحمد فريد أستاذ الميكروبيولوجي بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة و انطلق قطار الباحثين في كل شبر علي أرض مصر ليدرس و يبحث ويقرر كل التفاصيل العلمية عن المرض و أزهلت نتائج الباحثيين المصريين العالم أجمع.
فقد تم لأول مرة في العالم عزل البروسيلا من القطط عام 2016 في معهد بحوث الصحة الحيوانية إذا بعد كل هذه الدراسات و الأبحاث هل هناك من تخلص من هذا المرض سواء مزارع او بلدان و لماذا استمر مسلسل الإصابات في بلدان و قطعان آخرى.
خطورة مرض البروسيلا
دعونا نؤكد قبل الحديث عن المعوقات للتخلص من المرض أن البروسيلا من أخطر الأمراض الإرهابية التي تهدد ثروتنا الحيوانية و التي تتمثل في الإجهاضات و الالتهابات الرحمية و انخفاض انتاج اللبن و التخلص من الحيوانات المصابة بالذبح و ليتها تقف عند هذا الحد بل استمر إرهاب هذا الميكروب اللعين لينتقل بضراوة إلي الإنسان مسببا لهو أعراض الحمى المتموجة والمصاحبة بآلام مبرحة في الظهر و المفاصل.
الاستمرار في التشخيص الخاطيء للمرض عند الإنسان المريض تؤدي إلي مضاعفات خطيره مثل خراريج في الظهر و الخصيتين و ورم في المفاصل و بعض الحالات قد تصل إلي القلب وإصابة الصمامات المختلفة للقلب و قد تستمر المشاكل الثانوية لتصيب المرارة الكبدية و المبايض و العديد من المشاكل الثانوية و تنتقل الإصابة للإنسان بالمخالطة المباشرة مع الإفرازات الرحمية و الأغشية الجنينية و الأجنة المجهضة من الحيوانات المصابة.
الألبان ومصادر إنتشار ميكروب البروسيلا
ولكن لا تنسى أبدا أن الألبان المتداولة من الحيوانات المصابة بشكل غير صحي للإستهلاك الآدمي و بعض منتجاتها مثل القشطة و الزبادي و الجبنة القريش و الآيس الكريم هي من أخطر المصادر لهذا الميكروب اللعين. و بازدياد الحالات البشرية فكن علي يقين أن الإصابات بين الماشية ليست بالهينة.
كيفية السيطرة علي مرض البروسيلا
ومن ثم لحماية صحة الإنسان من هذا العدو اللدود لابد من مقاومة المرض و مكافحته عند منبع ظهوره في الحيوانات المختلفة بإجراء الاختبارات السيرولوجية المختلفة لتحديد الحيوانات المصابة و تطبيق سياسة الفحص و الذبح للتخلص السريع من الحالات الإيجابية و استخدام التحصين المناسب RB51 في الأبقار و الجاموس و Rev-1 في الأغنام و الماعز.
خطورة مرض البروسيلا
وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلي استمرار العدوى و عدم التخلص من مرض البروسيلا:
- عدم الوعي الكامل بالمرض بخطورته و أضراره و كيفية انتشارة و كيفية الحد من انتشاره باستخدام التحصين و تطبيق معايير الآمان الحيوي
- تعدد مصادر العدوي و قدرة الميكروب علي إصابة العديد من الفصائل الحيوانية أبقار, جاموس, غنم, ماعز, جمال, خيول , كلاب , قطط, فئران
- حيوانات الرعي التي تنتقل بسهولة بين القرى و المدن دون أدنى سيطرة علي حركتها و عدم القدرة علي الفحص الكامل و تحديد الحيوانات الإيجابية
- هناك مصادر للعدوى غير تقليدية تساهم بشكل كبير في استمرار العدوى مثل الكلاب و الثعالب
- التلقيح الطبيعي له دور أيضا وخاصة في القري حيث يوجد طلوقة واحد أو اثنين لكل مجموعة قرى حيث يقوم الطلوقة بتلقيح أكثر من حيوان في نفس اليوم
- العدوي المتأخرة (Latent infection) حيث يصاب الجنين في مرحلة العشار و يولد مصاب و لا تظهر عليه أعراض سريرية للمرض و سلبي للفحص السيرولوجي للمرض و لكن عند بلوغ تلك العجلة المصابة لسن النضوج الجنسي ثم يتم التعشير و تصل للشهر الخامس للعشار تبدأ نشاط البروسيلا و قد تسبب الإجهاض و يكون مصدر جديد ومتجدد للعدوى (2 years breakdown syndrome).
- عدم وعي المربيين بكيفية التخلص الآمن لمخالفات الحيوانات المجهضة سواء من أجنة مجهضة أو مشيمة و التطهير الجيد للمكان التي تمت فيه عملية الإجهاض
- عدم وجود التعويض المناسب للمربيين للتخلص من الحيوانات الإيجابية و القيام بعملية الإحلال و التجديد
- عزوف الكثير من المربيين عن القيام بعملية التحصين ضد المرض حيث أن اللقاح المستخدم لقاح حي فالكثير منهم يعتقد أن التحصين الحي مصدر للعدوى و هذا اعتقاد خاطيء
- لابد من التعاون بين الجهات البيطرية المختلفة و تبادل المعلومات والخبرات لوضع الألية التي تناسب كل منطقة في التخلص من المرض