كشف الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري عن مخاطر تأثير التغيرات المناخية علي ارتفاع معدلات الفقر المائي، وإن قضية التغيرات المناخية الناتجة عن إرتفاع درجة الحرارة على المستوى العالمى تعكس تأثيرا سلبيا على قطاع المياه بالعالم ، لافتا لما تواجهه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تحدى كبير في مجال المياه ، حيث إرتفع عدد السكان بهذه المنطقة من ١٠٠ مليون نسمة في عام ١٩٦٠ إلى أكثر من ٤٥٠ مليون نسمة في عام ٢٠١٨ ، ومن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى أكثر من ٧٢٠ مليون نسمة بحلول عام ٢٠٥٠ مما يرفع من الطلب علي المياه وزيادة معدلات العجز في تلبية هذه الإحتياجات .
وأضاف «سويلم»، في كلمته خلال الندوة التى نظمها المركز الاقليمي للتدريب التابع للوزارة ، ومكتب اليونسكو بالقاهرة ، بالتعاون مع البرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي تحت عنوان “التحلية المستدامة ذات الجدوى الإقتصادية بالمنطقة العربية”، إنه نظراً لمحدودية الموارد المائية والزيادة السكانية في مصر تراجع نصيب الفرد من المياه ليقترب من خط الشح المائى ، مع وجود فجوة كبيرة بين الموارد والإحتياجات والتي يتم التعامل معها من خلال مشروعات كبرى لإعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى.
وأوضح وزير الري إن هذه المشروعات تشمل مشروعات محطة الحمام بطاقة ٧.٥٠ مليون م٣/ يوم ، ومحطة بحر البقر بطاقة ٥.٦٠ مليون م٣/ يوم ، ومحطة المحسمة بطاقة ١.٠٠ مليون م٣/ يوم بإجمالى ٤.٧٨ مليار متر مكعب سنوياً – ، بالإضافة لإستيراد منتجات زراعية من الخارج على رأسها القمح الذى تُعد مصر المستور الأكبر له على مستوى العالم .
وأشار «سويلم»، إلي أن ما يقرب من ثلثي سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيش في مناطق تعاني من الإجهاد المائى ، ويتواجد في هذه المنطقة نسبة ١ % فقط من المياه العذبة المتجددة على كوكب الأرض مما جعلها المنطقة الأكثر إجهاداً مائياً في العالم ، حيث يوجد في المنطقة ١٤ دولة من أصل ١٧ دولة تعاني من إجهاد مائي على مستوى العالم بما في ذلك البلدان الستة الأولى .
وأوضح وزير الري، إنه أمام هذه التحديات ونظرا لأن قطاع الزراعة يعتبر المستهلك الأكبر للموارد المائية بنسبة (٧٠ – ٨٠%) فى دول المنطقة العربية والشرق الاوسط ، وبنسبة تصل إلى ٧٥% فى مصر تبرز أهمية الإعتماد مستقبلاً على تحلية المياه للإنتاج الكثيف للغذاء ، وهو ما يتطلب التوسع فى البحث العلمى للوصول لتقنيات مناسبة وذات جدوى إقتصادية فى هذا المجال سواء من خلال الباحثين المتخصصين أو شباب الباحثين الواعدين من طلبة مدارس المتفوقين STEM .
ولفت «سويلم»، إلي أنه عند الحديث عن تحلية المياه فإن علينا النظر لعنصر الطاقة الذى يمثل حوالى ٤٠ – ٥٠ % من تكلفة عملية التحلية ، و دراسة سُبل تقليل تكلفة الطاقة وزيادة الإعتماد على الطاقة المتجددة لجعل تحلية المياه لإنتاج الغذاء ذات جدوى إقتصادية ، موضحا أن مصر ومنطقة الشرق الأوسط تُعد من أكثر مناطق العالم من حيث السطوع الشمسى ، وتوفر الرياح بسرعة مرتفعة في بعض أماكن الجمهورية .
وأشار وزير الري، إلي أن هذه الميزة النسبية يُعطى الفرصة لمصر و دول المنطقة للتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة ، بالتزامن مع العمل على تقليل كمية الطاقة المطلوبة للتحلية لتقليل تكلفة التحلية ، موضحا إنه للعمل على تقليل تكلفة التحلية فإن الأمر يتطلب أيضاً الإستمرار في الدراسات الخاصة باستخدام تقنية Fertilizer Drawn Forward Osmosis ، والتي تعتمد على إستخدم محلول من الأسمدة ذو الضغط الإسموزي العالي لإستخراج الماء من المياه المالحة من خلال غشاء نصف نافذ إعتماداً على فرق الضغط الإسموزي .
وشدد «سويلم»، علي أن هذا الأمر يتطلب إختيار المحاصيل المناسبة للزراعة على المياه المحلاة مثل المحاصيل ذات الإنتاجية العالية أو المحاصيل اللى تتحمل درجات متوسطة من الملوحة ، أو إستخدام المياه المحلاة فى تربية الأسماك ثم إستخدام نفس وحدة المياه في الزراعة بالتقنيات المتطورة والتي تُحقق أعلى إنتاجية محصولية لوحدة المياه “تقنية الاكوابونيك” .
ولفت وزير الري، إلي أهمية اختيار الطرق المثلى والمناسبة بيئياً للتعامل مع المياه شديدة الملوحة الناتجة عن عملية التحلية بدلاً من إلقاءها فى البحار والمحيطات أو حقنها بالخزانات الجوفية وذلك بإستخدامها في تربية الروبيان الملحي (الأرتيميا) والطحالب التي تتحمل درجات الملوحة العالية ، مع إستمرار الدراسات البحثية الخاصة بإنتاج الملح الجاف كمنتج ثانوى من عملية التحلية بتكلفة أقل من التقنيات المستخدمة حالياً وبديلاً عن إنتاج المياه شديدة الملوحة .