باحث بكتريولوجي – معهد بحوث الصحة الحيوانية فرع المنصورة- مركز البحوث الزراعية – مصر
تُعتبر صناعة الأسماك في مصر واحدة من أهم مصادر البروتين الحيواني، حيث زاد الاهتمام بها في الآونة الأخيرة بشكل واضح لتعويض النقص المتزايد في المصادر الأخرى للبروتين الحيواني.
تُعتبر الثروة السمكية في جمهورية مصر العربية قطاعًا هامًا في الاقتصاد القومي المصري، حيث بلغ إجمالي الإنتاج حوالي 2 مليون طن، منها 1.6 مليون طن من الاستزراع السمكي و400 ألف طن من المصايد الطبيعية في البحيرات والبحرين ونهر النيل، مما يمثل نسبة اكتفاء ذاتي تبلغ 85٪.
أكثر أنواع الأسماك شيوعًا
يُعَدُّ البلطي من بين أكثر أنواع الأسماك انتشارًا في جمهورية مصر العربية، حيث يُمثِّل حوالي 85% من إنتاج المزارع السمكية. على الرغم من الزيادة المُستمرة في الإنتاج، إلا أننا لم نصل بعد إلى مستوى الاكتفاء الذاتي من إنتاج البلطي. لذا، من الضروري إزالة جميع العوائق التي تحول دون تقدم هذه الصناعة والعمل على زيادة الإنتاج لسد النقص وتوفير بديل فعّال للبروتينات الحيوانية الأخرى.
أسباب تلوّث مياه الأسماك
تنقسم أسباب تلوث مياه البحر إلى مصدرين:
-
المصادر المباشرة
التي تشمل النفايات الصادرة عن المصانع والمصافي ومحطات معالجة النفايات، التي تصبّ سوائل متنوعة في إمدادات المياه.
-
المصادر غير المباشرة
التي تشمل مياه الأمطار والمياه الجوفية التي تحمل بقايا المخلفات الزراعية مثل الأسمدة والمبيدات الصناعية التي تعتمد طرق غير صحيحة للتخلص منها، بالإضافة إلى التلوث الجوي الناتج عن الغازات المنبعثة من السيارات والمصانع والمخابز.
تأثير التلوث على الثروة السمكية وإنتاج الأسماك
تصريف مياه الصرف الصحي في البحار يُعَدّ أحد أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى التلوث. فتسرب كميات قليلة من هذه المياه قد لا يكون خطيرًا فعليًا، بل على العكس يُعتبر مصدرًا للكربون العضوي الذي يُوفّر الغذاء للكائنات البحرية. وعلى الرغم من ذلك، فإن عدم معالجة هذه المياه بشكل كافٍ يُمكن أن يقلل من محتوى الأكسجين في الماء، أو حتى يؤدي إلى نقصه تمامًا، مما يؤدي إلى القضاء على الحياة البحرية. كما يمكن أن يتسبب هذا التلوث في تكوُّن روائح كريهة ويعتبر مصدرًا غير مرغوب فيه لمياه الشرب.
معوقات زيادة إنتاج الأسماك
تعتبر الأمراض البكتيرية من أهم العوامل التي تؤدي إلى النفوق العالي في أسماك المياه العذبة، وخاصة في المزارع السمكية مثل أسماك البلطي. لهذا السبب، زاد التركيز في الفترة الأخيرة على الأبحاث المرتبطة بدور بعض البكتيريا كمسببات للأمراض في أسماك البلطي النيلي. وتُجرى دراسات لفهم دور العوامل البيئية المختلفة وعلاقة هذه البكتيريا بنوعية المياه المستخدمة.
ويمكن تشخيص أمراض الأسماك عن طريق:
- الفحص الظاهري للأسماك المصابة يشمل فحص تاريخ المرض في المزرعة، نوعية الأعلاف المستخدمة، ونوعية المياه المستخدمة في تربية الأسماك.
- الأعراض المرضية يتم تقييمها ووصفها كجزء من الفحص، حيث يتم تحديد وتوثيق الأعراض التي تظهر على الأسماك المصابة.
- الصفات التشريحية الداخلية يجرى فحصها ودراستها، مما يتضمن التحقق من التغيرات التي قد تظهر داخل جسم الأسماك المصابة.
- يتم أيضًا عزل المسبب المرضي البكتيري وتصنيفه بشكل معملي، وذلك من خلال التحليل المخبري والتشخيص لتحديد نوع وطبيعة البكتيريا المسببة للمرض.
- التأكيد النهائي للتشخيص عادة ما يتم من خلال استخدام طرق البيولوجية الجزيئية مثل تقنية PCR (Polymerase Chain Reaction)، والتي تعمل على تكرار الحمض النووي للبكتيريا المسببة للمرض للتأكد من هويتها وتحديدها بدقة.
طرق الوقاية والعلاج لأمراض الأسماك:
القول الشائع بأن “الوقاية خير من العلاج” ينطبق تماماً على أمراض التسمم الدموي البكتيري بين أسماك المزارع السمكية لعدة أسباب:
- العلاج غالبا ما يتم بعد ظهور الأعراض المرضية على الأسماك مما يعنى أن السموم البكتيرية التي تحدث تلف الأنسجة في الأسماك المصابة قد تم إفرازها بنسب عالية.
- العلاج الكيميائي المستخدم عادة ما يتضمن المضادات الحيوية الواسعة النطاق، لكن تأثيره العلاجي غالباً محدود، حيث تكون السموم البكتيرية المفرزة لا تتأثر بالمضادات الحيوية.
- الأسماك المصابة عادة ما تكون فاقدة للشهية ولا تتناول الأعلاف التي تحتوي على المضادات الحيوية التي تستخدم كإضافات أعلاف في العلاج.
- وصول كميات قليلة من المضادات الحيوية المستخدمة للأسماك يمكن أن تؤدي إلى تطوير مقاومة بكتيرية، مما يقلل من فعالية المضادات الحيوية عند إعادة استخدامها.
- المضادات الحيوية قد تكون عوامل مثبطة لجهاز المناعة والصحة العامة للأسماك المصابة، مما يسرع من معدل النفوق ويسبب خسائر اقتصادية بالنسبة للمزارع.
واحدة من أخطر الإصابات البكتيرية في أسماك البلطي هي عدوى السيدوموناس بيوتيدا، وتم دراسة تأثير هذه العدوى على صحة ومناعة الأسماك. لذا، تطور البحث كان ضروريًا لاكتشاف طرق بديلة للوقاية ومكافحة هذه البكتيريا، ومن بين أحدث هذه الطرق هو استخدام مادة ثاني أكسيد التيتانيوم النانو جيل. يتم ذلك باستخدام جزيئات تكنولوجيا النانو، والتي تُعَدّ تطورًا جديدًا وواعدًا في مجال الاستزراع السمكي في مصر.