د غادة عبد الحكيم تكتب: مخاطر العناصر الثقيلة علي جودة الأسماك
باحث بمعهد بحوث الصحة الحيوانية- معمل بيطرى شبين الكوم – مركز البحوث الزراعية -مصر
تعتبر الأسماك ثروة إقتصادية ومصدر غذائي واسع الإنتـشار فـي مختلـف أنحـاء العـالم فهى رخيصة الثمن ذات قيمة غذائية عالية يحتاجهـا الجسم البشري لأنها سهلة الهضم وتحتوي على سعرات حرارية وأحماض دهنيـة مشبعة منخفضة على عكس اللحوم الحمراء والأسماك مصدر ممتاز للبروتين وزيوتها الصحية تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية. ولأن النظام الغذائي الغني بالمأكولات البحرية يحمي القلب ويساعد في نمو الجهاز العصبي.
تظل الأسماك مكوناً مهماً لنظام غذائي صحي. وبعنوان «توجه للسمك» تقول رابطة القلب الأميركيةAHA إنها تنصح بتناول أنواع الأسماك وخاصة الأسماك الدهنية الغنية بدهون أوميغا – 3 ومن أنواع الأسماك الدهنية سمك السلمون والسردين والبلطي وغيرها. إلا أنه بمرور الوقت وزيادة الملوثات أدي ذلك لإصابة الأسماك بالعديد من الأمراض بالإضافه إلى تراكم المعادن الثقيلة في لحوم الأسماك مما يشكل خطرًا علي مستهلكيها.
كما أدى تلوث البيئة على المستوى العالمي إلى تلوث الأسماك بالمواد الضارة بالصحة (مثل المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي) حيث أن مدى تلوث الأسماك في مكان ما يعطي دلالة قاطعة على مدى تلوث البيئة ومنها المعادن الثقيلة وربما يعود سبب التركيزات المتفاوتة للعناصر الثقيلة فى الاسماك إلى العديد من العوامل منها عمليات الأيض في الأسماك ودرجـة تلـوث الماء والرواسب والغذاء المتوفر لهـا فـضلاً عـن عوامـل أخـرى منهـا الملوحـة ودرجـة الحـرارة.
ترجع خطورة المعادن الثقيلة إلى عدم قابليتها للتحلل وتسبب أضرار حادة ومزمنة لمختلف الأحياء المائية ويعتبر إسوداد الغشاء البريتوني في الأسماك أحد الدلائل القوية على تلوث هذه الأسماك بالمعادن الثقيلة ويمكن ملاحظة ذلك عند تنظيف أمعاء الأسماك.
وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالي يزداد تراكم السموم بها.وتعتبر الخياشيم أكثر أعضاء الأسماك تأثراً بملوثات البيئة المائية بسبب تماسها المباشر مع البيئة الخارجية فهى من المناطق النافذة للجسم وتشكل مواقع للتنفس وتنظيم الإسموزية.
كما يعكس تراكم العناصر الثقيلة في أعضاء وعضلات الأسماك مقدار التلوث الحاصل في البيئة المائيـة وبالتالي يجب معرفة أسبابه ومصادره ومـن ثـم مراقبتـه ومنعه.
تنقسم المعادن الثقيلة إلى عناصر أساسية وعناصر غير أساسية فالعناصر الأساسية هامة لعمل الإنزيمات مثل السيلنيوم والحديد والكوبالت والنحاس والمنجنيز والموليبدنيوم والزنك حيث تحتاج الكائنات الحية إلى كميات مختلفة من تلك المعادن الثقيلة لما لها من دور هام في المحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الآيض) بجسم الكائن الحي.
أما العناصر الثقيلة غير الأساسية فهي سامة للخلية ومكوناتها وبإمكانها تدمير مكونات الخلية عند تركيزات منخفضة كما تعود خطورتها الي عدم قابليتها للتحلل بالاضافه الي تراكمها داخل أعضاء الأسماك حيث تمتص هذه العناصر وتجّمُعها داخل أنسجتها وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالي يزداد تراكم السموم بها ومن أخطر هذه المعـادن الثقيلـة التـي تلـوث المـاء وتتركـز بعـد ذلـك فـي الأسـماك الكادميوم والرصاص والزئبق والنحاس والخارصين .
العناصر الثقيلة وتلوث الأسماك
توضح الابحاث انه عند تلوث بيئة السمك بالمعادن الثقيلة ( كادميوم، نحاس، رصاص، زنك) يزداد تركيز هذه المعادن في السمك طبقاً لتركيزها في الماء وحيث وجد أن أعلى تركيزات كانت في الأحشاء ثم الرأس ثم العضلات.
وقد وجد أن تركيزات الكادميوم والنحاس والمنجنيز منخفضة في أنسجة العضلات عنها في أنسجة الكبد والعكس بالنسبة للرصاص والنيكل، يعتبر الكادميوم مـن المعـادن الثقيلـة شـديدة السـمية حتي مع وجوده بأقل تركيز في البيئة المائية وأوصت منظمة الصحة العالمية بأن لا تتعدى نسبة الكادميوم فى الأسماك ومنتجاتها عن ١٠٠ جزء فى البليون.
حيث أن المعادن الثقيلة لها تأثير بالغ الضرر علي فسيولوجية الأنسجه وتغيير الخصائص الحيوية والكيميائية لها بالاضافه الي زيادة الجهد التاكسدى حيث يقوم الكادميوم باطلاق جزيئات الاكسجين الحرة فى الأنسجة بكميات كبيرة كما يقوم بتثبيط للإنزيمات المضادة للأكسدة مما ينتج عنه زيادة فى الجهد التاكسدى فى الانسجه ومن ثم تلفها، وتشير التقارير المتاحة إلى أن الخياشيم والكبد والكلى هي الاكثر تضررا بالكادميوم في الأسماك.
مخاطر الرصاص علي تربية الأسماك
أما الرصاص فإن إرتفاع تركيز الرصاص في البيئة المائية وبالتالي الأحياء المائية ولاسيما الأسماك يـأتي من الأنشطة الصناعية والبشرية ومن أهم مصادر التلوث بالرصاص هى مـصانع البطاريـات والأنابيـب المستخدمة في نقل مياه الشرب وإلقاء بعض المخلفات الصناعية. والتأثيرات السامة التي يُحدثها الرصاص بجسم الإنسان تشمل العديد من الأجهزة مثل الجهاز العصبي والإخراجي الكلوي والجهاز الدوري (الدم) ويمتد التأثير ليشمل الأنشطة الكيميائية الحيوية بالكائنات الحية المتأثرة بالرصاص.
فإن التلوث بالرصاص يؤدى إلى الأنيميا و الهزال و فقدان الشهية وتلون اللثة باللون الأزرق عندما تصل نسبة الرصاص فى الدم إلـى ٦,٠ – ٨,٠ جـزء فـى المليون بينما في الحالات المتقدمة يؤدى إلى الفشل الكلوى وقـد تصـل نسـبه التلـوث فـى الأسـماك إلـى ٢٠٠٠ جـزء فـى المليـون. وتقتـرح منظمـة الصحة العالمية الحد الأقصى المسموح به أن يكـون ٥٠٠ جـزء فـى البليـون فـى الأسـماك غيـر المعلبـة. بينمـا فـى الأسـماك المعلبـة فـى علـب صـفيح فقـد تصـل النسـبة إلـى ١٠٠٠ جـزء فـى البليون، وهذه الزيادة تنتقل من العلبة إلى أنسجة الأسماك
بينما الزئبق هو أكثر المعادن الثقيلة سُمية وهـو مـن السـموم المـؤثرة علـى المـخ والعصـب الشوكى حيث يتم تناول تلك المركبات الزئبقية من خلال الأسماك وبالتالي يدخل إلى السلسلة الغذائية ومن ثم يصل إلى الإنسان. ومن أهم أعراض التسمم والتي تظهر بعد تراكم كميات كبيرة من الزئبق فى الجسم والمخ وهى الإضطراب العصبى و فقدان الذاكرة وقد تصل خطورة الزئبق إلى اختراق الأنسجة الواقية للجنين فى بطن الأم والوصول إلى الجنين وإحداث تلف فى المخ.
وتقتـرح منظمــة الصــحة العالميــة بــأن الحــد الأعلـى المســموح بتواجــده مــن الزئبــق فــى الأسماك هو ٥٠٠ جزء فى البليون والقوانين الغذائية فى معظم الدول حددت نفس النسبة في الأسماك ويعنـى ذلـك عـدم تنـاول أكثـر مـن ٥٠٠ جرام سمك في الأسبوع لو احتوى هذا السمك على الحد الأعلى المسموح به مـن الزئبـق, وقـد وصـلت نسـبة الزئبـق فـى الأسـماك فـى اليابـان مـن ٥٠٠ إلـى ٢٠٠٠٠ جـزء فـي البليـون،
لـذلك نوصي بالكشف عن العناصر الثقيلة عند إستيراد الأسماك من الأماكن الصناعية كاليابان وغرب أوروبا وخاصة أسماك الماكريل والتونة. وكما ذكرنا سالفاً أن تواجد المعادن الثقيلة في الأسماك يعتبر تراكمي وبناء عليه فإن نسبة وجودها في الأسماك كبيرة الحجم والعمر (المصادة) والأسماك اللاحمة أكبر من الأسماك الصغيرة والعشبية والتي يتم تربيتها لفترة قصيرة قبل بيعها كما أنه يمكن معالجتها أيضا بمحاولات رصد وضبط مستوى المعادن الثقيلة في مختلف المصادر المائية و إجراء فحوصات دورية للأسماك للكشف عن وجود المعادن الثقيلة فيها وتجنب تناول الأسماك التي تحتوي على نسبة عالية من المعادن الثقيلة والتي تتميز بلون داكن أو رائحة كريهة.
أصبح الاهتمام بالثروة السمكية مؤخرا مطلبًا أساسيًا وذلك عن طريق رفع مناعتها وتحسين صحتها وزيادة انتاجيتها وذلك من خلال تحسين جودة الأعلاف بأستخدام إضافات مثل السيلينيوم، يعتبر السيلينيوم أحد العناصر الأساسية المهمه للأنسان والحيوان كما يمثل عنصرا أساسيا فى تغذية الأسماك لما له من دور فى الحد من الأضرار التأكسدية التي تتعرض لها الأنسجه نتيجة التسمم بالكادميوم و المعادن الثقيله الأخرى ويلعب دورا هاما فى التخلص منها.
يعتبر استخدام تقنيات النانوتكنولوجي على مجال واسع في العالم على الصعيد التجاري والعلمي والطبي والزراعة والمياه والأدوية. محاولة لتلبية احتياجات العالم على الغذاء والماء والإهتمام بالأمن الغذائي ومحاولة سرعة التشخيص ومحاولة القضاء على التلوث البيئي .
كما أحدثت تكنولوجيا النانو ثورة فى صناعة المصايد والإستزراع المائى باستخدام أدوات جديدة مثل الكشف السريع عن الأمراض وتعزيز قدرة الأسماك على إمتصاص الأدوية مثل الهرمونات واللقاحات والمواد الغذائية بسرعة كما يتم إضافة المغذيات أو الأضافات التى ترفع مناعة الأسماك وتخفف من الإجهاد الواقع على الأسماك إلى المواد العلفية فى صورة نواقل جسيمية نانووية تعمل على الحفاط عليها دون إهدار أى كمية منها .
ويظهر تأثيرها على الأسماك مباشرة للإستفادة من الكمية المضافة كلها دون فقد وبالتالى توفير القيمة الإقتصادية للحصول على منتج أسماك عالى مع تقليل التكلفة الإقتصادية كما أنها تتفاعل بشكل أكثر فعالية مع المواد العضوية وغير العضوية في جسم الحيوان .
ويمكن أن تعبر الأمعاء الدقيقة بسهولة وبتركيز أكبر فى الدم و المخ و الكبد وغيرها من أعضاء الجسم االمختلفة لذلك يتم بذل محاولات عديدة لإنتاج اضافات المغذيات على مستوى النانو وذلك لتلافى التسمم الذى قد ينجم عنها بحجمها الطبيعى كما أن الجزيئات النانوية المغناطيسية توفر طريقةً معتمدةً وفعالةً لإزالة ملوثات المعادن الثقيلة من المياه المستعملة من خلال الإستفادة من أساليب الفصل المغناطيسي وتزيد الجزيئات النانوية من كفاءة القدرة على امتصاص الملوثات بالإضافة إلى أنها بالمقارنة بطرق الترشيب والترشيح التقليدية تعد رخيصة .