الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د علي إسماعيل يكتب: إستراتيجية صناعة الأسمدة وخصوبة التربة لاستدامة التنمية الزراعية

استاذ إدارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية- مصر

اصبحت قضيه الامن الغذائي من أهم القضايا المثارة في عالم اليوم حيث تحتل من الأهمية اعلي درجاتها في ظل تزايد السكان مع نقص الموارد وعدم توظيفها بالشكل المناسب، في ظل ما تواجه الدولة من تحديات مائية وأرضية ترتبط بمستلزمات الأنتاج ومنها الأسمدة والتقاوي وإستصلاح الأراضي وطموحات الدولة المصرية في تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.

ويمر العالم وخاصه الدول النامية بمشاكل نقص الغذاء وعدم توفر الامداد الكافي منه لعدم قدرتها علي الانتاج او عدم قدرتها علي توفير التمويل اللازم لشراء المواد الغذائية لتلبية حاجة السكان وتلازمها ارتفاع اسعار المواد الغذائية الذي يفوق القدرة الشرائية للمواطنين  احيانا مما ادي الي بعض الاضطرابات في بعض الدول والمجاعات في البعض الاخر.

وتعتبر الاراضي الزراعية هي احد اهم مورد طبيعي يساهم في التنمية وتوفير الغذاء  للسكان متي توفرت له عناصر الانتاج الاساسية من المياه الصالحة للري والاسمدة التي توفر القدرة الكافية علي توفير حاجة النبات والمحاصيل النامية من العناصر الغذائية التي يحتاجها النبات والضرورية لنموه .

ومن هنا يظهر امامنا جميعا اهمية الاسمدة كمكون صناعي او طبيعي في الحفاظ علي التربة الزراعية وخصوبتها وقدرتها علي تلبية حاجة النبات والمحاصيل النامية بها وتجديد المستنزف من العناصر الغذائية .

ومن هذا المنطلق اتجهت الدولة المصرية لتوفير هذه الاحتياجات السمادية المتنوعة من العناصر الغذائية وخاصة العناصر الغذائية الكبرى كالأزوت والفوسفور والبوتاسيوم  للتربة المصرية  التي تتواجد في منطقة جافة وقاحلة من العالم والتي تختلف  نسبيا في درجة حموضتها عن معظم الاراضي الافريقية التي يزداد بها المطر  وعمليات الغسيل وانخفاض درجة حموضتها واحتياجها الي عنصر الكالسيوم كمكون اساسي مع مجموعة العناصر الغذائية السابقة .

الوضع الحالي لإنتاج الأسمدة في مصر

ولهذا السبب الاستراتيجي تنوعت الصناعة التعدنية لانتاج الاسمدة باشكالها المختلفة فاصبح لدي الدولة المصري انتاج يصل الي اكثر من 7.5 مليون طن متري( 22,5 مليون طن 15,5%) من الاسمدة النتروجنية بصورها المختلفة  واهمها سماد اليوريا ونترات النشادر و التي يتم تصدير مايقرب من 40% منها للخارج   واكثر من 4.5 مليون طن من الاسمدة الفوسفاتية يمكن تصدير 50 بالمائة منها  الي السوق الخارجي  و ينتج ما يقرب من نصف مليون طن من الاسمدة البوتاسية والتي تمثل جزء من الواردات لعدم كفاية الانتاج المحلي منها  .

ومن هنا  فان خصوبة التربة والمحافظة عليها من التدهور هي امر حيوي  يلزم لها توفير الاسمدة والمخصبات الزراعية وصيانتها وتحسين خوص الصرف بها لتظل عصب التنمية والانتاج والمحافظة عليها كأهم مورد للإنتاج الزراعي علي المدي القصر والبعيد في ظل تغيرات مناخية شديدة يعاني منها العالم في المرحلة الحالية  وتزداد معها مشاكل الغذاء ونقصه وفي بعض الاحيان عدم القدرة علي شراء الغذاء لتلبية حاجة السكان .

مشاكل خصوبة التربة في أفريقيا

وكلنا نعلم  ان قارتنا الافريقية التي نعيش عليها تمتلك مساحات هائلة من الاراضي الزراعية  والتي تبلغ مساحة الاراضي الزراعية بها 630 مليون هكتار ( 21 % من مساحة القارة )  وهي تمثل 25 بالمائة من مساحة الاراضي الزراعية في العالم ولكنها تنتج 10 % من الغذاء العالمي ويعمل 50 بالمائة في النشاط الزراعي بصوره المختلفة  والذي يشكل 30 بالمائة من الناتج المحلي  الاجمالي للقارة ( GDP ) .

الا انها تفتقر للبنية التحية وحسن ادارة الموارد المائية بها لنقص البنية التحتية و تتطلب المحافظة علي خصوبتها من عملية الانجراف  وازالة الطبقات الخصبة مع زيادة وشدة سقوط الامطار وهو ما يعرف بالانجراف والجريان السطحي مما يستدعي معه تضافر الجهود والتعاون المشترك بين الدول الافريقية  لإنتاج الغذاء وتوفيره لشعوب القارة من خلال المحافظة علي التربة الزراعية وصيانتها وتوفير العناصر الغذائية التي تحقق الانتاج الاوفر من المحاصيل الاستراتيجية التي تتطلبها شعوب البلدان الافريقية .

خطة الدولة المصرية لتطوير منظومة إستصلاح الأراضي وتوطين صناعة الأسمدة

ومن هذا المنطلق فان الدولة المصرية  قد تبنت في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي مجموعة من السياسات الزراعية اهما مشروعات استصلاح الاراضي وزيادة الرقعة الزراعية ومشروعات تنمية الموارد المائية ومعالجة مياه الصرف الزراعي لإعادة الاستخدام لهذا المورد في ظل الشح المائي ونقص الموارد المائية بثلاث محطات معالجة للمياه تتجاوز قدرتها 14 مليون متر مكعب / يوم وتحديث منظومة الري الحقلي  هذا بالإضافة الي توطين صناعة الاسمدة المعدنية  لتغطية حاجة البلاد وتوفير جزء منها للتصدير . ومن هنا نستعرض بعض المفاهيم والاجراءات التي تمت خلال العشر سنوات من حكم فخامة السيد الرئيس.

ومن المعلوم ان الزراعة والصناعة هما قاطرة التنمية وأن زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي يتطلب توفير مستلزمات الإنتاج ومن أهم عناصر مستلزمات الإنتاج الزراعي هي الأسمدة والمخصبات الزراعية والتي يوفرها قطاع الصناعة وتولي الدولة اهتماما كبيراً بتوفير الأسمدة بالمواصفات القياسية اللازمة للمحافظة على خصوبة التربة وتوفير احتياجات المحاصيل المختلفة من الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية والبوتاسية.

وقد قامت الدولة بتشجيع العديد من المصانع الاستراتيجية والاستثمارية بهدف توفير هذه الأسمدة لأنها تعتبر من الصناعات الاستراتيجية وتتأثر بالأسعار العالمية وتولي وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي كل الجهد لتوفير هذه الأسمدة للمزارعين فى توقيتات الزراعة وحسب احتياجات المحاصيل.

إستصلاح الأراضي وإحتياجات الأسمدة

الزراعة الحديثة تتطلب كميات زائدة من هذه الأسمدة وخاصة فى الأراضي الجديدة والمستصلحة مما كان له الأثر الأكبر فى زيادة إنتاجية هذه الأراضي وتوفير جزء من احتياجات السكان من الغذاء ولما كانت هذه الأسمدة تخضع للرقابة والتفتيش واتخاذ إجراءات التسجيل قبل التداول فى الأسواق.

قامت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي باتخاذ التدابير والقوانين المنظمة للتسجيل وتداول الأسمدة بالأسواق وتتمتع صناعة الأسمدة بشكل عام بأهمية استراتيجية حيث أن التوسعات الأفقية و الرأسية فى مجال الإنتاج الزراعي امر هام  لتغطية الاحتياجات الغذائية والصناعية للنمو السكانى المتزايد فى مصر والعالم.

الأسمدة المعدنية وإحتياجات الزراعة المصرية

ولقد أصبح استخدام الأسمدة المعدنية أمراً ملحاً وضرورياً للإنتاج الزراعي بجانب الأسمدة العضوية وكذلك للاستفادة من الخامات الأولية المتاحة بالقطر المصري والتي تعاظمت في ضوء اهتمام الدولة لبناء قاعدة صناعية استراتيجية وتعظيم القيمة المضافة للمواد الأولية المتوفرة لديها ومنها صناعة الاسمدة ضمن منظومة البتروكيماويات والعديد من المشروعات الكبيرة التي أنشئت .

ومن هذه المشروعات عدد من المصانع في العين السخنة كمجمع الفوسفات لشركة النصر للكيماويات الوسيطة والبتروكيماويات في الإسكندرية وتوسعات مصانع  موبكو بدمياط والمصرية بالسويس  وابو قير وغيرها من صناعات ومصانع الأسمدة الكبيرة  كمشروعات ضخمة.

وفي المستقبل القريب سوف يتعاظم دور الأسمدة فى المستقبل مدعوم بالزيادة السكانية فى العالم بشكل عام وفى مصر بشكل خاص وأن حجم الطلب المحلي للاستهلاك السنوي من الأسمدة المحلية في تزايد مستمر وتشير الدراسات إلي توقع زيادة الاستهلاك المحلي من الأسمدة حتى عام 2020/2025 ليصل إلى 16.4 مليون طن (بما يعادل  13.8  مليون طن أسمدة نتروجينيه 15,5% و2.6 أسمدة فوسفاتية) في صورها المختلفة

الهدف الاستراتيجي للتنمية الزراعية بمصر هو السعي الي تحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة قائمة علي قطاع زراعي ديناميكي قادر علي النمو السريع المستدام ويعني بوجه خاص بمساعدة الفئات الاكثر احتياجا والحد من الفقر.

الرسالة الهامة  هي تحقيق الامن الغذائي وتحسين مستوي معيشة الافراد والسكان الريفيين علي وجه الخصوص وذلك بالارتقاء بكفاءة الاستخدام المستدام للموارد واستثمار كل مقومات التميز الجغرافي السياسي لمصر من خلال الاستفاده من التميزات الجفرافية والمناخية للاقليم المصري في الانتاج الزراعي المتنوع.

وتم وضع خطة ومجموعة اهداف رئيسية لاستراتيجية التنمية المستدامه حتي 2030 تنحصر بايجاز في الاستخدام المستدام للموارد الزراعية الطبيعية وزيادة الانتاجية الزراعية لوحدتي الارض والمياه وتحقيق اعلي معدلات للأمن الغذائي للسلع الاستراتيجية من خلال المنظومة الزراعية المتكاملة وتدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الاسواق المحلية والدولية وتحسين وتطوير المناخ الاستثماري الزراعي وتحسين ورفع مستوي معيشة السكان الريفين وخفض معدلات الفقر في الريف المصري.

التعديات علي الأراضي الزراعية وخصوبة التربة

ففي مصر نجد ان ظروف الزراعة المصرية وارتفاع معدل المواليد وزيادة النمو السكاني ومحدودية الاراضي الزراعية وتآكلها نتيحة العمران والتعدي علي الاراضي الزراعية في الوادي والدلتا والتي ادي الي تاكل مايقرب من  40 الف فدان سنويا ( 16,8 الف هكتار)  واستقطاع اكثر من 420 الف هكتار خلال 60 سنه مضت من اخصب اراضي مصر  .

كان لزاما علي الدولة ان تتجه لتعويض ما استقطع من الارض الزراعية وكذلك مواجهة النمو السكاني المتزايد فتم وضع الخطة التي تستهدف استصلاح اربعة مليون فدان  يتم اضافتهم الي الرقعة الزراعية لتصل المساحة المنزرعة  حاليا الي 10,3 مليون فدان (4,32 مليون هكتار تساوي مساحة محصولية 18 مليون فدان ( 7.56 مليون هكتار) .

بنهاية الخطة ستصل هذه المساحات الي 5 مليون هكتار في 2025 وهي تحتاج إلى ما يقرب من ٤.٥ مليون طن متري من الأسمدة الآزوتية  وما يقرب من ٢.٥ مليون طن من الأسمدة الفوسفاتية ومليون طن من الأسمدة البوتاسية و وحوالي مليون طن من الأسمدة الورقية للعناصر الصغرى والمخصبات الاحماض الدو بالية وخاصة في الأراضي الجديدة والمستصلحة بما يعزز الأمن الغذائي يؤمن حاجة البلاد من هذه السلعة الاستراتيجية.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى