الأخبارحوارات و مقالات

د جميل زيدان يكتب: دعوة لاستحضار روح الوحدة العربية والإسلامية وحرية العالم إحتفالا بذكرى حرب أكتوبر المجيدة

دكتوراة الفيروسات – جامعة القاهرة
أستاذ الفيروسات والامراض المعدية – المركز القومي للبحوث – مصر

يحتفل الشعب المصري هذه الأيام بذكرى انتصار أكتوبر 1973، وهو حدث تاريخي عظيم يمثل نقطة تحول كبرى في مسيرة النضال الوطني المصري.
لم يكن هذا الانتصار مجرد انتصار عسكري، بل كان تجسيدًا للإيمان بالله والوطن، والتصميم والإصرار على تحرير كل شبر من أرض الوطن، واستعادة كرامته.
كما رسخ العديد من المفاهيم الأساسية التي تركت أثرًا عميقًا في وجدان الأجيال التي عاصرت هذا الحدث وما تلاه من أجيال متعاقبة.
إن استحضار روح أكتوبر هو أمر ضروري في هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر المعاصر، والتي تعتمد على بناء الإنسان المصري باعتباره الركيزة الأساسية لبناء الدولة الحديثة. هذه الرؤية تقوم على أسس الدولة الديمقراطية الحديثة والتي ترتكز على أسس الدين والقيم الاسلامية، كما ترتكز على امتلاك قدرات شاملة في كل المجالات عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا.
واستمرارًا لروح أكتوبر، تسعى الامة المصرية اليوم إلى تعزيز قدراتها العسكرية من خلال تطوير منظومة تدريب متكاملة، وتحديث الأسلحة والتقنيات العسكرية، وتنويع مصادر التسليح.
لكن الأهم من ذلك هو التركيز على بناء الإنسان المصري متمسكا بعقيدة الدينة وايمانا بالقيم الإسلامية الراسخة، الذي يُعد الكنز الحقيقي للوطن. فالدولة تسعى إلى توفير حياة كريمة لجميع أفراد الشعب من خلال تحسين الخدمات الصحية، والتعليمية، والثقافية.

إن استعادة روح أكتوبر تتطلب منا جميعًا العمل الجاد والإصرار على تحقيق الأفضل في كافة المجالات.
في ظل يجب أن نكون ملتزمين بالتخطيط الدقيق والمتقن، ورفع كفاءة الأفراد والمؤسسات، واستغلال الإمكانات المتاحة بشكل مثالي، لضمان مستقبل مشرق لكل أفراد الأمة المصرية
ذكرى حرب أكتوبر المجيدة: دعوة لاستحضار روح الوحدة العربية والإسلامية وحرية العالم

في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، نستذكر حدثًا استثنائيًا جسّد القوة الحقيقية للوحدة العربية والإسلامية، والتضامن بين دول الأمة.
لقد كانت حرب أكتوبر لحظة فاصلة في تاريخنا المعاصر، حيث استطاعت الجيوش العربية، بجهود مشتركة، أن تواجه تحديات جسيمة، وتستعيد جزءًا من الكرامة الوطنية التي حاول العدو النيل منها.
كانت هذه الحرب تجسيدًا لقدرة الأمة العربية والإسلامية على التكاتف، مما أظهر أن إرادة الشعوب ووحدتها تستطيع أن تقلب موازين القوى مهما كانت الصعاب.
استحضار روح أكتوبر: حاجة ملحة للحاضر

استحضار روح أكتوبر اليوم ليس مجرد تذكير بماضٍ مجيد، بل هو دعوة ملحة للاستفادة من دروس تلك الحقبة التاريخية في ظل التحديات الراهنة. نعيش اليوم في عالم مليء بالتوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا تقل خطورة عن تلك التي واجهتها أمتنا خلال حرب أكتوبر.
ومع ذلك، نجد أن الانقسامات السياسية، والخلافات الداخلية، والتشتت الإقليمي تؤثر على قدرتنا كأمة على مواجهة هذه التحديات بفعالية.
هكذا يواجه الجنود في لبنان وفى غزة وقبلها في حرب أكتوبر 73

هكذا يواجه الجنود في لبنان وفي غزة، كما فعلوا سابقًا في حرب أكتوبر 1973، بكل بسالة وشجاعة، متسلحين بإرادة قوية وإيمان عميق بوطنهم وقضيتهم. ما شهدناه في معارك اليوم في غزة ولبنان ليس بعيدًا عما أظهره الجنود المصريون في تلك الحرب المجيدة، حيث تمكن المقاتلون من التصدي لقوى عسكرية متفوقة من حيث العتاد والعدد، لكنهم لم يتراجعوا ولم ينهزموا، بل صنعوا النصر بالإرادة والجرأة.
قصة بطولة المقاتلين المصريين في لواء الصاعقة خلال حرب أكتوبر هي رمز للتضحية والشجاعة التي لم تقتصر على تلك الحقبة، بل تستمر حتى يومنا هذا. فالجنود في غزة ولبنان، كما فعل أبطال الصاعقة، يقفون اليوم في مواجهة قوى عسكرية مجهزة بأحدث التقنيات والمدرعات، متسلحين بالإيمان والدفاع عن الأرض.

وكما فعل جنود الصاعقة في أكتوبر، يستغل المقاتلون في غزة ولبنان تضاريس الأرض ويستخدمون تكتيكات المناورة الذكية ليتغلبوا على عدوهم، رغم عدم التكافؤ في العتاد.

تمامًا كما واجه المقاتل المصري المدرعات الإسرائيلية وأسر قائدها في عملية تكتيكية بارعة، نرى اليوم مقاتلين يستخدمون ذات المهارات والشجاعة لإيقاف تقدم المدرعات والهجمات الجوية والبرية التي تستهدف شعوبهم وأراضيهم. معركة الكرامة لم تنتهِ بعد، وروح أكتوبر لا تزال حية في قلوب الأبطال الذين يواصلون الدفاع عن الحق والحرية، مستلهمين من بطولات الماضي لتصنع حاضرًا ومستقبلاً يليق بالأمة.
إن نجاح أولئك الأبطال، سواء في حرب أكتوبر أو في معارك اليوم، يثبت أن القوة لا تُقاس فقط بالأسلحة، بل بالإرادة والعزيمة والتفاني في أداء الواجب. فكما أثبتت حرب أكتوبر أن التكاتف العربي والشجاعة الفردية قادرة على تغيير مجرى التاريخ، فإن نفس الروح اليوم تلهم المقاتلين في غزة ولبنان لمواصلة نضالهم والدفاع عن حريتهم وكرامتهم.
تحديات الحاضر… غزة ولبنان ومحاولة جر المنطقة إلى حرب شاملة
اليوم، تتعرض غزة ولبنان، وهما جزء من الأمة العربية والإسلامية، لضغوط هائلة من قوى إقليمية ودولية تحاول الانفراد بالقرار السياسي أو التدخل في شؤونهما الداخلية. في ظل هذه الظروف، أصبحت الوحدة العربية والإسلامية ضرورة قصوى، وليست مجرد خيار، إذا كنا نرغب في حماية مصالح شعوبنا وضمان استقلال قرارنا السياسي.
لقد أثبتت حرب أكتوبر أن التكاتف العربي يمكن أن يكون قوة هائلة لمواجهة الأخطار. لكن من دون هذه الوحدة، ستظل الدول العربية والإسلامية عرضة للانقسامات، وستبقى تحت رحمة التأثيرات الخارجية التي تسعى لاستغلال ثرواتنا الطبيعية والتحكم في مساراتنا السياسية.
عندما نتحدث عن الوحدة، لا نقصد فقط التعاون العسكري كما حدث في حرب أكتوبر، بل نهدف إلى تعزيز وحدة الرؤية والموقف السياسي، إلى جانب التنسيق في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

إن بناء رؤية مشتركة يتطلب تجاوز الخلافات الإقليمية الضيقة، والتركيز على المصالح الجماعية التي تخدم شعوب العالم العربي والإسلامي.
دروس الماضي وبناء مستقبل مشترك
واحدة من أهم الدروس التي يجب أن نستخلصها من حرب أكتوبر هي أن الإرادة السياسية العربية عندما تتوحد، تستطيع تحقيق المستحيل.
فقد نجحت القوات المصرية والسورية في استعادة أراضٍ احتلتها إسرائيل، وهذا لم يكن ليتحقق لولا الدعم والتنسيق العربي الإسلامي على أعلى المستويات.
إذا نظرنا إلى الوضع الحالي، سنجد أن التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية تتطلب نوعًا جديدًا من الوحدة.
يجب أن تكون وحدة تتجاوز الأطر العسكرية، لتشمل التعاون الاقتصادي، التنموي، والسياسي.
فدون هذا التعاون، ستظل شعوبنا تواجه مشكلات كبيرة مثل الفقر، البطالة، الإرهاب، والتهديدات الخارجية، دون أن تمتلك الأدوات اللازمة لحلها بشكل فعال.
ما لم نتحد، سينفرد الآخرون بالقرار، وستبقى الأمة تحت رحمة قوى أجنبية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب سيادتنا واستقلالنا.
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى استلهام روح أكتوبر، والعمل على بناء هذه الروح في كافة مجالات الحياة؛ السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية
إن الوحدة الإسلامية تمثل عنصرًا أساسيًا في مواجهة التحديات الراهنة. في وقت تتعرض فيه الأمة الإسلامية لتهديدات متعددة، يجب علينا تعزيز الروابط بين الدول الإسلامية وتقديم الدعم لبعضنا البعض. إن استحضار روح التضامن الإسلامي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تحقيق السلام والاستقرار في العالم الإسلامي.

دعوة لاستنهاض روح أكتوبر

في هذه الذكرى المجيدة، ندعو جميع الدول العربية والإسلامية إلى استنهاض روح أكتوبر. لقد أظهرت لنا تلك الحرب كيف يمكن للتعاون العربي الإسلامي أن يحقق إنجازات عظيمة، وكيف يمكن للوحدة أن تكون الدرع الذي يحمي شعوبنا من التدخلات الخارجية.
اليوم، نحن بحاجة إلى هذا التعاون أكثر من أي وقت مضى.

يجب علينا أن نترك الخلافات والصراعات جانبًا، وأن نعمل على بناء مستقبل مشترك قائم على التضامن والتنسيق.
المرحلة الراهنة تتطلب من قادة الأمة اتخاذ خطوات جادة لتعزيز الوحدة والتعاون على كافة الأصعدة.
هذه الوحدة ليست فقط لتحقيق الأمان لشعوبنا، ولكن أيضًا لنصرة قضايا العدالة والحرية حول العالم.
إن استحضار روح أكتوبر يعني استنهاض القوة الكامنة في شعوبنا ودولنا لمواجهة التحديات بروح من التعاون والتضامن، تمامًا كما فعل أجدادنا في تلك اللحظة التاريخية.
فلنجعل من ذكرى أكتوبر نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل أفضل، تتحد فيه الأمة العربية والإسلامية لمواجهة التحديات بروح واحدة وبهدف واحد: النهوض بأمتنا وحماية مصالح شعوبها، والدفاع عن حرية وكرامة الإنسان في كل مكان.
حرية العالم… رسالة إنسانية
يجب أن نتذكر أيضًا أن انتصار أكتوبر لم يكن فقط من أجل تحرير الأرض، بل كان أيضًا من أجل حرية الشعوب. إن العالم اليوم يحتاج إلى المزيد من التضامن من أجل تحقيق العدالة وحقوق الإنسان.
فكل شعب يسعى للحرية يستحق الدعم، ويتطلب ذلك من الدول العربية والإسلامية أن تكون في طليعة المدافعين عن قضايا الشعوب المظلومة في كل أنحاء العالم.
دعوة للعمل
في هذه ذكرى اكتوبر العظيمة، ينبغي لنا أن نتعهد بالعمل من أجل تعزيز الوحدة العربية والإسلامية، وتقديم الدعم لكل من يسعى للحرية والكرامة. إن تاريخنا مليء بالدروس والعبر، وعلينا أن نستفيد منها لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
فلنجعل من ذكرى حرب أكتوبر دافعًا لنا للعمل بجد لتحقيق الوحدة والتضامن، وليكن نصر أكتوبر رمزًا لحرية الشعوب، واحتفالًا بعزيمتنا في مواجهة التحديات.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى