الأخبار

د سعود شهاب يكتب: جهود مركز «أكساد» في تحسين إنتاجية الذرة البيضاء وتعزيز الأمن الغذائي العربي

خبير الذرة البيضاء (الرفيعة) والدخن- أكساد

تعد الذرة البيضاء (الرفيعة) Sorghum bicolor  أحد محاصيل الحبوب المهمة للأمن الغذائي في العالم، فهي تقع في المرتبة الخامسة من حيث المساحة والإنتاج بعد الذرة الصفراء والقمح والأرز والشعير، تبلغ المساحة المزروعة بها على مستوى العالم نحو 41 مليون هكتار ويقدر الإنتاج بحوالي 60 مليون طن سنوياً وغلّة 1.4 طن/هكتار.

وتعد أمريكا والهند والمكسيك وإثيوبيا والسودان أهم الدول المنتجة للذرة البيضاء، فيما تصل المساحة المزروعة بها في الدول العربية إلى  11 مليون هكتار تنتج 6.5 مليون طن سنوياً، تعد السودان أكثر الدول العربية زراعة للذرة البيضاء بمساحة تصل إلى 10 مليون هكتار تنتج نحو 5 مليون طن سنوياً، تليها اليمن ومصر والصومال.

تشكل الذرة البيضاء غذاءً أساسياً لأكثر من 500 مليون إنسان في 30 دولة آسيوية وأفريقية، وتسهم في توفير الأمن الغذائي في بعض الدول العربية كالسودان والصومال وموريتانيا وغيرها، كما تستخدم على نطاق واسع في تغذية الحيوانات الزراعية والدواجن، لذلك يمكن اعتبارها من المحاصيل الاستراتيجية ذات القيمة النقدية العالية، وهي في الوقت نفسه مادة أولية لبعض الصناعات الغذائية كالنشاء وسكر الدكستروز والكحول، ولابد من التنويه إلى أن المرضى الذين يعانون من عدم تحمل مركبات الغلوتين الروتينية في القمح أصبحوا يعتمدون في غذائهم على خبز الذرة البيضاء نظراً لخلوها من الجلوتين.

الذرة الرفيعة في الدول العربية

تنبع أهمية الذرة البيضاء (الرفيعة) في المنطقة العربية والعالم من كونها محصول تناسب البيئات الزراعية الفقيرة والهشة، تتحمل قلة المطر والحرارة العالية، يمكن زراعتها في مناطق تتلقى معدلات مطرية تبلغ 250 مم/سنة وضمن معدلات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية، وتنمو في الترب الفقيرة والخدمات الزراعية المحدودة.

لذلك لا يمكن الاستغناء عن زراعة الذرة الرفيعة، في هذه الأنظمة الزراعية التي لا يمكن استثمارها زراعياً إلا بمحاصيل شديدة التحمل للظروف البيئية القاسية، وازدادت أهمية هذا المحصول مع التغيرات المناخية التي أصبحت حقيقة واقعة في العالم والمنطقة العربية، وأخذت تؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي العربي.

أولى المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «أكساد» أهمية خاصة لهذا المحصول، ووضع خطة علمية متكاملة لتحسين إنتاجية الذرة البيضاء في وحدة المساحة في الدول العربية، من خلال استنباط أصناف أعلى إنتاجيةً وأكثر تحملاً للتغيرات المناخية وخاصة الحرارة العالية والجفاف وزراعتها في المناطق الزراعية الملائمة بالتعاون والتنسيق مع وزارات الزراعة ومراكز البحوث الزراعية في الدول العربية.

دور «أكساد» في تطوير  تطبيقات بحوث إستنباط أصناف الذرة البيضاء

ويعتمد خبراء «أكساد» العاملين في برنامج تطوير الذرة البيضاء (الرفيعة) على أحدث الأساليب العلمية التطبيقية في استنباط الأصناف وهي:

  • دراسة واختبار الطرز الوراثية للذرة البيضاء التي يحصل عليها أكساد من مراكز بحوث ومنظمات عربية ودولية متخصصة وتحديد إنتاجيتها ومزاياها ومدى تحملها للأمراض والجفاف والحرارة العالية.
  • دراسة المواصفات الوراثية للآباء والأمهات من التراكيب الوراثية للذرة البيضاء التي تستخدم في عمليات التهجين من حيث مكوناتها الإنتاجية وتحملها للإجهادات البيئية المختلفة.
  • تكوين هجن الذرة البيضاء جديدة مختلفة في مواصفاتها الحقلية عن آبائها لانتخاب الأفضل منها والأكثر ملاءمة لظروف الجفاف والحرارة المرتفعة ومقاومتها للأمراض والحشرات.
  • تكوين هجن بطرق وأساليب أكثر تقدماً باستعمال تقنية العقم الذكري الوراثي السيتوبلاسمي تتمتع بقوة الهجين.
  • إجراء الانتخاب من الأجيال الانعزالية باستعمال طريقة انتخاب النسب.
  • التوصل إلى أصناف جيدة الإنتاجية والمواصفات الحقلية سواءً أكانت أصنافاً مفتوحة التلقيح، أو الهجينة.
  • تكوين تجارب خاصة للدراسة الحقلية لأفضل التراكيب الوراثية المنتخبة من الأجيال الانعزالية، لتوزيعها على الدول العربية.
  • إكثار بذور أفضل السلالات وأعلاها إنتاجية.

دور «أكساد» في التحسين الوراثي لأصناف الذرة البيضاء بالدول العربية

ومن الجدير بالذكر أن هذه الأعمال العلمية التطبيقية تنفذ في محطات البحوث الزراعية التابعة للمركز العربي «أكساد» ضمن خطط عمل منهجية منظمة وطويلة الأمد تمتد إلى أكثر من 10 سنوات، وتحتاج إلى خبراء ذوي تكوين أكاديمي عالٍ وخبرة حقلية طويلة ومتميزة.

وكنتيجة لهذه الأعمال والاختبارات والتجارب المخبرية والحقلية التي يجريها برنامج التربية والتحسين الوراثي للذرة البيضاء (الرفيعة) في منظمة المركز العربي «أكساد» يتم سنوياً  استنباط 15 سلالة مبشرة من الذرة البيضاء تتميز بمواصفات إنتاجية وفسيولوجية عالية وخاصة فيما يتعلق بتحمل الجفاف والحرارة المرتفعة وفقر التربة، ويتم إرسالها إلى الدول العربية المهتمة بهذا المحصول كسورية ومصر والسودان والجزائر والسعودية والكويت والعراق وموريتانيا وغيرها بهدف تحديد السلالات الأكثر تفوقاً على الأصناف المحلية المزروعة في الظروف البيئية في الدول العربية واعتمادها كأصنافٍ جديدة مُحسّنة.

استفادت مراكز البحوث الزراعية العربية من هذه التراكيب الوراثية والسلالات في تطوير أصناف حديثة من الذرة البيضاء، وتشير المعطيات إلى تفوق السلالات ACSAD6 ACSAD20, ACSAD14, بمتوسط إنتاجية 5.7-5.4 طن/هكتار مقارنة بالصنف المحلي الذي بلغت إنتاجيته 5.3 طن/هكتار في العراق.

وفي مصر يتم استخدام عدد من السلالات المستنبطة في أكساد لنقل صفة الباكورية في الإنتاج إلى السلالات المصرية، وفي سورية تفوقت السلالات ACSAD57 ACSAD14, ACSAD16, ACSAD46, بمتوسط إنتاجية   5.7-4.4طن/هكتار.

وبناءً على ذلك تم ترشيح 3 سلالات من الذرة البيضاء المستنبطة في برنامج التربية والتحسين الوراثي في منظمة أكساد للاعتماد كأصناف تجارية للزراعة في سورية وهي ACSAD14, ACSAD16 ACSAD46, تتراوح إنتاجيتها 5.2-4.1 طن/هكتار متفوقة بذلك على الصنف المحلي إزرع7 الذي كانت إنتاجيته 3.3 طن/هكتار في التجارب الموسعة المنفذة في حقول المزارعين.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى