د طارق عبدالعليم يكتب: يوم صحة واحد 2024 لحماية الصحة العامة والبيئة

باحث- المعمل المركزي للمبيدات – مركز البحوث الزراعية – مصر

يوم الصحة العالمي، الذي يتم الاحتفال به سنويًا في الثالث من نوفمبر، يؤكد على الروابط الحاسمة بين صحة الإنسان والحيوان والصحة البيئية. تدعو هذه المبادرة، التي تأسست في عام 2016 من قبل لجنة الصحة الواحدة، ومنصة الصحة الواحدة، وفريق مبادرة الصحة الواحدة، إلى اتباع نهج تعاوني ومتعدد القطاعات ومتعدد التخصصات لمعالجة التحديات الصحية على مستوى التفاعل بين الإنسان والحيوان والبيئة.

وفي عام 2024، يحظى يوم الصحة الواحد بأهمية متزايدة، حيث يعالج التحديات الصحية المعقدة التي تضخمت بسبب تغير المناخ، والأمراض المعدية الناشئة، والتدهور البيئي المتزايد.

فهم نهج الصحة الواحدة

ويدرك نهج الصحة الواحدة أن صحة البشر والحيوانات والنظم البيئية مترابطة بشكل عميق. ويسعى إلى تحسين هذا التوازن من خلال استخدام استراتيجية متكاملة وموحدة لمنع وإدارة التهديدات الصحية. تهدف منظمة الصحة العالمية، التي حددتها منظمة الصحة العالمية، إلى تحقيق التوازن المستدام في صحة الناس والحيوانات والنظم البيئية من خلال معالجة ما يلي:

• الأمراض الحيوانية المنشأ: أكثر من 60% من الأمراض المعدية الناشئة يمكن أن تنتشر بين الحيوانات والبشر، مما يسلط الضوء على أهمية مراقبة صحة الحيوان لحماية السكان.
• مقاومة مضادات الميكروبات (AMR): يؤدي سوء استخدام المضادات الحيوية في الطب البشري والزراعة إلى تعزيز سلالات بكتيرية مقاومة، مما يشكل مخاطر شديدة على الصحة العالمية. يعزز نهج One Health الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية عبر القطاعات.
• سلامة وأمن الغذاء: ضمان إمدادات غذائية آمنة وكافية ينطوي على فهم صحة الزراعة، ورعاية الحيوان، والاستدامة البيئية.
• الصحة البيئية: قضايا مثل تغير المناخ والتلوث وفقدان الموائل لها آثار فورية وطويلة الأجل على صحة الإنسان والحيوان
• أهمية يوم صحي واحد

يعزز يوم الصحة الواحد الوعي حول الترابط بين الصحة وضرورة التعاون بين القطاعات. وهي تشجع الخبراء من مختلف المجالات – بما في ذلك الطب والعلوم البيطرية وعلوم البيئة والصحة العامة – على العمل معًا نحو حلول صحية مشتركة. ويتوافق هذا النهج مع فريق الخبراء الرفيع المستوى التابع لمنظمة الصحة العالمية المعني بالصحة الواحدة (O.H HELP )، والذي يعطي الأولوية للسياسات والاستراتيجيات التي تتضمن مبادئ الصحة الواحدة، مما يعزز النهج الشامل للصحة.

التطورات الأخيرة وأهمية صحة واحدة في عام 2024

لقد تم التأكيد على الحاجة إلى نهج الصحة الواحدة من خلال التحديات الصحية العالمية الأخيرة:

• التهديدات الصحية العالمية: كانت جائحة كوفيد-19 مثالًا عميقًا على مرض حيواني المنشأ يتطلب استجابة متعددة التخصصات. وفي الآونة الأخيرة، أظهر انتشار الجدري (جدري القرود سابقا) التهديد المستمر للأمراض الحيوانية المنشأ، حيث أبلغت منظمة الصحة العالمية عن ما يقرب من 19000 حالة و541 حالة وفاة في عام 2024، تؤثر في المقام الأول على المناطق الأفريقية.
• تغير المناخ والصحة: ​​أكد تقرير لانسيت للعد التنازلي لعام 2024 على الآثار الصحية لتغير المناخ. وأدت درجات الحرارة القياسية في عام 2023 إلى ما متوسطه 50 يومًا إضافيًا من أيام الحرارة الخطيرة للشخص الواحد، مما ساهم في انعدام الأمن الغذائي والمخاطر الصحية للفئات السكانية الضعيفة. وتتطلب معالجة هذه التأثيرات اتباع نهج “الصحة الواحدة” الذي يدمج المرونة البيئية في الحلول الصحية

التطورات في مجال السياسات:

قامت منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات بدمج “الصحة الواحدة” بشكل متزايد في السياسات العالمية، من خلال مبادرات مثل فريق الخبراء رفيع المستوى في “الصحة الواحدة” (OHHLEP) الذي يقدم التوجيه بشأن تحديد الأولويات وتصميم استراتيجيات متماسكة لمعالجة التهديدات الصحية.

المبادرات العالمية ودراسات الحالة الخاصة بصحة واحدة في العمل

• التعاون العالمي:

تلتزم خطة العمل المشتركة للصحة الواحدة بتعزيز الصحة الواحدة عبر القطاعات.

وقد جمع مؤتمر الصحة العالمية الواحدة في كيب تاون بجنوب أفريقيا في عام 2024 خبراء لتبادل الأبحاث وحلول السياسات، مما يزيد من تعزيز أهداف الصحة الواحدة.

• دراسات الحالة التوضيحية:

حملات التطعيم: في عام 2023، قامت جامعة أكسفورد ومعهد المصل الهندي بتطوير لقاح الملاريا R21/Matrix-M، مع بدء توزيعه في مايو 2024 في جميع أنحاء أفريقيا. ويهدف هذا اللقاح منخفض التكلفة (أقل من 4 دولارات للجرعة الواحدة) إلى الحد من الملاريا، مما يجسد التعاون بين القطاعات لمعالجة التهديدات التي تهدد الصحة العامة

الاستعداد لمواجهة الأوبئة والأحداث الكبرى: استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 2024، أعطت السلطات الفرنسية الأولوية لإدارة المخاطر الصحية، متوقعة تفشي المرض المحتمل. ويعكس هذا التخطيط مبادئ الصحة الواحدة، مع إدراك الآثار الصحية للتجمعات الجماهيرية على النظم البشرية والبيئية.

فعاليات يوم الصحة 2024

يتميز يوم الصحة الواحد 2024 بمجموعة من الأنشطة في جميع أنحاء العالم، مصممة لإشراك المجتمعات وتعزيز الوعي وتعزيز الحوارات المتعلقة بالسياسات:

• المشاركة المجتمعية: مشاريع مثل ZoNoH (الأمراض الحيوانية المنشأ والمهملة التي تصيب البشر) تشجع الإبداع في “صحة واحدة” من خلال المسابقات الرقمية، مما يزيد الوعي حول الأمراض الحيوانية المنشأ والترابط الصحي.
• حوارات السياسات: يجتمع صناع السياسات والعلماء وخبراء الصحة العامة لمناقشة دمج “صحة واحدة” في السياسات الصحية الوطنية والدولية، وتعزيز النتائج من خلال تعزيز التعاون بين القطاعات.

التحديات في تنفيذ صحة واحدة

في حين تقدم One Health حلولاً واعدة، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تعيق تنفيذها:

• التعاون متعدد التخصصات: غالبًا ما تختلف القطاعات المتنوعة في الأولويات والمنهجيات والمصطلحات، مما يعقد الجهود التعاونية.
• تخصيص الموارد: يتطلب تنفيذ مبادرات “الصحة الواحدة” موارد كبيرة وتنسيقًا كبيرًا بين مختلف الكيانات والحكومات.
• تكامل السياسات: يتطلب دمج “صحة واحدة” في الأطر الصحية الحالية إصلاحًا جوهريًا للسياسات وإرادة سياسية، فضلاً عن التمويل المستمر والدعوة.
• تبادل البيانات وبناء القدرات: تعتمد ممارسات الصحة الواحدة الفعالة على قواعد بيانات قوية وتدريب القوى العاملة عبر المجالات لدعم تبادل المعلومات والتأهب

مستقبل صحة واحدة: الطريق إلى الأمام

على الرغم من التحديات، فإن نهج الصحة الواحدة على وشك أن يصبح جزءًا لا يتجزأ من معالجة الاحتياجات الصحية العالمية المستقبلية:

• التأهب للأوبئة: يمكن لأنظمة تعزيز الصحة الواحدة أن تحسن الاستجابة للجائحة من خلال الكشف المبكر عن الأمراض الحيوانية المنشأ وقدرات الاستجابة السريعة.
• أهداف التنمية المستدامة (SDGs): يؤدي دمج مبادئ الصحة الواحدة في أهداف التنمية المستدامة إلى تعزيز العدالة الصحية والاستدامة البيئية، مما يدفع الجهود نحو نظام صحي عالمي أكثر توازناً ومرونة.
• البحث والابتكار: قد تؤدي الاستثمارات في أبحاث الصحة الواحدة إلى تطورات رائدة في اللقاحات، ومراقبة الأمراض، وإدارة النظام البيئي، مما يعزز الحلول المبتكرة للأزمات الصحية.

تأملات الختام

يعد يوم الصحة 2024 بمثابة تذكير قوي بالروابط الأساسية بين صحة الإنسان والحيوان والصحة البيئية. ومن خلال تبني نهج الصحة الواحدة، تستطيع المجتمعات في جميع أنحاء العالم صياغة استراتيجيات شاملة ومستدامة لمعالجة التهديدات الصحية العالمية وتعزيز كوكب أكثر صحة وقدرة على الصمود. ومع تقدمنا ​​نحو المستقبل، سيكون التفاني المستمر في مبادئ الصحة الواحدة أمرًا حاسمًا في مواجهة التحديات الصحية المتطورة وضمان مستقبل مستدام وصحي للجميع.