تقرير دولي: 14% من العرب يعانون من الجوع وأكثر من 72 مليونا يعانون من إنعدام شديد في الأمن الغذائي
>> النزاعات تتصدر أسباب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في المنطقة و نقص التغذية يقفز لأكثر من 26.4 % بالدول المتأثرة بالنزاعات
أكد تقرير دولي شارك في إعداده 6 منظمات دولية ضمت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا» تفاقم أزمة الجوع في المنطقة العربية وسط تزايد التحديات التي عصفت بالمنطقة خلال عام 2023، وتنذر المؤشرات بمزيد من التدهور في حالة الأمن الغذائي والتغذية بسبب استمرار النزاعات، إضافة إلى موجات الجفاف المتواصلة في مناطق واسعة من المنطقة.
وحذر التقرير، بعنوان «نظرة إقليمية حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا»، من أن المنطقة العربية ما زالت بعيدة كل البعد عن المسار المطلوب لتحقيق أهداف الأمن الغذائي والتغذية المحددة ضمن أهداف التنمية المستدامة 2030، موضحا أن 66.1 مليون شخص أي ما يعادل 14 % من سكان المنطقة العربية يعانون من الجوع.
وأكد التقرير أن الحصول على ما يكفي من الغذاء ما زال بعيد المنال للملايين، حيث يواجه نحو 186.5 مليون شخص – أي 39.4 في المائة من السكان – انعداماً معتدلاً أو شديداً في الأمن الغذائي، بزيادة نسبتها 1.1 في المائة عن العام السابق. والأشد خطورة أن 72.7 مليون شخص يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي.
وأوضحت تحليلات التقرير أن النزاعات تتصدر أسباب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في المنطقة، إلى جانب التحديات الاقتصادية، والتفاوت الكبير في الدخل، والظواهر المناخية المتطرفة، وزاد ارتفاع أسعار الغذاء من حدة الأزمة. ففي عام 2023، قفزت معدلات نقص التغذية في البلدان المتأثرة بالنزاعات إلى 26.4 في المائة، متجاوزة بأربعة أضعاف نسبتها في المناطق المستقرة البالغة 6.6 في المائة.
ما وراء أزمة الجوع
وكشفت تفاصيل التقرير عن أن أكثر من ثلث سكان المنطقة العربية يواجهون صعوبات في توفير الغذاء الصحي بسبب ارتفاع تكاليفه. وتظهر البيانات الجديدة لأسعار الغذاء في عام 2022 أن 151.3 مليون شخص لا يستطيعون تحمل نفقات التغذية الصحية. وتبرز هذه المشكلة بشكل خاص في البلدان التي تشهد نزاعات، حيث يعجز 41.2 في المائة من سكانها عن تبني نمط غذائي صحي.
وبحسب التقرير، تواجه المنطقة العربية 3 مشكلات رئيسية في مجال التغذية مرتبطة بسوء التغذية: تزايد معدلات السمنة بين الأطفال والبالغين، وانتشار الهزال، ونقص المغذيات الأساسية، خاصة معدلات فقر الدم المرتفعة بين النساء.
وعلى الرغم من تراجع نسبة التقزم من 28 في المائة عام 2000 إلى 19.9 في المائة في 2022، لا تزال المنطقة تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق أهدافها التغذوية. كما تفوق نسبة الهزال بين الأطفال المعدل العالمي، حيث تسجل البلدان الفقيرة أعلى النسب بواقع 14.6 في المائة.
وكشف التقرير أن 9.5% من الأطفال دون سن الخامسة قد عانوا من زيادة الوزن في عام 2022، أي ما يقارب ضعف المعدل العالمي. وتمثل هذه النسبة ارتفاعاً بمقدار 8 في المائة منذ عام 2000، مع تسجيل ليبيا وتونس ومصر أعلى المعدلات.
وبلغت نسبة النساء المصابات بفقر الدم في الفئة العمرية 15-49 عاماً 33.2 في المائة في 2019، متجاوزة المعدل العالمي، وترتفع هذه النسبة في البلدان منخفضة الدخل لتصل إلى 43.9 في المائة.
أما معدلات السمنة بين البالغين في الدول العربية فلا تزال مرتفعة بشكل مقلق رغم بعض التحسن، إذ بلغت 32.1 في المائة في 2022، متجاوزة المعدل العالمي بأكثر من الضعف. وسجلت الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع أعلى النسب بواقع 33.8 في المائة، وتتصدر مصر وقطر والكويت قائمة الدول الأكثر تأثراً.
تمويل مبتكر لتحويل النظم الغذائية والزراعية
ويركز تقرير 2024 على موضوع “تمويل تحول النظم الغذائية والزراعية من أجل الأمن الغذائي والتغذية”، مؤكداً ضرورة تبني استراتيجية شاملة لتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة: القضاء على الجوع. ويشدد التقرير على أهمية تحويل وتعزيز النظم الغذائية، ومعالجة التفاوتات، وضمان توفر الغذاء الصحي بأسعار معقولة للجميع.
ودعا تقرير تحت عنوان «نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا 2024» إلى زيادة التمويل وتحسين فعاليته. كما يقترح آليات تمويل مبتكرة مثل الضمانات الرأسمالية، والتمويل القائم على النتائج، والتمويل المناخي، وتبادل الديون، والالتزامات السوقية المسبقة، وحاضنات الابتكار، لسد الفجوة التمويلية. ويؤكد التقرير ضرورة تكييف هذه المقاربات مع قدرات كل بلد المالية، وتنسيق أهداف الأطراف المعنية لحماية النظم الغذائية. كما يدعو إلى تطوير البيئة التنظيمية وتحسين السياسات لجذب رؤوس الأموال نحو هذه الآليات المبتكرة.
وجاء في المقدمة المشتركة للتقرير أنه “أصبح من الضروري الآن تحسين استخدام الموارد العامة المتاحة وتأمين تمويل إضافي لتحقيق آثار إيجابية في النظم الغذائية والزراعية والاجتماعية-الاقتصادية والبيئية. والأدوات المالية المبتكرة هي عنصر أساسي في تحويل النظم الغذائية في الدول العربية وسد فجوة التمويل”.
وأعد المقدمة كل من عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، ودينا صالح، المديرة الإقليمية للصندوق الدولي للتنمية الزراعية لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا، وإدوارد بيغبيدر، المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكورين فليشر، المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية، والدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، ورولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا.
وتؤكد المنظمات الأممية أن نتائج التقرير ستدفع بزخم جديد نحو تحويل النظم الغذائية والزراعية في المنطقة العربية، مما يسهم في بناء نظم غذائية أكثر كفاءة وشمولاً ومرونة واستدامة لصالح الإنسان والكوكب.
وبناءً على نتائج التقرير، أصدرت المنظمات الأممية “إعلان القاهرة بشأن تمويل تحول النظم الغذائية والزراعية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا” خلال حفل إطلاق التقرير اليوم. وأكدت في هذا الإعلان التزامها بتعميق التعاون فيما بينها ومع البنوك الإنمائية الدولية والإقليمية، والقطاع الخاص، والحكومات الوطنية. ويهدف هذا الجهد المشترك إلى تطوير وتوسيع نطاق الموارد المالية الإضافية ونشرها لدعم تحول النظم الغذائية والزراعية الإقليمية لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية.