د ريهام عبدالرؤوف تكتب : أخطر الامراض المشتركة المنتقلة عن طريق اللحوم

يمثل الأمن الغذائي ركيزة رئيسية من ركائز الأمن القومي المصري ، كما يعد هدفا استراتيجيا لجميع الخطط الاقتصادية ، ويعتبر قطاع الثروة الحيوانية أحد أهم القطاعات المسئولة عن تحقيق هذا الأمن الغذائي، ومن أهم السلع التي يهتم متخذ القرار برفع نسبة الاكتفاء الذاتي منها هى منتجات الثروة الحيوانية  عامة ، واللحوم الحمراء خاصة.

و تبذل الحكومة المصرية جهودًا لزيادة الإنتاج المحلي من اللحوم من خلال برامج مختلفة، مثل تحسين السلالات ، توفير الأعلاف ، توفير اللقاحات ومكافحة الأمراض، دعم صغار المربين وتطوير المزارع، تشديد الرقابة علي الأسواق ، واخيرا الأستثمار في البحث العلمي لتحسين الانتاجية وتطوير سلالات جديدة.

تعتبر هذه الخطة جزءًا من رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وتهدف إلى تحقيق نهضة شاملة في قطاع الثروة الحيوانية بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحقق الأمن الغذائي للمواطنين، ونجاح هذه الجهود قد يُساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتلبية جزء من الطلب المحلي.

استهلاك مصر السنوي من اللحوم الحمراء يصل إلى 650  ألف طن سنويا بينما الانتاج المحلي لا يتجاوز 375 ألف طن، مما يعكس الحاجة الملحة لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك والتي لا تقل عن 30%، خلال  عام 2023 اتجهت الحكومة المصرية لتنويع استيراد اللحوم من عدة بلدان أفريقية، أبرزها تشاد والصومال وجيبوتي، وطرحها بالمنافذ الحكومية لتوفيرها بأسعار أقل من المنتجة محليًا؛ بهدف ضبط الأسعار.

وشهدت أسعار اللحوم ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق بمصر، وحسب «بوابة أسعار السلع المحلية والعالمية» التابعة لمركز معلومات مجلس الوزراء المصري، وصل سعر كيلو اللحوم في يناير 2025 إلى 385.87 جنيه مصري

تحتوي اللحوم علي نسبة بروتين عالية والتي تعمل علي بناء واصلاح أنسجة الجسم، غير انتاج الهرمونات والأنزيمات والمواد الكيميائية الأخري داخل الجسم، ذلك لان هذا البروتين قادر علي تكوين العضلات، الجلد، العظام و الدم للكائن الحي. تعتبر اللحوم مصدر للطاقة لانها تحتوي علي الدهون ، حيث ينتج 4 سعرات حرارية لكل 1 جرام من الدهون.

كما تقوم هذه الدهون بالمساعدة على امتصاص المعادن والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل الفيتامينات A و D و E و K.

وعلى الوجه الآخر من العملة فإن الحيوانات تعتبر خزان العدوى ووسيلة الانتقال لأكثر من 200 مرض معدٍ تعرف بالأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان التي يمكن تعريفها على أنها مجموعة من الأمراض التي تصيب الحيوان ويمكن أن تنتقل منه إلى الإنسان بطرق انتقال مختلفة ويمكن أيضا أن تنتقل من الإنسان إلى الحيوان.

يعتبر اللحم غير الصحي مخزنا كبيراً للجراثيم التي تسبب حالات مرضية تختلف شدة خطورتها باختلاف الاسباب ، وعمر الانسان و حالته المناعية والصحية.

تكمن خطورة هذه الأمراض في أنها تؤثر على الحالة الصحية للأفراد وتؤثر على الثروة الحيوانية وعلى مصادر الغذاء للإنسان.

ولقد زادت حدة وخطورة هذه الامراض خلال السنوات الماضية بسبب زيادة الطلب على الغذاء (وخاصة الحيواني المصدر) نظرا للزيادة الرهيبة في معدلات النمو السكاني بدون زيادة مقابلة في الثروة الحيوانية وما ترتب عليه من زيادة لحركة نقل الحيوانات بين الدول بل وبين القارات أيضا وترتب على ذلك أيضا تغير في أساليب الرعي وأساليب تربية الحيوانات وتغيرت بيئة الحيوان وازداد قربا من المجتمعات الإنسانية

أخطر الأمراض التي قد تصيب الحيوانات وتظهر في لحومها

مرض السل ( Tuberculosis)

مرض السل هو مرض معدي مزمن تسببه عصيات السل، يتميز بالتهابات نوعية ويتشكل درنات وخراجات في مناطق مختلفة من الجسم بأعراض تنفسية وسعال. يعرف مرض السل عموما بأنه مرض الفقراء فحيث وجد الفقر تواجدت الأسباب المهيئة للإصابة (ازدحام ، نقص وسوء تغذية ، التهوية السيئة ، ضعف المناعة ).

يعد الأطباء البيطريين من أكثر الفئات قابلية للأصابة بالمرض وكذلك أصحاب المهن التي تتعلق بتربية الحيوان وانتاجه.

ويجب توعية الناس صحيا بشرح خطرة هذا المرض وطرق انتشاره والوقاية منه وأهمية تسجيل حالات الأصابة وابلاغ السلطات عنها. حيث صنف هذا المرض ثاني أخطر الأمراض العالمية بعد مرض الكورونا حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.

مرض البروسيلا

مرض البروسيلا هو مرض معدي يصيب الأنسان والحيوانات الثديية يتميز بالتهاب الأعضاء التناسلية ،الضرع، الأغشية الجنينية ، اجهاض ويسببه عترات مختلفة من البروسيلا وخطورة هذا المرض أنه يتم انتقاله عن طريق تلامس المباشر وغير المباشر مع الحيوانات المصابة أو استهلاك لحوم الحيوانات المصابة وأحشائها ولاسيما الكبد و الطحال.

وتزداد  فرص الأصابة داخل مجازر اللحوم خاصة الأطباء البيطرين أو العاملين به، وهذا المرض يعرف أيضا باسم الحمى المتموجة وحمى البحر الأبيض المتوسط والحمى المالطية، وهو مرض يبدأ بصورة فجائية أو تدريجية ويتميز بحمى مستمرة أو متقطعة أو غير منتظمة تستمر لفترات متغيرة مع صداع وضعف وعرق غزير وارتعاشات وآلام في المفاصل واكتئاب ونقص في الوزن وآلام عامة وفقدان للشهية.

وقد يستمر المرض أياما أو أشهر عدة أو أحيانا سنة أو أكثر خاصة إذا لم يعالج بالأسلوب والتوقيت السليم ومضاعفات المرض في المفاصل والعظام تحدث في 20-60% من الحالات كما يتسبب المرض أحيانا في بعض المضاعفات في الجهاز البولي والتناسلي وقد تحدث الوفاة في حوالي %2 من الحالات غير المعالجة أو التي يتم علاجها بطريقة غير سليمة كما أن حدوث انتكاسات للمرض أمر غير مستبعد.

لذا وجب التنبيه والتوعية بحطورة المرض وطرق انتقاله علي كل من له علاقة بالحيوانات والاسراع في معالجة الجروح التي تحصل في أيدي العاملين في المزارع وتضميدها قبل الأختلاط بالحيوانات، والأخذ بالأجراءات الصحية الأمنه داخل المجازر وعند معالجة الحيوانات المصابة.

السعار ( داء الكلب) Rabies

العامل المسبب لمرض السعار هو فيروس الكلب، وهو التهاب دماغي نخاعي فيروسي حاد ومميت دائما وتكون بدايته عبارة عن إحساس بالخوف وصداع وحمى وتوعك وخوف من الماء والهواء وتزداد الأعراض المرضية وصولا إلى الشلل وتشنج عضلات البلع والهذيان.

وتستمر هذه الأعراض غالبا لفترة 2-6 أيام تحدث بعدها الوفاة التي غالبا ما تكون بسبب شلل عضلات التنفس.

وتنتقل العدوي عن طريق إدخال اللعاب المحتوي على الفيروس خلال قطع في الجلد إما عن طريق العقر أو الخدوش والجروح التي قد تحدثها الحيوانات في جلد الإنسان بمخالبها حيث إنه من الممكن وجود آثار للعاب الحيوان تحت مخالبه.

وتستمر فترة الحضانة لمدة 3 إلى 8 أسابيع تظهر بعدها الآثار الخطيرة السابقة إذا ما لم يتم علاج الفرد المصاب بأسرع وقت ممكن ويحتاج هذا العلاج لطبيب متخصص من أطباء الصحة الوقائية حيث يشمل هذا العلاج إعطاء المصل الواقي والتطعيم المتخصص ضد المرض (والذي قد يتطلب علاجا لمدة ثلاثة أشهر).

كما قد يحتاج المريض لتنظيف وتطهير الجرح وتناول مضادات حيوية بالإضافة إلى التطعيم ضد التيتانوس بجرعة منشطة. في حالة وجود حيوان لديه أعراض غير طبيعية يجب الابتعاد عنه وعدم التحرش به وإبلاغ المسئوليين  الذين سيتخذون الإجراءات المناسبة لهذه الحالات.

في حالة التعرض للعقر من حيوان في البر فإنه يجب تطهير الجرح بالماء والصابون والتوجه فورا إلى أقرب مركز للصحة الوقائية لمباشرة العلاج في أقرب وقت ممكن وليكن من المعروف لدى الجميع أن نجاح العلاج في مثل هذه الحالات يعتمد أساسا على سرعة بداية العلاج والانتظام في جرعات التطعيم حسب المواعيد المحددة بمعرفة الطبيب المختص.

الديدان الشريطية (Tapeworms)

الديدان الشريطية هي ديدان طويلة ومُسطَّحة تبدو مثل قطعة من اشريط أو رباط.هناك أنواع عديدة ومُختلفة من الديدان الشريطية.يبلغ طول بعض أنواعها أكثر من 15 قدمًا (4.5 م)، ويزيد طول أحدها عن 30 قدمًا (9 أمتار).

الحيوانات تتغذي أحيانًا على أشياء ملوثة ببيوض الدودة الشريطية.تفقس البيوض وتختبئ في عضلات الحيوان وتشكل كيسات، تعيش أنواع مختلفة من الديدان الشَّريطِيَّة في لحوم الحيوانات.في معظم الأحيان تنتقل الدودة الشريطية إلى الشخص عند تناوُل اللحوم  غير المطهية جيدًا التي تحتوي على كيسات الدودة الشريطِية، تفقس الكيسات وتتحول إلى ديدان في الأمعاء، ثمَّ تلتصق الدودة الشريطية ببطانة الأمعاء وتأخذ بالنمو.

لذا وجب التنبيه علي الفحص الدقيق من قبل الأطباء المسئولين لتحري كيسات الدودة الشريطية مع التوصية بالطهو الجيد للحوم ويؤدي التجميد الي قتل الديدان الشريطية في اللحوم، ولكن يجب تجميدها لمدة 7 أيام بدرجة حرارة -20 درجة مئوبة أو أقل.

من هنا كان علينا أن ننبه ونحذر علي الفحص الدقيق للحوم قبل وأثناء وبعد الذبح مع تطبيق جميع اشتراطات السلامة المهنية  لما له من مردود اقتصادي وقومي ع أمن وسلامة المجتمع.

عن كاتب المقال :

د/ ريهام عبد الرؤف عبدالوهاب حسن

باحث كيمياء حيوية معمل معهد البحوث الحيوانية – المنصورة الفرعي