د جميل زيدان يكتب:هل تستطيع الدول العربية التأثير على سياسة «ترامب» غير التقليدية؟

أستاذ في المركز القومي للبحوث – مصر
في ظل التغيرات السياسية المتسارعة، تبقى الدول العربية أمام خيارين: إما الاكتفاء بردود الفعل، أو السعي بجدية لتطوير استراتيجيات جديدة تؤهلها للتعامل مع سياسة ترامب غير التقليدية، وتعزيز موقفها في القضايا الإقليمية والدولية. وفي مشهد سياسي غير مألوف، اجتمعت زوجة رئيس وزراء اسرائيل، مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في منتجعه الخاص بفلوريدا. هذا اللقاء أثار تساؤلات حول مدى تأثير اللقاءات الشخصية وغير الرسمية على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصةً عندما تتناول قضايا حساسة مثل دعم إسرائيل في حربها على غزة، وقضية الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس.
السياسة أم المجاملات الشخصية؟
تقليديًا، تعتمد السياسة الأمريكية على القنوات الدبلوماسية الرسمية في إدارة العلاقات الدولية، لكن لقاء ترامب بزوجة رئيس وزراء اسرائيل يعكس نهجًا غير تقليدي، حيث يبدو أن العلاقات الشخصية تلعب دورًا في تشكيل القرارات الاستراتيجية. فما بدا وكأنه لقاء ودي، سرعان ما تبعته تصريحات نارية من ترامب، حيث هدد بأن استمرار احتجاز الرهائن حتى 20 يناير 2025، موعد تسلمه الرئاسة، سيؤدي إلى “جحيم في الشرق الأوسط” و”ضربة لم يشهدها التاريخ”. هذه التصريحات تؤكد أن مثل هذه اللقاءات غير الرسمية قد تكون أكثر من مجرد مجاملات، بل قد تساهم في توجيه مسار الصراعات الدولية.
ترامب ونهجه السياسي غير التقليدي
ليس هذا اللقاء الأول الذي يعكس أسلوب ترامب المختلف في السياسة الخارجية، إذ يُعرف الرئيس الأمريكي المنتخب بتفضيله التعامل المباشر مع الشخصيات المؤثرة، حتى لو لم تكن تحمل صفة رسمية. وقد ظهر هذا النهج جليًا خلال رئاسته السابقة، عندما عقد لقاءات مباشرة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، متجاوزًا البروتوكولات التقليدية. لكن هذا النهج يثير جدلًا واسعًا، لأنه يفتقر إلى الشفافية، وقد يؤدي إلى قرارات متسرعة غير مدروسة.
كيف يمكن للعرب التعامل مع سياسة ترامب الجديدة؟
إذا كانت اللقاءات غير الرسمية تؤثر في صناعة القرار الأمريكي، فإن الدول العربية بحاجة إلى تطوير استراتيجيات ذكية للتفاعل مع هذا النهج، بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل. فالسؤال ليس فقط عن مدى تأثير ترامب على الشرق الأوسط، بل عن مدى قدرة العرب على التأثير عليه أيضًا.
استراتيجيات مقترحة للتعامل مع إدارة ترامب المقبلة:
✅ تعزيز التواصل مع الدوائر المقربة من ترامب: البحث عن شخصيات مؤثرة في إدارته المستقبلية والتواصل معها بفعالية.
✅ استخدام الإعلام الأمريكي المؤثر: إيصال وجهة النظر العربية حول قضايا المنطقة إلى الجمهور الأمريكي وصنّاع القرار.
✅ توظيف أدوات الضغط السياسي: عبر المؤسسات البحثية واللوبيات السياسية المؤثرة داخل الولايات المتحدة.
✅ تعزيز المصالح الاقتصادية المشتركة: استثمار المصالح الاقتصادية لجذب انتباه إدارة ترامب إلى القضايا العربية.
هل تصبح هذه اللقاءات قاعدة في السياسة الأمريكية؟
وهل سيواصل ترامب تجاوز الأعراف الدبلوماسية التقليدية، ما قد يعيد تشكيل ملامح السياسة الأمريكية على الساحة الدولية. وفي هذا السياق، يظل التحدي الأكبر أمام الدول العربية هو كيفية التعامل مع هذا النهج الجديد واستغلاله لصالحها، بدلاً من أن تكون مجرد متلقٍ لنتائجه. فهل سينجح العرب في تعديل السياسة الأمريكية؟ أم سيظلون في موقع المتأثرين دون قدرة