خدماتي

هل لحم النعام حلال؟.. الإفتاء تجيب

يعتبر النعام من الطيور الكبيرة التي تُربى في العديد من دول العالم بهدف الاستفادة من لحمه وجلدِه وريشِه، وقد ازداد الاهتمام به في السنوات الأخيرة نظرًا لقيمة لحمه الغذائية، إذ يُعرف بأنه منخفض الدهون وعالي البروتين.

ومع انتشار استهلاك لحم النعام، يتساءل الكثيرون عن حكم أكله في الشريعة الإسلامية، وهل هو حلال أم حرام؟، خاصة أنه طائر لا يطير ويعيش في البراري والصحارى.

هل لحم النعام حلال؟

وفي هذا الصدد، أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ما حكم تناول لحم النعام؟، موضحة أن القاعدة الشرعية تنص على أن الأصل في الأشياء هو الإباحة، وذلك لقوله تعالى: «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» (لقمان: 20)، وقوله عزَّ وجلَّ: «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» (الجاثية: 13).

 

وأضافت دار الإفتاء، في سياق ردها على سؤال حول حكم أكل لحم النعام، موضحةً أن الشريعة الإسلامية بُنيت على التيسير ورفع الحرج عن المكلّفين. وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة عن السؤال حول أمور لم يرد فيها حكم صريح حتى لا يؤدي ذلك إلى تضييق عليهم أو على غيرهم. جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وعلى هذا الأساس، فهم الصحابة رضوان الله عليهم أنه إذا لم يرد نص بتحريم شيء بعد ورود النص التحريمي، فهو داخل ضمن دائرة الحِل. واستدلوا بقول ابن عباس رضي الله عنهما الذي تلا الآية: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا، ثم قال: ما خلا هذا فهو حلال. كما رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره.

وأكدت دار الإفتاء أن القاعدة الشرعية التي وضعها الفقهاء بناءً على هذا المنهج النبوي تقول إن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم، كما جاء في كتاب الأشباه والنظائر للإمام السيوطي.

لحم النعام

حكم أكل لحم النعام

أوضحت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من أكل لحم النعام، فهو جائز تمامًا، إذ يُعتبر النعام من الطيور التي لم يرد نص شرعي يحرم تناولها. وبناءً على ذلك، يبقى الحكم مستندًا إلى الأصل، وهو الإباحة. بل إن جمهور الفقهاء أقروا بمشروعية أكل لحمه.

دلائل حلّ أكل لحم النعام

أكدت دار الإفتاء أن أكل لحم النعام جائز، مستدلةً بما ذكره العلماء من كونه من صيد الحرم الذي وضع الشرع له جزاء عند التعدي عليه.

وأشار برهان الدين ابن مازه الحنفي في كتابه “المحيط البرهاني” إلى أن الجزاء في صيد البر يعتمد على قيمته المالية بغض النظر عمّا إذا كان للصيد مثيل من النَّعم أم لا، وفقًا لرأي أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله.

أما محمد بن الحسن الشيباني والإمام الشافعي، فقد بيّنا أن للصيد ذي المثيل من النَّعم جزاءً يماثله خِلقةً وصورةً، مثل النعامة التي يُلزم جزاؤها ببدنة. كما أورد الإمام ابن عبد البر المالكي في كتابه “الكافي في فقه أهل المدينة” أن المُحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، وأن جزاء الصيد ينقسم إلى نوعين: دوابٌ وطير، حيث يكون جزاء الدواب بنظيرها من الغنم، وفي حالة النعامة تكون بدنة جزءًا من الجزاء.

واستكمل الإمام الشافعي في كتابه “الأم” التأكيد على هذا الحكم، إذ أوضح أن من أصاب نعامةً وهو مُحرم، فعليه أن يؤدي الجزاء بدفع بدنة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى