بحوث ومنظماتتقاريرزراعة

أهمية تحسين سلامة الأغذية لتوفير غذاء آمن

أماني عبداللطيف مصلح عبدالفتاح- باحث ميكروبيولوجي- معمل شبين الكوم معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر

فدوي فتحي محمود محمد- باحث الرقابة الصحية علي اللحوم والدواجن ومنتجاتهما- المعمل المرجعي للرقابة الاسماعيلية معهد بحوث الصحة الحيوانية

لماذا يُعد تحسين سلامة الأغذية أمرا هاما؟

سلامة الأغذية هي توفير غذاء آمن لا يحتوي علي مواد ضارة بصحة الانسان. يحتل الغذاء المرتبة الثالثة بين الاحتياجات الأساسية للإنسان بعد الهواء والماء. وعادة ما تكون الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية معدية أو سامة بطبيعتها ولا يُمكن رؤيتها غالبا بالعين المُجرّدة، وتُسببها البكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات أو المواد الكيميائية التي تدخل الجسم عن طريق الطعام أو الماء الملوث.

إن سلامة الأغذية هي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمنتجين والمستهلكين. ولكل فرد دور يلعبه؛ من المزرعة إلى مائدة الطعام للتأكد من أن الطعام الذي نستهلكه آمن ولن يُلحق الضرر بصحتنا. ولسلامة الأغذية دور حاسم في ضمان بقاء الأغذية آمنة في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية من الإنتاج إلى التصنيع والتخزين والتوزيع، وصولاً إلى الإعداد والاستهلاك. الأطعمة الفاسدة او الملوثة التي تحتوي على بكتيريا أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيماوية ضارة تتسبب بأكثر من 200 مرض. طبقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن هناك أكثر من 600 مليون إصابة سنوية بسبب تلوث الغذاء، هذه الإصابات تتنوع ما بين أسباب بشرية وبيولوجية وكيميائية وتحسسية مختلفة، مع ذلك، فإن هذا المعدل الكبير كان يمكن تفاديه بسهولة، إذا راع العنصر البشري إرشادات السلامة والصحة الغذائية المتفق عليها.

كما تؤثر الطريقة التي يتم بها إنتاج الطعام وتخزينه والتعامل معه واستهلاكه على سلامة طعامنا.  إن الامتثال للمعايير العالمية للأغذية، وإنشاء أنظمة تنظيمية فعالة لمراقبة الأغذية بما في ذلك التأهب والاستجابة للطوارئ، وتوفير الوصول إلى المياه النظيفة، وتطبيق الممارسات الصحية الجيدة، وتعزيز استخدام أنظمة إدارة سلامة الأغذية من قبل القائمين على الأعمال التجارية الغذائية، وبناء قدرات المستهلكين لاتخاذ خيارات غذائية صحية هي بعض الطرق التي تعمل بها الحكومات والمنظمات الدولية والعلماء والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان سلامة الأغذية.

ما الفرق بين الفساد والتلوث في مجال سلامة الغذاء؟ 

قبل التطرق إلى مفهوم أمن الغذاء أو ما يعرف بسلامة الغذاء، دعنا أولًا نزيل التداخل بين مفهومي الفساد والتلوث، وهما حالتين مختلفين تماما سواء في التأثير أو سهولة اكتشافهم كالآتي:

مفهوم فساد الغذاء 

يٌعرف الفساد الغذائي بكونه حالة يتم فيها تغيير الصفات الحسية للمنتج، بحيث يتغير لونه أو طعمه أو نكهته أو رائحته، بحيث يصبح غير صالح للتناول وضار بصحة من يأكله، وهو في ذلك حالة واضحة يمكن التعرف عليها بسهولة .

ويمكن إقصاء المنتجات الفاسدة بمجرد التعرف عليها، كون نمو الجراثيم في الأطعمة وتحللها يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي، وسبب أساسي لحالات تسمم الغذاء الشهيرة فإنه يمكن أن يشكل خطراً صحياً محتملاً على المستهلكين.

الطعام الفاسد يفقد قيمته الغذائية الأصلية أو ملمسه أو نكهته، وأكثر من ذلك، لذلك يشكل تلف المنتجات الغذائية بسبب الميكروبات مشكلة اقتصادية مهمة، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة لصناعة الأغذية على مستوى العالم.

البكتيريا الفاسدة هي كائنات دقيقة قادرة على النمو بكميات كبيرة في الأغذية، وتحلل الأغذية وتسبب تغيرات في الخصائص الحسية، مما يؤثر على جودة المنتجات الغذائية.

هناك أنواع بكتيرية مختلفة يمكن أن تسبب فساد المنتجات الغذائية، وتعتمد الكائنات الحية الدقيقة المسببة للفساد في جزء كبير منها على طريقة المعالجة والحفظ.

تشمل الجراثيم المسببة للفساد بشكل رئيسي الأنواع البكتيرية (مثل يرسينيا المعوية القولونية، الليستيريا، المكورات العنقودية الذهبية، كلوستريديوم بوتولينوم، كلوستريديوم بيرفرينجنز)

مفهوم تلوث الغذاء 

أما فيما يتعلق بتلوث الغذاء، فهنا تعد العملية أصعب بكثير، حيث يمكن أن يتعرض الطعام للتلوث بدون أن يؤثر هذا على حالته بالسلب، بل في كثير من الحالات يصعب التعرف على حالات التلوث الغذائي أو التخلص منها في الأساس، ويتفاجأ الجميع بأضرارها بعد فوات الآوان.

وتتنوع حالات تلوث الطعام في جميع مراحله ما بين مخاطر بيولوجية (البكتريا والفيروسات) أو مخاطر كيميائية (المبيدات الحشرية ومواد التنظيف) أو مخاطر فيزيائية (الأجسام مثل خصل الشعر أو البلاستيك الأظافر وغيرهم) أو مخاطر تحسسية (المواد الغذائية المسببة للحساسية الألبان والأسماك).

هناك أنواع عديدة من البكتيريا والفطريات التى تسبب تلوث الطعام وأهمها:

  • السالمونيلا والتي توجد في بعض اللحوم والدواجن والبيض ويمكن أن تسبب المرض في حال عدم طهى هذه الأطعمة بشكل جيد.
  • الليستريا والتي تعيش في التربة والماء، وتنتقل إلى اللحوم غير المطبوخة والخضراوات واللحوم الباردة والحليب غير المبستر والجبن.
  • الإشريكية القولونية والتي توجد في اللحوم (خاصة اللحم البقري) أو اللحوم الملوثة بالبراز الذي به هذه البكتيريا، وفي الحليب غير المبستر (الخام) والماء أيضاً.
  • كامبيلوباكتروالتي توجد بالدواجن النيئة أو غير المطهوة جيداً، وتوجد أيضاً في الحليب غير المبستر.

سلامة الغذاء جزءًا من نهج “الصحة الواحدة”؛ فإن الصحة الواحدة هي نهج متكامل لمنع المخاطر المحدقة بالصحة والتخفيف من وطأتها عند نقاط التماس بين الحيوانات والبشر والنباتات. ولسلامة الأغذية تأثير كبير على صحة الإنسان، وإن الغذاء، الذي يشكل ضرورة أساسية لبقاء الإنسان، يأتي من النباتات والحيوانات. لذًا تشكل سلامة الأغذية ركيزة أساسية لنهج الصحة الواحدة.

أصبحت العديد من البكتيريا التي تلوث غذاءنا مقاومة لمضادات الميكروبات الآن، الأمر الذي يجعل علاج الأمراض التي تنتقل بواسطة الأغذية أكثر صعوبة كما أنّ استخدام مضادات الميكروبات بحكمة في إنتاج اللحوم والأطعمة البحرية والبيض والحليب وكذلك في الفواكه والخضروات، يمكن أن يقلّل من مخاطر البكتيريا المقاومة لمضادّات الميكروبات في الغذاء.

التسمم الغذائي نوع من الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء؛ أي يصاب به الأشخاص من تناول طعام أو شراب ملوث بالجراثيم أو ملوثات أخرى ضارة.

وتشمل أعراض التسمم الغذائي في الغالب اضطراب المعدة والإسهال والقيء. وتبدأ الأعراض عادةً خلال ساعات أو عدة أيام من تناول الطعام اعتمادًا على السبب. وقد يشعر أغلب المصابين بأعراض مَرضية خفيفة ويتحسنون دون علاج وقد يسبب التسمم الغذائي أحيانًا أعراضًا مَرضية و مضاعفات شديدة.

الأعراض الشائعة هي:

  • اضطراب المعدة.
  • القيء.
  • الإسهال.
  • الإسهال مع وجود دم في البراز.
  • آلام المعدة أو تقلصات المعدة المؤلمة.
  • الحُمّى.
  • الصداع.

في القليل من الأحيان، يمكن أن يؤثر التسمم الغذائي في الجهاز العصبي ويسبب الإصابة بأمراض عدة. وقد تشمل الأعراض ما يأتي:

  • ضبابية الرؤية أو ازدواجها.
  • الصداع.
  • فقدان الحركة في الأطراف.
  • مشكلات في البلع.
  • إحساس بالوخز أو الخَدَر في الجلد.
  • الضعف.
  • تغيرات في طبيعة الصوت.

ويمكن أن يتعرض الطعام للتلوث في أي مكان يُتداول فيه، بما في ذلك المنزل، لأي من الأسباب التالية:

  • عدم الحرص على غسل اليدين. يمكن أن تؤدي جزيئات البراز المتبقية على اليدين بعد استخدام المرحاض إلى تلويث الطعام. يمكن أيضًا أن تنتقل الملوِّثات الأخرى من اليدين أثناء تحضير الطعام أو تقديمه.
  • عدم تطهير أماكن الطهي أو تناول الطعام. يمكن أن تنتشر الملوِّثات عن طريق السكاكين أو ألواح التقطيع أو غيرها من أدوات المطبخ غير المغسولة.
  • التخزين غير الصحيح. يمكن أن يتعرض الطعام المتروك لفترة طويلة جدًا في درجة حرارة الغرفة للتلوث. وكذلك قد يفسَد الطعام المخزّن في الثلاجة لفترة أطول من اللازم. وقد يفسَد أيضًا الطعام المخزّن في الثلاجة أو المجمِّد (الفريزر) على درجة حرارة أدفأ من اللازم.

لذلك يجب اتباع الطرق الصحية السليمة للطهي والتأكد من أن الطعام بأكمله ساخن قبل الأكل حيث تضمن درجة الحرارة الصحيحة قتل اي بكتيريا ضارة.

وختاما، ان ممارسات النظافة الجيدة في قطاعي الأغذية والزراعة تُساعد على الحد من ظهور وانتشار الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء.

 

زر الذهاب إلى الأعلى