بحوث ومنظماتبيزنسبيطريتقاريرزراعة

د شيماء توني تكتب: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية خطر يهدد الاستدامة

باحث صحة أغذية- معمل بيطري دمياط – معهد بحوث الصحة الحيوانية- مركز البحوث الزراعية- مصر

مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية تعد واحدة من أهم التهديدات التي تواجه الصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية، حيث أنها تتسبب بالإضرار العام لأي فرد في المجتمع، كما أنها تعيق التنمية في الثروة الحيوانية حيث تؤول الي أضرار اقتصادية فادحة من نقص الإنتاج وفقدان القطيع وتدني صحة الحيوان.

على الرغم من أن مقاومة المضادات الحيوية تحدث بشكل طبيعي، إلا أن سوء استخدامها في علاج البشر والحيوانات يؤدي إلى تسارع عملية تطورها. يصبح علاج الالتهابات المعقدة، مثل التهاب الرئة والسل والتهاب الضرع أكثر صعوبة بسبب انخفاض فاعلية المضادات الحيوية التي كانت تستخدم عادة لعلاجها. تؤدي مقاومة المضادات الحيوية إلى ارتفاع التكاليف الطبية وزيادة معدل الوفيات في الإنسان والنفوق في الحيوان.

ما معني مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية؟

تقوم البكتيريا بالتغير والتطور بشكل مستمرّ للحفاظ على بقائها، وتبدأ في التحور بدرجة كبيرة لتقاوم العلاج الطبي بحيث لم تعد المضادات الحيوية التي تستخدم عادة للوقاية منها أو قتلها تجدي نفعاً.

استخدام المضادات الحيوية مشكلة تتفاقم يوما بعد يوم

  • المشكلة لها وجهان الوجه الأول غالباً ما يتمّ بيع المضادات الحيوية في الصيدليات دون الحاجة إلى وصفة طبيب فيعمد الناس إلى وصف الأدوية لأنفسهم، كما أنّ بعض الأطباء يصفون المضادات الحيوية حتى عندما لا يحتاجها جسم المريض، أو يصفون النوع الخاطئ منها حسب المعتقدات الشائعة.
  • تؤدي هذه الممارسات إلى مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية فتصبح الأدوية غير فعّالة. وعلي الصعيد الآخر وهو الوجه الأكثر ظُلمة انتقال البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية من خلال الغذاء وخاصة الغذاء ذو الأصل الحيواني.
  • يعد الغذاء ذو الأصل الحيواني من المصادر الغذائية الهامة والمفضلة لدى الكثيرين. ومع ذلك، يمكن أن يكون مصدرًا للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا للصحة العامة.
  • يتم استخدام المضادات الحيوية بشكل واسع في تربية الحيوانات لأغراض مثل الوقاية من الأمراض وتعزيز نمو الحيوانات.
  • ومع ذلك، فإن استخدام المضادات الحيوية بكميات كبيرة ومستمرة يمكن أن يؤدي إلى تطوير البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في جسم الحيوانات.
  • وعندما يتم استهلاك لحم هذه الحيوانات أو منتجاتها، يمكن للبكتيريا المقاومة أن تنتقل إلى الإنسان.
  • أمر آخر متعلق بتداول الطعام وهو التجهيز والتعامل غير السليم مع اللحوم والمنتجات الحيوانية وقد يحدث تلوث اللحوم والمنتجات الحيوانية بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية نتيجة للتجهيز غير السليم وسوء النظافة في المزارع أو خلال عمليات التعبئة والتغليف والتوزيع.

آلية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

تزداد قدرة بعض البكتيريا الممرضة في الدفاع عن نفسها ضد المضادات الحيوية، بسبب تحورات الحمض النووي لها أو اكتساب الجينات المقاومة للمضادات الحيوية من بكتيريا أخرى، فتصبح قدرة المضادات الحيوية المتوافرة والمصممة لقتل هذه البكتيريا غير قادرة بعد ذلك على علاج العدوى، مما يسمح للبكتيريا بالانتشار والتكاثر بسرعة منتجة المزيد من البكتيريا التي لا تتأثر بالمضاد الحيوي.

تم تصميم المضادات الحيوية لمحاربة البكتيريا من خلال استهداف أجزاء معينة من بنية البكتيريا.

ومع ذلك، بمرور الوقت، يمكن للبكتيريا أن تهزم المضادات الحيوية بالطرق التالية:

  • تغيير الجدار الخارجي للغلاف البكتيري بحيث لا يستطيع المضاد الحيوي أن يلتصق بالبكتيريا المراد قتلها.
  • ابطال فاعلية المضاد الحيوي عن طريق تغييره بحيث يصبح محايد، كإنتاج إنزيمات لتعطيل المضاد الحيوي.
  • إخراج المضاد الحيوي خارج البكتيريا قبل أن يصل إلى هدفه ويبدأ بالعمل
  • تكمن خطورة هذا النوع من البكتيريا في اكساب جينات أخري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، عن طريق تبادل أجزاء من الحمض النووي بينهما بسهولة، ونتيجة لذلك، قد يؤدي استخدام أي مضاد حيوي لعلاج عدوى بكتيرية معينة إلى جعل أنواع أخرى من البكتيريا مقاومة لهذا المضاد الحيوي، فضلا عن الأنواع الأخرى من المضادات الحيوية.
  • تعرض مقاومة المضادات الحيوية إنجازات الطب الحديث للخطر، وتصبح العمليات الجراحية العادية أكثر خطورة بكثير بدون مضادات حيوية فعالة للوقاية من العدوى وعلاجها، وفي حين أن هناك بعض المضادات الحيوية الجديدة قيد التطوير، فلا يتوقع أن يكون أي منها فعالاً ضد أخطر أشكال البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وفيما يتعلق بالمزارعين والعاملين في قطاع تربية الحيوانات وفي صناعة الأغذية يضر فقدان مفعول المضادات الحيوية للميكروبات اللازمة لمعالجة الحيوانات المريضة بالإنتاج الغذائي وسبل معيشة الأسر. وثمة خطر آخر يتعرض له العاملون في مجال تربية الحيوانات والطيور بغرض الإنتاج ألا وهو تعاملهم مع حيوانات حاملة لبكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.

من أجل الحد من انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية من خلال الغذاء ذو الأصل الحيواني، يمكن اتخاذ بعض التدابير الوقائية:

  1. التأكد من شراء اللحوم والمنتجات الحيوانية من مصادر موثوقة وتحت رقابة صحية جيدة.
  2. التأكد من تجهيز وطهي اللحوم والمنتجات الحيوانية بشكل صحي، وذلك عن طريق غسلها جيدًا وطهيها على درجة حرارة كافية لقتل البكتيريا المحتملة.
  3. تشجيع استخدام المضادات الحيوية بشكل مسؤول في صناعة تربية الحيوانات، مع التركيز على الوقاية والرعاية الصحية الجيدة للحيوانات.
  4. تعزيز الوعي والتثقيف بين مربي الحيوانات حول استخدام المضادات الحيوية السليم وأثرها على المقاومة البكتيرية.

بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بالغذاء ذو الأصل الحيواني، هناك عدد من التدابير الأخرى التي يمكن اتخاذها للحد من انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية:

  1. استخدام المضادات الحيوية بشكل مسؤول: يجب استخدام المضادات الحيوية فقط عند الضرورة وباستشارة الأطباء المختصين، يجب اتباع التعليمات الصحية الصادرة والجرعات المحددة ومدة العلاج الموصي بها، عدم استخدام المضادات الحيوية بشكل زائد أو غير ملائم يقلل من فرصة تطوير المقاومة البكتيرية.
  2. تعزيز النظافة الشخصية والصحية: يجب غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون قبل وبعد التعامل مع الطعام النيئ وبعد استخدام الحمامات. كما يجب الحفاظ على سلامة الأطعمة من خلال التخزين السليم والتجهيز النظيف والطهي الجيد.
  3. تعزيز الوعي الصحي: يجب تعزيز الوعي بين الجمهور والمجتمع بشأن المشكلة المتعلقة بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. يمكن تحقيق ذلك من خلال حملات توعية وتثقيف الناس بشأن الاستخدام السليم للمضادات الحيوية وخطورة المقاومة البكتيرية.
  4. تعزيز بحوث المضادات الحيوية البديلة: يجب دعم البحوث والتطوير في مجال العلاجات البديلة للمضادات الحيوية، مثل العلاجات الطبيعية والعلاجات المستندة إلى المناعة. قد تكون هذه العلاجات بديلاً فعالًا للمضادات الحيوية التقليدية وتقلل من الاعتماد الزائد عليها، مثل استخدام البروبيوتك
  5. تعزيز برامج مراقبة المقاومة البكتيرية: يجب إنشاء برامج مراقبة فعالة لمراقبة المقاومة البكتيرية وتتبع انتشارها. يمكن من خلال هذه البرامج تحديد السلالات المقاومة والتحكم في انتشارها وتوجيه الجهود للحد منها.
  6. تعزيز التعاون الدولي: يجب تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول والمنظمات الدولية لمكافحة المقاومة البكتيرية، يمكن تبادل المعلومات والخبرات والممارسات الجيدة والتعاون فيما بينها للحد من انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
  7. تطوير اللقاحات: يجب دعم البحث والتطوير لتطوير لقاحات فعالة ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، اللقاحات يمكن أن تساهم في منع العدوى بشكل عام وتقليل الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية.
  8. تحسين إدارة المخلفات الطبية: يجب التأكد من التخلص الصحيح من المخلفات الطبية الملوثة بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، يجب معالجة وتخزين هذه المخلفات بشكل صحيح لمنع انتشار البكتيريا إلى البيئة.
  9. دعم الأبحاث العلمية: يجب توجيه الدعم والتمويل للأبحاث العلمية المتعلقة بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، يمكن أن تساهم الأبحاث في فهم أفضل لميكانيكيات المقاومة وتطوير استراتيجيات جديدة للتصدي لها.
  • التعاون مع قطاعات أخرى: يجب تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة مثل الصحة العامة والزراعة والبيئة للتصدي لمشكلة المقاومة البكتيرية. يجب تبادل المعلومات والخبرات وتنسيق الجهود لتحقيق نتائج أفضل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى