الزراعة التجديدية في أوروبا: مستقبل مستدام رغم التحديات التمويلية

يواجه القطاع الزراعي في أوروبا تحديات متزايدة بسبب تغير المناخ والممارسات الزراعية المكثفة، مما يؤثر على مرونة سلاسل التوريد وسبل عيش المزارعين. وفي مواجهة هذه الضغوط، يتزايد الاهتمام بالزراعة التجديدية، التي تهدف إلى إعادة التوازن البيئي وتحقيق الاستدامة. ومع ذلك، يكشف تقرير حديث عن وجود فجوات تمويلية كبيرة تعيق هذا التحول.
تقرير جديد يكشف تحديات التمويل
أعدت OP2B، ديلويت، بيبسيكو، ويونيليفر تقريرًا يستعرض التأثير الاقتصادي للزراعة التجديدية على المزارع الأوروبية، مسلطًا الضوء على التكاليف، العائدات، الحوافز المتاحة، والتحديات التمويلية التي تواجه المزارعين.
هل الزراعة التجديدية مجدية اقتصاديًا؟
وفقًا للدراسة، يؤدي التحول إلى الزراعة التجديدية إلى زيادة الربحية بعد 3 إلى 5 سنوات مقارنة بالأساليب التقليدية، وذلك بفضل تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف. ومع ذلك، تواجه المزارع الصغيرة والمتوسطة عقبات مالية، أبرزها:
- استثمارات أولية مرتفعة تتراوح بين 2000 و5000 يورو للهكتار، وفقًا لنوع المعدات والخدمات الزراعية المطلوبة.
- فترة استرداد طويلة تصل إلى 9 سنوات في المتوسط، رغم تحقيق معدل عائد داخلي يبلغ 4% خلال 10 سنوات.
- لضمان الجدوى الاقتصادية، يجب على المزارعين تنويع محاصيلهم، مشاركة المعدات، والاستفادة من الحوافز المتاحة.
الحوافز المتاحة: فجوة تمويلية كبيرة
رغم وجود بعض الحوافز المالية لدعم الزراعة التجديدية، فإنها لا تغطي سوى 2% إلى 6% من التمويل المطلوب. وعند احتساب هذه الحوافز، يمكن تقليل فترة الاسترداد إلى 5 سنوات، لكن لا تزال هناك فجوة تمويلية تتراوح بين 1400 و4100 يورو للهكتار.
أبرز التحديات المتعلقة بالحوافز:
- التركيز على التكاليف التشغيلية دون توفير دعم كافٍ للاستثمارات الأولية.
- تفاوت الدعم بين الدول الأوروبية، حيث تحظى المملكة المتحدة، ألمانيا، وفرنسا بحوافز أكبر، في حين تعاني صربيا، اليونان، تركيا، وبولندا من ضعف التمويل.
- نقص الشفافية في آليات توزيع الحوافز، مما يجعل الوصول إليها صعبًا بالنسبة للمزارعين.
حلول مقترحة لدعم التحول نحو الزراعة التجديدية
لضمان نجاح هذا التحول، يوصي التقرير باتباع نهج متكامل يشمل:
- زيادة الاستثمارات في الحوافز المالية لتغطية التكاليف الأولية، وليس فقط التشغيلية.
- تحسين إمكانية وصول المزارعين إلى التمويل من خلال برامج أكثر شفافية وتكييفها وفق احتياجاتهم.
- تعزيز الشراكات بين الحكومات، المستثمرين، والقطاع الخاص لدعم الزراعة المستدامة.
- تطوير سياسات زراعية مرنة تعزز الابتكار والاستدامة البيئية.
الزراعة التجديدية: خطوة ضرورية لمستقبل مستدام
رغم التحديات التمويلية، فإن الزراعة التجديدية تمثل حلاً طويل الأمد لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. ومن خلال تحسين الحوافز، تأمين التمويل اللازم، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات، يمكن تمكين المزارعين من تبني هذه الممارسات وضمان نجاح التحول نحو نظام زراعي أكثر استدامة.