
لطالما عُرفت الولايات المتحدة بلقب “سلة خبز العالم”، لكن مكانتها كقوة زراعية عظمى بدأت تتراجع تدريجيًا لصالح منافسين جدد، أبرزهم روسيا والبرازيل. فقد أظهرت بيانات حديثة تراجعًا ملحوظًا في حصة أمريكا من صادرات القمح، الذرة، وفول الصويا، نتيجة تحولات في التجارة الدولية وظروف السوق العالمية.
القمح: أمريكا تهبط إلى المركز الرابع
في ثمانينات القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن 44% من صادرات القمح عالميًا، لكن هذه النسبة تراجعت بشكل كبير إلى 11% فقط في عام 2025، لتحتل بذلك المركز الرابع عالميًا. في المقابل، صعدت روسيا إلى الصدارة بحصة تفوق 20%، مستفيدة من استثمارات واسعة في قطاع الحبوب.
الذرة: البرازيل تُضيّق الخناق
ورغم احتفاظ الولايات المتحدة بمكانتها كأكبر منتج للذرة عالميًا، فإن حصتها من التصدير تراجعت من 80% في السبعينات إلى 31% فقط اليوم. أما البرازيل، فقد حققت طفرة في صادرات الذرة، لترتفع من 5% قبل عشرين عامًا إلى 22% حاليًا.
فول الصويا: تحول القيادة إلى الجنوب
شهدت سوق فول الصويا تحوّلًا دراميتيكيًا، حيث انخفضت حصة الولايات المتحدة من التصدير من أكثر من 80% في السبعينات إلى 27% اليوم، بينما قفزت البرازيل إلى الصدارة بحصة تبلغ 55%. ويعود ذلك جزئيًا إلى الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، التي دفعت الصين -أكبر مستورد- إلى التوجه نحو البرازيل كمصدر بديل.
التوترات التجارية تُغير قواعد اللعبة
أدى تبادل الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين إلى تراجع قدرة أمريكا على المنافسة في الأسواق العالمية. ونتيجة لذلك، توجهت دول كالصين والهند ومصر إلى تنويع مصادر استيرادها، بعيدًا عن السوق الأمريكية.
تحوّل في خارطة الإنتاج العالمي
أصبح الإنتاج الأمريكي من القمح يمثل 6% فقط من الإنتاج العالمي، مقارنة بـ11% لروسيا. أما البرازيل فقد زادت إنتاجها من الذرة بنسبة 55% وفول الصويا بنسبة 85% خلال السنوات العشر الماضية، ما يعزز موقعها كلاعب أساسي في سوق السلع الزراعية.
مستقبل النفوذ الزراعي الأمريكي على المحك
تعكس هذه التحولات تراجعًا في الهيمنة الأمريكية على أسواق الحبوب العالمية. وإذا استمرت واشنطن في تبني سياسات حمائية، فقد تفقد المزيد من حصتها السوقية، ما يمنح المنافسين فرصة ذهبية لتعزيز نفوذهم الزراعي على المستوى العالمي.