د نرمين إبراهيم تكتب: متبقيات المبيدات في اللبن ومنتجاته
باحث بقسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان- معهد تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر
تعد المبيدات من الأدوات الأساسية في الزراعة الحديثة للحد من الآفات والحفاظ على المحاصيل. ومع ذلك فإن استخدام المبيدات في الإنتاج الزراعي قد يؤدي إلى تلوث الغذاء، بما في ذلك المنتجات الحيوانية مثل اللبن ، مما يشكل خطرًا على الصحة العامة. وفي هذه المقالة سوف نتناول أسباب وجود متبقيات المبيدات في اللبن، المخاطر الصحية الناتجة عنها، وكيفية التحكم في هذه المتبقيات.
أسباب وجود متبقيات المبيدات في اللبن
- أثناء عملية الزراعة والإنتاج يتعرض اللبن للمبيدات بطرق عديدة. يمكن أن تكون المبيدات قد استخدمت في المراحل الزراعية قبل الحلب، حيث يتم رش المحاصيل بالمبيدات للحفاظ عليها من الآفات وعند تناول الحيوانات للأعلاف الملوثة بهذه المبيدات تنتقل إلى ألبانها.
- قد يتلوث الحليب أيضًا من خلال تلوث البيئة المحيطة. على سبيل المثال، قد يحتوي الماء الذي تشربه الحيوانات على متبقيات المبيدات التي تم رشها في المحيط الزراعي أو تلوث التربة الذي قد يؤدي إلى امتصاص النبات للمبيدات.
- بعض المبيدات قد لا تتحلل بسهولة، ولذلك يمكن أن تنتقل إلى المنتجات الثانوية للحليب مثل الزبدة، الجبن، أو حتى مسحوق الحليب. هذا يعزز ضرورة فحص جميع منتجات الألبان وليس فقط اللبن الخام.
المخاطر الصحية لمتبقيات المبيدات في اللبن
تعتبر متبقيات المبيدات في اللبن من أهم مصادر القلق بالنسبة لصحة الإنسان، خصوصًا في حالة استهلاك كميات كبيرة أو لفترات طويلة.ومن المخاطر المحتملة :
- يمكن أن تتسبب المبيدات الكيميائية في التسمم، حيث يؤدي التعرض المستمر لمستويات منخفضة منها إلى مشاكل صحية مزمنة مثل اضطرابات الجهاز العصبي، والقلب، والكبد.
- تعرض الانسان والحيوان لمبيدات معينة لفترات طويلة يمكن أن يساهم في تطور المقاومة لبعض الأمراض والآفات.
- بعض المبيدات قد تؤثر سلبًا على جهاز المناعة لدى الأفراد، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
- في حالة استهلاك كميات كبيرة من اللبن الملوث في وقت قصير، قد تحدث أعراض تسمم حادة مثل الغثيان، والقيء، وآلام البطن. بعض المبيدات الكيميائية مثل الكلوريد العضوي والفوسفور العضوي قد تؤدي إلى تأثيرات سامة قوية، بما في ذلك التسمم العصبي.
- على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي التعرض المستمر لمستويات منخفضة من المبيدات إلى مخاطر صحية دائمة مثل:
- بعض المبيدات تعتبر مسرطنة مثل المبيدات التي تحتوي على الـ DDT والمبيدات المشتقة من البنزين.
- بعض المبيدات تؤثر على الجهاز الهرموني للإنسان (المعروفة باسم المبيدات ذات التأثير المقلد للهرمونات) ما قد يؤدي إلى مشاكل في النمو والإنجاب.
- قد تتسبب بعض المبيدات في التأثير على الجهاز العصبي، مسببة أضرارًا مثل الصداع المزمن، وفقدان الذاكرة، والتهيج العصبي.
كيف يتم قياس المتبقيات والتأكد من سلامة اللبن؟
تعمل العديد من الجهات الصحية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) والهيئات الصحية الوطنية على تحديد الحدود القصوى لمتبقيات المبيدات في اللبن ومنتجاته. يتم فحص عينات من اللبن بشكل دوري لضمان أن مستويات المبيدات لا تتجاوز الحدود المسموح بها. ويستخدم في هذا الصدد:
- مثل تقنية الكروماتوغرافيا السائلة ذات الأداء العالي ( جهاز HPLC) والتي تسمح بتحديد كميات دقيقة من المبيدات في العينات.
- تتم مراجع الفحوصات على اللبن ومشتقاته بشكل منتظم، مع التأكد من أن جميع المنتجات المطروحة للبيع في الأسواق تتوافق مع معايير السلامة.
- يتم تنفيذ زيارات ميدانية للمزارع والمصانع لضمان أن عمليات الإنتاج تتبع المعايير البيئية والصحية. يشمل ذلك التأكد من تطبيق فترات الأمان اللازمة بين استخدام المبيدات وحلب الحيوانات.
التدابير الوقائية للتقليل من متبقيات المبيدات في اللبن
من أجل تقليل خطر وجود متبقيات المبيدات في اللبن، يمكن اتخاذ عدة إجراءات:
- يجب أن يتبع المزارعون التعليمات الخاصة باستخدام المبيدات، خاصة فيما يتعلق بالوقت المناسب لانتظار قبل الحلب بعد رش المحاصيل.
- يجب تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة مثل الزراعة العضوية التي لا تستخدم المبيدات الكيميائية الضارة.
- تعزيز الرقابة على مزارع الحيوانات الحلابة والمصانع المنتجة للبن لضمان خلو المنتجات من المبيدات الملوثة.
- توعية المزارعين والمستهلكين حول مخاطر المبيدات وطرق تقليل آثارها على الصحة العامة.
- من الضروري أن يلتزم المزارعون بتعليمات الاستخدام على الملصقات الخاصة بالمبيدات لضمان أن المبيد لا يتسرب إلى اللبن. على سبيل المثال، يجب أن يتم حلب الحيوان بعد فترة الأمان المطلوبة بعد استخدام المبيدات، حيث تظل هذه المواد في أنسجة الحيوان لفترة معينة.
- الزراعة العضوية تقدم بديلاً فعالًا، حيث لا تستخدم المبيدات الكيميائية السامة في الإنتاج الزراعي مما يساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بمتبقيات المبيدات في اللبن.
- أيضاَ التقنيات الحديثة مثل الزراعة الدقيقة واستخدام المبيدات الموجهة يمكن أن تقلل من استخدام المبيدات بشكل عام. ويمكن استخدام الأجهزة الذكية لمراقبة المحاصيل بشكل دقيق لتقليل استخدام المبيدات بشكل مفرط.
- من المهم أيضاَأن يتم تعليم المزارعين والمستهلكين حول أهمية التقيد بممارسات الزراعة الآمنة واتباع الإرشادات الصحية. ويمكن أن تساهم حملات التوعية في تقليل التعرض لمتبقيات المبيدات.
التطورات المستقبلية والتحسينات في مجال مراقبة المبيدات
- ستستمر الأبحاث في تطوير تقنيات جديدة للكشف عن المبيدات بطرق أكثر فعالية وأسرع، مما سيحسن عملية الكشف والرقابة على المتبقيات في المنتجات.
- مع زيادة الطلب على المنتجات العضوية، يمكن أن يلعب هذا دورًا كبيرًا في تقليل استخدام المبيدات وبالتالي تقليل احتمالات التلوث.
- التعاون بين الهيئات الحكومية والمنظمات الصحية الدولية يساعد على وضع سياسات أكثر فاعلية للحد من استخدام المبيدات الضارة وضمان سلامة الغذاء في جميع أنحاء العالم.
الخاتمة
يعد تلوث اللبن ومنتجاته بمبيدات الآفات من القضايا الصحية المهمة التي تتطلب اهتمامًا خاصًا. من خلال تطبيق تدابير الوقاية الصحيحة، والرقابة الفعالة، وتعزيز الوعي بين المزارعين والمستهلكين يمكن أن يقلل من وجود هذه المتبقيات والحفاظ على صحة الإنسان وسلامة البيئة.
متبقيات المبيدات في اللبن ومنتجاته ليست فقط مسألة بيئية، بل تتعلق بصحة الإنسان والسلامة العامة.
ويجب على جميع الأطراف المعنية من مزارعين إلى مستهلكين التعاون من أجل تقليل المخاطر المرتبطة بتلوث الغذاء بالمبيدات. ومن خلال تبني أساليب زراعية أكثر أمانًا ومراقبة صارمة يمكن ضمان أن تظل منتجات الألبان آمنة للمستهلكين.
المراجع
Bedi, J. S., Gill, J. P. S., Kaur, P., & Aulakh, R. S. (2018). Pesticide residues in milk and their relationship with pesticide contamination of feedstuffs supplied to dairy cattle in Punjab (India). Journal of Animal and Feed Sciences, 27(1): 18-25.
Pagliuca, G., Serraino A., Gazzotti T., Zironi E., Borsari A., Rosmini R., (2006). Organophosphorus pesticides residues in Italian raw milk. J. Dairy. Res. 73:340–344.
Salama, A. K. (2017). Lactational Exposure to Pesticides: A Review. Toxicol Open Access 3: 123. of, 9, 3.
Zeinab M. A.; Dina N. A.; Salwa S. T. and Eman M. A. (2015). Quantification of some pesticide residues in raw and heat treated milk.” Egypi. J.l of Chem. and Environ. Health, 1 (1): 704-714.
