
ضربت عاصفة رملية حقول الحنطة في صحراء النجف جنوب العراق، فيما عبّر خبراء عن قلقهم الشديد من تزايد الاعتماد على المياه الجوفية، في وقت يعاني فيه العراق من موجات جفاف متكررة وانخفاض في تدفق نهري دجلة والفرات.
يعتمد الفلاحون في هذه المناطق البعيدة عن مصادر المياه السطحية على أنظمة ري حديثة بالرش، ما يسهم في تقليل هدر المياه بنسبة تصل إلى 50%، وأصبحت هذه الأنظمة شائعة بين مزارعي العراق خلال السنوات الأخيرة.
مع تراجع سقوط الأمطار، اتجهت الحكومة العراقية إلى الاعتماد بشكل متزايد على المياه الجوفية، حيث تصنف الأمم المتحدة العراق ضمن أكثر خمس دول تأثرًا بالتغير المناخي.
وبحسب وزارة الزراعة، زُرع نحو 3.1 ملايين دونم بأنظمة الري الحديثة باستخدام المياه الجوفية خلال موسم الشتاء، مقابل مليوني دونم بالري السطحي.
حققت زراعة الحنطة في الصحراء مردودًا اقتصاديًا أعلى مقارنة بالأراضي الطينية، إذ سجل موسم 2023-2024 أرباحًا زادت ثماني مرات عن الموسم السابق، إلا أن الخبراء يحذرون من الإفراط في استغلال المياه الجوفية دون رقابة، مما قد يؤدي إلى كارثة مائية مستقبلاً.
أكد مدير زراعة النجف، منعم شهيد، أن الحكومة تدعم أنظمة الري بالتقسيط الميسر وتشتري المحاصيل بأسعار تفضيلية، مع التشديد على ترشيد استهلاك المياه الجوفية وحصر حفر الآبار بالأنشطة الزراعية فقط.
كما صرح المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، أن السلطات تعمل على وضع آليات صارمة لمنح تصاريح حفر الآبار في المناطق الصحراوية بناءً على وفرة المياه.
من جهته، أوضح الخبير سامح المقدادي أن مستويات المياه الجوفية بدأت بالانخفاض منذ عام 2013، خصوصًا في خزاني الدمام وأم الرضمة المشتركين بين العراق والسعودية والكويت، مشيرًا إلى أن الحفر بات يتطلب عمقًا يصل إلى 300 متر بدلًا من 50 مترًا كما في السابق.
وحذر المقدادي من أن غياب البيانات الحديثة عن حجم المياه الجوفية، وسوء التنسيق بين الجهات الرسمية، يجعل من إدارتها أمرًا شبه مستحيل.
ويؤكد الخبراء أهمية استخدام المياه الجوفية فقط في حالات الطوارئ، محذرين من أن اعتبارها بديلًا دائمًا للأنهار سيؤدي إلى كارثة بيئية في المستقبل القريب.