تقاريرحوارات و مقالات

ماذا تعرف عن البصمة الكربونية وعلاقتها ببعض محاصيل الخضر؟

بقلم الدكتورة دعاء أبو بكر محمد جاد  والدكتورة رضا دهشور عبد الغنى

            باحث أول                             باحث

قسم بحوث الأرصاد الجوية الزراعية- المعمل المركزى للمناخ الزراعى- مركز البحوث الزراعية- مصر 

يهدف القطاع الزراعى إلى توفير الإنتاج الزراعى واستدامته والعمل على حماية الأمن الغذائى وتقليل فاتورة الاستيراد وزيادة حجم الصادرات الزراعية والتى تُعد اهم مصادر الدخل القومى من العملات الأجنبية، وسيكون للبصمة الكربونية عامل مهم جدا فيما يخص الصادرات الزراعية المصرية لدول الإتحاد الأوروبي بسبب ان الإتحاد الأوروبي أعتمد ما يطلق عليه الصفقة الخضراء والتي بموجبها سيكون هناك بعض الإعتبارات الإضافية «مقدار البصمة الكربونية لكل منتج زراعي يتم تصديره إلي دول الإتحاد الأوروبي مما يستجوب ان يتم التفكير في موضوع البصمة الكربونية مبكرة من خلال منهجية يتم الإعتماد عليها خلال هذه المراحل.

لذلك لابد من وضع سياسات وتبنى الممارسات الزراعية الذكية مناخيا. وتُعد البصمة الكربونية أحد أهم المؤشرات البيئية والتى تقيس معدلات انبعاث غازات الاحتباس الحرارى خاصةً غاز ثانى أكسيد الكربون على مختلف المستويات خاصة الناتجة عن الأنشطة البشرية، ويعتبر قياس البصمة الكربونية باستمرار هدفًا واضحًا للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

الجدير بالذكر أن جميع المعاملات الزراعية بدءً من المعاملات الخاصة بالتربة وعمليات الرى والتسميد والمبيدات وعمليات ما بعد الحصاد مثل النقل والتخزين والتسويق يتم استهلاك كميات كبيرة من عنصر الكربون مما ينتج عنه انبعاث كميات كبيرة من غاز ثانى اكسيد الكربون إلى الغلاف الجوى والذى يترتب عليه زيادة فى ظاهرة الاحتباس الحرارى والتى تلعب دور كبير فى زيادة درجات الحرارة على سطح الارض.

كيف يتم حساب البصمة الكربونية؟

ويتم حساب البصمة الكربونية لمحصول معين عن طريق تحديد كمية الإنبعاثات من غاز ثانى أكسيد الكربون لكل سلسلة من المعاملات المُتعلقة بهذا المحصول، مثل معاملات التربة والري واستخدام الأسمدة ومقاومة الأمراض والمعاملات الحقلية الخ وبالتالى يتم قياس البصمة الكربونية بعدد الأطنان من ثاني أكسيد الكربون المُنبعثة سنوياً. يعد توثيق البصمة الكربونية للمحاصيل الزراعية أحد عوامل التخفيف من آثار تغير المناخ

وبالفعل قامت الدولة المصرية فى عام 2023 متمثلة فى وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى ومن خلال مركز البحوث الزراعية ضمن مشروع ممول من منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة فى توثيق البصمة الكربونية لعدد من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والينسون والكركديه فى 30 قرية فى 4 محافظات ( كفر الشيخ وبني سويف وأسوان والمنيا) في الأراضي المستصلحة، وبعضها يقع في مناطق نائية لا تصل إليها خدمات زراعية عديدة.

أهداف توثيق البصمة الكربزونية

ويهدف توثيق البصمة الكربونية إلى المضى قدمًا فى خفض الانبعاثات الكربونية للتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية واستدامة الإنتاج الزراعى وتعزيز الدور الريادى بالنسبة للدولة المصرية فى الحفاظ على البيئة والذى يتفق مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ورؤية مصر 2030.” ومن شأن هذا المشروع أن يعزز موقع مصر في المفاوضات المتعلقة بتغير المناخ، وكذلك المحادثات المرتبطة بتصدير المحاصيل الزراعية

وقال ممثل الفاو في القاهرة: “حسبنا كل هذه المعاملات مجتمعة وتأثيرها في انبعاثات إنتاج كل سلعة وتحديد البصمة الكربونية لها، على سبيل المثال: نسبة هبوط الانبعاثات عند خفض سماد اليوريا في الزراعة، والمياه والتقليل من الري وملوحة التربة والمبيدات في المقاومة”.

كما عمل المشروع على محاصيل ذات بصمة كربونية أقل بما يسمح بوجود منهج في إنتاج المحاصيل..

كما وأن مشروع توثيق البصمة الكربونية للمحاصيل الزراعية، يحمل أمرًا أكثر أهمية، وهو القدرة على تقدير الانبعاثات وحُدِّدَت نسب للقمح والذرة وغيرهما من المحاصيل وأضاف أن هذا التوثيق الرسمي يفيد في أنه يسمح بوجود منهج في إنتاج المحاصيل ، وتحديد انبعاثات غازات الإحتباس الحرارى لكل محصول.

حيث أن مساهمة مصر في الانبعاثات الكربونية العالمية قليلة، لكن مثل هذا المشروع يوضح إذا كانت تتحرك لمزيد من خفض الانبعاثات من عدمه.

وهذا مهم جدًا وبقدر ما يكون هناك تقدير وحساب للبصمة الكربونية بقدر ما تسهل على البلد المعني والخبراء والجهات الرسمية في التفاوض مع العالم الخارجي على أمور متعلقة بتغير المناخ، على أساس معلومات، وعدم توافر تلك المعلومات عن البصمة الكربونية، سيكون هناك نقص في المعلومات الأساسية. وسيكون لحساب البصمة الكربونية للمحاصيل الزراعية دور أساسي في تبادل السلع والتجارة الدولية بصورة عامة

الزراعة الحضرية في المدن

تشكّل الزراعة الحضرية التي يمارسها الملايين من الأشخاص داخل المدن، جانباً محورياً في النظام الغذائي العالمي، وهي تحمل غالباً راية الاستدامة والانسجام مع البيئة. ومع ذلك فهى تمثل بصمة كربونية للمزارع الحضرية أعلى من المتوقع مقارنة بنظيراتها التقليدية.

تشمل الزراعة الحضرية أشكالاً مختلفة من الأنشطة الزراعية داخل المناطق الحضرية وما يحيط بها حيث تتم زراعاتها في الأفنية الخاصة، وحدائق المشاعات المشتركة، وزراعة الأسطح، والزراعات المائية «هيدروبونيك وأكوابونيك»، والزراعة العمودية الداخلية. وتكون هذه الزراعات عادةً قائمة على الأرض أو مدمجة في المبنى، مع أو من دون تكييف المكان المخصص لها.

وتؤمّن الزراعة الحضرية حالياً نحو (5 : 10 %) من إنتاج الغذاء العالمي، مع حصة أكبر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. كما توفّر خدمات متعددة للنظام البيئي تصل قيمتها إلى 33 مليار دولار سنوياً، وتشمل خدمات إنتاج الغذاء، وتوفير الطاقة، وعزل النيتروجين، وتجنُّب جريان مياه الأمطار. وفي سيناريو الزراعة الحضرية المكثّفة، يمكن أن تصل القيمة الإجمالية لهذه الخدمات إلى ما يتراوح بين 80 و160 مليار دولار سنوياً..

البصمة الكربونية للزراعة الحضرية

تساهم الزراعة الحضرية في التكيُّف مع تغيُّر المناخ والتخفيف من آثاره. ومن خلال تشجيع إضفاء الطابع الإقليمي على النظم الغذائية، تساعد الزراعة الحضرية على إعادة ربط سكان الحَضَر بدورات الطبيعة وتقلل انبعاثات نقل الأغذية. ومع ذلك تبقى قدرة الزراعة الحضرية الإجمالية على خفض الإنبعاثات موضع تساؤل ويرجع ذلك أساساً إلى متطلبات تخصيص المساحات ذات البنية التحتية المكثّفة والطلب المرتفع على الطاقة واستهلاك المياه.

وتكشف نتائج دراسة نشرتها دورية «نيتشر سيتيز» في شهر فبراير الماضي عن زيادة بمقدار ستة أضعاف في متوسط البصمة الكربونية لكل وجبة فواكه أو خضراوات تكفي شخصاً واحداً جرَت زراعتها حَضَرياً؛ إذ بلغت الانبعاثات 420 جراماً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للمزارع الخضرية، مقارنة بـ70 جراماً فقط للمزارع التقليدية.

ولاحظت الدراسة أن البنية التحتية المستخدمة في المزارع الخضرية تؤثّر بشكل كبير في متوسط بصمتها الكربونية. وغالباً ما تعتمد المزارع الحضرية على الأحواض الزراعية المرتفعة، وحاويات تخمير السماد العضوي، وغيرها من العناصر المبنية التي يكون عمرها الافتراضي أقصر بسبب واقع التنمية الحضرية. ويساهم نقل الأحواض الزراعية، وإعادة بناء الهياكل، إلى جانب استهلاك المواد المستخدمة، في ارتفاع البصمة الكربونية.

وتشجّع الدراسة على الزراعة الحضرية للمحاصيل التي يتم نقلها تقليدياً لمسافات طويلة، أو زراعتها في الدفيئات المستنزفة للموارد. ومن خلال اختيار مثل هذه المحاصيل وإنتاجها محلياً في المناطق الحضرية يمكن تقليل البصمة الكربونية بشكل كبير. كما يتيح تدوير النفايات الحضرية بتحويلها إلى سماد عضوي ومحسِّن للتربة، حلاً مستداماً لتقليل الاعتماد على الأسمدة المنتجة تجارياً، وتعويض تكاليف الكربون المرتبطة بالإنتاج والنقل.

العلاقة بين البصمة الكربونية والزراعة الحضرية

إن العلاقة بين الزراعة الحضرية والبصمة الكربونية معقدة، مما يجعل فهم ديناميكيات الكربون في إنتاج الغذاء في المناطق الحضرية وتحسينها أمراً بالغ الأهمية في مواجهة تغيُّر المناخ. ومن خلال تبنِّي الممارسات المستدامة والبحث والتطوير، يمكن للزراعة الحضرية أن ترقى إلى مستوى وعدها بتوفير الغذاء وخفض الانبعاثات.

وهناك دراسة حديثة أجرتها جامعة ميشيجان في عالم الزراعة الحضرية، حيث اوضحت الدراسة ان هناك بعض المحاصيل، مثل الطماطم المزروعة في قطع الأراضي الحضرية في الهواء الطلق لديها كثافة كربون أقل مقارنة بتلك المزروعة في البيوت الزجاجية التقليدية. فإن تتفاوت محاصيل الخضراوات تفاوتًا كبيرًا في إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة، وكذلك الانبعاثات حسب مساحة الإنتاج. على سبيل المثال، يُنتج إنتاج البطاطس أكبر انبعاثات إجمالية من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، إذ يزيد عن ثلاثة أضعاف ثاني أكبر فئة إنتاج. ومع ذلك من حيث الانبعاثات لكل هكتار من المحصول المزروع، تقترب البطاطس من متوسط ​​انبعاثات الخضراوات ككل (9.2 طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ للهكتار).

ولعلّ أهمّ اعتبارٍ للمهتمين بهذه القضية هو الانبعاثات لكل طنّ من المحاصيل المُنتَجة. فالمحاصيل منخفضة الغلة، وإن كانت عالية القيمة، مثل البازلاء والهليون هي الأعلى انبعاثاتًا لثاني أكسيد الكربون المكافئ لكلّ طنّ، بينما الخيار والكرفس والجزر هي الأقلّ انبعاثات.

 

اما بالنسبة للخضروات الورقية فهي تعد الخضر متعددة الحشات وتكمن اهمية معرفة مصدر زراعة هذه المحاصيل الى تناول معظمها بصورة طازجة، ونظرا لسرعة ذبول وعطب تلك الخضروات فانه يتم زراعتها في المساحات الصغيرة اي القزمية تقريبا وفي الاماكن القريبة من مناطق التسويق والاستهلاك. كما تزرع هذه المحاصيل في مناطق مختلفة من الجمهورية حيث تم زراعة ما يقرب من 565 الف فدان بالخضر الورقية في مصر عام 2018 ومن هذه الخضر الملوخية والسبانخ والفجل والخس والبقدونس والجرجير والكرات والشبت والكسبرة والسلق والكرفس مثلت مساحتها 3.5% من اجمالي المساحة المنزرعة بالخضر بينما يمثل إنتاجها 2.6% من اجمالي الخضر خلال نفس العام.

 

زر الذهاب إلى الأعلى