د إسلام أبوالعلا يكتب: اليوم العالمي لصحة النبات: ركيزة أساسية لمفهوم الصحة الواحدة الشامل

مشرف وحدة الصحة النباتية – الحجر الزراعى المصرى – استشارى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO – الخبير لدى الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات IPPC-الخبير لدى منظمة وقاية النباتات للشرق الأدنى NEPPO
يحل علينا اليوم العالمي لصحة النبات 12 مايو 2025 ليجدد في أذهاننا حقيقة جوهرية تتجاوز حدود القطاع الزراعي والاقتصادي، لتلامس صميم رفاهية كوكبنا وسكانه: صحة النبات ليست مجرد عنصر من عناصر الاستدامة، بل هي حجر الزاوية في تحقيق مفهوم “الصحة الواحدة” بمفهومه الأشمل والأكثر تكاملاً.
إن مبادرة الصحة الواحدة، التي ترسخ الترابط الحيوي بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، تجد في صحة النبات دعامة لا غنى عنها. فالنباتات، بصفتها المنتج الأولي للغذاء والعمود الفقري للنظم البيئية، تمثل نقطة التقاء حاسمة لهذه الأبعاد الثلاثة للصحة.
عندما تتمتع النباتات بصلابة البناء وقدرة فسيولوجية مثالية، فإنها تساهم بشكل فعال في:
• ضمان الأمن الغذائي المستدام: من خلال إنتاج محاصيل وفيرة ذات قيمة غذائية عالية، تلبي الاحتياجات المتزايدة للسكان وتحد من مخاطر نقص الغذاء.
• تعزيز التنوع البيولوجي الغني: النظم البيئية المزدهرة، التي تقوم على تنوع نباتي صحي ومتوازن، توفر الركائز الضرورية لمختلف أشكال الحياة، وتحافظ على التوازن البيئي الدقيق.
• الحفاظ على سلامة الموارد الطبيعية: النباتات الصحية تلعب دورًا محوريًا في تنظيم الدورات الهيدرولوجية، وتثبيت التربة ومنع التدهور، وتنقية الهواء من الملوثات، مما يضمن استدامة الموارد الحيوية كما تحافظ على جودة الهواء والماء حيث أن النباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين.
• الحد من انتشار الآفات والأمراض: النباتات القوية ذات المناعة العالية تقلل من الاعتماد على التدخلات الكيميائية المكلفة والضارة، وتحمي بذلك صحة الإنسان والبيئة من الآثار السلبية للمبيدات.
وعلى النقيض، فإن تدهور صحة النبات، سواء نتيجة للآفات والأمراض أو الضغوط البيئية، يحمل في طياته تداعيات بعيدة المدى على الصحة العامة. يمكن أن يؤدي نقص الغذاء الناتج عن تدهور انتاج المحاصيل إلى تفاقم مشكلات سوء التغذية سواء للإنسان او الحيوان، وقد تشكل بعض الأمراض النباتية تهديدًا مباشرًا أو غير مباشر لصحة الحيوان والإنسان. كما أن الاستخدام غير الرشيد للمبيدات يمثل خطرًا بيئيًا وصحيًا جسيمًا.
وهناك العديد من التحديات لصحة النباتات منها
• الآفات والأمراض النباتية: حيث تسبب خسائر تصل إلى 40% من المحاصيل الغذائية سنويًا، مما يؤثر على الأمن الغذائي والاقتصاديات الزراعية.
• التغير المناخي: يساهم في انتشار الآفات والأمراض إلى مناطق جديدة، مما يزيد من التهديدات البيئية.
• التجارة والسفر الدولي: يسهمان في إدخال ونقل الآفات والأمراض عبر الحدود، مما يستدعي تعزيز التدابير الوقائية.
أهداف اليوم العالمي لصحة النبات
وهنا لابد أن نذكر بأهداف اليوم العالمي لصحة النبات حيث تسعى الأمم المتحدة من خلال هذا اليوم إلى تحقيق عدة أهداف، منها:
1. زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على صحة النباتات لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، خاصة الهدف الثاني (القضاء على الجوع).
2. تقليل مخاطر انتشار الآفات: من خلال التجارة والسفر، عبر تحفيز الامتثال للمعايير الدولية للصحة النباتية.ISPMs
3. تعزيز أنظمة المراقبة والإنذار المبكر لحماية النباتات وضمان صحتها.
4. تمكين الإدارة المستدامة للآفات ومبيدات الآفات، للحفاظ على صحة النباتات مع حماية البيئة.
5. تشجيع الاستثمار في الابتكارات والبحوث: وتنمية القدرات والتوعية في مجال الصحة النباتية.
إن اليوم العالمي لصحة النبات ليس مجرد مناسبة للاحتفاء بأهمية النباتات، بل هو دعوة ملحة لتفعيل استراتيجيات متكاملة تضع صحة النبات في صميم أولوياتنا. يتطلب ذلك تعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا والمستدامة، وتكثيف الاستثمار في البحث العلمي والابتكار في مجال وقاية النبات، وتعميق الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع الوراثي للنباتات البرية والمزروعة.
دور صناع القرار في دعم عمل الصحة النباتية
ومع الانتهاء من المقالة فلابد من استعراض بعض التوصيات للسادة صناع القرار وذلك لتمكين العاملين بمجالات الصحة النباتية من الحفاظ على صحة النباتات ولعل أهم تلك التوصيات هي :
• تعزيز التعاون الدولي: لتبادل المعرفة والخبرات في مجال صحة النبات.
• الاستثمار في البحث والابتكار: لتطوير حلول فعّالة ومستدامة لمكافحة الآفات والأمراض النباتية.
• التوعية والتعليم: لرفع الوعي العام حول أهمية صحة النبات ودورها في تحقيق الأمن الغذائي وحماية البيئة.
• تعزيز السياسات الوطنية: لدعم استراتيجيات فعّالة لحماية صحة النبات في إطار “الصحة الواحدة”.
ختامًا، نؤكد أن الاستثمار في صحة النبات هو استثمار في صحة الإنسان والحيوان والبيئة على حد سواء. فلنتضافر جهودنا، على المستويات الفردية والمؤسسية والحكومية، لضمان مستقبل مزدهر ومستدام للأجيال القادمة، قوامه نباتات صحية وبيئة سليمة.
# يوم_صحة_النبات