بحوث ومنظماتتقاريرحوارات و مقالات

د رضا عامر تكتب: تعظيم الإستفادة من مخلفات الخضر والفاكهة

رئيس بحوث – قسم بحوث الحاصلات البستانية – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية- مركز البحوث الزراعية – مصر
من أهم القضايا التي تهتم بها مصر حالياً هو تدوير المخلفات الزراعية ومنها مخلفات الخضر والفاكهة والتي تؤدى تراكمها الى حدوث مشاكل بيئية تزداد خطرها يوم بعد يوم وخاصة في حالة تركها وعدم الاستفادة منها حيث أن ذلك يعتبر إهدار لموارد طبيعية مستدامة لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل سوف تصبح مصدر للدخل القومي ونتوقف عندئذ عن استيراد المواد المستخدمة في كثير من الصناعات سواء كانت صناعات غذائية أو دوائية أو إنتاج الاعلاف الحيوانية التي تستخدم في تنمية الثروة الحيوانية.

ولذلك نجد أنه في إطار خطة الدولة للتنمية المستدامة وتدوير المخلفات الزراعية ورؤية مصر 2030 تم الإعلان عن حزمة من المشاريع الاستثمارية في مجال تدوير المخلفات الزراعية ومنها إنتاج أعلاف الحيوانات من مخلفات الخضر والفاكهة الناتجة من أسواق التجزئة والتصنيع الغذائي ، استخلاص البكتين من مخلفات الموالح وإنتاج السماد العضوي .

كما استطاعت مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة والعديد من شركات تدوير المخلفات إنتاج الوقد الحيوي حيث أن الوقد الأحفوري غير متجدد وفي طريقه إلى النضوب بالإضافة الى أنه مسؤول عن ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحرارى والذى تؤدى الى حدوث التغيرات المناخية .

بالإضافة الى ذلك نجد أن كثير من الدراسات تناولت تدوير مخلفات الخضر والفاكهة في انتاج البلاستيك الحيوي كبديل للبلاستيك العادي المسبب لكثير من المشاكل البيئة وكذلك انتاج الأسمنت الحيوي كبديل للأسمنت العادي والذى يؤدى إنتاجه الى كثير من الانبعاثات الحرارية .

علاوة على ذلك أيضا تناولت كثير من الدراسات كيفية الاستفادة من مخلفات الخضر والفاكهة في تنقية مياه الصرف (الصرف الزراعي والصناعي) من الملوثات مثل الصبغات ومتبقيات المبيدات وكذلك المعادن الثقيلة وبالتالي الاستفادة من المياه بعد تنقيتها وخاصة أن مصر لديها مشكلة في توافر المياه خاصة بعد بناء سد النهضة .

علاوة على ذلك يمكن أيضا إدراج مخلفات التصنيع الغذائي كمصدر للغذاء حيث أن مصر تنتج كميات كبيره منها على سبيل المثال نجد أن نسبة مخلفات التصنيع الغذائي لعصر الموالح تمثل 55-60% من وزن الثمار. هذه المخلفات(قشور ، بذور ، سيقان ، أوراق ، نوى ، تفل) بصفة عامة غنية بالمركبات النشطة بيولوجيا مثل (الألياف الغذائية، البروتينات، الزيوت والدهون، المركبات الفينولية والفلافونيدات، والصبغات الطبيعية مثل الليكوبين والانثوسيانين والكاروتيدويدات والكلوروفيل، والفيتامينات والمعادن، الانزيمات وما إلى ذلك) .

هذه المكونات لها القدرة على تحفيز الأنشطة المعززة الصحة العامة والوقاية من العديد من الامراض وبالتالي يمكن استخدامها والاستفادة منها في إنتاج أغذية وظيفية مثل المخبوزات ومنتجات اللحوم والاسماك ومنتجات الألبان وبالتالي تقليل تكاليف الإنتاج وتحسّين استدامة الغذاء و تعزيز المحتوى الغذائي للأغذية الوظيفية في معالجة أزمة الأمن الغذائي الوشيكة.
– فمثلا منتجات المخابز تعتبرمن أكثر الأغذية التي يتم تداولها واستهلاكها بكميات كبيرة بالإضافة الى ذلك يتم تصنيعها من دقيق فائق المعالجة درجة استخلاصه 72% وبالتالي يكون المؤشر الجلايسيمي لها مرتفع مما يعرض المستهلكين للإصابة بمرض السكر من النوع الثاني.

ولذلك في حالة تدعيم هذه الأغذية بالمنتجات الثانوية للخضر والفاكهة الناتجة من التصنيع الغذائي (قشور البرتقال المجفف، قشور المانجو، تفل التفاح، تفل العنب، تفل الطماطم، …………….الخ) يتم تحسين الجودة التغذوية لهذه الأغذية عن طريق إدراج الالياف الغذائية والتي تبطئ من هضم الكربوهيدرات وبالتالي تقلل من المؤشر الجلايسيمي.

كما يلجأ مصنعي اللحوم وكذلك الباحثين في هذا المجال على تحسين الجودة التغذوية لهذه المنتجات عن طريق إضافة الالياف الغذائية حيث أن منتجات اللحوم خالية منها علاوة على ذلك أثناء العمليات التصنيعية وخلال فترة التخزين لهذه الأغذية تتعرض لعمليات الأكسدة التي تؤثر على صلاحية المنتج وتؤدي الى فساده وبالتالي يتم اللجوء الى مضادات أكسدة صناعية التي لها أضرار محتملة على الصحة ولذلك يبحث المستهلكون عن الأغذية الخالية من المضافات الصناعية ولذلك يمكن إضافة المنتجات الثانوية كمصدر لمضادات الاكسدة الطبيعية مثل المركبات الفينولية والفلافونيدات والتي لها القدرة على حماية المنتج.

أيضاً تعتبر منتجات الألبان من المنتجات خالية من الالياف الغذائية والفقيرة في نسبة الحديد وفيتامين سي علاوة على ذلك أثناء تصنيع هذه المنتجات يتم استخدام المثبتات لربط المكونات ببعضها وخاصة في حالة المنتجات خالية الدهون حيث أن الدهن يعمل على ربط المكونات ببعضها ولذلك يمكن استخدام عديد من المنتجات الثانوية كمصدر للألياف الغذائية والتي تعمل أيضا كمثبتات مثل البكتين (مصدره قشور البرتقال وتفل التفاح ) ، صمغ الخروب ( مصدره بذور الخروب ) ، الإنيولين ( مصدره جذور الشيكوريا ، جذور الخرشوف ) .

بالإضافة الى ذلك نجد أن كثير من الدراسات تبحث حاليا عن الانزيمات النباتية كبديل للمنفحة الحيوانية التي تستخدم في تصنيع العديد من الأجبان حيث زاد الطلب حاليا على المنفحة الحيوانية نظراً لزيادة الطلب العالمي على الاجبان.

أيضا يمكن الاستفادة من المنتجات الثانوية لتصنيع الخضر والفاكهة في استخلاص بعض المركبات الطبيعية الفعالة مثل (مضادات الأكسدة، مضادات الميكروبات، الصبغات، الانزيمات، المستحلبات) والتي يمكن أن تحل محل الإضافات الصناعية وذلك تلبية لرغبة المستهلكين في الحصول على أغذية خالية من المضافات الصناعية وذلك مواكبة العلامة النظيفة.

على الرغم من الفوائد التي تعود على صحة الإنسان والاقتصاد والبيئة من استخدام النفايات الزراعية الغذائية والمنتجات الثانوية، فإن دمجها في الأغذية بصفة عامة قد ينظر المستهلكون إلى المنتجات الثانوية على أنها غير آمنة أو غير مقبولة للاستهلاك، مما يؤدي إلى إحجامهم عن شراء الأطعمة التي تحتوي عليها، بالإضافة الى أن استخدامها مقيد بمركبات خطيرة محتملة على الصحة.

ويمكن أن تشمل هذه المخاطر الملوثات الفيزيائية والكيميائية التي تشكل تهديداً لصحة الإنسان. ومع ذلك، لم يتم إجراء تقييم السلامة وتحديد الملوثات السامة إلا في عدد محدود من الدراسات.

في محاصيل العنب وجد انها بيتم الاحتفاظ بنسبة 90 % من السموم الفطرية أوكراتوكسين أثناء خطوات المعالجة في المنتج الثانوي. وبالتالي، إذا تم استخدام ثفل العنب كمكون، فقد يمثل خطراً على الصحة بسبب وجود الأوكراتوكسين المحتمل، والذي يعتبر مسبباً للسرطان.

علاوة على ذلك، فإن ثباته الحراري حتى في درجات حرارة تصل إلى 250 درجة فهرنهيت (110◦ C درجة مئوية) يجعل من الصعب التخلص منه.

بالإضافة الى ذلك قد تكون المركبات الأخرى موجودة أثناء نمو المحصول، مثل بقايا المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة ولذلك يجب أن تلتزم هذه النفايات والمنتجات الثانوية الزراعية الغذائية بالمتطلبات القانونية وأن تخضع للتقييمات لتقييم المخاطر على صحة الإنسان والتأكد من ضمان سلامتها قبل طرحها في السوق.

وفى النهاية فإن الالتزام بلوائح سلامة الأغذية وإجراء اختبارات وتحليلات شاملة يمكن أن يُطلق العنان لإمكانات المنتجات الثانوية للفاكهة والخضراوات مع ضمان سلامة المستهلك

 

زر الذهاب إلى الأعلى