أزمة غير مسبوقة تهز صناعة البن في البرازيل بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار

تشهد البرازيل، أكبر منتج للقهوة عالميًا، واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخها الحديث، بعد أن تسببت موجات الجفاف الشديدة ودرجات الحرارة المرتفعة في تراجع غير مسبوق في إنتاج البن، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره بنسبة قاربت 40% خلال عام واحد، وفق تقارير نشرتها صحف عالمية بينها “فاينانشال تايمز” و”رويترز”.

تزامن هذا الارتفاع الكبير في الأسعار مع موجة تضخم أوسع شملت سلة الغذاء الأساسية، والتي ارتفعت بنسبة 14.2% بين ديسمبر 2023 و2024، ما أدى إلى تراجع نسبة تأييد الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى 24% فقط – وهو أدنى مستوى له على الإطلاق خلال فتراته الرئاسية الثلاث.

أدى الجفاف في العام الماضي، الذي اعتُبر الأكثر حرارة في تاريخ البرازيل، إلى تراجع كبير في كميات البن المنتجة. وأفادت كبرى التعاونيات الزراعية، مثل “كوكسوبي” و”كوكابيك”، بأن 90% من محصول 2024 تم بيعه بالفعل، وسط نقص غير مسبوق في المخزونات، حيث قال مدير مبيعات كوكابيك: “لم نشهد قط مثل هذا الانخفاض في فبراير”.

شركة “نادي مقاهي البرازيل” التي تقدم اشتراكات شهرية لتجربة أنواع مختارة من القهوة، قالت إنها اضطرت لرفع أسعارها بسبب صعوبة الحصول على البن، ما تسبب في فقدانها لأكثر من 100 عميل في فبراير فقط.
وأوضحت كيلي فيريرا، إحدى “صائدات القهوة” في الشركة، أن تغير المناخ أثّر بشكل مباشر على كمية وجودة القهوة، مضيفة أن السوق بات يتغير بوتيرة لا يمكن مجاراتها بسهولة.

زادت المخاوف لدى المزارعين المحليين بعد قرار الحكومة البرازيلية الأخير بإلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الغذائية الأساسية، بما فيها القهوة، مما سمح بدخول واردات أجنبية أرخص، وهو ما يزيد من صعوبة منافسة المزارعين المحليين.

ليست البرازيل وحدها من تواجه هذه الأزمة. فقد سجلت دول مثل هندوراس والمكسيك تراجعًا حادًا في إنتاج البن نتيجة تقلبات المناخ وارتفاع التكاليف، بينما شهدت كولومبيا ارتفاعًا قياسيًا في الإنتاج بنسبة 23%، وسجلت كوستاريكا نموًا متوقعًا قدره 8.6% في موسم 2024-2025.

يرى خبراء القهوة أن الوقت قد حان لإعادة تنظيم السوق وتوطيد الشراكات بين المنتجين والمشترين من أجل الحفاظ على هذه الصناعة التي تُعد ركيزة اقتصادية واجتماعية في دول أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها البرازيل.