أزمة صادرات الحبوب الأمريكية: تراجع حاد في الطلب الصيني وتحوّل نحو السوق المحلي

يواجه قطاع الحبوب في الولايات المتحدة أزمة متصاعدة، بعد انخفاض كبير في مبيعات المحاصيل الجديدة، نتيجة تراجع الطلب الصيني، الذي يُعد الشريك التجاري الأكبر تقليديًا. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن بنك “كوبانك”، فإن حالة عدم اليقين في السياسات التجارية بين واشنطن وبكين أربكت خطط شركات تصدير الحبوب، مما دفعها لإعادة النظر في استراتيجياتها.
غموض يحيط بالصادرات الأمريكية
انخفضت تعاقدات الشراء الآجل من عدد كبير من المستوردين، الذين اتجهوا بدورهم إلى السوق الفورية، مما ضاعف الضغوط على شركات الحبوب والتجارة. وأوضح تانر إهمكي، خبير اقتصادي بالبنك، أن التجار باتوا يعولون بشكل أكبر على السوق المحلية لتعويض الفجوة الناجمة عن غياب المشترين الدوليين، قائلًا: “من الضروري أن توسع الشركات عروضها لجذب الطلب الداخلي”.
أرقام تعكس عمق الأزمة
بحلول 1 مايو 2025، انخفضت مبيعات محصول فول الصويا الجديد بنسبة 88.2%، بينما تراجعت مبيعات الذرة بنسبة 26.9%. أما القمح، فرغم بقائه قريبًا من المتوسط التاريخي، فإنه لم يسجل أي نمو يُذكر. والأكثر لفتًا للانتباه هو أن الصين لم تُبرم أي صفقة لشراء فول الصويا أو الذرة أو القمح الأمريكية، ما يعكس التوتر التجاري القائم.
الصين تغيّر بوصلتها
في المقابل، وسّعت الصين اعتمادها على السوق البرازيلية، وأوقفت التعامل مع ثلاث شركات أمريكية، إلى جانب توقيع اتفاقيات مع شركات أرجنتينية لتوريد فول الصويا والذرة والزيوت النباتية. كما شهدت مشتريات دول مثل المكسيك واليابان والفلبين وكوريا تراجعًا ملحوظًا، مقارنة بالمستويات المعتادة.
المحاصيل القديمة تنقذ الموقف
رغم تراجع مبيعات المحاصيل الجديدة، ساعد الطلب المحلي القوي ومبيعات المحاصيل القديمة في تحسين أداء صادرات موسم 2024/2025، حيث سجلت:
- الذرة: زيادة بنسبة 27% في التزامات التصدير
- فول الصويا: نمو بنسبة 13%
- القمح: ارتفاع بنسبة 14% مقارنة بالعام السابق
كما استفادت مصانع الإيثانول وطواحين فول الصويا من تحسن هوامش الأرباح، وحافظت قطاعات الأعلاف والماشية على استقرارها.
تحديات وفرص قيد التبلور
ورغم بدء مفاوضات تجارية مع عدة دول، فإن الغموض ما زال يكتنف مستقبل الصادرات الأمريكية. ومع ذلك، قد توفر بعض المؤشرات بصيص أمل، مثل قوة الطلب المحلي، وانخفاض تكاليف النقل عبر السكك الحديدية، ما قد يسهل شحن الكميات شرقًا. كما أن ضعف الدولار الأمريكي قد يُسهم في جذب مشتريات جديدة من الأسواق الناشئة، إذا ما استُثمرت الفرصة بالشكل الصحيح.