
أدى التطور المتسارع في علوم تغذية الحيوان إلى البحث عن مصادر طبيعية ومحسّنات غذائية تُسهم في رفع كفاءة الإنتاج الحيواني وتحسين جودة المنتجات النهائية خاصة اللحوم. ومن بين هذه المحسّنات يبرز الحمض الأميني “الأرجنين” ومستخلصات “أوراق الزيتون” بوصفهما مضافين طبيعيين أثبتا فعالية في تعزيز أداء الحيوانات و الدواجن وتحسين سلامة اللحوم من الناحية الميكروبية والكيميائية يُعزى ذلك إلى خصائصهما المضادة للأكسدة، ودورهما في تعزيز المناعة، وتحسين الكفاءة التحويلية للعليقة.
أولاً: الأرجنين في تغذية الحيوان
الأرجنين (L-Arginine) هو حمض أميني يلعب دوراً محورياً في عدد من المسارات الأيضية الحيوية داخل جسم الحيوان أبرزها:
1. تحسين النمو وبناء العضلات: الأرجنين محفز لإفراز هرمون النمو (GH) والأنسولين، مما يدعم نمو الأنسجة العضلية ورفع معدلات الكسب الوزني اليومي، خاصة في مراحل النمو السريع لدى المجترات والعجول الرضيعة والدواجن.
2. تنشيط المناعة: يساهم في تحسين وظيفة الخلايا البلعمية وتحفيز إنتاج أكسيد النيتريك (NO) الذي يُعد وسيلة دفاع طبيعية ضد البكتيريا والفيروسات.
3. مضاد للأكسدة: يقلل من الإجهاد التأكسدي في أنسجة الحيوان ما ينعكس إيجابًا على استقرار العمليات الحيوية وحيوية الخلايا.
4. تحسين الخصوبة والأداء التناسلي: أثبتت دراسات تأثير الأرجنين الإيجابي على إنتاج الحيوانات المنوية في الذكور وزيادة معدل الخصوبة عند الإناث.
ثانياً: أوراق الزيتون كمضاف طبيعي في علائق الحيوانات
تُعد أوراق الزيتون (Olea europaea L.) من المخلفات الزراعية ذات القيمة الحيوية العالية وتحتوي على مركبات فعالة مثل الأوليوروبين، الفينولات، التربينات، والفلافونويدات وتبرز فوائدها في عدة نقاط:
1. تأثير مضاد للأكسدة: تُسهم المركبات الفينولية في الحد من الإجهاد التأكسدي داخل الجسم مما ينعكس إيجابيًا على الأداء المناعي وتحسين الاستجابة الالتهابية.
2. تحسين كفاءة الهضم والميكروبيوم المعوي: تعمل أوراق الزيتون على تعديل التوازن الميكروبي في الكرش أو الأمعاء مما يُحسّن هضم المواد الغذائية وامتصاص المغذيات.
3. مضاد للميكروبات: تؤثر المستخلصات الفينولية بشكل مباشر على نمو البكتيريا الضارة داخل الجهاز الهضمي مما يقلل من خطر التلوث الداخلي ويُحسّن من الحالة الصحية العامة.
4. تحسين مواصفات اللحوم: عند إدخال أوراق الزيتون ضمن العليقة بنسب مدروسة لوحظ تحسّن في صفات اللحوم من حيث اللون، الطراوة، وتقليل محتوى الدهون المتأكسدة، الأمر الذي يُطيل فترة صلاحية اللحوم.
ثالثاً: التأثير المتكامل للأرجنين وأوراق الزيتون على سلامة اللحوم
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الدمج بين الأرجنين وأوراق الزيتون في علائق الحيوانات يُسهم في تحقيق نتائج تكميلية ومتكاملة لتحسين سلامة اللحوم وجودتها ونستعرض في ما يلي بعض الجوانب ذات العلاقة:
1. تقليل الأكسدة في أنسجة اللحوم: وجود الأرجنين يُحسن من تدفق الدم إلى العضلات ويزيد من وصول المغذيات في حين تمنع مركبات أوراق الزيتون تحلل الدهون بفعل الجذور الحرة مما يحافظ على طراوة ونكهة اللحوم.
2. خفض الحمل الميكروبي: يساعد الأرجنين على تحسين المناعة الذاتية داخل الحيوان في حين تساهم أوراق الزيتون في تقليل نمو البكتيريا مثل Salmonella وE.coli داخل الجهاز الهضمي مما يقلل خطر تلوث اللحوم بعد الذبح.
3. تحسين التركيب الكيميائي للّحوم: لوحظ زيادة في نسبة البروتين العضلي وانخفاض في محتوى الدهون عند استخدام هذه المواد ضمن العليقة ما يزيد من القيمة الغذائية للحوم.
4. الإسهام في الاستدامة: استعمال أوراق الزيتون كمكوّن في الأعلاف يُعد خطوة نحو استغلال المخلفات الزراعية بطريقة اقتصادية وصديقة للبيئة.
رابعاً: الاعتبارات التطبيقية والجرعات
لتحقيق الفعالية المرجوة، يجب استخدام الأرجنين وأوراق الزيتون ضمن حدود مدروسة:
1. الأرجنين: تتراوح الجرعة المثلى ما بين 0.5% إلى 1.5% من العليقة الجافة حسب نوع الحيوان ومرحلة الإنتاج.
2. أوراق الزيتون: يمكن استخدامها طازجة أو مجففة وتتراوح نسب الإضافة بين 5% إلى 10% من إجمالي العلف اليومي مع مراعاة التوازن الغذائي في العليقة.
كما يُفضل استشارة اختصاصي تغذية الحيوان لضبط التركيبات حسب نوع الحيوان والهدف من الإنتاج سواء لحم أو حليب أو تكاثر
الخاتمة:
في ظل البحث المستمر عن بدائل طبيعية وآمنة لتحسين أداء الحيوانات وجودة اللحوم، يُعتبر كل من الأرجنين وأوراق الزيتون من الإضافات الواعدة. فهما يُسهمان بفعالية في تعزيز المناعة تقليل معدلات الأمراض وتحسين جودة وسلامة اللحوم مما ينعكس إيجابيًا على صحة المستهلك النهائي وسلامة السلسلة الغذائية. إن توظيف هذه المكونات الطبيعية في تغذية الحيوان يعزز من الاستدامة البيئية والصحية، ويُمهد الطريق نحو إنتاج حيواني أكثر أمانًا وتوازناً.
عن كاتب المقال
ايمان السيد محمد الخواجة
باحث اول صحة اغذية
معمل المنصورة الفرعي
معهد بحوث الصحة الحيوانية