زراعة

التنوع الزراعي في الصين: إرث مهدد وفرص للبقاء

تُعد الصين واحدة من أهم مراكز التنوع البيولوجي الزراعي في العالم، بفضل بيئاتها الطبيعية المتعددة وتقاليدها الزراعية الراسخة. وقد شكّل هذا التنوع حجر الزاوية في تأمين الغذاء لأكثر من 1.4 مليار نسمة. لكن اليوم، تواجه هذه الثروة تحديات كبرى أبرزها التوسع الحضري، وتغير المناخ، وتحول الزراعة نحو النمط الصناعي.

مدرجات يونان: نموذج للتكامل البيئي

من أبرز الأمثلة على هذا التنوع، مدرجات أرز هونغه هاني في مقاطعة يونان، التي تعكس انسجام الإنسان مع الطبيعة منذ أكثر من 1300 عام. وتقوم هذه الأنظمة على تكامل إنتاج الأرز مع تربية الأسماك والبط، ما يقلل الحاجة للكيماويات ويُعزز الأمن الغذائي والدخل المحلي.

خطر اندثار المعارف التقليدية

غير أن هذا الإرث يواجه خطر التآكل مع تراجع عدد سكان الريف، واختفاء المعارف التقليدية، وفقدان السلالات المحلية. وهو ما يؤدي إلى ضعف قدرة النظام الغذائي الصيني على التكيف مع الأزمات.

الاستراتيجية الوطنية: بين الطموح والمعوقات

رغم إدراج “الحضارة البيئية” في الاستراتيجية الوطنية، وتبني برامج لحماية الأراضي الزراعية، إلا أن الضغط الاقتصادي لتوسيع الإنتاج الصناعي لا يزال يمثل تحديًا حقيقيًا أمام تفعيل هذه السياسات.

فرص الدمج والتكامل

يمكن تقوية هذا التنوع الحيوي من خلال إدماج المحاصيل التقليدية في برامج التغذية الحكومية، ودعم الأسواق التي تُشجع الزراعة المستدامة، بالإضافة إلى تمكين المجتمعات المحلية من خلال مبادرات “من البذور إلى المائدة”.

التكنولوجيا لخدمة الزراعة الصغيرة

التقنيات الحديثة مثل تطبيقات تبادل البذور، وقواعد البيانات الزراعية، ومنصات رصد التنوع، تفتح آفاقًا لحماية هذا الإرث. لكن فائدتها لن تتحقق بالكامل ما لم تُصمم لتخدم صغار المزارعين وتُعزز مشاركتهم.

إرث محلي بقيمة عالمية

يمثل التنوع الزراعي في الصين، من مدرجات يونان إلى بنوك البذور في هاربين، موردًا استراتيجيًا ودرسًا عالميًا في الاستدامة. وحمايته تتطلب تنسيق السياسات، ودعم المجتمعات، واعتماد نهج متكامل يربط الماضي بالمستقبل.

 

معتز محمد

صحفي مقيد في نقابة الصحفيين منذ ٥ سنوات، ومهتم بالشئون الزراعية والاقتصادية وعملت في تغطية أخبار النقابات أسعى لتقديم المعلومات بشفافية تامة لتصل بوضوح إلى الباحثين عنها
زر الذهاب إلى الأعلى