الزراعة العضوية في مصر: خطوات حكومية متسارعة لتوسيع الإنتاج ودعم التصدير رغم التحديات

تواجه الزراعة العضوية في مصر مجموعة من التحديات، أبرزها ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وضعف الوعي بالممارسات السليمة، وصعوبة الالتزام باشتراطات التصدير. ومع ذلك، بدأت الدولة في اتخاذ خطوات جادة لدعم هذا القطاع، من خلال توفير بدائل عضوية فعالة، ومساندة صغار المزارعين، بالإضافة إلى توسيع قاعدة البيانات الخاصة بالمساحات العضوية المسجلة.
في هذا الإطار، يلعب المعمل المركزي للزراعة العضوية دورًا محوريًا بوصفه الجهة الفنية والإدارية المسؤولة عن دعم المزارعين. كما يعمل المعمل على تسجيل المبيدات الحيوية، ومطابقة التشريعات المصرية مع المعايير الدولية، بالتعاون مع المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، والقطاع الخاص، وعدد من السفارات الأجنبية.
دور مزدوج للمعمل المركزي
أوضح الدكتور سعد جعفر، مدير المعمل، أن الدور الفني يشمل تقديم استشارات للمزارعين الراغبين في التحول للزراعة العضوية، واستخدام الأسمدة والمبيدات الحيوية، وتطبيق ممارسات ما بعد الحصاد مثل الفرز والتعبئة والتخزين. أما الدور الإداري، فيركز على إصدار الشهادات الرسمية والإشراف على تسجيل المزارع العضوية بالتنسيق مع الجهات المختصة.
قاعدة بيانات وتحديثات مستمرة
كشف جعفر أن المساحات العضوية المسجلة رسميًا تصل إلى نحو 330 ألف فدان، في حين توجد مساحات أخرى غير مسجلة، مما يحد من دقة البيانات. ويُجرى حاليًا ربط بيانات الصادرات العضوية بقاعدة موحدة بالتعاون مع مكاتب المطابقة وهيئة الحجر الزراعي.
دعم التصدير عبر التدريب والتأهيل
يتعاون المعمل مع المجلس التصديري للحاصلات الزراعية لتأهيل المزارعين عبر برامج توعية وتدريب، وتسهيل تسجيل مزارعهم ضمن منظومة الزراعة العضوية، بما يسهم في تحسين فرص التصدير للأسواق الدولية.
تجاوز عقبة متبقيات المبيدات
تُعد متبقيات المبيدات من أبرز العقبات التي تواجه المصدرين، وقد تؤدي إلى رفض الشحنات. للتعامل مع ذلك، تم توقيع بروتوكول تعاون مع المعمل المركزي لتحليل المتبقيات، مع التركيز على الالتزام بمعايير التعبئة والتغليف.
شراكات مع القطاع الخاص ومبادرات داعمة
تشارك شركات خاصة في جمع المحاصيل وتجهيزها للتصدير، إلى جانب تقديم برامج تدريبية للمزارعين، بل وتوفير حوافز مثل عقود شراء بأسعار أعلى من السوق، لدعم التحول إلى الزراعة العضوية.
عوائد اقتصادية مجزية
المنتجات العضوية المصنفة “درجة أولى” تُصدّر بأسعار مرتفعة، مما يرفع من دخل المزارعين. كما أن ارتفاع تكلفة الزراعة التقليدية يجعل التحول إلى الزراعة العضوية خيارًا واقعيًا ومربحًا، خاصة للأسواق الأوروبية والخليجية.
تسجيل المبيدات الحيوية
يتولى المعمل بالتعاون مع الجهات المختصة تسجيل المبيدات الحيوية وفقًا لقانون الزراعة العضوية لعام 2020. وتم مؤخرًا تسجيل أول مبيد عضوي لمكافحة الحشائش في مصر والعالم العربي، بعد تجارب عملية أثبتت فعاليته.
تعاون دولي لفتح أسواق جديدة
تجري حاليًا مطابقة القانون المصري مع تشريعات الاتحاد الأوروبي، لتمهيد الطريق نحو اعتراف متبادل. كما يتعاون المعمل مع دول مثل هولندا، تونس، والسعودية لتبادل الخبرات وفتح آفاق تصديرية جديدة.
الجدوى الاقتصادية للمبيدات العضوية
رغم ارتفاع أسعار بعض المبيدات العضوية، فإن القيمة السوقية العالية للمنتج النهائي تعوّض التكاليف، وتحقق عوائد أعلى على المدى الطويل.
خطط مستقبلية للتوسع
يخطط المعمل لتوسيع وحدات الإنتاج الحيوي، وافتتاح فروع جديدة لتسهيل تقديم الخدمات للمزارعين في مختلف المحافظات. وقد تم حتى الآن تسجيل أكثر من 36 وحدة إنتاج معتمدة داخل مصر.
الزراعة العضوية تمثل اليوم ركيزة واعدة للتنمية الزراعية المستدامة، مع فرص حقيقية للنمو في السوقين المحلي والعالمي، بدعم من جهود الدولة والشركاء الدوليين.