الصين تتغلب على الجفاف بحصاد وفير بفضل الزراعة الذكية والأصناف المقاومة

رغم موجات الجفاف التي ضربت مناطق رئيسية لإنتاج الحبوب في الصين مع بداية العام، تتوقع السلطات موسم حصاد وفير هذا الصيف بفضل تطور البذور، الزراعة الذكية، وعودة جيل جديد من المزارعين المتعلمين.
في معظم المناطق الوسطى والشمالية، انتهى موسم حصاد القمح هذا الشهر.
21 عامًا من الحصاد الوفير
تركز الصين على تعزيز أمن الحبوب منذ سنوات، معتمدة على التكنولوجيا والميكنة لتحديث قطاع الزراعة. وفي عام 2024، تجاوز إنتاج الحبوب حاجز 700 مليون طن لأول مرة، مسجلة عامًا حاديًا وعشرين على التوالي من المحاصيل الوفيرة.
أصناف مقاومة للجفاف تنقذ الإنتاج
شهدت مناطق شمال الصين، خاصة منذ مارس، موجات جفاف وحرارة ورياح ساخنة، وهي ظروف عادة ما تهدد إنتاج القمح.
كشفت وزارة الموارد المائية أن معدل الأمطار حتى نهاية مايو انخفض بنسبة 20% عن المعدل الطبيعي.
قال ليو فنغجون، رئيس تعاونية زراعية في مدينة قاومي بمقاطعة شاندونغ: “في السابق كانت هذه الظروف تقلل الإنتاج، لكن باستخدام أصناف مقاومة للجفاف ننتج الآن 9.75 طنًا للهكتار”.
تعاني شاندونغ من نقص مزمن في المياه، إذ يفتقر سدس المساحات المزروعة بالقمح لنظم الري. وأوضح ليو: “نخطط مسبقًا باستخدام التكنولوجيا الذكية. لا يمكننا التحكم في المطر، لكن يمكننا الاستعداد”.
وأضاف الدكتور كاو شينيو، مدير معهد أبحاث المحاصيل بالأكاديمية الزراعية في شاندونغ، أن استنباط أصناف مقاومة للجفاف ساعد في تعزيز الإنتاج، خاصة في ظل التغير المناخي والتربة الضعيفة.
الزراعة الذكية ترفع الإنتاج وتخفض التكاليف
في مدينة زوبينغ، يدير المزارع ليو شوغوانغ مزرعته من منزله باستخدام هاتفه الذكي. بلمسات بسيطة، يشغل حصادات ذاتية القيادة لجني القمح وزراعة الذرة.
قال ليو: “رغم الجفاف، ارتفع إنتاجي بمقدار 525 كجم للهكتار، وقللت تكاليف العمالة بنسبة 80%”.
يعتمد على روبوتات موجهة بالأقمار الصناعية لتحليل التربة، وطائرات درون لفحص الحقول، ما يساعده في اتخاذ قرارات دقيقة في الوقت المناسب.
وفق وزارة الزراعة الصينية، ساهمت التكنولوجيا بنسبة 63% من نمو الإنتاج الزراعي، وبلغت نسبة الميكنة 75%.
وقال المزارع ليو جيه من مدينة دونغيينغ: “في الماضي اعتمدنا على الخبرة، لكنها لم تكن كافية في الظروف المناخية الصعبة. الآن يخبرني الهاتف متى أروي أو أضع السماد، وهذا العام يعد عامًا وفيرًا آخر”.
الشباب يعيدون هيكلة الزراعة
في محافظة غوانغراو، أسس يان بينغ هوي تعاونية زراعية بعد أن ترك عمله في المدينة قبل سبع سنوات، ودمج الحيازات الصغيرة تحت إدارة موحدة. يدير الآن 85 هكتارًا بأربعة عمال فقط.
قال يان: “زادت إنتاجيتنا بنسبة 7% لتصل إلى 11.25 طنًا للهكتار، بفضل نظام الري بالتنقيط الذي قلل استهلاك المياه بنسبة 40%”.
ويشهد الريف الصيني عودة الشباب المتعلمين إلى الزراعة، حيث يوظفون خبراتهم التقنية والإدارية لتطوير المزارع. كما تساندهم فرق من الخبراء الزراعيين.
في منطقة يانتشو بمدينة جينينغ، يدرب الدكتور لي تشوانليانغ من جامعة شاندونغ المزارعين على التعامل مع الجفاف، ويوفر لهم أصنافًا محسنة وتقنيات حديثة.
هذا العام، أرسلت الحكومة 18 ألف خبير زراعي إلى القرى لمراقبة المحاصيل وتقديم الدعم الفني. وقال ليو بينغيو، نائب رئيس بلدة شياومينغ: “بوجود هؤلاء الخبراء، نزرع بثقة أكبر”.