بحوث ومنظماتتقاريرحوارات و مقالات

د علي إسماعيل يكتب: القطاع الزراعي يحصد ثمار الجمهورية الجديدة في ذكري ثورة 30 يونيو

استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر

مع حلول الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، تتجدد مشاعر الفخر بما تحقق من إنجازات شاملة على أرض مصر، وفي القلب منها تقف الزراعة المصرية شامخة، وقد شهدت في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي نقلة نوعية غير مسبوقة، جعلتها أحد أعمدة الأمن القومي والتنمية المستدامة.

فمنذ عام 2014، وضعت الدولة المصرية ملف الزراعة والأمن الغذائي في صدارة أولوياتها، إدراكًا لأهميته الاستراتيجية في دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومجابهة التحديات العالمية المتزايدة، وعلى رأسها تغير المناخ وأزمات سلاسل الإمداد الغذائي.

في عام 2024، تجاوزت الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن، لتضع مصر في صدارة الدول المصدرة للموالح والبطاطس والفراولة المجمدة، بفضل التوسع الأفقي والرأسي في الزراعة، وتطبيق معايير الجودة والتكويد والتتبع العالمية. وقد تجاوزت العائدات الزراعية 10 مليارات دولار من المنتجات الطازجة والمصنعة، وهو ما يعكس حجم الطفرة الإنتاجية التي تحققت.

وتزامن ذلك مع زيادة المساحة الزراعية الفعلية إلى 10.2 مليون فدان، تعادل مساحة محصولية تقترب من 18 مليون فدان، وهو ما تحقق من خلال مشروعات عملاقة مثل مستقبل مصر الزراعي، والدلتا الجديدة، وتوشكى، وشرق العوينات، التي أعادت رسم خريطة الزراعة في مصر.

واكبت التوسعات الزراعية الكبرى استراتيجية متكاملة لإدارة الموارد المائية، تضمنت إطلاق المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع، واستخدام نظم الري الحديثة، وتنفيذ مشروعات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعي. وكان من أبرزها محطة معالجة مياه بحر البقر بطاقة 5.6 مليون م³/يوم، وتنفيذ أكبر ناقل مائي صناعي بطول 92 كم من الترع المكشوفة، و22 كم من المواسير، لتوفير 10 ملايين متر مكعب يوميًا من المياه لمشروعات الدلتا الجديدة.

في إطار تعزيز الأمن الغذائي، ارتفعت القدرات التخزينية للقمح من أقل من 1.5 مليون طن إلى أكثر من 5.5 مليون طن، عبر إنشاء شبكة من الصوامع الحديثة في مختلف المحافظات، ما أسهم في تقليل الفاقد وضمان الاستقرار الغذائي. كما يجري التوسع في إنشاء طاقات تخزينية جديدة بقدرة 2.5 مليون طن إضافية، وتحويل الشون الترابية إلى شون مطورة بتكنولوجيا متقدمة.

اهتمت الدولة بالتوسع في التصنيع الزراعي كأداة لزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز القدرة التصديرية. وتم إنشاء وتجديد العديد من المصانع في مجالات التمور والعصائر والألبان والأسماك، في مناطق الإنتاج مثل مصنع البطاطس بشرق العوينات، ومصانع التمور في توشكى والوادي الجديد، ومصنع السكر في غرب المنيا، إلى جانب مشروعات عملاقة يجري تنفيذها ضمن “مستقبل مصر”، بالتعاون مع القطاع الخاص.

كان للعلم والابتكار دور رئيسي في دعم النهضة الزراعية، حيث استنبطت مراكز البحوث الزراعية أصنافًا جديدة عالية الإنتاجية ومقاومة للجفاف والحرارة، وتم إدخال نظم الزراعة الذكية والدقيقة التي تعتمد على التكنولوجيا والممارسات المستدامة. ونجحت مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من تقاوي القمح والذرة، وبدأت في إنشاء شركة وطنية لإنتاج تقاوي الخضر، بهدف تقليل الواردات وتوفير العملة الصعبة.

تتجه مصر بثقة نحو مستقبل زراعي قائم على الرقمنة، والابتكار، وتكامل سلاسل القيمة الزراعية، مع استمرار دعم المزارعين، وتمكين المرأة الريفية، وتحفيز الشباب على العمل الزراعي من خلال مبادرات التمويل والدعم الفني.

لقد أعادت ثورة 30 يونيو للدولة هيبتها، وللزراعة المصرية قوتها، بفضل قيادة وطنية تمتلك الإرادة والرؤية. واليوم، نحصد ثمار الجمهورية الزراعية الجديدة، ونتطلع إلى مستقبل أكثر ازدهارًا، حيث تحيا مصر بسواعد أبنائها، وبقيادة حكيمة جعلت من التنمية واقعًا معاشًا في الحقل والمصنع والميناء.

 

زر الذهاب إلى الأعلى