أزمة مزدوجة تضرب الزراعة في السودان وتهدد الأمن الغذائي

يعاني القطاع الزراعي في السودان من أزمة مزدوجة تهدد الأمن الغذائي بشكل مباشر، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية، وانقطاع الكهرباء، ونقص حاد في التمويل. وتراجعت المساحات المزروعة بشكل كبير، ما أثر على إنتاج القمح، الحبوب، والخضروات.

ويعتمد أكثر من 60% من السكان على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، في وقت يحتاج فيه أكثر من 26 مليون سوداني إلى مساعدات غذائية عاجلة مع استمرار الحرب.

انخفاض الإنتاج الزراعي وتراجع الاقتصاد
وفقًا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، انخفض الإنتاج الزراعي بأكثر من 40%. وأسهم هذا التراجع في انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة 13.5% في عام 2024، بعد انخفاض تاريخي بلغ 29.4% عام 2023، بحسب البنك الدولي.

وتضررت البنية التحتية الزراعية بشدة بسبب الحرب والنزوح، ما أدى إلى خروج ملايين الفدادين من الخدمة وهلاك أعداد كبيرة من الماشية.

التمويل المصرفي معطل والمزارعون مهددون بالسجن
يواجه المزارعون نقصًا حادًا في التمويل، بسبب تشدّد المصارف التي تربط منح القروض بسداد الديون القديمة المتراكمة لدى البعض لأكثر من ثلاث سنوات. وبلغت نسبة التعثر في السداد نحو 50% من إجمالي التمويلات.

ورغم إعلان البنك الزراعي عن خطة تمويل جديدة، حالت شروط ربط القروض القديمة دون استفادة آلاف المزارعين. كما هددت بعض المصارف بسجن المتعثرين، رغم خسائرهم الكبيرة بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المياه.

البنية المؤسسية منهارة وانعدام التأمين يزيد المخاطر
أشار خبراء ماليون إلى أن التمويل الزراعي في السودان يُعامل كتمويل تجاري محفوف بالمخاطر، وليس كأداة تنموية. ويواجه صغار المزارعين صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل بسبب شروط الضمان المعقدة، إلى جانب غياب التأمين الزراعي الذي يحمّل المزارع وحده مخاطر الجفاف، الآفات، وتقلب الأسعار.

كما أدى غياب دور البنك المركزي كمراقب ومنسق للقطاع المصرفي إلى تعميق الفوضى التمويلية، مع خروج أكثر من 91% من الكتلة النقدية عن النظام المصرفي الرسمي.

أزمة إنسانية وجوع متفاقم
باتت السودان واحدة من أكبر بؤر الجوع في العالم، مع تصاعد معدلات سوء التغذية إلى 13.6% من السكان، وقفز معدلات الفقر من 33% عام 2022 إلى 71% عام 2024 نتيجة انهيار الإنتاج الزراعي وفقدان الأسر مصادر دخلها.

ورغم استعداد بعض المنظمات الدولية لتمويل تطهير قنوات الري، اتهم المزارعون السلطات المحلية بعرقلة هذه المبادرات، ما زاد من تفاقم الأزمة الزراعية في البلاد.