رئيس معلومات تغير المناخ يكشف مخاطر الموجة الحارة علي الزراعة وسيناريوهات المواجهة
>> فهيم: الري صباحا ومساء فقط يحمي الزراعة من تأثير الحرارة ويقلل من فاقد المياه

أكد الدكتور محمد فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ التابع لمركز البحوث الزراعية مصر أهمية إتباع تطبيقات البحوث العلمية للحد من تأثير الموجه الحرارة التي تشهدها البلاد حاليا علي مختلف المحاصيل، مدفوعًا بظواهر مناخية إقليمية مثل ظاهرة النينو والاحترار المتوسطي.
وشدد «فهيم»، علي أن الري في وقت الذروة الحرارية، خاصة أثناء موجات الحر، لا يؤدي فقط إلى هدر الموارد المائية، بل يُشكل خطرًا فسيولوجيًا على النبات ويزيد من مخاطر الأمراض. وهو ما يستدعي إدراجه ضمن قائمة الممارسات الزراعية غير الصحيحة وغير المستدامة، مؤكدا أن الري في الساعات الباردة من الفجر أو ما بعد الغروب أعلى كفاءة ري وأعلى إنتاجية وجودة، بأقل فقد ممكن في الماء والطاقة.
وحذر رئيس مركز معلومات تغير المناخ في تصريحات صحفية السبت، إن من خطورة ري المحاصيل الزراعية سواء الحقلية أو البستانية وقت الظهيرة في الموجات الحارة ممارسة مشيرا إلي خطورتها وعدم فعاليتها خطرة وذلك لتسببها في فقدان المياه بسبب التبخر السطحي وقت الظهيرة، حيث تزداد درجات حرارة سطح التربة والنبات لأكثر من 50°م، مما يؤدي إلى تبخر فوري للمياه المُضافة، قبل أن تتسرب لجذور النبات.
وقال «فهيم»، إن دراسات منظمة الأغذية والزراعة (FAO) تشير إلى أن فقد المياه بالتبخر أثناء الذروة الشمسية قد يصل إلى 45-60% من إجمالي كمية المياه المُستخدمة، وتسبب ذلك في إجهاد حراري للنبات وصدمة فسيولوجية، لإنه عند سكب مياه أبرد نسبيًا على جذور وأوراق نبات ساخن في وقت الذروة، يتعرض النبات لاضطراب فسيولوجي شديد يؤثر على امتصاص الماء والعناصر الغذائية.
وأضاف رئيس مركز معلومات تغير المناخ، إن الري وقت الظهيرة وإرتفاع درجات الحرارة، يؤدي إلي الإجهاد الحراري مما يُعيق عملية البناء الضوئي ويخفض نشاط الإنزيمات المسؤولة عن الامتصاص وزيادة فرص الإصابة بالأمراض الفطرية، وإرتفاع حرارة التربة مع وجود رطوبة سطحية عالية بعد الري وقت الظهيرة يُهيئ ظروفًا مثالية لتكاثر الفطريات المسببة لتعفن الجذور والتبقعات وهدر الطاقة وتقليل كفاءة الري
وأوضح «فهيم»، إن الري وقت الذروة يستهلك طاقة أعلى بسبب مقاومة أعلى لضغط المياه وسخونة خطوط النقل، دون تحقيق نفع إنتاجي مقابل، مشيرا إلي أن الموعد الأمثل لري الأراضي هو من 4- 9 صباحا أو بعد 6 مساء حتي منتصف الري.
ولفت رئيس مركز معلومات المناخ إلي أهمية الري بالتنقيط أو الرذاذ منخفض الضغط واستخدام حساسات رطوبة التربة لضبط التوقيت والتسميد مع الري في الصباح الباكر لتحسين كفاءة الامتصاص،
وأوضح «فهيم»، إن هناك دلائل علمية دقيقة لتجارب منفذة فعليًا في مصر حول تأثير توقيت الري، لا سيما أثناء الموجات الحارة، ومنها دراسة أجراها معهد بحوث الأراضي والمياه – مصر عام 2021، أوضحت إن”الري في الساعات المبكرة من اليوم أدى إلى زيادة إنتاجية الطماطم بنسبة 18% مقارنة بالري وقت الظهيرة، مع تقليل استخدام المياه بنسبة 27% .
وأشار رئيس مركز معلومات المناخ إلي إنه في ظل موجات حر متتالية خلال يوليو وأغسطس (درجة الحرارة وقت الظهيرة تجاوزت 42°م) أكدت النتائج أن الري صباحًا أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 17.3% وتحسن واضح في نسبة العقد ونمو الثمار، موضحا أن الري ظهرًا أدى إلى ذبول في الأوراق بعد ساعات تساقط عقد بنسبة 25% وزيادة نسب الإصابة بلفحة الأوراق وأن الري مساءً جاء في المرتبة الثانية من حيث الكفاءة.
ولفت «فهيم»، إلي تأثير الري أثناء الموجات الحارة على إخصاب وعقد الذرة، موضحا إن الري في الظهيرة أدى إلى انخفاض معدل الإخصاب بنسبة 40% وغياب الحبوب داخل الكوز، موضحا أن الري صباحًا حافظ على الإنتاج بنسبة مقبولة ولم يُسجل أي خلل تشريحي في الأزهار المذكرة أو المؤنثة.
وأوضح مدير مركز معلومات المناخ إلي تجربة على الزيتون ضمن مشروع حقلي بمحافظة مطروح، 2022 لتقييم تأثير الري في توقيتات مختلفة خلال الصيف على نسبة الزيت وجودة الثمار، مشيرا إلي إن نتائج الري خلال الفجر أو بعد الغروب أدى إلى زيادة نسبة الزيت بـ 8-10% مقارنةً بالري ظهراً و تقليل الإجهاد المائي وتحسين العقد الثمري، وأن ري الزيتون في الصيف يجب أن يكون في الليل أو أول الفجر فقط لضمان استخلاص زيتي أعلى وحماية الشجرة من الصدمات الحرارية في الاجزاء الاكثر حساسية.
ونبه «فهيم»، إلي إنه رغم هذه التوصيات بأن القاعدة العامة التي يؤكدها العلم والتجربة هي تجنب الري وقت الذروة الحرارية (من 11 ص حتى 4 م) بسبب التأثيرات السلبية على النبات، إلا أن هناك استثناءات خاصة ينبغي التنويه لها بدقة مثل مشاتل الفراولة والرش للترطيب وليس الري، وأ، الأولوية لري أشجار أو محاصيل معمرة ذات جذور عميقة، وليس محاصيل حساسة أو سطحية الجذور.
وأضاف رئيس مركز معلومات تغير المناخ إلي إنه في حالة مشاتل الفراولة التي تُنشأ خلال شهري يوليو وأغسطس، وهي أشد شهور السنة حرارة، يُستخدم الرش الخفيف المنتظم أثناء الظهيرة ليس بغرض الري أو تغذية النبات، وإنما كوسيلة تبريد لتقليل الإجهاد الحراري على البادرات الصغيرة، التي تكون شديدة الحساسية لفقد الرطوبة وأن هذه التقنية تحمي الأوراق الغضة من التلف الناتج عن البخر النتحي المفرط تحت أشعة الشمس المباشرة.
وشدد «فهيم»، علي أهمية إضافة “حمض الفولفيك” حيث يعمل كمنشط جذري طبيعي ويساعد على تعزيز امتصاص المغذيات وتقليل الضغط الأسموزي في منطقة الجذر موضحا أن إضافة “نترات الماغنسيوم”: تُساعد على رفع كفاءة التمثيل الضوئي وتقوية الجدر الخلوية وتقليل الأثر السلبي لفقد الرطوبة من الأوراق والري يكون بتدفق منخفض لتفادي تشبع الجذور بالماء الساخن.
وأكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ إلي أن الري وقت الظهيرة ممنوع إلا للضرورة وإذا كانت الضرورة تفرضه كما في أنظمة الطاقة الشمسية، فالعلم يُوجب تعويض النبات بفولفيك ونترات الماغنسيوم، واتباع نظام ري محسوب بدقة، مع اعتبار التبريد الوقائي للشتلات الحساسة كالفراولة.